| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد فيادي

saliem200@hotmail.com

 

 

 

                                                                                      الأربعاء 4/4/ 2012

 

من أم المعارك الى قمة بغداد القائد ينتصر من جديد

ماجد فيادي

سمع وشاهد العالم عاصفة الصحراء، المعركة التي أعادت للكويت استقلالها عام 1991، عندما هُزِم الجيش العراقي على يد القوات المتعددة الجنسيات، كانت نتيجة المعركة أن دمرت الآلة العسكرية العراقية، وتفكك الجيش وعاد الجنود سيراً على الأقدام، عبر طريق الموت الذي غص بالعجلات والقتلى العراقيين، على أثرها انتفض الشعب العراقي ضد الدكتاتور، الذي لم ينقذه غير ”مستر يس“ الفريق سلطان هاشم، عندما وقع في خيمة صفوان على كل طلبات الأمريكان، ليسمحوا بعودة  آلة الموت في قمع الانتفاضة بكل وحشية.

ما أن استوت الأمور لصدام، حتى خرج علينا بتسمية أم المعارك على معركة عاصفة الصحراء، مدعياً أن الدول التي اشتركت في حربها على العراق ما كانت ستنتصر لو نازلته فرادى، وهو يطالب بأن يحصل على قطعة أرض يحارب فيها العدو الصهيوني ليمحيه عن بكرة أبيه، بعد هذا الخطاب شرعت كل الصحف العراقية والإذاعة والتلفزيون وهي تطبل للانتصار العظيم الذي لم يفهمه الشعب أبداً، راحت حناجر المغنين وآلات الموسيقيين وأقلام الشعراء، تغني وتعزف وتكتب لهذا النصر العظيم، والشعب يقف منزوياً متسائلا ما القضية ؟ فجيوش التحالف وصلت قريباً من بغداد، القتلى من الجيش العراقي بالآلاف، الهاربين من الحرب قادوا الانتفاضة، العراق أصبح تحت الحصار والاقتصاد نزل الى الحضيض... أسئلة كثيرة تتعارض ومفهوم النصر، حتى مل الشعب هذه الوقاحة وصار يتندر على أم المعارك بأم المهازل، أم المهالك، أم الهزائم والى ما ذلك من أوصاف ساخرة، لكن القائد الضرورة وحده مع آلته الإعلامية يحتفل بالنصر، إنه نصر البقاء على قيد الحياة وعلى رقاب العراقيين.

اليوم أصرت حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي على استضافة القمة العربية في بغداد، وبعد مماطلات وتسويف، عقدت في نهاية آذار بحضور عشرة رؤساء أغلبهم من دول غير مهمة، مثل جزر القُمر التي نسمع عنها في المؤتمرات العربية فقط، وغياب ملوك وأمراء ورؤساء الدول الأكثر تأثيراً في الواقع العربي مثل مصر والسعودية.

 دفع العراق ثمن هذه القمة باهضاً، بإطلاق سراح الإرهابيين، دفع تعويضات مالية ونفقات بملايين الدولارات، تنازلات أخرى غير معلن عنها، سلب راحة أهالي بغداد وقطع أرزاقهم وتكبيل حريتهم، بمنع التجوال وتعطيل الهواتف النقالة وإجراءات امنية أخرى، كلها من اجل تسعة رؤساء عرب، وقمة يطغي عليها ممثلين دون الصف الثالث في دولهم، وقرارات لا تختلف عن القمم سابقاتها.

الكارثة بعد كل هذه الصورة المتردية للقمة، نقرأ ونسمع ونشاهد تطبيل آلة الإعلام الموجه من قبل حكومة المالكي وبعض أحزاب السلطة بنجاح قمة بغداد، وغزل بالنتائج التي لم نلمسها، غزل يفوق الخيال. عودة العراق الى الحاضنة العربية، عنوان تكرر كثيراً، غريب متى كان التواجد على مقعد العراق في قمة الحكومات دليل على انتماء العراق للحاضنة العربية. بغداد قبلة ضيوفها، عنوان تصدر الفضائيات، متى كانت القبلة تدفع الرشاوى لحجاجها وتخضع لشروطهم. تغيير هيكلية الجامعة العربية، ورقة العراق التي ستطرح على الزعماء، لم تناقش هيكلية الجامعة ولم يحضر الزعماء. بحث الملف التجاري ودعوة الدول الخليجية للاستثمار في العراق، إذا كان قانون الاستثمار العراقي غير جاهز، كيف يدخل المستثمرين. حل المشكلة مع الكويت، هل الطرفين متفقين أن لا تحل المشاكل العالقة إلا في قمة بغداد، ما يعني أن الاثنين يتاجران بمعاناة العراقيين. عناوين فنتازية كلها تصب في الاستخفاف بالمواطنة والمواطن وكأن العراقيين نكرات ليس لهم إلا القبول بما يقوله القائد وجوقته الإعلامية.

إذا كانت تركة الدكتاتور من نوع أم المعارك، فلماذا تعملون بها. هكذا يستهان بالشعب العراقي وتداس كرامته وتسرق أمواله وتراق دمائه، لكي ينتصر الحاكم بأمره.

قمة بغداد بوري امرتب.     

 

 

 

 

  

 

free web counter