ماجد فيادي
الأربعاء 14/10/ 2009
الحزب الشيوعي يرمي أحجاراً في المياه الراكدة
ماجد فيادي
لا تزال حركة الجماهير العراقية خجولة في إطار الدعوات المطلبية, لتحسين الخدمات والبنى التحتية وإقرار الحقوق الفردية, خاصة في ظل الحصار المفروض على منظمات المجتمع المدني واشتداد الأعمال الإرهابية دون استبعاد مواطنة أو مواطن عراقي, خاصة والعديد من الأحزاب والتيارات العراقية تستغل حاجة الجماهير في تعبير عما حرمها منه النظام الدكتاتوري, لما يصب في مصالحها الدينية الطائفية والقومية والأيدلوجية الضيقة, حتى صارت العملية في مرحلة ما, إخراج الجماهير بزي موحد في رسالة مليشاتية إرهابية, الهدف منها فرض الواقع البديل لغياب السلطة الحكومية أو ضعفها بسبب إدارة الحاكم المدني بول بريمر, في تعطيل دعم العراق لإنشاء جيش وشرطة متطورين, أو زج الجماهير بالترغيب والتحريض عبر المعتقدات الطائفية لإخراجها حشودا, مترجمين هذه الحشود أنها مؤيدة لهذا الطرف أو ذاك, استناداَ لقدرتهم في استخدام إعلامهم الممول من الخارج لذر الرماد في العيون, وإظهار ما تقوم به الجماهير إنما هو واجب وتكليف شرعي, أو تحشيد الجماهير وجمع التواقيع المليونية من اجل حقوق قومية الغاية منها رفع الحس القومي وإبراز العضلات لإخافة الطرف الآخر.
اختلف الموقف مع الحزب الشيوعي العراقي وما نضمه من تظاهرات سلمية محسوبة من الناحية الامنية, ومخطط لها بشكل جيد حفاظا على الوعي الجماهيري والجانب الامني, فقد دأب الحزب على تنظيم التظاهرات المطلبية, سعيا الى استرداد الحقوق الضائعة وسط قوانين موروثة من نظام دكتاتوري, أو قوانين بريمر الحاكم بأمره, أو دستور ممزق بين رغبات أحزاب طائفية وقومية, أو لجان لها أول ليس لها آخر يخترقها البعثتين الصداميين بشكل رهيب, أو فساد سياسي جاءت به أحزاب تبحث عن مصالحها قبل كل شيء, أو فساد مالي ورثناه من النظام المقبور وتفشى أكثر في ظل الاحتلال والفوضى, من هذه التظاهرات المطلبية, الإضراب الذي قامت به نقابة المعلمين والذي لعب فيه الشيوعيون دورا كبيرا جداَ, احتجاج طلبة الجامعة المستنصرية الذي ساهم فيه الطلبة الشيوعيين بدور رئيسي, تظاهرات طلبة كلية الهندسة جامعة البصرة ضد الإرهاب الفكري الذي مارسه ضدهم جماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر, احتجاج عمال نفط الجنوب وطلباتهم لتحسين وضعهم المعاشي, تظاهرات تدعو الى تغيير عدد من القوانين الظالمة لحقوق المواطنة والمواطن على مر السنوات الماضية, مسيرات توعي بالخط الوطني لثورة 14 تموز المجيدة, تظاهرات تدعو الى إلغاء هيمنة وتسلط الحكومة العراقية منذ عهد الدكتاتور الى يومنا هذا على منظمات المجتمع المدني عبر قوانين جائرة, والكثير من هذه التظاهرات والاحتجاجات والمسيرات مثل عيد العمال ويوم المرأة وانسحاب قوات الاحتلال من المدن العراقية, ولعل آخرها وأبرزها أهمية هو تحشيد جماهير الرصافة وجماهير بغداد الجديدة التي خرجت بتنظيم من منظمتي الحزب الشيوعي العراقي, مطالبتين بتحسين الخدمات وإقامة البنى التحتية وتقديم الخدمات الخاصة بالمناطق التي خرجت جماهيرها محتجة ومطالبة.
لعل ما يميز تظاهرة الرصافة وتظاهرة بغداد الجديدة إنهما تشتركان فيما يلي :
1. نظمتا من قبل الحزب الشيوعي العراقي, وهذا يعني أن للحزب قواعد قادرة على تحشيد الجماهير لاغراض مطلبيه, عندما تتاح للقاعدة الظروف المواتية في الاحتكاك بالجماهير.
2. جاءتا بعد انتخابات المجالس المحلية والتي لم يحصل الحزب على أية مقعد في أية مدينة, وهذا يدل على قدرة الحزب في النهوض من الكبوات مستندا الى تاريخه النضالي الطويل, وأن الكبوات تزيده قوة لا ضعف.
3. ضمت هاتان التظاهرتان جماهير من الطبقة الفقيرة المتضررة من كل السياسات الخاطئة للحكومة والأحزاب العراقية المتنفذة في البرلمان, والتي صوتت لها سابقا.
4. جاءت هاتان التظاهرتان بعد وعود قطعت للناخبين من قبل الاحزاب والكتل في انتخابات المجالس المحلية, لكنها لم تفي بوعودها لأسباب ذاتية.
5. كلتاهما طالبتا بخدمات عامة وخاصة في وقت واحد, فهما تزيدان من الوعي الوطني وترفعان من حق المواطنة والمطالبة بحق كل العراقيين ومن ثم الانتقال الى الحقوق المناطقية, وهذا يمكن ملاحظته في البيانين الذين قرءا خلال كلا التظاهرتين.
6. أن الجماهير الخارجة تعلم أن المنظم لكلا التظاهرتين هو الحزب الشيوعي العراقي, مما يشير الى قبول الحزب لدى الجماهير وسط خيبات الأمل التي أصيب بها الشعب العراقي من أداء الاحزاب الكبيرة, وان اشتراك الحزب في الحكومة والبرلمان لم يسيء الى سمعته, كما أن الجماهير لا تتردد في تمثيل الحزب لها.
7. نجاح الحزب في تنظيم هاتين التظاهرتين يعني قدرة القوى الديمقراطية على اجتذاب الجماهير وتنظيمها بوجه السياسة الطائفية والقومية والحزبية الضيقة, وان القوى الديمقراطية بحاجة الى شيء من التوقف لمراجعة الذات وعدم النظر لنفسها بالعين الصغيرة والسعي للتجمع من اجل تحقيق مصالح الجماهير.
8. قدرة الحزب على جذب الجماهير, يفتح الباب أمام الشخصيات والقوى الديمقراطية أن تعيد النظر في تحالفاتها السريعة, مع كتل تشكلت بسرعة كبيرة, دون اخذ الوقت الكافي للنقاش ومراجعة البرامج, وأن لا تتحالف من اجل الحصول على مقاعد نيابية.
ما يزال الحزب الشيوعي العراقي مطالب بالمزيد من العمل على مستوى القاعدة, والتغلغل بين الجماهير أكثر مما سبق, مستغلة تغير الظروف الامنية وحاجة الناس الى الخدمات وسوء أداء الاحزاب الأخرى, معبرة هذه القاعدة عن حرص الحزب أن يكون قولا وفعلا حزب الطبقة العاملة والفلاحين وشغيلة اليد والفكر.