ماجد فيادي
الخميس 27/4/ 2006
رحمة من العراق
ماجد فيادي
صادف أن سمعت هذه العبارة (رحمة من العراق) من قناة دبي الفضائية, فأثار انتباهي أن تأتي رحمة من العراق وهو الغريق في الاحتلال والإرهاب والمحاصصة الطائفية والعرقية والحزبية, فأية رحمة ممكن أن تخرج من هذا البلد, الذي لم يعرف تاريخه القديم والحديث السلم والسلام , بالرغم من اسم عاصمته مدينة السلام.
رحمة هو اسم فتاة في مقتبل العمر, تحمل جمالا رائعا يميزها عن غيرها ابتسامتها الرقيقة, يضاف له حلاوة صوتها الذي أهلها للاشتراك في برنامج نجم الخليج, هذا البرنامج الذي تنظمه قناة دبي الفضائية, والذي تحتاج فيه المشتركة والمشترك الى تصويت المشاهدين للاستمرار وصولا الى الحلقة الأخيرة وإعلان الفائز.
نسمع يوميا ونقرأ الكوارث تلو الأخرى, تلك التي يمر بها العراق, هذه الكوارث صنيعة العراقيين من إرهابيين بعثيين ودكتاتوريين جدد ومصلحيين وطائفيين وقوميين ( هنا الحديث عن العراقيين فقط), كلهم يعيشون في العراق, يشربون ويأكلون ويتنفسون من مائه وخيراته وهوائه, لكنهم يردون الجميل بالقتل وفرض الرغبات وتجاوز حقوق الإنسان وزرع الطائفية والقومية بشكل بغيض بين بنات وأبناء الشعب العراقي, أما رحمة تلك الفتاة الرقيقة ذات الابتسامة الساحرة والشعر الأسود والطول الممشوق, فهي التي تعيش في الإمارات العربية, لم تنسى إنها عراقية وتدين لهذا البلد والمجتمع بأنها تنتمي له مهما بعدت المسافات وطال الفراق, هي غير عنصرية لأنها تغني لمطربين ومطربات عراقيين وخليجيين دون تميز, لكنها تحتفظ بانتمائها العراقي.
في الوقت الذي يبادر قادة العراق الجدد الى خنق الثقافة وتسفيه الرياضة وتحقير الفنانين وإغلاق دور السينما والمسرح وقتل الأساتذة والعلماء وضرب طلبة الجامعات والمعاهد وزرع المفخخات في الحرم الجامعي وإجبار الفنانات والفنانين على هجر العراق نتيجة الإرهاب والترهيب, تظهر رحمة على شاشة الفضائية لتقول للجميع ،، أنا من العراق،، بلد الشعر والفن والغناء والمسرح والعلماء, أنا رحمة من العراق, العراق الذي لم تمنعه النوائب من إنتاج الفنانين والمبدعين والعلماء.
لنصوت جميعا الى ،،رحمة من العراق،، ليس فقط لصوتها الجميل, ولكن لأنها تمثل العراق في زمن يفترق فيه العراقيين, لنصوت لرحمة من العراق لأنها صوت يقف في وجه من يريد قتل الفن والفنانين, لنصوت الى رحمة من العراق لأنها النموذج الذي نريد أن يمثل العراق, لنصوت الى رحمة من العراق لأنها المستقبل الذي لن تستطيع الغربان أن تسرقه.
,,رحمة من العراق,, اسم يبعث على التفاؤل, في زمن فيه المتفائلين مجانين يسيرون في الشوارع.