| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

مارسيل فيليب

marcelphillip@yahoo.com.au

 

 

 

الأربعاء 22/10/ 2008



حل مشكلة المادة 50 .. بأسلوب عزيمة الحصيني ... واللكلــك

مارسيل فيليب

عبر التأريخ الحديث وبحجة الحفاظ على الوحدة الوطنية تم فى العالم العربى قتل الآلاف من الأقليات القومية والدينية .. وانتهاك حرية مئات الالاف منهم ، والأمثلة كثيرة لكن لنأخذ العراق كنموذج يفهمه المتلقي بسهولة .
منذ تأسيس الدولة العراقية أستطاعت شريحة عربية من ضباط تأثروا بعقلية المدرسة العثمانية واعتماداً على دعم بريطانيا والدول الأستعمارية معاهدة فرساي وصلح لوزان وسايكس بيكو ، اضافة لعامل أغلبية عربية من اقامة سلطة ودولة سميت المملكة العراقية لاحقاً ، وأنكروا على الأكراد والأقليات القومية الأخرى حقوق كثيرة ، واعتبروهم مواطنيين من درجة أقل ، وعاملوهم في احيان كثيرة بأسوأ ما يتصوره عقل الأنسان ، وتطور الوضع في مرحلة تسلط نظام صدام الأجرامى بقتل مئات الآلاف من الأكراد في عمليات تطهير عرقي فاقت وحشية النازي ، وفى بعض التقارير التى وجدت "المقابر الجماعية" أخيرا قيل أن ضحايا تلك المقابر قد يصل الى 300 ألف شهيد، ومعظمهم من الشيعة والأكراد اضافة للمكونات الأخرى للشعب العراقي ، ضمن ماجرى من تصفيات للأقليات الدينية والقومية اشوريين كلدان سريان صابئة ايزيديين شبك موسويين ..وغيرهم .. وقد تمت أكثرية تلك الجرائم قبل واثناء الحرب العراقية الأيرانية ، ثم تصاعدت وتائرها بعد انتفاضة اذار عام 1991، لكن تم السكوت عليها وأخفائها بطريقة مشينة من كافة أجهزة الأعلام العربية، وأرتقى ذلك السكوت المشين احياناً الى مرتبة المشاركة فى الجريمة ، كما جرى في حلبجة والجنوب خاصة للأخوة الشيعة أثناء قمع الأنتفاضة الشعبية في تلك المحافظات عام 91 .

