| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن جوامير

mohsinjwamir@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 17/10/ 2007



لا يهمنا ما تقرره‌ ترکيا.. ولکن ما تفعله‌ من حماقات.!
 

محسن جوامیر ـ کاتب کوردستاني

مقاومة الکورد للظلم ليست وليدة الیوم، وليست کذلک عبارة عن ردود أفعال تجاه‌ المواقف التي يتبناها أعداء شعب کوردستان؛ إنما هی حرکة ديناميکية لا تتوقف لحين تحقيق أهدافها التي يحاول العنصريون دون الوصول إلیها، وبکل الوسائل، حتی لو إستدعی الأمر إشاعة الرعب ونشر الدمار وتخريب البلاد واصدار القرارات لإحتلال أراضي الغير، کما تريده‌ ترکيا اليوم مع جنوب کوردستان التي تنعم بالإستقرار والأمن والإعمار، وهي ماضية لتقوية مؤسساتها وبناء نظمها علی أساس عصري، مع محاولة القضاء علی الموروثات الفاسدة والمستجدة بفعل حالة اللاإستقرار التي تسود المنطقة بأسرها.

ولکن کما هو عادة الأنظمة العنصرية المبنية علی وحدانية السلطة والآيديولوجية واللغة، فانها تعادي کل من يخالفها في مبادئها واصولها، ولعل ترکيا هي النموذج الصارخ في العالم والمنطقة، تتمثل فيه‌ الغطرسة والکبرياء المقيتة منذ حوالي قرن، بفعل المبادئ التي فرضتها الکمالية في کل مجالات الحياة وصبغت بفعلها حتی العقول التي من المفروض التفکیر بهدوء واتزان، ضمن أطر الحوار وسماع رأي الآخر والمخالف، لا الرضوخ لمعتقدات العقلية العسکرتارية البائدة التي أغرقت البلاد بالدماء، وأشاعت روح الإنتقام بین شعوبها، وأوصلت الأوضاع إلی حالة تنذر في کل الأحوال بسقوط القتلی من جميع الأطراف، وحرق الأخضر واليابس وخلق أجيال لا تحمل غیر العداء لبعضها البعض.

لا يبدو في الأفق أن ترکيا ورجالها قد إتعظت من التأريخ، بل هي تزداد إثما علی إثم، وتضيف ظلمات علی أکوام ظلمها وقهرها للشعوب، وهي اليوم تقدم علی تقنين السماح لقواتها التي لم تحمل في يوم من أيام عملياتها ذرة من دين أوخلق أوإنسانية، بالدخول إلی جنوب کوردستان الفيدرالية متی شاءت والخروج منها متی حققت دمارها وقتلها لمن أرادت، إعتقادا منها أن في إحتلالها لوطننا وسفک دماء أبناء الکورد وإستباحة أراضیهم وکرامتهم، إنتقاما وثأرا للعدد 13 من جنودها الذين لم يلقوا حتفهم فی حفلة عرس، إنما قتلوا بعدما سيقوا إلی سوح الحرب لقتل المقاوم لا لإحتضانه‌ أو تقديم ورود السلام إلیه‌. مع ملاحظة أننا ننبذ مبدأ إراقة الدماء أصلا ومن حيث المبدأ، مادام هناک منفذ وفسحة للسلام والمحبة والحوار.

من يقرأ وجوه‌ حکام الأتراک ووجومها، وهم يرون التقدم الکوردستاني مع الشرفاء العراقيين لبناء دولة فيدرالية، ينعم الکل فيها بحقوقه‌، وبدءا بکوردستان.. أجل من يطلع علی کل هذا، يدرک أن الهدف الأساسي ليس هو الحزب العمالي الکوردستاني الذي أثبتت الأحداث والمواجهات التي بدأت منذ حوالي ثلاثة عقود، أنه‌ لم ينهزم ولا يبدو في الأفق أي علامة من قبيل ذلک، بل کل مافي الأمر أنه‌ غير التکتيکات، بدل المواقع واجتهد في العمل علی تقوية روح المقاومة لدی أنصاره‌ ومقاوميه‌، بالإضافة إلی عروض السلام التی قدمها لترکيا علی مرأی ومسمع العالم، وأعلن وقف القتال من جانبه‌ عدة مرات.. بل إن الغرض الأساسي من هذا الإقدام الهستیري، هو الإجهاز علی النموذج الکوردستاني الذي شهد العديد من العقلاء والسياسيين والمنصفين علی کونه‌ معلما مستقبليا للإقتداء به‌، وخاصة من الجانب العراقي، وخشية الأتراک من أن تری عيون الکورد نور الحرية والإنعتاق الأبدي، بعد أن شهد العالم الطواغیت الذين ظنوا أن الکورد قد أبيدت کل إنتفاضاتهم عن بکرة أبیها، وهم في طريقهم إلی حبل المشنقة واحدا تلو الآخر، ومازالوا في الطريق.

الکورد شعب السلام، ولا يريدون إلا السلام، ولکن إذا ما دخلت أقدام الطغاة والقتلة ليفسدوا في کوردستان ويقتلوا أبنائهم ويتعدوا علی أعراضهم، فإن الأرض والسماء تقولان لهم : " فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم کل بنان " کي لا يسقط المزيد من بني الإنسان علی مذبح الطغيان.
فلتقرر ترکيا ما تريده‌، ولکن يهمنا ما تفعله‌ من حماقات.!

2007/10/17

 


 

Counters