| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

مثنى حميد مجيد

muthana_alsadi9@hotmail.com
 

 

 

الثلاثاء 27/10/ 2009



نأمل أن يكون حواراً إيجابياً مع الأخ حميد الشاكر

مثنى حميد مجيد

شكرآ لأخي حميد الشاكر على مقالته وإستمرارآ في حوار يمكن أن يكون إيجابيآ ومثمرآ سأوجز ردي على أهم ما ورد فيها فأقول :
أنت تضع نفسك في موضع متناقض مع قناعاتك الدينية بتوجيهك سهام نقدك للشيوعيين وعامة اليسار خاصة إذا كنت من الشيعة إذ إن اليساريين والماركسيين عامة يعدون علي عليه السلام وآل بيته وصحبه كسلمان الفارسي وعمار بن ياسر وأبي ذر الغفاري رموزاً لهم يجلونها ، فهؤلاء هم الأساس الأقدم للشيوعية في العراق والعالم العربي والإسلامي ، إضافة إلى التراث السياسي للحركة القرمطية وحركة الزنج وحركة إخوان الصفا وتراثهم الفكري الزاهر.

أما أنت يا عزيزي حميد فلا أجدك في الوقت الحاضر إلا من المدافعين عن برلمان المحاصصة أو سقيفة هذا الزمن الطائفي رغم إدعائك الإرتباط الروحي بإمام الكادحين ورمز العدالة والعفة والنزاهة الذي ضحى بأبنائه وبنفسه في سبيل إسلام حقيقي عادل وبمحتوى إجتماعي يضمن كرامة وحقوق الفقير ويحميه من المحتكر والمستغل واللص والدجال.

هذا لا يعني إني أضمر موقفآ سلبيآ من أصحاب السقيفة فمن المحللين الماركسيين ومنهم العلامة المرحوم هادي العلوي من يعد أبا بكر وعمر أقرب إلى اليسار. وما أجدر من يدعون في الوقت الحاضر الإقتداء بهم من المتحاصصين أن يصلوا إلى تعددية عمر ورجاحة عقله السياسي . لقد طلب من عماله في الأمصار أن يتركوا الناس على مذاهبهم ويتعاملوا معهم بتسامح فكان أول قائد سياسي في العالم يؤمن بالتعددية ولولاه ما وجدنا اليوم صابئة أو مسيحيين أو أيزيديين أو مجوس في منطقتنا وبفضل فكره التعددي ظلت مصر لثلاثة قرون بعد الفتح الإسلامي ذات أغلبية مسيحية.

إن مقولة ماركس كون التاريخ يعيد نفسه على شكل مهزلة تكاد تصح على وضعنا السياسي البائس الذي يعج بالدجالين ومنتحلي الإيمان فهؤلاء المتناحرين المتحاصصين المتقاتلين إلى درجة الحرمنة وتبني عصابات السلب والنهب واللصوصية وترويع وتهجير الناس لا يمتون بالمطلق لا لعلي العفيف ولا لعمر التعددي بأي صلة أو قرابة أو شهامة أو فكر.

لقد وصلوا حاشى الوطنيين إلى مقاعدهم الوثيرة ورواتبهم المجزية بالإحتيال الرخيص على الضمير الديني للشعب إذ لولا صراعاتهم وطموحاتهم ونهبهم لمليارات النفط ما قامت للإرهاب قائمة ولما وصلت البلاد إلى هذه الدرجة المأساوية من سفك الدماء والتآمر والنهب فأي صلة تربط هؤلاء المنافقين وتجار المذاهب بعلي وعمر.

ما هؤلاء إلا مهزلة بدأ الشعب يعي تفاصيلها ومن هذا الباب يمكن تفهم شعورك بالقلق من الشيوعيين والديمقراطيين كخطر يهدد مشروعك الإسلامي المحدد بمقاسات سوط معاوية إذ ماذا سيحدث لك ولأصحابك لو تقوّت شوكة الشيوعيين وقوى اليسار وفازوا في صناديق الإقتراع ولكي لا تصاب بالرعب سأخفف عنك وأقول لو إنهم حصلوا على نسبة 60 بالمئة أو حتى 40 فقط أو30 !. سؤالي لك أن تجيب بنعم أو لا هل ستقبل النتيجة برحابة صدر وروح رياضية ديمقراطية تؤمن بالتعددية وتداول السلطة السلمي؟

هذا الشعور المسبق بخطر تقدم الشيوعيين وقوى اليسار في أية إنتخابات قادمة هو الذي يحفز قلمك على تدبيج المقالات ضدهم والتهيئة والإستعداد لمواجهتهم إذا ما تقدموا في صناديق الإقتراع.

