|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الخميس 7/6/ 2012                                 موسى فرج                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

 رداً على ..(أنا والأستاذ موسى فرج والسيد كاظم الحائري)

الأستاذ جاسم الحلوائي وأنا و خاتمة الأحزان ...

موسى فرج

 تقديم :

قبل البارحه .. في أواخر الليل تقريباً وكان قد بلغ بي الإجهاد بل الإعياء كل مأخذ ليس لأن الأزمة السياسية التي يمر بها البلد قد بلغت حداً من التشابك والتعقيد بحيث بتنا لا نميز بين مقررات اربيل ومقررات النجف ولا ندري أهي بيانات الممهدون أم بيانات المرابطون .. ولكن لأني كلما قلبتها انتهيت إلى نتيجة مفادها : أن هذه الأزمة لن تكون نهاية السوء.. ولن تكون خاتمة الأحزان .. لأنها ليست أزمةً حكوميةً عابرةً إنما أزمة نظام سياسي ومنهج حكم ..   

وبين كرّات الكرى وفرّاته  كنت قد مررت بموقع الحوار المتمدن فوجدت مقالة أخي الأستاذ جاسم الحلوائي تحت عنوان ( فيدرالية العراق في الميزان ) والحق يقال فان الحلوائي ليس ممن يُمر عليه مرور الكرام ولا المقالة .. فاجتهدت  أن أقرأها بتركيز ومن ثم كتبت تعليقا من بعض أسطر ختمتها بعبارة : (الديمقراطيون العراقيون يبحثون عن مشترك ومازالوا حتى باغتهم السيد كاظم الحائري) وبعد إن  اطمأنت نفسي إلى أن ما كتبته سيبقى حبيس تلك الصفحة من ذلك الموقع الذي لا يمر به سوى العلمانيون  نهضت قاصداٌ النوم ..

اليوم وقبل ساعة من الآن فوجئت بان صديقي الأستاذ  العين والعلماني المخضرم جاسم الحلوائي قد كتب مقالة تحت عنوان ( أنا والأستاذ موسى فرج والسيد كاظم الحائري ).. والمقاله منشوره يمكن بـ 17 موقع حتى رابطة المرأة وقد مضى على نشرها أكثر من 24 ساعه ووصلت الآن إلى همدان ..!.. والمشكله : آنا كاتب أسم السيد بيها مجرد من اللقب  ..!.. هاي هي انكشفت علمانيتي ...

يابه : آنا قبل حوالي 10 أيام والله بعيني شفت رئيس الوزراء على الحرة وهو يقول : على رجال الدين أن يبتعدوا عن السياسه ..! شفتوا .. هي هاي العلمانيه.. لعد شنو العلمانيه..؟ هسا آنا علماني وأتكلم من موقع الحدث.. الله ربي ومحمد نبيي وعلي أيمامي .. يعني آنا همين مشمول بالترحيل إلى شعب أبي طالب ..؟!.. بس فرق واحد ..آنا ما أمقلد .. سألني ابن عمي أبو ناجح قبل 4 أيام  : أنت مقلد من ..؟ قلت له : الجلبي .. ليش ..؟ قلت له : مو ذنبي .. هسا هم مو يكلون أحنا مكون .. فليتفقوا على مرجع واحد للمكون مثل البابا .. هاي هيه العلمانيه .. أما غير حاله  فان لها تسمية أخرى .. أي توصلوله خبر للسيد دام ظله ..طبعا أعرفه للّقب.. ليش آنا قابل مثل صاحبكم ذاك العلماني الجبير يوم عاد من زيارة من طهران وقال لوسائل الإعلام : لقد تباحثت مع السيد الخامنئي قدس سره .. فاقترب منه أحد مرافقيه وهمس في أذنه قائلا : يابه : الـ قدس سره تقال للمتوفي مو للحي..! الحي يقال عنه دام ظله فنظر إليه ضاحكا وهو يقول : بعدني جديد..!. وأجماله الأستاذ الحلوائي مفتتح المقاله بقوله : باغتني الأستاذ موسى فرج بتعقيب.. هو آنا باغتك أستاذنا الحلوائي لو أنت ..؟ بالله هسا لو صادر بحقي أمر استرداد ملحق بأمر سلمان رشدي .. ما هو موقفي..؟..  . 

لب الموضوع :  

الأمور الأساسية التي تضمنتها مقالة صديقي الأستاذ جاسم الحلوائي  هي الآتي :

1 . إن النص الذي يبيح تحول كل محافظه من محافظات العراق أو عدد منها إلى إقليم هذا النص غير سليم ..   

2.وان هذا النص استغل استغلالا سياسيا وبدوافع مختلفة غير آبهة بالتبعات السلبية على وحدة العراق .. 

3 . ومع ذلك لم تعترف القوى السياسية بالمشكلة الناجمة عن وجود هذا النص وتطلب ترحيله إلى ملف التعديلات الدستورية ..    

4 . إن العمل على إقامة إقليم غير إقليم كردستان في العراق وبأية شروط كانت هو خطأ فاحش سيؤدي إلى تجزئة العراق ولا يستبعد أن يؤدي ذلك إلى حروب دامية ..  

