| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مصدّق الحبيب

 

 

 

                                                                                     السبت 26/2/ 2011



ما العمل بعد التظاهرة الكبرى الاولى؟

مصدق الحبيب

بادئ ذي بدء لابد من القول بأن الشعب العراقي وحكومته قد تنفسا الصعداء ورددا الحمد لله و القبول بأقل مايمكن من الخسائر في الارواح والممتلكات بعد انقضاء الخامس والعشرين من شباط بسلام واستقرار نسبيين، ولو ان فقدان اي روح هي خسارة بالغة، وقد فقد الشعب في هذه الانتفاضة عددا من ابناءه الذين اضيفوا الى مئات الالاف من شهداءه الابرار على طريق نيل الخير لهذا الوطن. ولابد من الاشادة بحصافة ونباهة الجماهير الغفيرة والتزامها بالسلام وتضييع الفرص امام المخربين. كما ان الانصاف يقتضي بالاعتراف ايضا بتمكن الحكومة من حفظ الامن ولو ان فعالية وظيفتها هذه كانت نتيجة مباشرة للخوف من غضب الشعب. لقد افرزت هذه التظاهرة قضية في غاية الاهمية وهي الاتفاق العام على سوء الاوضاع وضرورة تصحيحها، فالحكومة قد اعترفت علنا وعلى لسان السيد رئيس الوزراء بتقصيرها واقرت بمشروعية مطالب الشعب ووعدت بالعمل على تحقيقها. كما ان المرجعية الدينية الكبرى ايدت التظاهرة ولامت الحكومة على تقصيرها وهو عامل معنوي مهم وحاسم. الان وفي هذا الظرف الدقيق لابد للشعب الواعي ان ينتهز هذه الفرصة الذهبية ويقطف ثمارها باكبر ما يمكن من عوائد ايجابية في التغيير للافضل. وفيما يلي مقترحات على هذا الطريق:
1. الاستمرار والاصرار على عدم تسييس التظاهرة ومنع اي صفة حزبية او دينية او مذهبية لها. انها تظاهرة الشعب العراقي بعمومه فلتبقى نظيفة نقية دون اي هوية غير الهوية العراقية الوطنية ودون اي محرك سوى خدمة الشعب والحفاظ على وحدته وصيانة وتطوير ديمقراطيته والعمل على تحسين مستواه المعيشي بما يتناسب والكرامة التي يستحقها.


2. اعتبار الخامس والعشرين من شباط نقطة البداية لحكم الشعب والاستمرار في تنظيم التظاهرات القادمة الافضل ، والعمل على توعية الناس بمبادئ واصول الحياة الديمقراطية والاخلاص للوطن والنزاهة في العمل ونبذ العنف والطائفية وتنظيم عمليات متابعة التغيير ومراقبة عمل الحكومة والتأكد من وفائها بالتزاماتها نحو التغيير الذي وعدت به. وهذه النقطة تتطلب ما يلي:
أ. تشكيل لجان منتخبة في كل مناطق العراق لتمثيل هذه الانتفاضة وتخويلها للتحدث بلسان الانتفاضة والتفاوض مع الحكومة الفيدرالية والحكومات المحلية لوضع الخطط اللازمة لتنفيذ مطاليب الشعب بشكل حي وملموس والغاء احتمال ان تكون هذه المسألة عابرة كفورة الحليب الحارقة التي تخمد في ثوان.
ب. يتوجب ان يكون اعضاء هذه اللجان من الافراد المشهود لهم بنزاهتهم واخلاصهم واحترام مجتمعاتهم لهم. ويفضل ان تكون النسبة الكبرى فيهم من الشباب المتعلم المتنور الذي لم يتلوث بعد بايديولوجيات الاحزاب السياسية والحركات الدينية والمذهبية. وهنا يجب الاصرار على عدم ضم ايا من الذين لهم علاقة بالحكومة او مكوناتها السياسية ولا بالتنظيمات السياسية والدينية الفاعلة الاخرى. فضلا عن حراست هذه اللجان من الاختراق من قبل الحركات والتجمعات المعادية المخربة.
ج. تعمل هذه اللجان كحلقة وصل بين عموم الجماهير والحكومات فتجتمع بالناس وتستمع الى مطاليبهم وحاجاتهم ومشاكلهم وتترجمها على شكل نقاط تفاوضية مع الحكومة توضع في جدول اعمال واضح واطار زمني محدد تتم متابعته ومراقبة تنفيذه.
د. تنظم هذه اللجان لقاءات شعبية دورية عامة مع الجماهير تطلعها فيها على سير العمل وطبيعة التفاوض مع الحكومة وماتم انجازه ومالم يتم بعد. كما انها تستمع لآراء الناس وانتقاداتهم ومايستجد من مطاليب.
هـ. التحضير والتهيؤ الى تظاهرات اخرى كلما تقتضي الحاجة حيث ستكون التظاهرات السلمية المنظمة من الان فصاعدا الاداة الفعالة للضغط على الحكومة واللغة الصائبة للتعامل مع انحرافاتها والرجوع عما وعدت به. على ان تقوم هذه اللجان بقيادة وتوجيه هذه التظاهرات وتحافظ على اهدافها الشرعية وتؤمن عدم اختراقها وتشويهها.
و. ستكتسب هذه اللجان خبرة حقيقية في العمل الجماهيري الجاد والمخلص، الطبيعي التلقائي وليس الايديولوجي المتحزب. وهذا التطور العملي الطبيعي هو الذي سيكون النواة الحقيقية لتهيئة المناخ الديمقراطي المناسب لتصحيح الانتخابات القادمة بما يكفل انتخاب ممن هو اهلا للعمل السياسي النزيه وممن هو جدير بتمثيل الناخبين والعمل المخلص لخدمة قضاياهم على اصدق وجه.

لم يكن ماتقدم من اجراءات بضروري لو كان لدينا برلمان حقيقي فكل الذي ذكرته يقع من ضمن عمل البرلمانيين الاعتيادي المعمول به في كل الديمقراطيات الناجحة. ولكن كما يعلم الجميع فان برلماننا ليس ديمقراطيا وليس كفوءا ولا نزيها ولهذا ستعمل الاجراءات اعلاه وبمرور الزمن على تدريب وتهيئة اعضاء البرلمانات القادمة بشكل غير مباشروتقوم بتعليمهم من خلال التجربة وتثقيفهم في مبادئ الديمقراطية واصول العمل في اجواءها.

 

 

free web counter