نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ماجد فيادي

saliem200@hotmail.com

 

 

 

 

الأحد 23/4/ 2006

 

 

 

أيها العراقيين مولودكم ذئب ملثم



ماجد فيادي

بعد انتظار طويل تمخض الفيل العراقي ذئبا ملثم, وأعطوه اسما فضفاض هو الوحدة الوطنية, لا يستند هذا المولود على الطائفية كما يدعون, لكنه يمتلك رأس شيعيا وذراعيين سنيتين وساقين كرديتين, المولود ذكر لان العراقيين الجدد يعتبرون المرأة عار أو من الصف الثاني, أما العلمانية فهي الجنين الذي حلل المسلمون إجهاضه, استنادا الى الشريعة المحمدية, وكل من ينادي بحق هذا الجنين في الحياة تحل عليه أللعنة.

بعد أربعة اشهر وانتظار تخلله العديد من الضحايا, موتا , معوقين , بطالة , مرضى أو مهاجرين, لم يتنحى الجعفري عن منصبه الذي اختاره الله له, بل أعاد الترشيح الى قائمة الائتلاف العراقي(( الموحد)) كي يتم ((انتخاب)) المالكي رئيسا للوزراء, وهو الذي سماه رئيس الجمهورية بـ ( الاسم النضالي), كيف جرت الصفقة حول المناصب الرئاسية الثلاث.

بعد أن كان الاتفاق بين القوائم الثلاث ( الكردستانية والتوافق والعراقية) على العمل سوية في تحرير منصب رئيس الوزراء من قبضة السيد الجعفري, استغلت قائمة الائتلاف العراقي الموحد, عدم مصداقية قائمة التوافق العراقي وامتدادها الديني الطائفي كي تخرج القائمة العراقية من أي دور في الحكومة القادمة, وبما أن القائمة الكردستانية لا تستطيع تغير الواقع داخل البرلمان, ولأنها تبحث عن مخرج سريع فقد ضاع صوتها هنا, لتبقى القائمة العراقية وحيدة في الساحة وغير قادرة على تحقيق شيء, جرت الصفقة بطريقة دراماتيكية, فقد تصاعدت شدة الحدث, وعرضت الصفقة كما يلي

بعد اقتناع السيد الجعفري بأن لاحظ له في رئاسة الوزراء, ولكي يوافق الائتلاف على هذا التنازل, بعد كل ما أشيعة من أن تنحي الجعفري يعني نهاية الائتلاف, صار الثمن إقصاء القائمة العراقية, الخطر الأكبر على الفكر الديني الطائفي, فوجدت قائمة التوافق العراقية, أن الفرصة مواتية لها في الحصول على منصب إضافي يجعلها ندا لقائمة الائتلاف العراقي, فهي تحصل الآن على مناصب تساوي مناصب الائتلاف في مقاعد الرئاسة الثلاث ونوابها, أما اتفاقاتها مع القائمة العراقية فيمكن الترحم عليها غير نادمين, كيف لا يكون هذا من قائمة متحدثها الرسمي ظافر العاني, الذي كان ليوم قريب بوق النظام البائد لقائده الضرورة صدام حسين, وإلا بماذا نفسر مسرحية الاعتراض من قائمة الائتلاف العراقي الموحد على طارق الهاشمي مرشحا لمنصب رئيس مجلس النواب, وقبولها ترشيحه نائبا لرئيس الجمهورية.