5 . ومن الواجب على القوى السياسية التي وافقت على تضمين الدستور إقامة أقاليم في القسم العربي من العراق وخاصة حزب الدعوة الذي يقود الحكومة يجب أن تراجع موقفها وتعترف بخطئها ( والاعتراف بالخطأ كما هو معروف فضيله ) ..   

المناقشه :     

أولا : ذهب صديقي الحلوائي مثلما فعل معظم من كتبوا عن الدستور بان المشاكل الناجمة عن تطبيقه ناتجة عن العجالة في إعداده وضعف البناء والركاكة والتداخل والتعارض  .. الجميع .. الحكومة والبرلمانيون والساسة والأكاديميون.. الموالون والمناوئون يتحدثون عن المطبات والألغام والقنابل الموقوتة ... حتى بات ذلك يشكل لازمة لكل متحدث في هذا المجال ..في حين  :  

1 . أن  المدة التي استغرقها إعداد هذا الدستور تعتبر قياسية بالنسبة لتلك التي استغرقها إعداد الدستور المؤقت للجمهورية العراقية في عام 1958 وكذلك الدساتير التي تم إعدادها في الأعوام 1963 و 1970 .. فأين العجالة ..؟...   

2 . الإمكانات التي وظفت في إعداد هذا الدستور البشرية والمالية واللوجستية ضخمة جدا قياسا بتلك التي وظفت في إعداد دساتير 1958، 1963 ، 1970 ... 

3 . إن العراق في هذه الأيام بالذات يرأس اللجنة العربية لصياغة الدساتير لدول الربيع العربي.. فإذا كان يفتقر إلى الدراية في هذا المجال فكيف تسلمه الدول والشعوب أمر تكبيلها بدساتير لم ينزل الله بها من سلطان ..؟... 

أذن دعونا من عدم القصدية والعجالة و ( الغشاميه )..ولنغادرها إلى الاحتمال الآخر وهو لا يخرج من أحد أمرين : 

1 . انه في هذا الجانب وجوانب أخرى .. أعدت النصوص بشكل مقصود وهي غير قابلة للتطبيق .. وحسب التعبير : الدارج دربونه مَتطَلِع ..!

2 . أو أنهم يريدون من النص شيئاً ويقصدون آخر ..!.

ثانياً : هل أن الفيدرالية والأقاليم علاج لمشكلة ؟ أم انه وسيلة ؟ أم غاية بحد ذاتها ..؟..

1 . فإذا كانت الفيدرالية علاج لمشكلة والمشكلة معروفة وهي استئثار ( مكون ) واحد من المكونات العراقية بالحكم والنفوذ والسلطة وحرمان بقية المكونات واضطهادها .. هذا المكون ينظر له من فوق فيسمى من قبل الكورد قومي وينظر له من جانب فيسمى من قبل  الشيعة طائفي .. ولكن هذه المشكلة لم تعد قائمة وبات المضطهِدُ مضطهَداً.. والمستأثر مغبوناً.. ( من وجهة نظره ) فالشيعة يرأسون الحكومة والكورد يرأسون الدولة فلماذا التمسك بالفيدرالية طالما أن الأسباب الموجبة لم تعد قائمة (والكورد تحديداً يديرون شؤونهم بأنفسهم)..؟.

2 . أما إذا كانت الفيدرالية والأقاليم وسيلة لإحداث التنمية المكانية المتوازنة في البلاد وإشراك السكان في إدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم وممارسة ثقافاتهم الخصوصية .. فان تلكم أمور نبيلة وحسنة وراقية فلماذا يتم التخويف من الفيدرالية والأقاليم وتم تشويه صورتها ...؟.. 

3 . أما إذا كانت غاية بحد ذاتها فالأمر مختلف ... ناس تريد تنفصل في كيانات خاصة بها .. توجد إمكانية قيام كونفيدراليه ومعناها دول مستقلة مثل الكومنولث الذي يربط استراليا والباكستان وجنوب أفريقيا ونيوزلنده وكندا ببريطانيا حيث تربطهم علاقة حب عذري بالتاج البريطاني .. إن كانت هكذا أمكانيه قائمة فلتكن كونفيدرالية وكفا الله العراقيين الأزمات .. وإذا كانت حتى علاقة الحب العذري غير ممكنه .. فاني لو كنت زوجة شرعية لصديقي الحلوائي وكان في دخوله وخروجه يسمعني سيمفونيته المعتادة : راح أطلقج وأتزوج أخرى لأن الله حلل الزواج والطلاق وحرم الزنا مثلما حلل البيع والشراء وحرم الربا .. قسماً عظماً لأزهقن يوما وأسوي بزوجي الحلوائي ..فلك ... وأقول له : أنا علمانية يا هذا ..برا... مع حبي وتقديري..