أنت تقول في مقالتك : " ان كان اليسار العراقي مخلصا ووفيا لشعبه ومحافظا على دماءه وتجربته السياسية الجديدة فليس هناك اي مبرر لا لي ولا لغيري للتعرض لسلبيات الشيوعية العراقية اليوم !." هذا يعني إن ـ سلبيات الشيوعية ـ ليست مهمة ـ اليوم ـ للتعرض لها ما دامت أحزابك الطائفية تنشر الخراب في البلاد وتنهب الأموال العامة وتريد الشيوعيين والديمقراطيين حلوين وحبابين يصفقون وينشدون في خط الثورة أو عفوآ ـ العراق الجديد ـ كما تتصوره أنت وربما بالنموذج الإيراني الشمولي الديكتاتوري ولنقرأ مما أجدت به في فهمك لديمقراطية العراق الجديد الذي تحلم به أن يكون لك واحدآ احد أي 99% كما في زمن القائد المنصور. هذه هي المعركة الذي يقصدها حميد الشاكر مع الشيوعيين العراقيين الجدد ، " وليست هي معارك الشيوعية مع الاقطاع الملكي ولا هي معركة الشيوعيين العراقيين مع البعث الاشتراكي المجرم الذي دخل الشيوعيين العراقيين معه بجبهة وطنية ثم بعد ان اكتشف البعث انه يعاشر حيّة تبن في عراق واحد لفظهم حتى الابادة ، ولا معركة الشيوعيين الايرانيين مع نظام جمهورية ايران الاسلامية الذي صوّت له الشعب ب 99% لقيامه كنظام سياسي يدير حياة الايرانيين جميعا ثم انقلب الشيوعيين على ارادة الامة الايرانية ".

إذن هذا هو مستوى فهمك للشيوعيين ـ حية تبن ـ تثير القلق الدائم والرهاب المستمر سواء للإصولي المتجلبب برداء الإسلام أو للفاشي البعثي المتستر بالزيتوني العروبي. كلاهما لا يلعب مع الاخرين إلا بنسبة 99% أو يخرب الملعب ويعتبر الناس أفاعي تبن تستحق الموت إلى درجة الإبادة. ألم أقل لك أيها العزيز إنك تخفي سوطآ وتتأبط شرآ. ومما يزيد خوفك من الشيوعيين تصوراتك الخاطئة والجاهلة عن مفاهيم تخلى عنها عامة الشيوعيين أو غيروا جذريآ إستيعابهم لها كدكتاتورية الطبقة العاملة والشرعية الثورية. الشيوعيون اليوم قوم يؤمنون بالديمقراطية الخالصة ويؤمنون بتداول السلطة وضرورة القطاع الخاص إلى جانب القطاع العام ويقدرون تقاليد الشعب وتراثه العريق ويقيمون الدين ويقدرون عاليآ الرموز الروحانية وتجد فيهم المؤمن وتجد فيهم الملحد لكنهم جميعآ يعتبرون الإيمان الديني مسألة شخصية فهم يميزون بين الدين والسياسة .

وبودي أن أسألك يا أخي إنك لا سامح الله وأرجو لك كل الخير والسلامة لو كنت تعاني من مرض ما ووصف لك الناس طبيبآ ماهرآ يضمن لك الشفاء وأجره زهيد فهل ستسألهم إن كان مؤمنآ أم ملحدآ. السياسي في نظر الشيوعيين كالطبيب كالمهندس كالمحامي كالقاضي كالبائع كالإختصاصي كعالم الدين نقدره بمهارته وعلمه ونظافة يده ومهنيته وقدرته على تنفيذ وعوده وخططه التي تحسن من حياتنا وتشيع السلم الإجتماعي والتسامح في صفوفنا والتقدم والبناء والصحة والرفاه والكساء.

أنظر إلى اليابان البوذية والصين الشيوعية والهند الهندوسية وأوربا المسيحية وحتى أفريقيا الإرواحية التي كنا في الستينات نخاف من أكلة لحوم البشر في أحراشها. إنهم جميعآ يشيدون المصانع والجسور ويتنافسون في كافة مجالات التطور والرخاء إلا نحن نسفك دماء إخوتنا وأبنائنا وأيتامنا وأراملنا ونشويها بالمفخخات .

ستقول لي إن أحمدي نجاد قد بلغ الذرى في نيل العلا وأنه بنى تنورآ نوويآ بدولارات والآم فقراء إيران وأنا أقول لك إن كل أسرار هذا التنور وخارطته قد سلمتها روسيا إلى إسرائيل كما سلمت من قبل إليها فرنسا أسرار تنور صدام وصواريخه البهلوانية في نفس الوقت الذي كان فيه ميتران يأكل السمك المسكوف مع القائد الضرورة وبطل الحفرة المشهورة.

