ماجد فيادي
الأثنين 28/6/ 2010
إعادة الانتخابات بدل المطالبة بالكهرباء
ماجد فيادي
تتصاعد التظاهرات الشعبية المطالبة بتحسين الكهرباء, وتتوسع دائرتها بين المحافظات, نتيجة التشابه الكبير في المعاناة, ولان التظاهر حق كفله الدستور, أصبحت التظاهرات الوسيلة الأمثل لإحراج الحكومة وأحزابها, وهو ما تنبهت له الجماهير الغاضبة من سوء الخدمات, فجاء خروجها ممزوج بالسخط على وزير الكهرباء والتحيز في توزيعها. لكن الحكومة الفدرالية والحكومات المحلية ردت, أن هناك جهات سياسية تسعى الى تصفية حسابات تقف وراء هذه التظاهرات, ساعية بذلك الى تحويل الموضوع من حقوق مطلبية جماهيرية الى قضية حزبية. في الحقيقة أن التظاهرات التي خرجت يقف ورائها جهات مختلفة تعلن عن نفسها مثل الحزب الشيوعي العراقي الذي اخرج تظاهرات سلمية عديدة وبمناسبات مختلفة, وأحزاب وتيارات تعمل بالخفاء عند الحاجة تسير تظاهرات غالبا ما تنتهي الى أعمال شغب وتحطيم ممتلكات الدولة, ولكي ننهي هذا الجدل في أهداف التظاهرات, لا بد من العودة الى أساس المشكلة, في أن المواطنة والمواطن يعانون من سوء الخدمات على كل المستويات, نتيجة سياسة أحزاب انتخبوها تحت تأثير أفكار واهية ارتبطت بالطائفية والقومية والحزبية, ثم عادوا مرة أخرى وانتخبوها في المجالس المحلية, وأعادوا الكرة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في 2010.3.7. من هنا تأتي المطالبة بتحسين الكهرباء واستقالة الوزير قاصرة, ولا تشير الى المشكلة الحقيقية, في أن المقيمين على الخدمات هم أساس المشكلة, ولكي يثبت من يعمل بالخفاء على حسن النية, وان لا يكون عمله موسمياً عندما تشتد الخلافات السياسية, أن يدعوا الى إعادة الانتخابات بدل انتقاء قضية الكهرباء دون المشاكل الأخرى مثل توفير فرص العمل والأمان وكل خدمات البنى التحتية.
تأتي الدعوة لإعادة الانتخابات, الى أن القوائم الفائزة تعرقل جلسات البرلمان وغير متفقة على تشكيل الحكومة, مما يؤخر تقديم الخدمات وتحديد المسؤول عن ترديها, ولان الانتخابيات أحيطت وتحاط بعيوب كثيرة وجب إعادتها للأسباب التالية :
1. شرعية الانتخابات ونزاهتها.
* قرار المحكمة الدستورية بإعادة العد والفرز لنتائج الانتخابات في مدينة بغداد. جاء القرار بعد عدد من الطعون والأدلة والوثائق التي قدمتها عدد من القوائم المشاركة, وبعد التأكد منها جاء القرار إنصافاً للمظلومين, لكن للأسف جرى الالتفاف عليه, بأن أهمل مطابقة السجلات مع عدد الاستمارات في كل محطة, مما أفرغ القرار من محتواه, وبالرغم من ذلك كشف عدد من حالات التزوير أدت الى تغيير ثلاثة نواب وإبعادهم من البرلمان, فماذا لو أعيد العد والفرز في كل العراق.
* قرار المحكمة الدستورية بعدم شرعية قانون الانتخابات في منح المقاعد التعويضية الى الكتل الفائزة. رغم أن القرار يعد انتصاراً للديمقراطية, لكنه جاء متأخرا ومتناقضا مع إحقاق الحق بأثر رجعي, حيث أبقت المحكمة على نتائج الانتخابات وتوزيع المقاعد الفائضة على الكتل الفائزة, على أن يعدل القانون في الدورة الحالية. مما منح الفرصة لبرلمانيين غير شرعيين من أداء القسم, علاوة على أن المشرعين لهذه المخالفة قد ضمنوا مقاعداً في البرلمان الجديد, فكيف يستوي أن يحافظ هؤلاء مجتمعين على الدستور.
* قانون الانتخابات الذي فصل على مقاس جهات دون أخرى, ورفض تشريع قانون الاحزاب. شرع البرلمان العراقي السابق قانون انتخابات على مقاس أحزاب بعينها, من اجل إبعاد القوى الديمقراطية, بحجج واهية أثبتت فشلها لاحقا مثل تقليل التنوع لتقريب وجهات النظر, كما كان الأثر السلبي الكبير على تجاهل قانون الاحزاب, في حصول خروقات أثارت التساؤلات حول مصادر إنفاق الاحزاب على دعايتها الانتخابية, وسط تبرير غير مقبول من البعض, في تبرع رجال أعمال لدعم هذه الحملات, دون تقديم كشوفات توضح ذلك.
2. سلوك القوائم الفائزة بالانتخابات, وعدم قدرتها على التوافق لانتخاب الرئاسات الثلاث.
