ماجد فيادي
الأحد 26/9/ 2010
الإسراع في تشكيل الحكومة لم يعد طلباً مجديا
ماجد فيادي
خرجت قوى وشخصيات التيار الديمقراطي ببيانها الأخير في 2010.9.22 ببغداد مطالبة بالإسراع في تشكيل الحكومة, ضمن طلباتها في تحمل المحكمة الدستورية لدورها في الحفاظ على الدستور, والتهيئة لاعتصام في كل محافظات العراق, والمطالبة بإقامة انتخابات مبكرة. ولان الديمقراطيين بمختلف مشاربهم يتفقون مع هذه المطالب, أجد من الضروري التنويه الى موقف عدد كبير منهم ممن يعارض مطالبة كتل البرلمان في الإسراع بتشكيل الحكومة, ليس رغبة في تعطيلها بل لأنهم يجدون هذا المطلب غير مجديا من هذه الكتل تحديداً, ولأسباب عديدة.
واضح من أداء أحزاب وكتل البرلمان العراقي, أنها قدمت الدليل القاطع على انتهاكها للدستور العراقي, في الوقت الذي يجب عليها أن تكون الحامي الأول له, استناداً للقسم الذي أدته, لكنها وفي خطوة لها سوابق, تصر على تجاهل كل الدعوات لاحترام الدستور والتأسيس لمفاهيم لا تختلف عن ما كان يقوم به النظام الدكتاتوري الساقط, لتستمر مهزلة الجلسة المفتوحة الى اجل غير مسمى.
تأكيد وتركيز الحوارات بين كتل البرلمان على من سيرشح رئيساً للوزراء, مؤجلين كل ما يخص إسلوب إدارة الدولة الى ما بعد التوافق على المناصب الرئاسية الثلاث, هذه الحالة لها أسبابها, فقد عرفت الكتل وبالتجربة, أن من يصبح رئيساً للوزراء يحصل على تأييد الجماهير المتعطشة لأبسط الخدمات, هذا ما حصل مع السيد اياد علاوي والسيد إبراهيم الجعفري و السد نوري المالكي, الذين حصلوا على أعلى الأصوات, في الوقت الذي لم يعرفهم الشعب قبل تبوئهم لهذا المنصب من قبل.
تقديم المصالح الحزبية والشخصية على مصالح الشعب, عندما يصر كل طرف على مرشحه لرئاسة الوزراء, في ظل تأكيد كل طرف على رفضه لمرشح الطرف الثاني, وسط إصرار الجميع بالأحقية في منصب رئيس الوزراء, ورفض الجميع التنازل وتقديم مرشح بديل لإنهاء عقدة لا بد من تجاوزها, رأفةً بالشعب العراقي.
بعد هذا والكثير مما اطلع عليه الشعب العراقي قبل إجراء الانتخابات وبعدها, أصبح من غير الممكن أن نثق بهذه الاحزاب والكتل, ونأتمنها على مصالح الشعب, وهي تتصارع من اجل نفوذها المقرون بالعديد من الأدلة على الفساد المالي والإداري, وإن قبول أي طرف بالطرف الأخر لا بد أن يبنى على تنازلات تتوالم وطبيعة هذه الأطراف, من نكران لمصالح الشعب وتفضيل لمصالحها الشخصية, كيف نتوقع من هذه الكتل إنها لن تعرقل بعضها البعض, وقد قامت بهذا الدور مع الحكومة الحالية.
لهذا لم يعد واجب قوى وشخصيات التيار الديمقراطي أن تدعو الى الإسراع بتشكيل الحكومة, لأنها تمهد بذلك لمرحلة نضالية جديدة في الدفاع عن حقوق المواطنة والمواطن العراقي, التي ستنتهك بسبب المحاصصة الجديدة, من قبل الحكومة المشكلة وفق مصالح أحزابها وليس مصالح شعبها, بدليل المضايقات التي تمارس ضد ممثلي قوى التيار الديمقراطي التي تحاول تنظيم تظاهرات سلمية للإسراع في تشكيل الحكومة, كما إن الشعب العراقي سوف لن يثق بقوى وشخصيات التيار الديمقراطي, لأنها دعت أحزاب وكتل معروف لها كيف ستعمل والى أين ستذهب بالشعب, في الإسراع بتشكيل حكومتها العرجاء.
إن المطالبة في الإسراع بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة, ليست مهمتنا ألآنية, بل المطالبة في احترام الدستور ورفع الدعاوى ضد منتهكيه, وكشف كل ما يدور خلف الأبواب المغلقة, من محاصصة طائفية وقومية وحزبية, الدفاع عن حقوق الإنسان, المطالبة بتقديم الخدمات, تأسيس وتطوير البنى التحتية, التركيز على العابثين بأمن المواطنة والمواطن, فضح كل أنواع الفساد الإداري والمالي, الدعوة لتطوير التعليم, الإشارة لكل مسببات التلوث البيئي, الذي يشكل خطر على الجميع, والدعوة الى إزالته, العمل على إعادة الكفاءات العراقية المهاجرة, وتوفير كل المستلزمات لبقائها, الدعوة لتوفير فرص العمل, والاستثمار في تطوير الموارد البشرية, المطالبة في تطوير قانون الاستثمار الأجنبي لتوفير اكبر عدد من الوحدات السكنية لتغطية حاجة الشباب المقبلين على الزواج, وزيادة فرص العمل.
تطول قائمة الأولويات التي تسبق المطالبة بتشكيل الحكومة, ولعل سائل يقول من سيقوم بكل هذه المطالب إذا لم تتشكل الحكومة, والجواب أن هذه المطالب لن تتحقق على يد حكومة محاصصة, لهذا يكون العمل على توعية المواطنة والمواطن الذين خدعوا بالأحزاب الطائفية والقومية, أن مطالبهم لن يحققها هؤلاء, بل أن التيار الديمقراطي هو اكثر القوى حرصاً على تحقيقها, وأن نرسخ في عقليته انتخاب البديل الديمقراطي, للخروج من مأزق الانتماء لدول الجوار.
لقوى وشخصيات التيار الديمقراطي, أن لا تجعل من المطالبة بالإسراع في تشكيل الحكومة, خطوة تبعدهم عن الجماهير المحرومة من مقومات الإنسانية, فقد طالبت بما فيه الكفاية دون استجابة, وأن لا تقبل أن يقارنها احد بمن تنصل عن وعوده قبل الانتخابات, ويهدر الوقت وسط سيل من دماء العراقيين, غير مبالي سوى بمصالحه الضيقة, كما لا يتحمل التيار الديمقراطي مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة, لأنه ببساطة ليس طرفاً في البرلمان, ولابد من الانتباه أن البيانات التي يصدرها التيار الديمقراطي لن تصل الى القاعدة العريضة من الجماهير, مما يدعو الى توزيعها في الشوارع ودوائر الدولة والمعامل, من اليد الى اليد, تعويضاً عن ضعف إعلامنا, وأكثر حميمية مع الجماهير, أما القيام بتظاهرة يحاصرها الإعلام الموجه ضد التيار الديمقراطي, يمكن تعويضها بنشاط للشبيبة, بان تأخذ مكبر الصوت وتقيم حلقات حوار في الشوارع والمتنزهات والمقاهي, تنظيم إضرابات عن العمل عبر النقابات, التي تكون اكثر تأثيراً وملموسية من قبل الجماهير, رفع الدعوى ضد أعضاء البرلمان والوزراء وكبار المسؤولين اشد تأثيراً من افتتاحية جريدة أو بيان.