أما حديثك عن جرائم الغوغاء في زمن الزعيم الشهيد عبدالكريم فهي جرائم بعثية قومجية وأنصحك بقراءة بحث الدكتورة ميسون البياتي في موقع الحوار المتمدن وتقصيها للحقيقة التاريخية من خلال قراءتها لمذكرات زوجة المرحوم نوري السعيد الذي تم سحله مع اخرين من قبل أتباع عبدالسلام عارف وبتحريض إعلامي غوغائي مصري على أمل تحقيق الوحدة الفورية مع مصر وحرف الثورة العراقية المجيدة عن مسارها الشعبي وقيمها النبيلة وحين أحس عبدالسلام برفض عبدالكريم لهذا الإسلوب البعثي البربري قام بمؤامرته ثم تبعه الشواف بالتآمر وشراذم البعث الفاشي في محاولة عصابة صدام لإغتيال الزعيم وكان من أخطائه إصداره العفو عنهم لروحه الإنسانية المتسامحة فتآمروا عليه ثانية في مذبحة شباط الأسود ومقتل ما يزيد على 10000 الاف شيوعي وديمقراطي .

أرجو أن لا تزعل من شدة نقدي لك فأخوك من قومك بالحقيقة. كان لي صديق عزيز في الناصرية هو الشهيد الجميل فاضل عطية . كان من أوائل المنظمين لحزب الدعوة في المدينة نهاية ستينات القرن الماضي. كنا في ريعان الشباب ورغم إختلافنا في الأفكار كنا نتحاور حتى ساعة متأخرة من الليل وكان شباب المحلة يجتمعون حولنا يستمعون ويشاركون. وكنا نتداول الكتب ونتناقش في محتواها. من الكتب التي أعارني إياها كتابي فلسفتنا وإقتصادنا للشهيد المفكر الصدر . ورغم إختلافنا كنا دائمآ نبحث عما نلتقي فيه ونتفق لإنحدارنا الطبقي الواحد الذي يجمعنا ويوحدنا إذ كنا ننحدر من والدين فقيرين كادحين .

هذا هو الأساس الذي توصلنا إليه وعمّق صداقتنا. الطبقة الكادحة التي ننتمي إليها فنكران طبقتنا هو الخيانة الحقيقية للقيم السامية التي توصلك إلى جهنم مهما إدعيت ورفعت عقيرتك به من إفتراءات ضد الشيوعيين.

ولذلك امل أن تراجع نفسك وأولياتك بصدق وأن لا تعقب لمجرد الرد والعزة الفارغة بالنفس والإصرار على الخطأ فأنت جاهل حتى فيما تزعمه في مقالتك عن فلسفة الشهيد الصدر بتحاملك على مفاهيم لا تفقه منها شيئآ كالديالكتيك.

من قال لك إن الصدر لم يكن جدليآ في طروحاته الفلسفية ؟ أنت لا تمتلك حتى الحد الأدنى من الثقافة الفلسفية والتاريخية لقراءة أولية ممكنة لكتاب فلسفتنا ومع ذلك لو عدت إلى الكتاب لوجدت إن الصدر يقف بتعاطف مع (كانط) ويعتبره أقرب الفلاسفة إلى الإسلام. وقد كان (كانط) عقلانيآ موضوعيآ وتعد فلسفته ذات محتوى جدلي متقدم ويمثل أكبر مدرسة سابقة لهيغل الذي إستكمل إكتشاف الديالكتيك وليس ماركس إذ لم يقم ماركس إلا يإستخراج مباديء الديالكتيك من فلسفة هيغل ولغته الميتافيزيقية الصعبة والصوفية. وبذلك أخرج ماركس الفلسفة كما يقال من رفوف الغرف المظلمة للفلاسفة إلى الهواء الطلق أي إلى الناس ووضع الديالكتيك كأداة عمل أو منهج تفكير بيد الكادحين فسميت فلسفته بالديالكتيكية.

وأتذكر في أحد الأيام أن صديقي الشهيد فاضل عطية وبإلتفاتة طبقية واعية منه نبهنى إلى الروائي العمالي الشهير مكسيم غوركي فقد كان مؤمنآ وله ميول إسلامية ومع ذلك كان شيوعيآ وأقرب أصدقاء لينين. فهل تدرك يا حميد الشاكر ما أحاول إيصاله لك من معان طبقية عميقة إن كنت حقآ من أنصار الإمام علي عليه السلام ومخلص لقيم الكادحين والمظلومين في عراق جديد ومسالم وخال من الإرهاب والصراعات المدمرة.
 
يبقى أن أقول لك إني لم أتهمك ولم أقصد مطلقآ إنك من كتاب التقارير ولو كانت هذه الفكرة في رأسي لما عقبت على مقالاتك التحريضية ضد الشيوعيين لكنك سييء الظن ولا أقول إن أنائك نضح بما فيه خاصة وإنك تكتب في موقع وطني أي إن هناك أمل في إخراجك من ظلمة جهلك وموقفك المشين والمعادي لامال الكادحين المسالمين الطيبين.
 


 

free web counter