ماجد فيادي
الأربعاء 9/6/ 2010
تجربة البرلمان السابق تفرضها الزعامات من جديد
ماجد فيادي
تعد الانتخابات إحدى أهم آليات الديمقراطية, يتم خلالها ممارسة حق دستوري في انتخاب ممثلي الشعب, من اجل الدفاع عن مصالحهم, بتشريع القوانين التي تنظم العلاقات بين المواطنين, وتوفير فرص عمل وحياة أفضل, لهذا يجري التأكيد على مواصفات ومميزات المرشح الذي ينتخبه المواطن لمدة أربعة سنوات.
نظراً لتجربة البرلمان العراقي السابق, في تقاعس عدد كبير من البرلمانيين عن تأدية واجبهم الوطني, الذي اقسموا عليه, وهم يجلسون في قاعة البرلمان دون أن ينبسوا ببنت شفة, في الدفاع عن مصالح الشعب الذي انتخبهم, عندما احتدت النقاشات وارتفعت الأصوات بين زعامات الاحزاب, مقترحين أو مطالبين بمصالح طائفية وقومية وحزبية, بعيدا عن مصالح الشعب العراقي وهويته الوطنية, جاءت مطالب الشعب العراقي للقائمة الانتخابية المفتوحة, حتى يتسنى له اختيار ممثليه القادرين على تمثيله في البرلمان القادم. وبالرغم من كل المحاولات للالتفاف على هذا المطلب الجماهيري, بإلغائه أو تعديله أو تقديم البديل له, كانت النتيجة أن أقر قانون الانتخابات بالقائمة المفتوحة, وهو نصر للجماهير على الساسة العراقيين, في محاولة للقفز على الطائفية والقومية والحزبية, وصولا للانتخاب وفق المصالح العامة.
للحد من نصر الجماهير, جرى التحكم بآلية الانتخابات من قبل القيادات السياسية, في تحويلها الى آلية ترسيخ واقع رفضته الجماهير العراقية, مستخدمة وسائل الإعلام للتركيز عليها دون غيرها, لهذا حشر باقي المرشحين في زاوية مكارم الفضائيات, التي تنتقي من تريد وتغيب من تريد وفقاً لمصالحها. حتى استخدام الصور الدعائية للمرشحين, تركزت بأعداد كبيرة على رموز معينة يقابلها صور بأعداد متواضعة لباقي المرشحين, هذا ما اشتركت به جميع الاحزاب, من حيث التخطيط لنفس الهدف أو لضعف القدرات المالية.
بعد إجراء الانتخابات جاءت النتائج مناقضة لهدف القائمة المفتوحة, عندما صوتت الجماهير لمعظم القيادات السياسية, صاحبة الحظوة الإعلامية, ترتب عليه دخول مرشحين للبرلمان العراقي حصلوا على أصوات قليلة جداً, اقتربت أو ابتعدت عن ألفي صوت, لأنهم انتموا للقوائم الفائزة, في حين استوجب دخول البرلمان بثلاثين ألف صوت تقريبا في المعدل.
هذا الواقع فرض حالة مستمرة لما جرى في البرلمان السابق, عندما دخل برلمانيين تحت عباءة القوائم التي حددتها الاحزاب مسبقاً, فغيبوا عن اتخاذ القرار, وكان تصويتهم تبعية لقرارات قياداتهم الحزبية, مقتنعين أو رافضين. استمرار الحالة جعلت من البرلمانيين الجدد ممن دخلوا بفضل الزعامات التي انتخبها الشعب, بلا موقف أو كلمة أو قدرة على المشاركة في اختيار رئيس الحكومة والوزراء والبرلمان, وهذا يفسر تلكؤ القوائم في التوصل لاختيار الرئاسات الثلاث, وينذر ببرلمان تابع للقيادات الحزبية نفسها.
هي دعوة لإشراك البرلمان في اتخاذ القرار, بعيدا عن المصالح الشخصية للقيادات السياسية في ترسيخ صورة الفرد المنقذ, القائد الضرورة, الذي عانى منه الشعب العراقي طويلاً. ولابد من التوجه نحو الديمقراطية الحقيقية للنهوض بالعراق, بفسح المجال لممثلي الاحزاب في النشاط وسط الجماهير للتعبير عن خططهم الشخصية, التي تتوالم واحتياجات كل منطقة, وفرد مساحات اكبر في إعلام الاحزاب للناشطين, والتوقف عن التركيز على زعاماتها, لكي تتمكن الجماهير من التعرف على مرشحيها وانتخابهم وفق مصالحها بعيداً عن الطائفية والقومية والحزبية. لكن هذا سيكون ناقصا فيما لو اعتمدنا القانون الانتخابي الحالي الذي ثبت فشله, في تقسيم العراق الى دوائر, فعدد المقاعد لا يتوالم وعدد الأصوات لكثير من الاحزاب المتنافسة, أما منح المقاعد الفائضة الى القوائم الفائزة الكبيرة, فهي سرقة لأصوات آلاف المواطنين, لكن من المهم في هذه المرحلة ونحن أمام ضعف في فهم الديمقراطية من قبل الشعب العراقي بالعموم والقيادات السياسية بالخصوص, أن يؤجل العمل بالقائمة المفتوحة, تجنباً لاستغلالها من قبل القيادات المتشبثة بالمصالح الشخصية على حساب المجموع.