ماجد فيادي
السبت 14/8/ 2010
مناضلين أزهقت أرواحهم وسياسيين تتصارع على الكراسي
ماجد فيادي
سنين من النضال ضد الدكتاتورية راح ضحيتها مناضلات ومناضلين, حملوا من الفكر والإصرار على إزاحة الدكتاتورية, مما جعلهم يدفعون الثمن أرواحهم, مخلفين خلفهم أرامل وأيتام, وأقارب حملوا على أكتافهم عبئ الظلم, مطاردين بقطع الرزق والاعتقال والتعذيب وأحياننا الإعدام, لا لشيء سوى رفضهم التعاون مع أزلام الدكتاتور, في الاعتراف على مناضلين آخرين يحملون هموم الوطن فوق هموم حياتهم اليومية.
شخصيات نالت من الشهادات العلمية ما لم يحلم به الدكتاتور يوما, وما لم يحلم به برلمانيو اليوم, قدموا حياتهم قرباناً للحرية وخلاص العراق من جلاده, نساء كسرن حصار العادات المتخلفة خرجن يثقفن الجماهير بأفكار الحرية والحداثة والتنوير, رجال رفضوا البقاء في إطار القديم بحثوا عن التطور والبناء الجديد للفكر العراقي, وتغير الوطن ببناه التحتية لكي ننافس العالم بالعلم والجمال, كانوا حجر عثرة أمام طموح الدكتاتور في السيطرة على العراق, فكانت النتيجة أن فقدهم الشعب العراقي على درب النضال والإنسانية.
اليوم وقد سقط الدكتاتور مع صنمه, بالرغم من طريقة السقوط التي لا تروق لنا, عاد الشعب وصنع أصنامه الجديدة, وان كان الصنم الساقط قد فرض نفسه بالعنف ومساعدة نفر قليل من بنات وأبناء الشعب العراقي ودعم كبير من الامبريالية العالمية, فقد صنع الشعب أصنامه الجديدة بطريقة جديدة تسمى الديمقراطية, لكنها للأسف ديمقراطية زائفة خلقت لنا مشاكل كثيرة أهمها, القادة الضرورة, الذين اعتقدوا أنهم قادرين على تحمل أعباء بناء العراق على مزاجهم وبمفردهم, محاولين إلغاء الآخر ليكونوا كل منهم الدكتاتور الجديد.
هذه القيادات تناست دماء رفاقهم من المناضلات والمناضلين, ممن قدم حياته قرباناً للوطن, وراحوا يتصارعوا على الكراسي والامتيازات ولقاءات كبار قادة العالم, تناسوا أيضاً أن شهداء سجون الدكتاتور لو كانوا على قيد الحياة لما وصلوا الى هذه الامتيازات وهذه الأدوار, التي تبدو بوضوح للعيان فضفاضة وليست على مقاسهم.
ليس هذا فقط بل إنهم تسببوا في إزهاق أرواح جديدة, عندما أهملوا أداء واجبهم تجاه الشعب, وفسحوا المجال للإرهابيين القتلة أن ينفذوا من خلال خلافاتهم على الامتيازات, ففجروا كل يوم أجساد الأبرياء بمفخخاتهم وانتحارييهم, قادتنا الجدد ليس في حساباتهم معاناة العراقيين, صالوا وجالوا في ساحة التخلف السياسي, محطمين كل مفاهيم الدستور, مخترعين مفاهيمهم الجديدة ذات الجلسة المفتوحة, والخطوط الحمراء بعضهم على بعض, والحوارات الغير جادة تمهيدا للمفاوضات الجادة, القائمة الفائزة في الانتخابات والكتلة الأكبر بعد الانتخابات, وأمور أخرى اختزلت البرلمان في قادة الكتل الكبيرة حصراً.
للأسف الشديد هذا هو حال اليوم, لكنه لن يدوم, فالشعب الذي ظلم نفسه ويتحمل نتيجة قراره في صناعة أصنامه, لا بد أن يأتي اليوم الذي يقول فيه كفى جرياً وراء وهم الطائفية والقومية والحزبية, ومهما ابتعد هذا اليوم فهو آتٍ لا محالة.