| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محمود حمد

 

 

 

 

السبت 15 / 9 / 2007

 

 


انقذوا الفنان " كريم منصور " من الموت!؟


محمود حمد

"اذا اردت ان تعرف حضارة امة اسمع موسيقاها"
..واذا اردت ان تُقبر حضارة امة امحو موسيقاها..
هل بالامكان محو الموسيقى من الوجود وهو الكيان القائم على الايقاع المتنوع والمنسجم عبر الازمنة والامكنة..
في "العمارة" ..التي ماشهدت العمران يوما..مثلما في مدن سومر الاخرى ..وجميع حواضر العراق المستباحة بالخراب والتجهيل والارهاب والغزاة..
في مدن سومر..حيث تزدهي الاكواخ بالطرب الاصيل رغم الفاقة والخوف..
وحيث دارت وتدور علينا الدواهي..
وتٌطحن مصائرنا..
وتُبدد اعمارنا..
وتُغتصب احلامنا..
فيكون الزمن علقما .. والطرقات عارية ..والاماني خاوية..
نمشي حفاتا مكبلين باليأس وحولنا تتهاوى احلام المدن الرضيعة..
لكن صوتا واحدا يبقى - رغم الحرمان - يتدفق من روح مدننا المنبوذة..يبدد ليل الاحباط الحالك..هو صوت موسيقانا الشعبية ، واوتار حناجر مطربينا الشعبيين المنبثقين من رائحة القصب الشهيد..
مضت انظمة..وتساقطت شعارات..وتحطمت سجون وأنشأت غيرها..واستباحت حروب ارواحنا ..
لكن..
موسيقى القصب وصوت مغنيها عبرت معنا كل الازمات والمآزق الرهيبة..
ونحن - اليوم كما الامس - نخذل تلك الاصوات ونهملها ..بل.. ننبذها في طواحين المواعظ الحجرية ، وازيز دبابات الغزاة ..ومفخخات الملثمين ..وطوفان الظلمة الذي يجتاح نهارات الثقافة ويطفئ غبش موسيقى الفقراء العذبة..ومعها يتساقط مثقفونا ومنهم مطربونا ..ضحايا العوز والمرض والاقصاء..
فلا دولة تحميهم باسم الدستور..
ولامنظمة تنتشلهم وفق قيم حماية المبدعين ..
ولاجمعيات تنقذهم من مواجهة الموت منفردين بلا دريئة تعصمهم من الفناء تعبيرا عن عرفان بالجميل لما قدموه لاثراء روح الانسان وتبديد ليل التعسف باصواتهم وموسيقاهم..
ولاإدارة محلية تدرك قيمة المبدعين من ابناء المحافظة فتنصفهم وترد لهم حقهم لقاء ماارتقوا بمكانة تلك المحافظة بابداعاتهم واصواتهم الاصيلة..
لقد قرأت بحزن نداء (انقاذ الفنان المبدع كريم منصور ) من المرض..وتدفقت الذاكرة بتلك الاسماء المبدعة للفنانيين الشعبيين الذين..
لاسلطة تحميهم..
ولاحزبا يؤيهم ..
ولاميلشيا تنصرهم ..
ولاملثمين يقفون خلفهم ..
ولاواعظ يدعو لهم بالخير في الدنيا والاخرة..
ولامحتل يدعمهم باسم (حقوق الانسان والديمقراطية)..
ولاصديق يمنحهم نسغ البقاء كما فعلوا مع القريب والبعيد....
لم يكن (السياب) اول المُهمَلين ولن يكون (كريم منصور) آخرهم ..
لكن لِيُدرك الجميع ..
ان ذاكرة الشعوب سوف لن تحتفظ بغير التاريخ الموبوء لسلاطين السياسة وطغاة المال وجلادي السجون ومطلقي الشعارات مهما فقئوا عيون الحقيقة..
لكنها ستحتفظ باعتزاز بما يتركه المبدعون..سلاطين الموسيقى والغناء وخاصة اولئك العازفون على اوتار الروح الشعبية..
..........
وانا أقرا عن الفنان كريم منصور الراقد في بيته بمدينة المجر في العمارة هاتفت صديقا شاركني الرحلة عام 1967 الى المجر ليلا بحثا عن مكتبة غنية للثقافة التقدمية دفنت بين اضلاع صريفة في اطراف المجر..المدينة التي قدمت الشهداء والمثقفين والمناضلين والفنانين..رغم البؤس المفروض عليها منذ ولادتها ..
كانت الصريفة ملاصقة لـ (مكينة الماي)، وحارسها شاعر يعزف على الرباب مازال بيننا(اتمنى له طول العمر)..وهو يعرف الفنان كريم منصور صبيا ذو صوت عذب..
انا لست ممن يدعون الحكام الى الرأفة بالرعية..!؟
لان غياب المبدعين وموتهم فقرا او مرضا او تشردا هو مسؤولية الحكام قبل غيرهم..وماينفق لانقاذ المثقفين المبدعين من ميزانية الدولة هو ابسط حقوقهم الدستورية وليست فضلا من احد عليهم..
ان السلطات التشريعية والتنفيذية وهيئة الرئاسة ملزمة دستوريا بحماية المثقفين والفنانين من العوز والمرض والتشرد والخوف والاقصاء..
لهذا ..
لنرفع اصواتنا جميعا ونقول للممسكين بخزائن العراق..
اعيدوا الى المثقفين والفنانين العراقيين بعض حقوقهم الانسانية الدستورية..من اجل حمايتهم من الانقراظ..
ومنهم (الفنان كريم منصور)..