كان الأكراد يومها يطالبون بأبسط حقوق المواطنة ايام اضطهادهم ، لكن سلطة النظام السابق كانت تتهمهم بمحاولة تقسيم العراق ، وانهم انفصاليون يهددون وحدة وسلامة أراضي جمهورية العراق ، لا بل أجاز النظام وحلل ذبحهم وكل من عارض نظام المقبور صدام حتى من ابناء عمومة وعشيرة وحلفاء الدكتاتور نفسه .
وعندما اصدر ما كان يسمى " بمجلس قيادة الثورة " القرار 199 بتاريخ 6 أيلول 2001 ، وسمح فيه لكل عراقي أتم الثامنة عشر من عمره بتغيير قوميته الى القومية العربية ، وكان مبرر مؤسسات النظام القمعية لهذا الأجراء الشاذ بكل المقاييس الوضعية " بأنه أتخذ بهدف اعطاء العراقي حق اختيار قوميته " وكأن القومية مثلها مثل الجنسية ... عقد قانوني بين المواطن والدولة .
يومها صرخنا وكتبنا وطالبنا بالتضامن والدعم من كل احرار العالم لأدانة هذا القرار المخالف لكل القوانين والقيم الأنسانية والشرائع المعتمدة من منظمات ومؤسسات المجتمع الدولي ، والكثير منا ناله العقاب جزاء هذا الموقف ، اخرين قدموا حياتهم ثمناً لذلك ...
لكن المفارقة .... اليوم وبعد الغاء اكثر المواد عدلاً في قانون انتخاب مجالس المحافظات " المادة 50 " وما تلاها من احداث قتل الأبرياء وتهجير المسيحيين من الموصل رغم بشاعة السيناريو ( حسب قناعتي الشخصية لم تصل تفاصيل هذا السيناريو المرعب بعد لمرحلة القادم اعظم ) .. لأنني اتوقع حدوث الأسوأ لاحقاً وفي المستقبل المنظور ... وكم اتمنى أن اكون مخطئاً في هذا التصور ، لكن تتابع الأحداث يؤكد ذلك ، لأن ضحية الأمس العراقي تتحول الى جلاد شرس " وبأمتياز " .
وبالمناسبة تصريحات السيد خالد شواني عضو التحالف الكوردستاني إلذي طرح مقترحا باسم التحالف (يقضي بفصل قضية الاخوة المسيحيين عن الاقليات الاخرى كالايزدية والشبك ) وبمبرر أن كل الكتل البرلمانية تؤكد ان لا أعتراض على المسيحيين ولا توجد خلافات حول تمثيلهم في انتخابات مجالس المحافظات وعدد المقاعد التي يستحقونها وبالتالي بالامكان ان يعرض مشروع القانون بمادتين منفصلتين ... اتمنى ان لا تكون محاولة دق أسفين في الموقف الموحد للأقليات القومية والدينية من الخلاف حول حقوقهم واستحقاقاتهم الدستورية ، لأنه من الجانب الأخر .. أكد احد النواب المسيحيين ان الازمة مستمرة وان حقوق الاقليات قد اصبحت في مهب الريح ... وبأن الكتل الكبيرة وخاصة الائتلاف والتحالف الكردستاني بدأت تنسقيات سرية جديدة لاحباط اي مشروع انقاذ لحقوق الاقليات التي تضمن لهم حصة في الانتخابات ، وما صرح به السيد هادي في ندوة " فكرية " بهولندا حين قال (ان المادة50 اجلت وستعود وان سبب اسقاطها هو الاقليات أنفسهم، لانهم مختلفين وغير متفقين مع بعضهم البعض ) يشير الى وجود هكذا تنسيق .. الى جانب الحقيقة التي يعرفها القاصي والداني حول ما حدث في رئاسة الجمهورية ومجلس النواب ، ادى لاحقاً الى الغاء المادة المذكورة بأغلبية مطلقة .
الشوفينية والغطرسة القومية صفات وسلوك يتصف به وتمارسه كثير من النماذج في الكثير من المكونات القومية بدون استثناء ، والمحاولة الأخيرة لأضفاء طابع شرعية صورية خادعة كحل لمشكلة تمثيل الأقليات العددية ، لا أعتقد انه يختلف جوهرياً عن تلك القرارات والممارسات الشوفينية والعنصرية لأنظمة مدانة ... هل نسينا أم نتناسى بأن نضالنا وتضحياتنا كانت من أجل تحقيق بناء الديمقراطية والمؤسسات الدستورية في دولة اتحادية " فدرالية " تشيع الحريات وتحفظ حقوق الأنسان وكرامته ... اهذا هو الأسلوب الأخلاقي لنكون صادقين في توجهاتنا الديمقراطية مع انفسنا وقناعاتنا .
كل القوى الوطنية المعارضة للنظام المقبور ناضلت وقدمت تضحيات جسام من أجل تحقيق نظام ديمقراطي يسود المجتمع ويتولى حل كل المشاكل الوطنية العالقة ويضمن الحقوق القومية والحريات الشخصية والمساواة الحقيقية المنصوص عليها في الوثائق الدولية بما فيها القضية الكردية التي هي بدورها جزء من القضية الوطنية العراقية بشكل عام ، وانا انطلق هنا من حقيقة ثابتة فرضها علينا الواقع الجغرافي الذي نعيشه ، حيث أننا كعراقيين اولاً نعيش على أرض واحدة مع اخواننا العرب في الوطن العراقي ، لذلك اجد ضرورة فضح وتعرية أي توجه أو محاولة لشق الصفوف وبذر عوامل التفرقة والتمييز مهما كان مصدرها .. لأن الحل الذي نريده أو المفروض ان يحتكم له الجميع هو ... توحيد الجهود لتأكيد الهوية الوطنية العراقية المستندة على فكرة المواطنة المتساوية ، بغض النظر عن الانتماءات القومية والدينية والمذهبية والسياسية – الفكرية ، مع احترام الخصوصيات المذكورة والتعامل معها كما في المجتمعات المتقدمة ، على أساس ان التعدد والتنوع ألاثني والديني والفكري يشكل إثراءً للمجتمع ، والتثقيف بالفهم السليم للترابط الوثيق بين النضال من اجل الديمقراطية في العراق وتمكين الشعب الكردي من تقرير مصيره بإرادته الحرة وكذلك لضمان حقوق الأقليات العددية ، عبر بناء الدولة الديمقراطية الاتحادية ، والتي عن طريقها يمكن ضمان الحقوق القومية و الثقافية والادارية للتركمان و(الكلدان الآشوريين السريان) الصابئة والأيزيديين والشبك وغيرهم ، عبر بناء الدولة الديمقراطية الاتحادية الحقيقية سيتم إزالة كل ما يسمم أجواء التنوع القومي والديني والفكري لشعبنا ، أن مزاوجة وصياغة رؤية وطنية ترسم أفاق التطور الأتي سياسيا واجتماعيا عبر خطاب سياسي يسعى لأيجاد مخرج وطني لكارثة لن يطول انتظارها في ظل القائم حاليا هو الحل الناجع .... و علينا كمسيحيين بشكل عام المطالبة دستوريا بحقوقنا مع باقي المكونات الأقل عدداً ، ورفض هذا الفصل الحقوقي المفتعل الذي يقدم لنا كما السم في العسل .. لأنه موجه لأضعافنا وليس حباً بنا ...

أو بالأحرى مثل ما كال أبو المثل ( هذه تشبه مثل عزيمة الحصيني .. واللكلك ) .


 

free web counter