4 . وفي هذه الحالة إن كانت الفيدرالية لا هي علاج لمشكلة قائمة ولا هي وسيلة لتحقيق العدالة وإنما غاية تجد المجموعات السكانية فيها ما يستكمل شخصيتها .. ففي هذه الحالة أقول لصديقي الحلوائي: لماذا تكيل بمكيالين ..؟ فإما أن تقر بهذا الحق لكل من طلبه وتوفرت فيه مقوماته أو ترفضه على الجميع أو أن لديك بديل أفضل فهاته .. إما أن تكون مثل سعدي الحلي يوم صادف وهو في طريقه من بغداد إلى الحلة شخصين أحدهما سوداني والآخر من البوعلوان وكان ميله للعلواني أكثر من السوداني فمارس معهما الكيل بمكيالين لأنه قال : لن احمل في سيارتي غير الشاطر الذكي الحاذق سأوجه لكل منكما سؤالا فمن كانت إجابته صحيحة رافقني ومن كانت إجابته خاطئة لا نصيب له في صحبتي .. ووجه السؤال للعلواني قائلا : أي بني .. يوجد بلد عربي أفريقي حصلت فيه ثورة سميت ثورة المليون شهيد ومن رجاله بن بيلا وبومدين ومن نسائه جميله بوحيرد واسم البلد يبدأ بحرف الجيم .. ما أسمه باركتك السماء..؟ فكان جوابه : الجزائر فشهق الحلي أبو خالد .. بوركت بني تعال جنبي .. والتفت إلى الآخر فقال له : كم قلنا عدد شهداء ثورة الجزائر ..؟ فأجاب : مليون شهيد فقال له : أذكر الاسم الثلاثي لكل منهم ... فقال له : أنت علماني ولكن تكيل بمكيالين ..! ...

ثالثاً : ولكن هل أنهم يريدون فعلاً تطبيقاً للقضايا كما وردت في الدستور وهم الذين سطروها ..؟ أم أنهم دونوا أمورا ويريدون غيرها ...؟.. 

1 . تعال اخوي المكون الكوردي.. أنت تريد فيدراليه ..؟ طيب أنت كنت زميلي في إعداد هذه النصوص ودونت الفيدرالية وليس أمراً آخر سنكلف لجنة دولية محايدة تفحص الذي عندك فان وجدته اقل من الفيدرالية أتممناه .. وان وجدت ما يفيض عن الفيدرالية استرجعناه ... ما قولك ..؟ لو حاط الفيدراليه راس حاجه وتجالش حولها ...؟... 

2 . تعال اخوي أنت المكون السني ماذا تريد ..؟ أنا أريد العراق من زاخو إلى جنوب الفاو وانتم شروكيه صفويه  وجماعتكم الجيب العميل  .. ما هي حجتك ..؟ حكمت العراق منذ 80 سنه وتعودت ومن طبعي مقاومة التغيير .. لكنك طالبت بالأقاليم ..؟  .. نعم ..ماذا تريد منه ..؟ راس حاجه ...

3 . تعال أنت أبو مذهب أهل البيت .. البو مليون مرجع .. ماذا تريد..؟ أريد العراق الواحد الموحد .. ولكنك طالبت بإقليم الجنوب (الشيعي) ؟

 نعم .. والمشروع الوطني ..؟ راس حاجه ...  

إذن يا جماعه .. انتم  جميعا كتبتم في الدستور شيئا وتريدون غيره ..!.

4 . لو سألتموني عن رأيي أنا الديمقراطي العلماني لقلت لكم أمامكم أحد بديلين :

الأول : لو أردتم الانفصال  فهذه خرائط العراق الإدارية في عام 1958 قبل التعريب وقبل الأنفال وقبل تشطير الألوية واستحداث محافظات  .. ونعيش أصدقاء يحترمون بعضهم خير من أن نحيا أخوة أعداء ...      

الثاني : يتم الاستعانة بخبراء دوليين لقيام أقاليم على نمط واحد يراعى فيها تحقيق الغاية التالية : ( أما إذا كانت الفيدرالية والأقاليم وسيلة لإحداث التنمية المكانية المتوازنة في البلاد وإشراك السكان في إدارة شؤونهم المحلية بأنفسهم وممارسة ثقافاتهم الخصوصية .. فان تلكم أمور نبيلة وحسنة وراقية فلماذا يتم التخويف من الفيدرالية والأقاليم وتم تشويه صورتها ...؟.. ) .. فقط لا غير وتكون القواعد والسياقات والإجراءات المعمول بها في أرقى الدول ذات النظام الفيدرالي معتمدة فيها ليس أكثر .. وفي هذه الحالة تعدل كافة النصوص الدستورية والقانونية وحتى الثقافية في المركز والأقاليم بحيث تقترن كل عبارة تقرير المصير بحالة الخروج عن هذا فقط ولمدة 50 سنة قادمة .. وتحل مفردة المواطنة محل مفردات القومية والمذهبية أينما وردت .. وتعتبر المواطنة المرتكز الأساس في القوانين والإجراءات والثقافات ..

غير ذلك فان ازماتكم مستدامة وفوضاكم مستمرة ولن تكون هذه الأزمة خاتمة السوء ولا نهاية الأحزان ..

في الحلقة القادمة سنناقش : تصدع نظرية حكم المكونات ...  في العراق

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter