| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد فيادي

saliem200@hotmail.com

 

 

 

                                                                                      الأربعاء 7/12/ 2011

 

مهرجان الزهاوي ..المياه في نظرة القانون الدولي

ماجد فيادي

يواصل مهرجان الزهاوي اعماله من اجل  حماية بيئة وادي الرافدين والحفاظ على نهري دجلة والفرات من الموت، عندما اقام فعاليته الثانية تحت شعار ’’المياه في نظرة القانون الدولي” على قاعة جامعة كولون الالمانية يوم الجمعة 2 كانون الاول 2011 بعزف موسيقي للفنان لطيف الدبو لمقطوعات من وادي الرافدين، وكلمة ترحيب باسم الديوان قدمها الدكتور بدر الجبوري وكلمة ثانية قدمها البروفسور كيرك يونكر باسم جامعة كولون.

كانت المحاضرة الاولى للدكتور حسن الجنابي سفير العراق لدى منظمة الاغذية والزراعة التابعة للامم المتحدة (الفاو)، تحت عنوان "موارد العراق المائية، جفاف المنابع والمنافسة المستحيلة". استعرض خلالها نبذة مختصرة عن تطور ادارة الموارد المائية في العراق منذ تأسيس الدولة الحديثة حتى يومنا هذا، من خلال بناء السدود وتحسين شبكة الري والبزل، بالاضافة الى السياسة الخاطئة للنظام الدكتاتوري في تجفيف الاهوار لاسباب سياسية. شملت المحاضرة عرضا لمشكلات العراق مع الدول المتشاطئة ( تركيا وايران وسوريا) في ظل القانون الدولي والمعاهدات الموقعة، بالاضافة الى اساليب هذه الدول في التملص من مسئوليتها تجاه العراق، خاصة عندما انشغل  بحروبه الكارثية.

 تناولت المحاضرة مشكلة الامن الغذائي في العراق والمترتبة على ازمة شحة المياه في نهري دجلة والفرات وتجفيف عدد من روافدهما التي تقطع مسافات غير قليلة في الاراضي العراقية، خاصة وان العراق يعتمد على الري السيحي في سقي الاراضي الزراعية، مما ترتب عليه معاناة كبيرة للعوائل الفلاحية وتركها لموطنها الاصلي نحو المدينة، موضحا عدد من المشاكل التي يجب البحث بها واعادة النظر في قضايا اساسية تتعلق بإدارة الموارد المائية في الدستور العراقي الجديد وخاصة في ضوء المادتين 110 الفقرة الثامنة والمادة  114 الفقرة السابعة الخاصتين بالصلاحيات الحصرية للسلطة الاتحادية والصلاحيات المشتركة مع الاقاليم،  وهو موضوع ملتبس وبحاجة الى مراجعة وتعديل لأنه يقسم الموارد المائية الى داخلية وخارجية على عكس طبيعتها الهيدرولوجية حيث تعتبر الاحواض النهرية وحدة فيزيائية واحدة من المنبع الى المصب.

أشار الدكتور حسن الجنابي الى مسؤلية تركيا وسوريا في انخفاض منسوب نهر الفرات بسبب السدود العملاقة التي انشأتها تركيا على الفرات، ومذكراً ان تركيا ستحجب كميات كبيرة من مياه نهر دجلة فيما لو اكملت بناء سد اليسو خلال السنوات القليلة القادمة، اما ايران فقد اتبعت سياسة خطيرة بعد انتهاء الحرب العراقية الايرانية، في قطع انهار كبيرة كانت تصب في نهر دجلة وشط العرب، وتروي اراضي عراقية شاسعة قبل ان تصل نهر دجلة، مثل الوند وديالى والكرخة اضافة الى تحويل مجرى نهر الكارون.

وبيّن في معرض محاضرته مشكلة انخفاض منسوب المياه في دجلة والفرات والاهوار والبحيرات العراقية، وتأثيرها المباشر على مناخ البلد، بتوسع مساحة التصحر والزيادة الملحوظة في درجات الحرارة، وحصول العواصف الترابية، وانعكاس ذلك بشكل سلبي على المناخ.

