| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مقالات وآراء حرة

 

 

 

السبت 27/12/ 2008

 

حسن العلوي وصدام ، علاقة المفكر الشقي بالرئيس البلطجي

مثنى حميد مجيد

ظهر ـ المفكر ـ حسن العلوي في قناة البغدادية كمؤيد متحمس لحذاء منتظر الزيدي. وليس هذا بأمر مثير للعجب في أرض تحفل بالمواقف والمشاهد السوريالية والغرائبية ،أرض ظهر فيها دكاترة ورؤساء جامعات كانوا أشقياء لم يجتازوا الثالث المتوسط ،إذ يمكن إعتبار حسن العلوي أحد أكثر ممثلي ثقافة الحضيض في المرحلة البعثية الفاشية شعبية وقبولآ في الدوائر الثقافية العراقية الأقل تأثرآ بأدران وأمراض وجراثيم تلك الثقافة التي رسخت أركانها ونمت بأحراشها وطفيلياتها وعفنها خلال الحقبة الصدامية.السبب في ذلك هو الطفرة الكبيرة التي أحدثها حسن العلوي في حياته الخاصة والعامة بـ ـ إعترافاته ـ بجرائم البعث التي عاشها وشاهدها ، تلك الإعترافات التي كما تدل مواقفه التالية وأفكاره وتصريحاته الحالية لم تكن متكاملة أو قلبية إلى درجة نيل شهادة براءة الذمة التي تؤهل صاحبها الأهلية الحقة للحديث بإسم الإنسانية وليس بإسم معذبيها وحفاري قبورها الجماعية.

في أحاديثه التي تبثها قناة البغدادية وقنوات فضائية أخرى يطرح حسن العلوي نفسه كمفكر نموذجي نشأ وترعرع كشقي ألمعي خصب وواسع الخيال في عصابة يقودها بلطجي إسمه صدام كان هو يؤدي فيها دورالذراع الأيمن الثقافي له أو ، الشقاوة المستشار، الذي لا يمتلك غير نبله وزهده في السلطة والمباديء الأصيلة ـ الوطنية والإنسانية ـ للعصابة.لكن المفكر المتقاعد من العصابة والشقاوة ورغم كل طفحاته العاطفية التي تصل أحيانآ درجة سفح دموع الألم والتي يريد بها ترسيخ براءته ونظافة أردانه وعفته في نفس المتلقي من الأحداث الدموية وجرائم رئيس عصابته الأرعن يفشل في مرات عديدة في إخفاء العلاقة القلبية الوطيدة والهجينة التي كانت تربطهما معآ ، وهو أمر مفهوم من وجهة نظر تحليلية بحتة ، فعناصر شخصية المفكر الشقي أو الشقي المفكر متداخلة ونموذجية في تركيبتها العضوية عند حسن العلوي.إن عفوية وسرعة خاطر وإنسيابية المفكر هي ذاتها صفات يتميز بها الشقي النموذجي إضافة إلى الذكاء الشديد.ويلعب الشقي دور الوسيط النزيه واللبق بين البلطجي الملوثة يديه بدم ضحاياه والمكروه وشبه المعزول من الوسط الإجتماعي وبين هذا الوسط نفسه.يحاول دائمآ إضفاء تغطية فهلوية ما أمكنه على بعض جرائمة إلى درجة التبرير أو إزاحة بعض الصفات عنه ، في حالة صدام نفي صفة الطائفية مثلآ عنه إزاء مقابره الجماعية لأهالي الجنوب.هناك دائمآ في حوزة الشقي فهلوة لبقة ذكية مقابل أي جريمة أو خطيئة للبلطجي تساعده في هذه الإستراتيجية التركيبة النوعية المشتركة لهما في العديد من عناصرها الشكلانية والبنيوية.

ويصل الأمر درجة السخرية المطلقة حين يسقط المفكر الشقي منهجه الفهلوي على التاريخ، فالإمام علي هو ذاته حسن العلوي وصدام هو ذاته عمر ومكة هي ذاتها الحارة الشعبية.إذن فهي إشكالية تاريخية لا مناص من تكررها.وتبدو مقولة ـ لولا علي لهلك عمر ـ لازمة أساسية ومنطلقآ منهجيآ للمفكر الشقي فجرائم الفاشية الصدامية لها مدلولاتها ومبرراتها الضاربة في أعماق التاريخ وأخلاق الحارة هي ذاتها سمات تتحكم بالتاريخ في أزمنة الوثوب والنهوض أو الإنحطاط والتردي على السواء.

على مستوى الحارة ، الشقي شخص يميل إلى المسالمة في الغالب وإستخدامه للعنف مشروط مقارنة بدموية البلطجي. وهو إن أجرم كان ذكيآ في تمويه جريمته أو تلبيسها شرعية العرف الإجتماعي، هو ذكي وصاحب معشر ومجامل يحاول دائمآ إبراز أفضل ما يمتلك من قيم خلقية كتعويض لمعاشرته البلطجي المشبوهة والمشكك بها من قبل الوسط الإجتماعي. ينتقد بشكل صريح البلطجي ورعونته وتهتكه لتمييز نفسه عنه لكنه لا يتورع عند الضرورة عن الإشادة بمواقف شهمة له تتسم بالكرم والرجولة لتبرير تلك المعاشرة.لكن الشقي المختلف فعلآ عن البلطجي في أمور هامة في مقدمتها تجنبه إستخدام العنف يفشل دائمآ طوال حياته وحتى شيخوخته في الخروج من شرنقة التصنيف السوسيولوجي كرديف أكثر إيجابية وأقل شرانية للبلطجي.

إن التهور والركوب على موجة الضجيج الغوغائي هي الشبكة المثلى التي تصطاد الشقي فيقع في إغرائها حتى لو أعلن توبته أمام الهيئة الإجتماعية .ومن هنا نتفهم إنتزاع المفكر حسن العلوي لحية الفيلسوف الغارق في صوفية التاريخ وإعلان حماسته في إنحيازه لحذاء منتظر الزيدي.منتظر الزيدي هذا يمتلك مؤهل لافت للإنتباه من وجهة نظر قيادية مثلى لعصابة الحارة.لقد ظهر في قناة البغدادية قبل أيام في فيلم عاجل تم تصويره سابقآ ليروي ولمدة نصف ساعة قصة إختلقها لإختطاف مزعوم له لم يحدث مطلقآ.إن شخصآ يمتلك مثل هذه القابلية المبتذلة على الكذب المتواصل وبلا إنقطاع لمدة نصف ساعة لا بد أن ينال التزكية والإعجاب من شقي متقاعد ومفكر متفرغ حالي يكرس شيخوخته للبحث والدراسة.إن موهبة الكذب المتواصل والمكشوف لنصف ساعة أمام الكامرة هي البطاقة ، الخطوة التأهيلية الأولى للسرسرة ، التي تمكن صاحبها أن يتقدم لنيل مرتبة الشقي في السلم التراتبي لعصابة الحارة وهي ، السرسرة ، صفة أولية لا غنى عنها وسمة عامة مشتركة للعصابة والأصل التصنيفي النوعي السوسيولوجي لتركيبة الشقي ـ البلطجي.


 

free web counter

 

أرشيف المقالات