* تدخل دول الجوار بالانتخابات العراقية. ليس أوضح من تصريح السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية من تدخل دول الجوار بالانتخابات العراقية, أكده هرولة الكتل الفائزة أو أحزابها بالسفر الى الدول الداعمة لها, في مشاورتها بالمواقف التي سيتخذونها لانتخاب الرئاسات الثلاث, وما تصريح إيران برفضها لعودة البعثيين الى البرلمان, وتصريح السعودية بسرقة المالكي لأصوات الانتخابات, والتسريبات الإعلامية عن التمويل المالي للكتل السياسية, إلا دليل على تدخل دول الجوار في نتائج الانتخابات .
* تمسك كل الأطراف بمطالبها, في تقسيم الكعكة, بغض النظر عن معاناة الشعب العراقي. تتمسك القائمة العراقية بكونها الفائزة بأكبر الأصوات وحقها في تشكيل الحكومة, يقابله موقف دولة القانون بتحالفها مع الائتلاف الوطني العراقي, وتشكيل الكتلة الأكبر الائتلاف الوطني, بالاعتماد على قرار المحكمة الدستورية, في أن اكبر كتلة هي صاحبة اكبر عدد من المقاعد في الجلسة الأولى, يرافقه موقف الكتلة الكردستانية بتمسكها بمنصب رئيس الجمهورية وتطبيق المادة 140 من الدستور. هذا التخندق جعل التفاهم بين الكتل الفائزة غير ممكن, لكن الأكثر غرابة أن كتلة الائتلاف الوطني تعاني من مشكلتين الأولى أنها لم تجد وسيلة دستورية لتسجيل نفسها, فهي غير مسجلة لدى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات, حتى طرقها باب المحكمة الدستورية لم يأتي بنتيجة, لهذا ما زالوا يدورون في حلقة مفرغة, المشكلة الثانية برغم كل تصريحات أعضاء الكتلة الجديدة, في قرب التوصل الى اتفاق, لكنهم لم يتمكنوا من انتخاب ممثلهم لرئاسة مجلس الوزراء, ويبدو أن الاتفاق اكثر من صعب بسبب اختلاف وجهات النظر والمصالح, حتى أن لجنة الحكماء لم تجد الحكمة التي تجمعهم وتمكنهم من الاتفاق على رئيس الوزراء, فما بالكم لو دخل الجميع على خط التفاوض لانتخاب الرئاسات الثلاث وعدد الوزراء ومن هم الوزراء, كم سنأخذ من الوقت.
* التشكيك بقرارات المحكمة الدستورية. أصبحت المحكمة الدستورية موضوع ضمن الخلافات بين الكتل البرلمانية, منها من يعتبره استشاري ومنها واجب الالتزام به, طبعا الجميع ينطلق من مبدأ المصلحة الذاتية, ضاربين عرض الحائط الالتزام بالدستور, لأنهم جميعا حديثي العهد بالديمقراطية, وكانوا قبل أيام يعتبرونها مصطلح غربي دخيل علينا, فإذا لم يلتزم البرلمانيون بقرارات المحكمة الدستورية, من سيكون الحكم بينهم.
* صلاحيات الحكومة الحالية بعد انتهاء مدة البرلمان السابق وانتخاب برلمان جديد. حاولت العديد من الاحزاب ترسيخ مبدأ حكومة تصريف أعمال بعد انتهاء الدورة الانتخابية السابقة, من مبدأ تحجيم رئيس الوزراء وإضعاف موقفه بين الجماهير, لأنه انقلب عليهم كونه مرشح تسوية, بعد تعطيل تشكيل الحكومة في البرلمان السابق, نتيجة الخلاف على شخص السيد إبراهيم الجعفري, كما أن انفراده بالسلطة, ومحاولة اجتذاب العشائر من حوله, وفوزه بعدد كبير من المقاعد في مجالس المحافظات, جعله خصما شخصيا بدل أن يكون حزبه منافسا لهم, بسبب هذا وذاك صارت الحكومة هدف للجميع في مسعى لتعطيلها, بغض النظر عن ما سيصيب الشعب العراقي من أضرار وسوء خدمات. هذه الأوضاع أدت أن تخرج المظاهرات مطالبة بالخدمات خاصة الكهرباء في مدن البصرة وبغداد والنجف, وتظاهرات أخرى للمفصولين السياسيين, وسيتبعها مظاهرات لأسباب أخرى نتيجة الحاجة والفاقة وتراجع الوضع الامني.
* الجلسة البرلمانية المفتوحة. لا يوجد في الدستور والنظام الداخلي للبرلمان ما يشير الى مفهوم الجلسة المفتوحة, ولان البرلمان مسلوب الإرادة من قبل الزعامات التي تبحث عن مصالحها, عقدت الجلسة الأولى لترديد القسم فقط, ووصفت إنها بروتوكولية لأنها لم تؤدي الغرض منها في انتخاب رئيس البرلمان, وتركت مفتوحة في التفاف على الدستور, لان الكتل غير متفقة على تقسيم المهام وانتخاب الرئاسات الثلاث.