إن القائمتين ( الائتلاف العراقي الموحد وقائمة التوافق العراقية) تقتاتان على المد الطائفي الذي اخترعاه وغذياه كي يصلان الى مجلس النواب, أما الأساليب اللاشرعية التي استخدمتها القائمتين في الانتخابات الأخيرة, فهي دليل على النهج اللاديمقراطي لديهما, فالقتل وحرق المقرات والتهديد والإجبار واستغلال دور العبادة, تجعلنا لا نستغرب من أي فعل تقوم به هاتين القائمتين. الكل يعلم أن الأربعة سنوات لم يتبقى منها غير ثلاثة سنوات ونصف, هذا إذا تمكن السيد المالكي من تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن, والتحديات كبيرة, من إرهاب الى سوء خدمات الى فساد إداري وكره جماهيري بين الطائفتين الشيعية والسنية ( هذا حصاد زرع الاحزاب السياسية الطائفية) الى مراكز قوى داخل كل وزارة ودائرة حكومية, قوات الاحتلال ومطامعهم, والعديد من المشاكل التي لا حصر لها, ضيق الوقت وكثر المشاكل يعني للقائمتين أن احتمال تحسن الأوضاع غير وارد لما تبقى من عمر الحكومة القادمة, مما يعني لهما أن الحل هو الإبقاء على التنازع الطائفي كوسيلة يمكنهم في البقاء بالسلطة خلال الانتخابات القادمة, وهذا يعني أنهما ستعملان على إثارة المشاكل في أماكن تواجد الطرف الآخر قدر ما تستطيعان لإبقاء الطائفية شاخصة في أذهان الجماهير, وسوف يدعمان أية فرصة لتركيز وتقوية مراكز القوى إن كانت عبر المليشيات أو في دوائر الدولة, وسوف لن يسمحان الى أية فكر علماني بالظهور أو العمل مهما كانت النتائج وأين كانت الوسيلة, والبادرة كانت في إبعاد القائمة العراقية من المناصب الرئاسية الثلاث ونوابها.

على الجماهير العلمانية أن تعي جيدا أن فسحة الأمل تضيق, وإمكانية الحصول على فرص يقدمون أنفسهم من خلالها الى الجماهير صارت أقل, والمتربصين بالعلمانيين صاروا أقوى, ولا يمكن لأحد أن يتوقع ما شكل الاتفاقات التي ستجري بين الطائفيين ضد العلمانيين, هنا اذكر بحديث السيد علي الدباغ في أكثر من لقاء تلفزيوني حيث قال, أن الشيعة والسنة تجمعهم أشياء أكثر مما تجمعهم بالقوائم الأخرى, التجارب كلها تشير الى ضرورة تجاوز الخلافات بين العلمانيين من اجل خلق تيار قوي يؤمن بالتعددية واحترام حقوق الإنسان وتبادل السلطة سلميا واحترام الدستور على انه الحكم الفصل بين بنات وأبناء الشعب العراقي, وان تعمل القوى العلمانية على امتلاك فضائية تبث من خلالها الأفكار التقدمية أسوة بالدول المتقدمة, وإن التعددية في الاتجاهات والانتماءات الأيدلوجية فيه فائدة أكبر من مضاره, والابتعاد عن الاتهامات أو البحث عن حجج في الماضي يوفر فرصة للتضامن والوقوف بوجه الطائفية البغيضة, وأن يعمل النواب العلمانيين كمخبرين ينقلون كل شيء الى الجماهير العراقية, وان لا يترددوا في استغلال الكاميرة في جلسات مجلس النواب لفضح كل مسؤول مقصر أو مخالف للقانون, وإقامة لقاءات عامة يجري حمايتها بالمجهود الذاتي, والاستفادة من تواجد الوزراء أو وكلائهم من القائمة الكردستانية لكشف الخروقات القانونية في الوزارات, تكثيف التعاون مع الفضائيات العربية لتوصيل وجهات النظر وفضح المقصرين مهما كانت مناصبهم. باختصار يجب العمل بمجهود مضاعف من اجل إخراج العراق من التقاسمات الطائفية.

الطائفية هذا الذئب الملثم, يخفي أنيابه بواسطة العبارات المنمقة, لكنه يحتاج دائما الى ضحايا كي يستمر في العيش, واليوم وجبته المفضلة والملحة هم العلمانيين.