جرى نقاش مهم من قبل الجمهور حول محاضرة الدكتور حسن الجنابي، كان نتيجته، أن العمل لا بد ان يتضاعف لحماية بيئة وادي الرافدين والحفاظ على  نهري دجلة والفارت من الموت، وان السايسة العراقية لا بد ان تسلك منافذ جديدة في تعاملها مع تركيا وايران وسوريا فيما يخص المياه.

قدم البروفسور كيرك يونكر القاضي الدولي بقضايا البيئة والمياه الدولية، محاضرته حول القوانين الدولية والمحلية للمياه وعلاقتها بحقوق الانسان، موضحا حاجة العالم الى تنظيم العلاقة بين الدول والشعوب في تقاسم الموارد المائية وفق نظم علمية وانسانية، تبعد العالم من شبح المجاعات والكوارث البشرية، كون الزيادة السكانية الحاصلة وما يرافقها من تطور في العلوم والتكنلوجيا والامكانيات المهولة في التلاعب بالنظام البيئي، قادرة على اخذ العالم الى حافة الهاوية، مذكراً بالقوانين الدولية التي تضمن توزيع المياه بالعدالة بين الانسان والحيوان والنبات للحفاظ على التوازن البيئي الذي يحتاجه الجميع.

اشار البروفسور كيرك الى أن القوانين الدولية للمياه لا تعترف بالحدود السياسية التي تتحجج بها الحكومات في سبيل خلق واقع جديد، يترتب عليه معاناة شعوب، مثلما هي الحالة في نهر دجلة والفرات، الخاضعان لسياسة دول المنبع، تركيا وايران، وما نجم عن سياستهما من اضرار كبيرة على الشعب والبيئة العراقيين. إن القوانين الدولية تحفظ حق الشعوب المقيمة على المسطحات المائية في استمرار حياتها، وان لا تتعرض للخطر نتيجة رغبة او مصلحة من دول المنبع لهذه المسطحات، كما انها تحفظ للانسان حق الحصول على مسكن وفرصة عمل تحقق له حياة كريمة.

قسم البروفسور كيرك القوانين الى محلية تستند الى المؤسسات الدستورية، واخرى مرتبطة بالمعاهدات الدولية الموقعة بين الدول عبر التاريخ، وثالثة  ترتبط بحقوق الانسان بشكل عام وتستند على قوانين الامم المتحدة، تضمن في مجموعها حق الحصول على مياه الشرب، سكن صالح للعيش، غذاء يومي كافي، عناية صحية، وفرصة تعليم، كل هذه الحقوق تضمنها الدساتير والمعاهدات الدولية وقانون حقوق الانسان، والاخلال باحد هذه الشروط يمكن الافراد والجماعات الى رفع دعاوى محلية ودولية للمطالبة بحقوقهم، وهذا ما يجب على الشعب العراقي القيام به على مستوى الفرد ومنظمات المجتمع المدني.

بعد هذا جرى حوار بين الجمهور والبروفسور كيرك، حمل فيه المتداخلون الحكومات العراقية المتعاقبة مسئولية التقصير في الدفاع عن مصالح الشعب، بتوقيع معاهدات تخل بمصالحه أو التقصير في دعم منظمات المجتمع المدني التي تناضل في سبيل حماية بيئته وموارده المائية، بالاضافة الى اهمال خلق قاعدة بيانات بتشجيع البحوث والاحصائيات بما يخص الاضرار الناجمة عن شحة المياه.

قدم البروفسور اندرياس رشكامر الماني الجنسية المحاضر في جامعة كولورادو الامريكية وجامعتي كولون وبون الالمانيتين وعدد من جامعات الولايات المتحدة الامريكية، وهو خبير معتمد في الامم المتحدة، محاضرته عن التغييرات المناخية وتأثيرها على البيئة الحيوية وانحسار مياه الشرب، بجفاف الانهار وتراجع مساحة المسطحات المائية، وعلاقتها بالسياسة الدولية.

ربط البروفسور رشكامر بين ما يحصل من تغيرات مناخية، والسياسات الدولية، المتمثلة في بناء السدود العملاقة، مثل مشروعي الكاب واليسو التركيين، وسد الامازون الكبير في البرازيل، وسدود اخرى منتشرة في العالم، موعزاً ان الاضرار الناجمة عن سياسات الحكومات تنعكس بشكل كبير على العالم باجمعه، وقراراتها لا تخص دولها فقط، لانها تادي بالنتيجة الى خلق كوارث، ترتبط بتجفيف المسطحات المائية وقطع الانهار، وتترتب عليها تغيرات مناخية، مثل التصحر وارتفاع الحرارة في مناطق معينة من العالم، ترافقها اضرار كبير في مصالح الشعوب التي تعيش على هذه المسطحات المائية او ضفاف الانهار.

مؤكداً ان منطقة الشرق الاوسط مهددة اكثر من غيرها في العالم بمشاكل المياه، بسبب السياسات الحكومية اللامسؤلة، وسط غياب رجاحة العقل امام مصالح سياسية آنية، وان الكثير من حكومات الشرق الاوسط تقحم قضايا المياه في صراعاتها السياسية مع بعضها، مثال ذلك نهري دجلة والفرات ونهر النيل.

وفي ختام محاضرته اشاد البروفسور رشكامر بمهرجان الزهاوي لحماية البيئة والحفاظ على نهري دجلة والفرات من الموت، معتبرا ان المهرجانات والمحاضرات التي تبحث في قضايا البيئة مهمة جدا للعالم، في رفع مستوى الوعي بمستقبل الكرة الارضية ومن يحيا عليها، عبر توفير اكبر قدر من المعلومات والارقام التي تضع الانسان في مواجهة مع اصاحاب القرار السياسي.

كانت نتيجة الفعالية لهذا اليوم، أن خرج المحاضرون والجمهور، كون عبور نهري دجلة والفرات للحدود، يجعلهما نهرين دوليين، تنطبق عليهما القوانين والمعاهدات الدولية، وما تتدعيه تركيا وايران كونهما نهرين محليين عاري عن السند القانوني، وان مياه الشرب والسقي من الحقوق المكفولة للانسان وفق قوانين الامم المتحدة، لهذا ما تقوم به تركيا وايران من حرف مجرى روافد النهرين وبناء السدود العملاقة عليهما، لا يعطي الحق للدولتين في قطع المياه عن الشعب العراقي بالطريقة التي تسبب الضرر ببيئة وادي الرافدين وتعطيل سبل الحياة، وان القرصنة التي تمارسها دول الجوار على حصة العراق المائية يجب التوقف عنها.

اما الملوثات التي ترميها الدول الثلاث في مياه النهرين، من مخلفات المدن والمصانع، يحملها المسئولية في تنقية المياه المعادة الى مجرى النهرين قبل التخلص منها، لان الملوثات تسبب في اضرار كبيرة ببيئة وادي الرافدين وما يعيش عليها، ويحمل الشعب العراقي خسائر بشرية ومالية كبيرة.

شخص الجمهور أن الدور الكبير للشركات العملاقة في خلق مناخ سياسي متأزم، تنفذ من خلاله في تقديم قروضاً مالية للحكومات في بناء سدوداً عملاقة، تعود عليها بالارباح الكبيرة، وربط تلك الحكومات ومن بعدها شعوبها بمصالح الشركات، التي تستثمر المياه العذبة في عملية البيع والشراء، واستغلال المساحات الزراعية الجديدة بحكم عدم ملكيتها لاحد، او اعادة ملكيتها بقوانين جائرة، كما تعمل هذه الشركات على استثمار اموالها في توليد الطاقة الكهربائية، خاصة وان الدول التي تبني السدود العملاقة لا تمتلك التكنلوجيا الحديثة في مجال الطاقة الكهربائية، انها عملية قرصنة على موارد ومقدرات الشعوب.

كل هذا يعطي الحق للشعب العراقي افراداً وجماعات، برفع دعوة ضد تركيا وايران، لانتهاكهما حقوق الانسان، عبر محكمة لاهاي والامم المتحدة.

اما النتيجة الاهم فكانت في الاعلان عن مبادرة انقذوا جنة عدن، التي ستواصل العمل بعد انتهاء اعمال المهرجان في الدفاع عن بيئة وادي الرافدين والحفاظ على نهري دجلة والفرات من الموت، والتي تتلخص في محاربة انشاء سد اليسو، والمطالبة باطلاق الحصة المائية المناسبة للشعب العراقي، من نهري دجلة والفرات، مع تعريف العالم بما ترميه الدول الثلاث، من ملوثات في النهرين.  

 

 

 

  

 

free web counter