ماجد فيادي
الجمعة 5/9/ 2008
رمضان ... الحكومة العراقية ... القنوات الفضائيةماجد فيادي
قبل أن يبدأ شهر رمضان, ظهر العديد من الإعلانات, عن مسلسلات عراقية تنتقد الحكومة أو تطرح تاريخ العراق الحديث أو الحديث جدا, بطريقة كوميدية أو درامية جادة وأحياننا كوميدية هابطة فنيا (جدا جدا), تفاوتت هذه الإعلانات بين عدد من القنوات الفضائية العراقية, القريبة من الحكومة والبعيدة منها, المحبة للشعب العراقي و الـ ...., المعلن عن تمويلها والمجهول مصادر إنفاقها, الموجودة داخل العراق والمتواجدة على أراضي عربية وغير عربية, اللاواقعية والنصف واقعية.
قبل أن نحكم على هذه المسلسلات بسبب توجهاتها السياسية والاجتماعية, لزم علينا أن ننتظر حتى تنتهي, لكن هناك قضية لا تحتاج هذا الانتظار, فالحكومة العراقية والأحزاب الداخلة في العملية السياسة قدمت مادة دسمة الى الفنانين وأنصاف الفنانين والدخلاء على الفن, لكي يعدوا ويقدموا هذا الكم من المسلسلات الناقدة والساخرة والمعترضة, حتى أصبح عدد منها نسخة مكررة لغيرها, هذا أيضا ليس موضوعنا وعلينا الانتظار لحين انتهاء شهر رمضان أو فترة منه.
هل ما تطرحه هذه المسلسلات حقيقة أم هي أحداث مفتعلة, تتحدث عن دولة عراقية غير موجودة على الأرض أو هي حالة افتراضية نابعة عن فنتازيا الفنان ؟؟؟ وحتى لا تكون الإجابة بعيدة عن الواقع ونقع في نفس السؤال من تقييم حقيقي أم لا, كوني أعيش في دولة أوربية بعيدة عن العراق, صار لابد من التوجه الى من يعيش على ارض العراق. كانت الإجابة الأسرع وبدون الحاجة الى التفكير والتأني, أن كل ما نشاهده هو حقيقة بل هو اقل من الحقيقة, فأن تعيش يوميا في العراق يعني أن تعيش الحدث وتكون جزء منه, انتم تتعاطفون معنا عندما نتحدث عن انقطاع الكهرباء في مناخ حار جاف تتجاوز درجات الحرارة فيه الخمسين مئوي, مع انقطاع مياه الشرب وانتشار الأمراض وفقدان الدواء, بطالة كبيرة في الأيدي العاملة, فقدان الأمل لدى خريجي الجامعات, انقطاع الطرق وزيادة كبيرة في الازدحامات, فساد إداري في دوائر الدولة, تعقيدات في المعاملات, وضع امني سيء وعندما يتحسن لا ترافقه إجراءات تكميلية للحفاظ عليه, غياب كبير لدور مجلس المحافظة, أحزاب متنفذة لخدمة مصالحها وتجاهل لحاجات المواطن, تراكم لدور المليشيات لم ينتهي حتى بعد مطاردتهم في كل العراق, أداء برلماني مخيب للآمال وسط أجازات طويلة الأمد ومواسم حج بالجملة, أما العلاسة فحدث ولاحرج, القائمة طويلة وما نقوله أو تقوله المسلسلات يبقى جزء من الحقيقة الأكبر في معانات العراقيين.
سألت, لكن الكثير ممن يطرح هذه الحقيقة, له أهداف مغرضة, يسعى الى إفشال العملية السياسية, وكان الى يوم قريب يمتدح الدكتاتور ؟؟؟
يجيب العراقيين المقيمين في العراق, لم يعد مهما من يطرح هذه الحقائق, لأننا سئمنا من هذا الخداع الذي يمارسوه علينا, حتى وصلنا الى اليأس من القوى السياسية, ما الفرق فيمن يطرح مشاكلنا وهل بقيت لدينا الرغبة في الدفاع عن من يتصارعون من اجل مصالح حزبية أو شخصية ويتركون الشعب في وضع مأساوي.
سألت, لكن يجب أن يكون هناك موقف من كل ما يجري ودفع العملية السياسية الى الأمام والتغيير لا يأتي في ليلة وضحاها, وأن ننتظر تحسن في الأوضاع دون تأثير الجماهير وممارسة ضغط على المسؤولين, يعد سذاجة سياسية ؟؟؟
يجيبون ألا تكفي خمسة سنين على سقوط الدكتاتور كي نتلمس التغيير وتوفير الخدمات, ألا ترون إحجام الناس عن التسجيل لدى المفوضية العليا للانتخابات, ما جدوى الدفاع عن هذه الاحزاب ونحن نعيش الحرمان, ألا ترى البنك المركزي متخم بالأموال العراقية في الوقت الذي يعيش فيه عراقيين بدون ما يسد رمقهم, ماذا نقول حتى نقول.
كل ما قيل من قبل العراقيين الذين يعيشون الواقع يبقى قليل, وكل ما قيل في المسلسلات العراقية على الفضائيات العراقية يبقى قليل, لكن هل الحل في الاستسلام الى الواقع المر الذي يعيشه العراقيين والابتعاد عن تأهيل من لم يحصل على فرصة لتقديم الخدمات للشعب العراقي من أصحاب الكفاءة والنظرة السياسية المناسبة لظروف الشعب العراقي ممن يمتلكون القدرة على نكران الذات.
قد يكون هذا الموقف نوع من العناد العراقي غير محسوب العواقب, أو هو يأس نتيجة انعدام الثقافة السياسية حسب الشروط الديمقراطية, وجهل لشروط اللعبة الانتخابية, وعدم معرفة في نتائج منح الصوت لأسباب دينية أو طائفية أو قومية, ربما هو جهل في نتائج الامتناع عن المشاركة في الانتخابات وترك الساحة للمتحزبين فقط, وصعود من لديهم الأموال التي ينفقوها على الدعاية الانتخابية , وقد يكون في النهاية معرفة الشعب أن الاحزاب التي تخلت عن مصلحة الشعب العراقي, سوف تدخل من الشباك بعد أن أغلق بوجهها باب عقول العراقيين.
في النهاية إذا وقعت الكارثة في وصول نفس النوعية من الأشخاص والأحزاب الى مجالس المحافظات, وبقى الأداء على ما هو عليه, وأصر العراقيين على إتباع مواقف سلبية تجاه مستقبلهم, ستستمر الفضائيات في تقديم هذا النوع من المسلسلات, وقد تسوء الأوضاع أكثر مما هو عليه الآن فيكون تأثير الفضائيات سلبي في تشجيع العراقيين على مقاطعة الانتخابات البرلمانية القادمة, ولو أصر العراقيين على تجاهل الايجابيات على قلتها سوف يحصرون أنفسهم في زاوية التشاؤم. لا افهم كيف يتوقع العراقيين أداء ممتاز ممن أنتخب وهو لم يمارس هذا النوع من العمل ولا يمتلك الخبرة, إضافة الى أن أغلب الاحزاب أو الكتل التي حصلت على أغلبية المقاعد في مجالس المحافظات والبرلمان لأسباب طائفية أو قومية, يفتقرون الى التقاليد الديمقراطية داخل أحزابهم. إن الطريق طويل ومحفوف بالمطبات السياسية, كما أن ضعف التجربة الديمقراطية في العراق لابد أن يكون لها نتائج عكسية حتى يتعلم الشعب العراقي ماذا يعني أن انتخب قائمة أو اسم دون الانتباه الى البرنامج السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمني له.