ماجد فيادي
الاحتفال بذكرى 14 تموز وخمسين عاماً على رحيل جواد سليم
ماجد فيادي
احتفل اعضاء واصدقاء الديوان الشرقي الغربي في مدينة كولون الالمانية يوم السبت 16 تموز، بذكرى ثورة 14 تموز المجيدة ومرور خمسين عاماً على رحيل الفنان العراقي جواد سليم، في امسية تناولت فيها الزميلة آيار والزميل د. بدر الجبوري ظروف واسلوب تنفيذ نصب الحرية في ساحة التحرير لجواد سليم ومعاني قطعه الفنية، كذلك نصب الجندي المجهول في ساحة الفردوس الذي صممه الفنان العراقي رفعت الجادرجي.
اوضحت الزميلة آيار انها اتصلت بالفنان رفعت الجادرجي واستفسرت منه عن ظروف تصميم النصبين، حينها أكد لها أن عبد الكريم قاسم كلفه بالتخطيط لثلاثة نصب تقام في مدينة بغداد تخليداً لثورة 14 تموز، فبادر بالتخطيط الاول لنصب الجندي المجهول بشكل الطوق، ومن ثم وضع المخطط الاول لنصب الحرية على شكل لافتة، ثم اكمل حديثة عن لقائه بعبد الكريم قاسم صبيحة اليوم الثاني وعرضه للمخططين وحصول الموافقة عليهما.
اكد الجادرجي أنه اتصل بصديقه جواد سليم وعرض عليه ملئ اللافتة بعمل يجسد ثورة 14 تموز، فقال له أن هذا العمل لم يكرر منذ عهد الاشوريين، ثم بدأ بوضع التصاميم له. وفي سؤال الزميلة آيار فيما لو طلب منه عبد الكريم قاسم وضع صورته على الجدارية، قال أنه لم يطلبها مباشرة ولم ينطق بها، غير أنني فهمت ذلك من حديثه معي عندما قال، الجدارية لا توضح الثورة بشكل حقيقي، ثم شرح لي كيف قام بالسيطرة على بغداد، وفي نهاية كلامه قال لي، هل فهمت؟ عندها قلت لا. لكن محاولات من اخرين كانت تنطلق بوضوح لوضع صورة عبد الكريم على الجدارية، لم تلقى صداً مني، فقد استشرت والدي كامل الجادرجي فيما لو وضعت صورة عبد الكريم على الجدارية ماذا سيحدث، فقال مع اول انقلاب سوف يتم تفجير الجدارية انتقاماً من عبد الكريم. أما ما وصل الى مسامع جواد سليم من رغبة عبد الكريم في وضع صورته على الجدارية فقد كان بسلوك فردي من قبل السفارة العراقية في روما، وقد جن جنونه لهذا الطلب، عندها سألني فيما لو كان الطلب حقيقي، قلت له انني التقيت عبد الكريم ولم يطلب ذلك. ثم تنقلت الزميلة آيار في حديثها عن مكان وطريقة اختيار الساحتين واسلوب التنفيذ، الذي استعين لاجله بخبير ايطالي لاجله، وما يعانيه النصب اليوم من مشاكل ومخاطر وسط اهمال من قبل حكومة الدكتاتور الساقط الى يومنا هذا.
تناولت الزميلة آيار حياة وعائلة الفنان جواد سليم، والجو الفني الذي ولد فيه، من اخوة واخوات فنانين. في سؤالها لرفعت الجادرجي عن رأيه بالفنان جواد سليم، قال أنه لم يتعرف على فنان في الوطن العربي أو خارجه يحمل كل هذه الثقافة الفنية بالرسم والموسيقى والتاريخ، كما أنه انسان مرهف الاحساس، يتعامل مع الاشياء بجمال، يذكر الجادرجي أن جواد سليم كان يأخذه في معارض فنية فيوقفه عند كل لوحة ليشرح له عنها ما لاقل عن الربع ساعة، مما يدل على حقيقة الثقافة التي يحملها هذا الانسان.
تقول الزميلة آيار ومن خلال بحثها، أن جواد سليم في حديث له، كان يحب أن يعيش الحياة بحلوها ومرها، وهو على قناعة أنه سينجز عملاً مهماً وخالداً يموت من بعده، وهذا ما حصل ففي يوم وضع القطعة الاولى من نصب الحرية رحل جواد سليم عن الحياة ليبقى في ضمير الشعب العراقي الىى الابد.
بعدها تناول الزميل الدكتور بدر الجبوري، نصب الحرية في شرح استقاه من كتاب الاديب جبرا ابراهيم جبرا، صديق جواد سليم، وقد بدأ كلامه بكلمة الحرية واصولها السومرية، وكيف تكتب، ثم تناول النصب المتكون من 14 عشر قطعة فنية تمثل ثورة 14 تموز، وهو يقرأ من اليمين الى اليسار كما هي اللغة العربية، اما القطع فهي (( الحصان، رواد الثورة، الطفل، الباكية، الشهيد، أم وطفلها، المفكر السجين، الجندي، الحرية، السلام، دجلة والفرات، الزراعة، الثور، الصناعة))، هذا الشرح فتح باب الحوار بين الحضور ومفهوم كل منهم للقطع الاربعة عشر. نظراً لارتباط نصب الحرية مع ذكريات العراقيين، راح الجميع يناول ذكراته ورغبته في الحفاظ على النصب، كشاهد على حضارة ومعاناة ومنجزات الشعب العراقي، فالنصب يحوي معاني كثيرة تشير الى تاريخ العراق منذ السومرين الى يومنا هذا.
من الحقائق التاريخية التي تناولتها الامسية، أن البعثيين بعد انقلاب شباط الاسود 1963 قد دققوا في حسابات الصرف على تنفيذ نصب الحرية فلم يجدوا ما يدين الفنان رفعت الجادرجي أو عبد الكريم قاسم لكي يشهروا بهما. وضع نصب الجندي المجهول في ساحة الفردوس جاء على رغبة من عبد الكريم قاسم، فقد كانت البوابة التي مر بها الثوار لاحكام السيطرة على بغداد، وهي نفس الساحة التي اعلنت فيها قوات الاحتلال سقوط تمثال الدكتاتور. نصب الحرية جاء معبراً عن تاريخ وحضارة وبطولة الشعب العراقي، ولم يكن منجزاً لفرد سياسي. ساحة التحرير التي انطلقت منها اول مسيرة جماهيرية بعيد العمال العالمي في 1959 بتجاه الباب المعظم، تشهد اليوم تظاهرات شباب ساحة التحرير. شعار ثورة 14 تموز هو الشعار الوحيد في عمر الجمهورية الذي جمع كل العراقيين دون تمييز.