|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 1/7/ 2012                                 مصطفى غازي فيصل حمود                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

شعبٌ منهُ أهلُ الجنوبْ

مصطفى غازي فيصل

شعبُ العراقِ يمتازُ بالطيبة والبساطة الا البعضَ القليلَ منه ,فهم خارج قوسِ هذا الوصفِ. بصراحة ناس الجنوب هم الاكثر طيبة الى درجة الإفراط ، وأهل البصرة هم من هؤلاء الجنوبيين الطيبين ، أذ يمتازُ أهلها بالكرم وحسن الضيافة . وأقول أهل البصرة ـ أقصد الأصليين أباً عن جد ـ فبسبب ما مر بهِ العراقُ من سلسلةِ الحروب المتعاقبة ومن الهجرة القسرية لأهل الأهوار والريف فقد نَزَحَتْ العديدُ من العوائل التي كانت تسكنُ مناطقٍ ريفية أو محافظات أخرى وقدموا الى البصرة وغزوها غزواً حتى تشكلت بهم احياءٌ كاملةً عشوائية وهو ما يعرف بسكن ـ الحواسم ـ وبسبب عدم أنتمائهم الى المحافظة ولصعوبة معرفة أصلهم وفصلهم أو الى أي عشيرةٍ ينتمون عاثوا في المحافظة فساداً فأمتهنوا مختلف المهن المنحرفة والمخلة ..!

وفي الحقيقة أنا هنا لا أحاول أَنْ ــ أقلل ــ من شأن هذه الشريحة من المجتمع بل على العكس فالله وحده الأعلم بالظروف والمآسي الصعبة التي مرت بهم ودفعتهم الى الإنجراف الى هذا السلوك . ومن السهولة أن نكسب هؤلاء الناس عن طريق الحوار السلمي المبني على أُسسٍ علميةٍ نزولاً الى مستواهم الثقافي البسيط من خلال أستخدامنا المفردات البسيطة الدارجة عندهم لكي نصل الى غايتنا بكسبهم وتقويمهم لنجعلهم أفراداً فاعلين في المجتمع ،فهم من البساطة والسذاجة بحيث من الممكن للإنسان المثقف والواعي أن يكسبهم وهذا أفضل من أن ينجرفوا بالعمل مع العصابات والجماعات الإرهابية التي تستغل ضعفهم وفقرهم لتدفع بهم كأداة لتنفيذ مآربهم حسب مخططاتهم .

وهنا أستذكر قصة عن بساطة هؤلاء الناس - أنا بصراحة أحد أبطالها - ، فالزمن أواخر عام 2004 بداية عام 2005 على ما أذكر أن الوقت ظهراً والمكان محلُ عملي ،حيث دخل عليّ شاب في العشرينيات من عمره وهو يسأل بنبرةٍ حادةٍ لمن هذه السيارة الواقفة امام المحل..؟ فأجبتهُ دون أن أفكر أنها لي ــ على أساس أنها قد تكون واقفة في محل يتعارض مع الشارع ــ ولكن حينما أقتربت ُمنه أدركتُ أن غايتهُ لم تكن كذلك حيث كان مصاباً بجرح عميق في فخذه الأيسر وكان ينزف منه بشدة وقام بربط أعلى الجرح بخرقة في محاولة منه لوقف النزيف ،أدركت هذا المشهد كله في ثوان معدودات ثم صرخ فيَّ, هيا أنقلني بسيارتك الى المستشفى وهو يومىء بنظره ـ ليلفت أنتباهي - نحو سكين كبير من النوع الذي يستخدمه (القصابون) موجود في حزامه حينها عرفت صعوبة الموقف إِما أَنْ أَنقله بالسيارة وفي هذه مخاطرة بسبب مساءلتي من قبل المعنيين هنالك عنه وانا في غنى عن هذه المشاكل ،وفي حالة عدم أستجابتي له ربما ردةُ فعلهِ تكون مميتة لي .وفي لحظات جمعت شتات أفكاري وقلت له باللهجة الدارجة ]خوية صدك جذب أنته يمكن ماعندك كروة تروح للمستشفى [ وياللعجب فجأة تغيرت نبرة صوته وملامحه وقال لي (إي خوية) فأخذته الى الشارع العام وقمت على الفور بأستئجار سيارة تكسي له ودفعت الأجرة الى السائق وحددت وجهته الى المستشفى .

وبعد أقل من أسبوع مرَّ الشخصُ نفسهُ من أمام محلي وحياني بتحية كبيرة وهو يقول لي :[أنت صاحب فضلٍ لن أنساه أبداً] .فلهذا يقال : [الف صديق ولا عدو واحد ] ومن هنا نطالب الناس المعنيين من المسؤلين في وزارة العمل الشؤون الاجتماعية بمتابعة هؤلاء الناس ومنحهم ما يساعدهم على العيش الكريم من توفير فرص العمل والسكن الملائم لكي تكون كلماتي الأولى في المقالة منطبقة على الكل دون أستثناء .
 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter