| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

 

مثنى حميد مجيد

muthana_alsadi9@hotmail.com
 

 

 

الثلاثاء 25/5/ 2010



تراتيل للسلام في كنيسة القديسة كلارا

مثنى حميد مجيد

أواظب ، منذ أكثر من شهر ، على الحضور مع السويديين إلى الصلاة الصباحية في كنيسة القديسة كلارا في قلب ستوكهولم .مسؤولي في مكتب العمل هو الذي إقترح علي العمل في الكنيسة وقال : هناك شرط واحد ، عليك أن تحضر الصلاة الصباحية ، فقبلت على الفور نظرآ لأني شديد الفضول لمعرفة الأديان الاخرى وخاصة في بلد كالسويد بلغ درجة عالية من ممارسة حرية الضمير والإعتقاد.

من الثامنة صباحا وحتى التاسعة ، ينشدون وبمصاحبة الموسيقى تراتيل تفتن الروح وترفع الوجدان وتدمع العين الحزينة وتزيح الكرب والهموم من القلوب المثقلة. هؤلاء الرائعون ، نساء جميلات ورجال متواضعون يرتلون للسيد المسيح ، للسلام ، للنور ، للمحبة ، للمرضى ، للجائعين ، لجرحى الحروب ، لكل الناس تراتيل الشفاء والفرح والبشارة بالخير والسعادة يعمان العالم . كم أنا سعيد مع هؤلاء القوم لكني مع محبتي لهم لم أستطع أن أكون مثلهم أي مسيحيا بل إن مندائيتي تعمقت وترسخت حين سمعتهم في أحد الأيام يرددون ترتيلة مندائية قديمة تمجد العمل يكرر فيها ـ اطلب تجد وسل تلق ـ نبي ونشكا ونمر ونشتما ـ.

اطلبوا من على الارض وأنا اتيكم من ثمراتي العالية
ابغوا بيمين الجسد وانا اتيكم بيمين الحق
لقد طلب الأقدمون واعطوا ويطلب اللاحقون ويعطون
اطلبوا تجدوا لانفسكم ولارحامكم وارحام ارحامكم ولرب سرب الحياة الأكبر
ـ ترجمة الباحثة ناجية المراني ـ مفاهيم صابئية مندائية ـ ص151

الترتيلة مترجمة إلى السويدية كما وردت في ورقة التي وزعت على المصلين *


Bed,så ska ni få
Sök,så ska ni finna
Klappa på,så ska det öppnas,
Så ska det öppnas för dej
Som man bad i gamla tider
Som man bad i gamla tider
Som man bad i gamla tider

كدت أرفع صوتي مقاطعا إنشادهم الجميل ـ يا جماعة!هذه ترتيلتنا كيف جاءتكم إلى هنا من أرض الرافدين!. هنا ، في قلب ستوكهولم ، وقريبا من القطب الشمالي يردد هؤلاء السويديون الطيبون ترتيلة مندائية من تراتيل الماء والنور فكم رائعة وأصيلة هي ثقافاتنا العراقية القديمة ، ما الذي يدفعني إذن لترك الأصل والذهاب إلى الفرع؟

قلت لقسيسة وهي شابة نحيفة شقراء أتبادل معها أحيانا أطراف الحديث ـ نظرآ لجذوري الغنوصية من الصعب علي أن أعتنق أي ديانة أخرى فالمندائي مجبول وراثيا على محبة المعرفة ونسميها ـ مندادهيي ـ أي معرفة الحياة ولذلك ليس سهلا عليه أن يكون شيئآ اخر غير نفسه أي أن يحدد نفسه بمعتقد وحيد يتمحور به فهذا يناقض طبيعته السيكولوجية الموروثة عبر أزمنة طويلة ويناقض المبدأ الأساس في المعرفة وهو الإنفتاح على الحياة المتحركة والعالم والاخرين.

إنني بقدر ما أقترب من المسيحية أو أي ديانة أخرى بقدر ما أجد نفسي تنشد أكثر إلى أصلها المندائي. إبتسمت القسيسة الشابة وقالت . نعم أنتم تناقشون الأمور كثيرا وتستخدمون العقل أكثر من القلب لكنكم قريبون علينا وطقوسكم قديمة وجميلة .

بعد مرور شهر إجتمع بي مسؤولي وسألني إن كان عملي جيدا وأني سعيد به فقلت له نعم لكني أشعر وكأني فضولي ومتطفل عليهم فأنا يا صديقي لست من الصنف المتدين وقد يكون لديهم شعور غير مريح عني كوني أجلس خارج دائرة الصلاة ولا أردد معهم الأناشيد. فأجابني مسؤولي باسما ـ بالعكس هم مرتاحون إليك بل ويعتبرونك ضيفا مقدرا كونك من معتقد مختلف. إذن لا توجد مشكلة وبإمكاني العمل هنا إذا أردت.

..............................

* كانت لدي نسخة لترجمة سويدية أكثر قربا وتفصيلا من النص المندائي لكني للأسف فقدتها





 

 

free web counter