| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مارسيل فيليب

marcelphillip@yahoo.com.au

 

 

 

 

الثلاثاء 9 / 1 / 2007

 

 

هموم عراقية وتساؤلات ساخنة ..!

 

مارسيل فيليب

* من هو العراقي الذي تشمله شروط المواطنة اليوم في عرف القوى والتيارات المسيطرة فعلياً على الوضع في هذه المرحلة ؟  
                                                                                                        
أعتقد  الأن وفي عرف من يسيطر على الشارع العراقي بالقوة ، لا يكفي أن يكون التعريف هو ، من ولد في العراق من اب أو أم عراقيين بالولادة  ،  لأن هناك أشتراطات أخرى خلقتها بدون حق الأطراف السياسية المؤتلفة في الحكومة والمختلفة على حصصها من السلطة الفعلية ،  فلم يعد العراقي معرفاً  حتى بما  نص عليه  دستور الدولة الملكية العراقية في ديباجة المشهورة والتي كانت تقول ( أن العراقيين سواسية كأسنان المشط ) ، مع الأستدراك أن هذه المقولة  حتى أنذاك  لم تحدد نوع المشط المقصود ، حيث كان هناك  ذو الأسنان الناعمة أو الخشنة ، او ذو الأسنان الصغيرة وبتصاعد  نحو الأكبر طولاً والأثخن قطراً ، او " مشط ولد الخايبة "  المحسوبين على ملا ك الأمشاط الخشبية لأمهاتنا وجداتنا   .

ولذلك سأحاول الأنطلاق من خط الأستثناء لمفهوم ، من هو العراقي  في دولة اللا دولة ، أو دولة التناقضات الدستورية والعنف المعرف وبأمتياز " عراقيا ً " .

وللدخول في الموضوع ، سأطرح بعض التساؤلات : 

* هل  كان التغيير أو الأنتقال المفاجئ من نظام شمولي قمعي دكتاتوري ، أسس لمنظومة فكرية جعلت من  ( الجميع ... يخشى الجميع ) هو أحد الأسباب ؟   
                                                                              
* أم أن  التغيير الذي حصل بفعل وارادة أمريكية ، برغم كل مايقال ويطرح كمبررات حالياً هو سبب آخر  ؟ 

بدون أن ننسى ان تحقيق وتأثير وتواصل هذه الأرادة الأمريكية  ، كان بسبب عوامل أخرى  مهمة أسست لها ، مثل ( أنقسام اطراف وقوى المعارضة العراقية سابقا حول أي من المشروعين هو الأسلم لتحقيق التغيير المرتقب  للخلاص من النظام الدكتاتوري ، أهو المشروع الذي يستند الى ركائز التدويل وبأتفاق وتجاوب كامل مع المشروع الأمريكي ، أم المنطلق من المشروع الوطني ــ الديمقراطي ، المستند الى إنضاج العوامل الداخلية  لدعم وتصعيد نضال شعبنا للخلاص من دولة العنف المنظم ونظام صدام الفاشي  ــ   قانون تحرير العراق ــ  مظلة أو تشكيلة  المؤتمر الوطني الموحد ــ  ما سمي بحرب  (( الأخوة )) ، بين الديمقراطي الكردستاني والأتحاد الوطني الكردستاني ، بعد أن سحب النظام المقبور ادارته ومسؤوليته عن كردستان العراق  ــ  نتائج وتداعيات مؤتمر لندن نهاية 2002  ،  أضافة للجان الدراسات الأستشارية لمجموعة من الأكاديميين والمثقفين العراقيين الذين قدموا تصوراتهم وتوقعاتهم ونصائحهم ،  لوزارة الخارجية والدفاع  " عبر بعض المؤسسات والمعاهد الأمريكية " ، مقابل أتعاب ،  ثم الغزو الأمريكي وبمساعدة قوات التحالف لأسقاط النظام المقبور وأقامة سلطة شكلية بأشراف الحاكم الأمريكي بول بريمر الطيب الذكر ، ثم ما تلاه من أحداث وتطورات وصولاً للدستور .. وللتأكيد على ذلك يمكن الأشارة الى مدى التأثير الأمريكي الواضح الأهداف في طريقة صياغة مواد وبنود الدستور ،  بدأً بختم المستشارين الأمريكيين ،  وانتهاء بجامعة كولومبيا ، عدا ما كان للسفير الأمريكي  في العراق من تأثير غير قليل في مجمل الصياغة الأساسية ، بالرغم من أعترافنا الكامل وبدون شك ، لكتابته بأيادي لجنة عراقية بتوجيه المعممين ، ونجاحه في الأستفتاء عليه عراقياً .

