ماجد فيادي
السبت 28/8/ 2010
معصوم يعترف ضمناً بثقل منظمات المجتمع المدني
ماجد فيادي
صرح السيد فؤاد معصوم رئيس السن لمجلس النواب, أن تأجيل عقد جلسة البرلمان غير دستوري وتتحمله الكتل الفائزة, لأنها لم تقدم مرشحيها لرئاسة المجلس, وان سؤاله كان واضحا لجميع ممثلي الكتل الفائزة الذين أجابوه سلباً مما دفعه الى تأجيل الجلسة وإبقائها مفتوحة.
هذا التصريح ينطوي على الكثير من المعاني, أبرزها الدور الكبير الذي بذلته سيدات العراق ضمن مختلف منظمات المجتمع المدني, عندما رفعوا شكوى للمحكمة الدستورية ضد السيد معصوم, يحملوه فيها مسؤولية الخرق الدستوري باستمرار تأجيل عقد البرلمان لجلسته المفتوحة. فلولا هذه الدعوة المبنية على حق دستوري, لما خرج السيد معصوم معترفا بهذا الخرق, خاصة وقد أعلن قبل هذا العديد من البرلمانيين بشرعية الجلسة المفتوحة, تحت حجج وأعذار واهية ومختلفة, حرصا منهم على خداع المواطنة والمواطن العراقي, وتوفير الغطاء لما يقومون به من مخالفات لمصلحة الشعب العراقي.
دأبت أحزاب السلطة على مدى السنوات الثمانية الماضية, في تحجيم وإلغاء دور منظمات المجتمع المدني, شعوراً منهم وتحسباً للخروقات التي سيقومون بها تحقيقاً لمصالح حزبية وطائفية وقومية, فهم يعلمون أن الديمقراطية ودولة المؤسسات تفتح الباب أمام الجميع لمقاضاة الكبير قبل الصغير, هذا الدور تقوم به منظمات المجتمع المدني في كل دول العالم المتحضر, من هنا جاءت القرارات في إلغاء وتعطيل عمل النقابات, ومنع منح الرخص لمنضمات عريقة, على العكس من منحهم الرخص لمنظامتهم الوهمية التي تعمل على تجهيل الجماهير بحقيقة ما يجري على الساحة العراقية, والسعي لتبيض صورة أحزابها على طول الخط, لكن مسعاهم خاب فاليوم تقوم سيدات عراقيات رائعات من مختلف المنظمات بدور مهم, متحديات رموز السلطة التي تخرق الدستور.
المعنى الآخر لهذا التصريح, أن أحزاب السلطة غير قادرة على إلغاء منظمات المجتمع المدني, وأن لهم ثقل لا يستهان به مهما كانت إمكانياتهم ضعيفة ومواردهم المالية قليلة, خاصة وقد عملت الحكومة العراقية على تجريد هذه المنظمات من أرصدتها المالية, ومحاربتها بقوانين جائرة, لا تختلف كثيرا عن قوانين الدكتاتور. لكن المارد الذي يكمن في هذه المنظمات لا يمكن تحجيمه طويلا, خاصة إذا كانت أحزاب السلطتين التشريعية والتنفيذية تمارس الخروقات الدستورية, نتيجة تضارب مصالحها.
هذا التصريح يكشف النقاب رسميا عن الوجه الحقيقي للكتل الفائزة, التي أرادها الشعب أن تكون عوناً لهم في توفير فرص العمل وتوفير الأمن والأمان وبناء البنى التحتية, ووضع العراق على الطريق الصحيح, نحو مستقبل يستحقه شعب تحمل الكثير من ظلم الدكتاتور وقوات الاحتلال. إن الوجه الحقيقي لهذه الكتل لا يمكن وصفه بغير الانتهازي لمعانات الشعب العراقي والمتاجرة بها, والإصرار على تبوء المناصب الكبيرة, من اجل خروقات دستورية أخرى, والتستر في نفس الوقت على خروقات قديمة, وحرصا على إبقاء العقلية الطائفية والقومية حاضرة من اجل خداع الجماهير أطول فترة ممكنة, والتسلق على تجهيلهم لتحقيق اكبر المكاسب. كان من المفروض على السيد معصوم أن يكون وفياً للقسم الذي أداه وللشعب الذي انتخبه, بأن يرفض هذا التكليف مادامت الصورة واضحة أمامه ونوعية المشاكل, أو أن يضع الكتل الفائزة أمام واجبها الوطني بعقد الجلسة وتحميلهم مسؤولية القرار, لا أن ينقاد خلف مصالح قومية وطافية وحزبية, ويكون أداة لتنفيذ أهداف الكتل الفائزة.
تصريح السيد معصوم يضع المحكمة الدستورية أمام واجبها الوطني والدستوري, في الاعتماد على هذا التصريح, وإصدار حكمها بمخالفة شرعية الجلسة المفتوحة للدستور العراقي, ومقاضاة السيد معصوم وكل من وقف خلف هذا القرار, أو صرح بشرعية الجلسة المفتوحة من البرلمانيين, وادخلوا العراق في دوامة العنف والإرهاب, وتعطيل تقديم الخدمات, وتوفير فرص العمل والعيش الكريم, فإلى متى نبقى ننتظر قرار المحكمة والى من نقدم شكوانا فيما لو تلكأت المحكمة الدستورية في إصدار قرار لا يقبل الشك وسط اعتراف المشتكي عليه.