ماجد فيادي
أحزاب البرلمان العراقي لا تريد أن تفهم
ماجد فيادي
وسط رياح الثورة المتنقلة بين الشعوب العربية وتساقط الحكام كقطع الدومينو, خرج البرلمان العراقي منقسما على نفسه, غير متفقا على تسمية نواب رئيس الجمهورية. وقد تناقلت الأخبار أن احد أهم أسباب الخلاف تسمية خضير الخزاعي وزير التربية والتعليم السابق مرشحا لهذا الموقع, فالرجل كان محط انتقاد وخلاف على مدى سنين توزيره السابقة, في حين هناك مطالبات بمنح المنصب الى مكون التركمان.
الى هنا يبدو المشهد مألوفاً للمتتبع العراقي, لكن ما يهم المواطنة والمواطن العراقي ممن يدعون الى التظاهر, هو استمرار المشهد ذاته, دون محاولة لتغييره, مما يعني أن البرلمانيين العراقيون لم يتعلموا الدرس, ولم تصلهم رياح الثورة الشبابية, التي انطلقت من تونس وانتقلت الى مصر وهي تعصف اليوم بالجزائر واليمن وترسل عجاجها الى بغداد.
ما يدل على بقاء عقلية البرلمانيين كما هي, أن خطبا ألقيت تحيةً لشعبي تونس ومصر اللذان غيرا نظامين دكتاتوريين بثورتين, ما كان لأحد أن يتوقعها قبل أيام من حدوثهما, موعزين هاتين الثورتين الى الفساد السياسي والإداري والمالي وقمع الحريات, كأن العراق لا تتوفر به هذا الحالات ولا تغيب فيه الخدمات الأساسية, ولا ظهور طبقة جديدة من الأغنياء في يوم وليلة, من منتسبِ الاحزاب الحاكمة, لا يوجد في العراق خطر الجفاف بفعل دول الجوار ممن يواليها أحزاب السلطة, يبدو أنهم غير مسؤولين عن الاستمرار بالعمل بدستور أعرج, وفقدان الخدمات العامة, وقلة فرص العمل, تأخير موازنة 2011 نتيجة خلاف في تقاسم الكعكة, وكأنهم ينؤن بنفسهم عن هذه التهم, وهم من حكم العراق خلال الدورة السابقة وما قبلها من حكومة اياد علاوي وإبراهيم الجعفري.
في جلسة البرلمان, يتقدم رئيس الوزراء لتعريف عدد من الوزراء للتصويت عليهم من قبل البرلمانيين, مع ملاحظة أنه سيكمل الوزارات الامنية خلال أيام قليلة, مما يثير التساؤل متى تتعلمون احترام الشعب, وتقدموا حكومتكم دفعة واحدة بدل نظام التقطير, وهل تجدوا غياب وزراء الأمن والتخطيط أمر عادي. إن الشبيبة العراقية لن ترحمكم على هذا الاستغفال.
ثم يتبع ذلك التصويت على سبعة وزراء ووزيرة المرأة, عندها اعترضت احد عضوات البرلمان بنقطة نظام, أن المرأة العراقية تتعرض لانتهاك حقوقها, بتغييبها من الحكومة, فيقاطعها رئيس البرلمان, أن الاعتراض لا يمثل نقطة نظام, إصراراً منه على كتم الأصوات المعترضة وانتهاك الحقوق.
وفي مشهد درامي, على القناة العراقية, ينقطع التسجيل, لنستمع الى نشرة الأخبار, التي تعلمنا بالتصويت على ثمانية وزراء, ضمن الحكومة, وكأننا لم نكن نتابع البث التسجيلي لجلسة مجلس النواب, لكن الحقيقة أن الجلسة انتهت بانسحاب عدد من البرلمانيين, نتيجة خلافات سياسية, على تقاسم السلطة, في توزيع منصبي نائبي رئيس الدولة.
أحد أهم الصور التي تدل على تمسك البرلمانيين العراقيين بنهجهم, اتهام إبراهيم الجعفري ضمن كلمته المرتجلة, القنوات الإعلامية العربية, بحجب الحقائق لانتفاضة الشعب العراقي في 1991 و ضحايا الأنفال, في الوقت الذي تقرر فيه هيئة الإعلام قانون لدفع رسوم فلكية, من قبل الفضائيات العراقية وبأثر رجعي, الهدف منه تكميم الأفواه وفسح المجال لمن يقدر على الدفع, ممن يوالي الاحزاب الحاكمة التي تتحكم بأموال الشعب, وهي رسالة للجميع, أن القوانين سوف تشرع لكل من يقف بوجههم, في حين جرت المماطلة والتسويف لمنع تشريع قانون حماية الصحافة عبر البرلمان السابق والحالي.
اكثر ما يحز في النفس أن يتحول المظلوم الى ظالم, يبحث عن منافعه الشخصية وينسى معاناة الآخرين, التي طالما نادى بها أيام الدكتاتور.