 * إذاً لماذا الأختلاف على الدستور لاحقا ، أو على تعديلاته المقترحة ؟     

 في كل تجربة تأريخية في العالم  يكُتب الدستور بغرض خلق آلية وشكل النظام العام والذي  يحدد مستقبل وتطور الدولة ، أي لبسط القانون ومؤسسات السلطة الشرعية المنتخبة ، ولتنظيم  وأعادة دورة الحياة الطبيعية للمواطن ، ولضمان حقوقه وحرياته ودفعه لأداء واجباته ليتحقق مبدأ المواطنة الحقيقية والعقد الشرعي العادل بين الحاكم والمحكوم  ، وحسب أطلاعي لم يوضع دستور حضاري بضوابط تمنع تغيير ، أو شروط أشبه ما تكون بالتعجيزية على مواد وابواب معينة فيما لو تطلبت الحاجة لأعادة النظر فيها أو لتغييرها في ظروف لاحقة  كما هو موجود في الدستور العراقي الحالي ،  حيث كل التجارب لدساتير العالم  تشير الى ضرورة أن  يتطور الدستور تدريجيا وهذا ماحصل فعلاً ،  أي بدوّن موانع أو فيتو بأسم المقدس أو غيره إلا الدستور العراقي الحالي ( الجديد )  ، والذي نص وكمثال من مجموعة ملاحظات ، على شرط  أن كل قانون يجب أن يكون متفقا مع المعايير الإسلامية والديمقراطية على حد سواء ،  رغم التناقض الصارخ " بمفهوم الوعي السائد وميزان القوى الحالي عراقياً  على الأقل " ، بين هكذا مبدأين أو مفهومين ، ( أيام المناقشات حول هذه النقطة ، قيل انها وضعت لكي يتحقق التوافق ) ، لكن الهدف الحقيقي من وراءها كان لتحقيق ما كانت تسعى  له الأحزاب السياسية " الأسلامية " ، أي  لفتح الطريق لأستلام سلطة ادارة الدولة عن طريق أقامة  دولة رجال دين  ، لا عبر أستنساخ التجربة الخمينية بشكل ميكانيكي  بل بشكل دستوري بأسم الشعب الذي صوتت الأكثرية عليه حتى بدون قراءة ابوابه وبنوده أو فقراته وأحكامه  ،  أضافة الى مسألة مهمة جداً ، أنه في  تجارب الشعوب والدول في ما بعد النهضة الأوربية وعصرنا الحاضر ، عادة ما كان ينتخب الشعب مجلسا تأسيسيا يتولى صياغة الدستور ثم يطرح للمناقشة الواسعة لكي  يوافق الشعب عليه لاحقا في استفتاء لكن في ظروف بلد مستقر أمنياً  وأقتصادياً لحد ما ، أو يستعاض عن ذلك بوضع دستور مؤقت أو انتقالي .

أما في العراق فالأمر مختلف حيث تم الأصرار على محاولة البدء بالخطوة الثانية قبل الأولى،  فالسلطة غير المستقرة وبكل تياراتها أصرت على الصراع ( سلمياً بجعل صناديق الأقتراع هي الفيصل ) ..  فيما بينها للأستيلاء على اهم المفاصل في هيكلية الدولة القادمة ( تحت التأسيس ) ، .. أقول هذا فعلاً  كوصف منصف لما كان عليه وضعنا العراقي أنذاك ولا يزال   ، حيث تم بشكل متعمد ومتسرع بمبرر ( انه أحد استحقاقات العملية السياسية ) ، وهكذا تم تجاوز القوانيين الأساسية  إلى حد بعيد  كمحاولة تجريبية  لتحقيق نظام مستقر عن طريق  كتابة دستور ( بالتوافق ... والذي أعني به دائماً في كتاباتي كمصطلح لتوزيع الحصص وتحقيق المصالح الفئوية  والحزبية ، بأسم المصلحة الوطنية أو لتحقيق المصالحة الوطنية ) .

* لماذا تضاعف قتل المدنيين العراقيين الأبرياء وتصاعدت وتائر عمليات التهجير القسري في هذه المرحلة ؟

