| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن جوامير

mohsinjwamir@hotmail.com

 

 

 

الأربعاء 14/1/ 2009



الغرب.. والسقوط في غياهب اللاأخلاقية السياسية

محسن جوامیر ـ کاتب کوردستاني

حينما کان النظام العراقي السابق يفتک بشعب کوردستان بالأسلحة الکیمیاوية، بعيدا عن أعین الکامیرات، وبشهادة المنظمات الدولیة والإنسانیة، ويستغیث الکورد بالتالي بالدول العظمی، لکونها آخر مهرب لهم من قسوة الجيرة والأصحاب، ما کان جواب تلک القوی إلا أنه‌ لم يتأکد لديهم بعد فيما لو أن العراق قد إستعمل تلکم الأسلحة الممنوعة أو لا.. وعندما إحتل العراق الکويت عام 1990، أثارت أمريکا وحلفائها قضية إستخدام تلکم الأسلحة المحرمة في حلبجة والأنفال، وأکدوها. وما أن أخرج العراق من الکويت، واتفق الطرفان الأمريکي والعراقي في الثالث من مارس 1991 في صفوان علی وقف إطلاق النار، حتی أطلقت يد النظام لضرب الکورد والشيعة الذين وجدوا في ذات الوقت أن الفرصة سانحة للإنتفاضة وصب جام الغضب علی النظام الذي لم يقصر في إغتیالهم طوال حکمه‌، وهو الیوم خاسر ومنهک، وبالإستفادة من صراع الأضداد بین الحلفاء وبغداد.. وفيما يخص کوردستان، فعندما قامت طائرات الهليوکوبتر بملاحقة وضرب الناس من الوراء، واشتکی أصحاب الشأن لدی الأمريکان لهذا العدوان، أجاب نورمان شوارزکوف القائد العام للقوات الأمريکیة وبأسف بأنهم نسوا أن يذکروا ضمن مواد الإتفاقية مسألة منع تحلیق الطائرات المروحیة أی الهليوکوبترات، أثناء المباحثات مع الجانب العراقي. وبذا ترک الکورد لقدرهم، والکل يذکر ما جری لهم في تلک الأيام من تشرد ودمار وموت زؤام تحت وطأة القذائف والصواريخ، فضلا عن ضراوة الأمطار والصواعع.. ولولا تلکم الهجرة الملیونیة الضاغطة باتجاه‌ صدور قرار دولي بجعل کوردستان ضمن المنطقة الآمنة، وابتعاد شبح النظام عنهم لغاية زوال الدولة العراقية الاولی، لکان الکورد اليوم کالطيور المهاجرة لیس إلا، بغض النظر عن إنهم مازالوا ليسوا بمالکي دارهم بالشکل الذي يريدونه‌.

والیوم، بعد أن أصبح قطاع غزة قاعا صفصفا، ووضعت جثامین الأطفال مع امهاتهم صفا صفا، وتحولت دماء شعبه‌ وقودا من أجل المتصارعین لأجل الفوز بالانتخابات في حيفا ويافا، يطلع علینا الراحل بوش تارة وتطلع الراحلة رايس تارة اخری لیقولا للناس بأن إسرائیل تدافع عن نفسها، وعلی الطرف الآخر وقف إطلاق الصواريخ فورا، إضافة للموقف الأمريکي المخزي في إجتماعات الامم المتحدة بشأن وقف إطلاق النار، وذلک بعد إتصال اولمیرت بالرئیس بوش وإعلامه‌‌ بتبلیغ رايس بالإمتناع عن التصويت علی القرار الذي سهرت هي نفسها علی تهیئته‌ بالترتیبات اللازمة، کما جاء في صحیفة تلغراف اللندنیة بتأريخ 13/01/2009.

ومن جانب آخر وفي أثناء زيارة فرانک فالتر شتاينمایر وزير خارجية ألمانیا للجانب المصري من معبر رفح، ومشاهدته‌ الدمارعلی بعد أمتار من الطرف الآخر، يصرح الوزير بانه‌ يری حجم المعاناة والکارثة، ولکن ما أن يحل علی إسرائیل بعدئذ ضيفا، حتی يقول لأهلها إنه‌ متفهم لما تقوم به‌ من عملیات.! ولا ننسی المواقف غیر الثابتة والمهزوزة التي يبديها سارکوزي في زياراته‌ المکوکیة، والتي تصب جلها في صالح القاتل الذي يصوره‌ معالي رئيس وزراء فرنسا کأنه‌ هو الضحیة، والطرف المغتال هو المذنب. هذا، وما ندري کيف تکون الدنیا مع مجئ السيد اوباما.!

مع کل هذا الإنتهاک وذاک الخرق، وبعد کل مسلسلات‌ المذابح والجرائم التي کانت ومازالت تقترف بحق الأبرياء من شعب أعزل أبید بلده‌ عن بکرة أبیه کالبرق‌، طلع رئیس دولة إسرائيل شمعون بیریز الناهش لیقول للعالم الحر والعبد بأن ( ما حققته‌ إسرائیل خلال 17 يوما، لم يحققه‌ العالم خلال 17 عاما ). دع عنک دعوة رئیس حزب (إسرائیل بیتنا) أفيغدور لیبرمان إلی إلقاء قنبلة ذرية علی قطاع غزة، حين قال بالحرف الواحد ( الحل يتمثل في أن نقتدي بالضبط بما قامت به‌ الولايات المتحدة لحسم الحرب العالمية الثانیة، ويتوجب علینا أن نتصرف بالضبط مع غزة کما تصرفت الولايات المتحدة مع اليابان، وبالتالي لا داعي لاحتلال غزة ) کما جاء في جريدة الشرق الأوسط.

من الإستعراض السريع أعلاه‌، قصدت فقط الاشارة إلی السلوک المزدوج الذي تتميز به‌ السياسة الغربیة في التعامل مع قضايا الشعوب التي تتعرض لأشرس حملة وحشية، والتداعيات المتوقعة دائما، خلافا لما يدعيه‌ الساسة أو ما يبشرون به‌ البشرية من مبادئ إنسانیة وعدالة وديمقراطیة، هم أصحابها، وهذا بعینه‌‌ أوج السقوط في غیاهب اللاأخلاقية السياسية المتناقضة، والتی لاجرم تدعونا ـ نحن أهل الشرق النائم علی أنغام الدکتاتوريات وعبادة الحکام ـ إلی إعادة النظر وبکثافة لما لدی الآخرين جملة وتفصيلا، کي لا نکتوي مرة أخری بنار وفسفور نفاقهم بکرة وأصيلا، کما حصل ومازال لأهلنا في غزة التي صارت الیوم لکل حر شريف : شيرين أو لیلی.


2009/01/14





 


 

free web counter