نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد فيادي

saliem200@hotmail.com

 

 

 

 

الجمعة 7/4/ 2006

 

 



اللطم علاج سحري ,,, يعرفه العراقيون
 


ماجد فيادي

منذ طفولتي وأنا أشاهد الأفلام المصرية, يتكرر مشهد لا يخفى على احد, عندما يغمى على احد الممثلات اللواتي تقمن بدور أرستقراطي, بسبب موقف صعب تعرضت له, فيكون المشهد الثاني, طبيب أنيق الملبس يقول ( هي بحاجة الى راحة, أنا اديتها موهدء وهي حتبقى كويسة) ثم يكمل الطبيب ( هي تعرضت لانهيار عصبي, وأي تذكير لها بالموضوع حيسيئ لحالتها). لكني لم أشاهد في فلم مصري, أن تعرضت (ولية) الى انهيار عصبي, واغلب الضن أن (الولية) المصرية لكثر ما عانت في حياتها قد تعودت النكبات والفقر, لهذا سمية( بالولية) فهي بدل أن تفقد الوعي وتضعف أمام الظروف الصعبة, تولول لتفرغ شحنات الغضب التي تنتابها.

أما العراقيون والعراقيات, فقد ابتكروا وسيلة أفضل لتفريغ الشحنات, فالولولة تنفع أناس خبروا السلم والسلام عبر تاريخهم, مثل الشعب المصري, لكن شعب مثل العراق لم يعرف الهدوء يوما, فهو أما غازي أو مغزي, يحتاج الى وسيلة أكثر إيلاما للجسد والنفس كي تكون فعالة, هذه الوسيلة هي,, اللطم,,

اللطم فيه من تعذيب النفس ما يجعل الإنسان يشعر بتأنيب الضمير الذي يتبعه الراحة النفسية نتيجة عقوبة النفس, والألم الناجم عن اللطم يسحب ألم الرأس الى الجسد وتحديدا منطقة اللطم, كما أن فعل اللطم يريح الفرد من التفكير لأنه سينشغل بألم الجسد الذي تركز في منطقة الصدر بالنسبة للرجال وفي منطقة الوجه بالنسبة للنساء بعد ساعات من انتهاء اللطم, ومن فوائد اللطم أنه يضع اللطامة في جانب البراءة فهو قد قدم للمشاهد دليل الندم عما فعله وما لم يفعله, كما انه بواسطة اللطم يتقدم اللطام الى المشاهد بصورة البطل الذي يتحمل الأذية ولا يسقط مغما عليه كما هو الحال في الأفلام المصرية.

في الحقيقة ما يتعرض له الشعب العراقي على يد الغريب والقريب, اكبر مما تتحمله الولية المصرية أو الكدع ابن الصعيد, فالدكتاتور الذي ما يزال يتبجح أمام أهل الضحايا, والاحتلال الذي لم ولن يرفع أثقاله عن أنفاسنا, ثم الاحزاب العراقية التي لم تتفق منذ سقوط الصنم الى يومنا هذا, والجعفري الذي فصل كرسي رئيس الوزراء على مقاسه تماما, ما خلق مشكلة في العثور على كرسي جديد لرئيس الوزراء البديل, مما جعله يجد سببا جديدا لتمسكه بمنصب رئيس الوزراء, النفط الذي سرقه الدكتاتور والنفقات التي دفعت لشراء أسلحة الحرب العراقية الإيرانية, الثروات التي أنفقت على التصنيع العسكري وسرقاته, الأموال التي حولت الى حساب مصاصي دماء الشعب العراقي مثل برزان التكريتي وغيره من أتباع الدكتاتور ممن يستغلون هذه الأموال في تعبئة الارهابيين الى العراق لقتل المواطنين, ثم اليوم ونحن نرى النفط يباع بالساعة الزمنية وليس بمقياس البرميل, فخطة وزارة النفط التي تخسر يوميا بهذه الطريقة ( 15 مليون دولار أمريكي) لا تقبل أن تصلح العدادات التي تكلف في مجموعها ( مليون دولار أمريكي فقط) والعذر ( مو مشكلة عدنا هوايا نفط ), ولا ننسى القتل الذي يجري في الشوارع يوميا, بالرغم من تصريحات السيد وزير الداخلية بأن الوضع مسيطر عليه, وهذه المليشيات التي لم نعد نعرف لمن تعود أهي للشيعة أم للسنة أم للأمريكان أم للشيطان القادم من حيث لا ندري.

إذن العراقيون محقين في إتباع اللطم وسيلة للتخفيف عن معاناتهم, لهذا قررت أن ادخل دورة أتعلم فيها اللطم, فهو علم يدرس في مدارس إيرانية تنتشر في مدن كربلاء والنجف والناصرية والكوت لمن يريد أن يتعلمه, وبامكان طالب اللطم أن يختار أفضل مدرسي اللطم الإيرانيين لأنهم أصحاب خبرة طويلة في هذا المجال, كما أنهم يدفعون مبالغ معينة للطلبة تعينهم في شراء معدات اللطم, ومن يدري قد يفتح في العراق سوق رائج لبيع الزناجيل ( سلسلة معدنية تستخدم في المواكب الحسينية لضرب النفس ) والقامات ( آلة جارحة أشبه بالسيف تستخدم في ضرب الرأس خلال المواكب الحسينية) فيكون اللطم وسيلة لتوفير فرص العمل للعديد من العاطلات والعاطلين.

لابد لي ولكل مواطنة ومواطن عراقي أن يشكر السيد الرئيس صدام حسين على الورث الدموي الذي تركه لنا, كما لا ننسى أن نشكر المحتلين الأمريكان على الديمقراطية التي يلقنونها بالقوة وبواسطة الدبابة, واشكر الزرقاويين على الضحايا المدنيين الذين يسقطون يومين باسم الدين, ومن المهم أن اشكر أزلام صدام على وفائهم للقائد الضرورة في قتل العراقيين, أما الاحزاب العراقية العائدة بعد سقوط الدكتاتور على يد قوات الاحتلال ومليشياتها المسالمة فكل الشكر لهم, لأنهم لا يريدون تشكيل حكومة ذات طابع دكتاتوري على غرار حكومة صدام حسين المنتخب من قبل الشعب بنسبة تسعة وتسعون بالمائة, اشكر كل هؤلاء لأنهم دفعوا العراقيات والعراقيين على تعلم اللطم.

بعد كل هذا وذاك ألا يحق للمواطنة والمواطن العراقي أن يلطم, بدل أن يغمى عليه فيأتي طبيب أنيق يعطيه حقنة مهدأ ويقول انه تعرض الى انهيار عصبي, حينها يتحول الى فلم مصري وتضيع (الصاية والصرماية).