90% ممن يقتل من أبرياء العراقيين اليوم ، يقتل على أساس الهوية أو الأنتماء المذهبي أو القومي  ، وهذه العملية تستهدف الشيعة والسنة على السواء في مدن الجنوب والعاصمة بغداد وحواليها بشكل خاص، وفي الموصل يتم أستهداف المسيحيين بشكل عام أشوريين وكلدان وسريان وما يتم تفجيره من دور العبادة في الكثير من انحاء البلاد ، جوامع أو حسينيات أو كنائس ، مصحوبة بحوادث مأساوية  دامية ومعاناة أنسانية مستمرة ،  مثلاً ، اضطرت أكثر من خمسة الآلاف عائلة من المسيحيين للخروج من الموصل لحد الأن  بعد أن استلموا تهديدات بالقتل والتصفية  من إرهابيين أو من أفراد معروفين في المدينة ، وأول أمس أستلمت خبراً من أحد الأقارب بأستعداده للرحيل نحو كردستان أو خارج العراق من مدينة الدورة التي قضى كل حياته فيها  والتي تم بنائها أيام الزعيم الراحل عبد الكريم قاسم عام 59 ، والتي كانت معروفة بمدينة ( الدورة ـ الأثوريين ) نسبة لسكانها الأشوريين بنسبة أكثرمن 90% ، ثم لاحقاً ايأم النظام المقبور تم تقزيم التسمية بحي الأثوريين ثم اختصار وبسترة تلك التسمية الى سوق الأثوريين لاحقاً ، والعوائل القليلة المتبقية هناك تستعد أيضاً لترك منازلهم عبر التهديد أو خوفاً من الأتي  نحو مصير مجهول ، هكذا تهجير أيضاً شمل وبشكل واسع السنة والشيعة في أكثرية محافظات العراق خاصة في مناطق العاصمة  ، وبعض الأخوة الأكراد والتركمان في بعض المناطق ، كذلك الأيزيديين أضافة للأعتداء على معابدهم بين فترة و أخرى ، وليس بخاف على أحد مانال شريحة الأخوة من الطائفة المندائية أو الصابئة المسالمين ، ومن تعرض أبناءهم للتهجير أو القتل والتشويه وأغتصاب الفتيات والنساء أو القيام بأجراء عملية " الطهور لأبنائهم وأطفالهم بالقوة " الأمر الذي يتنافى مع كل القيم والمبادئ  التي تنص عليها الوثيقة الدولية لحقوق الأنسان .

* هل من حل أو نهاية أيجابية لوعود المصالحة الوطنية  .. أم استمرار لأفعال الرصاص والقذائف ؟

هذا هو المشهد السائد حالياً في مجتمعنا الملغوم بالمتفجرات والكراهية والكذب والقسوة الأجتماعية ، في عراق مدجج بالسلاح والعنف المادي ، لا يقبل فيه أي طرف  أن يُنزَع سلاحه ( وهنا لا أقصد المسدس والبندقية الأتوماتيكية أي الكلاشنكوف ) فهذه تعتبر لعب أطفال ... بل قاذفات الصواريخ  والهاون والمضاد للطائرات أو الرشاشات الثقيلة والأر بي جي  والألغام والقذائف الأخرى وصولاً لما يخطر على بال أي عسكري من انواع السلاح الممكن شراءه من السوق السوداء والبيضاء ، أو مايأتي عابراً الحدود  ( مُبَخَراً ومُبَاركاً كدعم أخوي ) من دول الجوار أو من عناصر استطاعت اختراق القوات العسكرية والأمنية الحالية وبمبرر مثلاً ، أنه لجيش عقائدي " وطبعاً هذا العقائدي لا يقتل ولايظلم ولا ينهب ولا يهجر الناس من بيوتهم  " ، أو لمنظمة أو فيلق بدر التي قيل عبر تصريحات قادتها وقيادات المجلس الأعلى  أنها تحولت الى منظمة سياسية منذ تشكيل اول حكومة وانخرطت في العملية السياسية، والموجود  لا يتعدى مجرد مجموعات من  المسلحين لحماية المقرات وبعض قادة المجلس ، لكننا فوجئنا اليوم 9 / يناير  بتصريح الناطق الرسمي بأسم وزارة الدفاع السيد محمد العسكري كما تناقلته وكالات الأنباء  ( وقال الناطق الرسمي باسم وزارة الدفاع أن الخطة الامنية الجديدة لم تطبق بعد وانها بانتظارالامر من القائد العام للقوات المسلحة، نافيا مشاركة البيشمركة أو فيلق بدر فيها، وقال محمد العسكري في الايجاز الصحفي الاسبوعي لوزارة الدفاع امس ، ان من يقوم بالخطة هي وحدات وفرق وزارة الدفاع والداخلية بمساندة القوة متعددة الجنسية ومايشاع عن مشاركة البيشمركة وفيلق بدر التابع للمجلس الاعلى للثورة الاسلامية غير صحيح  ) ، بعض الفصائل المسلحة تقول ، أن السلاح هو للدفاع عن النفس فقط ، والأخر يدعي انه للجهاد ضد المحتل أو للذود عن الدين والمقدسات وطرد المحتل وأقامة الدولة الأسلامية .

 وبالأشارة لتصريح محمد العسكري ، نرى انه هكذا هو دائماً حال تخبط  خطاب وواقع الأحزاب السياسية المغلفة بمفهوم الأسلمة ،  حيث يجري تضمين خطابهم وتصريحاتهم ووعودهم السياسية بمفاهيم ومقولات لا تصمد على المدى الطويل كواقع عملي ، مما يجعل خطاب هذه الأحزاب والتيارات سنية أو شيعية  مهما بلغت رصانته , عاجزاً عن الأقناع أوأعطاء الصورة الحقيقية والفعلية لما هو قائم وممارس من قبلهم لتحقيق اهدافهم المؤجلة حالياً .