| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

موسى فرج

 

 

 

                                                                                     الجمعة 18/2/ 2011

     

نصيحة مجانيه .. كي لا يتطور المطلب العراقي من : إصلاح النظام ..إلى إسقاط النظام
 

موسى فرج
 

لقد تجاوز الوعي الشعبي العراقي مرحلة الخطر .. فقد انطلق من فقراء الحمزه الشرقي إلى بوب الشام والحسينيه والمعامل وعفك وناحية النصر فالكوت فبغداد فالسليمانية فاربيل ليعم معظم المدن والقصبات العراقية ..ماذا يعني هذا ..؟ يعني الآتي :

أولا: يعني أنها انتفاضة الشعب وليس النخب أو الأحزاب ذات المرامي وقد قلناها تكرارا أن مهمة المثقفين العراقيين في مرحلة ما بعد سقوط نظام صدام الدكتاتوري هي إعادة تشكيل الوعي الجمعي للشعب باتجاه تبصيره بحقوقه ودفعه للتمسك بالدفاع عنها ، وفي وقت بقيت تلك النخب والأحزاب منشغلة بالمناكفات البينية فيما بينها مغلبة الشعارات والقناعات الأيدلوجية المكبلة لانطلاقها بتبني المشتركات .. فان الفقر والبطالة وغلاء الأسعار والفساد الفساد الفساد ..كان المرجل الهائل الذي تتفاعل فيه معاناة الشعب بانتظار عود ثقاب .. فكانت ثورة الأحرار في تونس وثورة الأحرار في مصر ليستا عيدان الثقاب .. بل إعصارا ملتهبا جعل من الأخضر في درجة الاشتعال فكيف باليابس وسريع الاشتعال في العراق ...؟. .

ثانيا : الانتفاضة العراقية لم تتجاوز مناكفات النخب فقط بل أسقطت رهانات الولاء الطائفي ..فالفقر والجوع يدفعان إلى الكفر ومن باب أولى أن يبدأ الكفر بالفاسدين والمخادعين والكهنة دون المعبود وعندما لا يذعن الكهنة يدفع ذلك العباد إلى الكفر بالمعبود الذي يحتمي تحت عباءته الفاسدون ويسرق باسمه الكهنة .. وعندما يرتفع صوت نبيل ونزيه من بين أولئك الكهنة تتحول الناس عليه وتلتف حوله لإقصاء بقية الكهنة .. وفي الحراك الشعبي الأخير في العراق حصل هذا فقد ثار الجياع من أتباع الطوائف أولا وقبل الرافضين لها ضد من يحسب أن العباد مجرد أتباع وأنهم مجرد خاتم بالخنصر وأنهم مستودع للسلاح يحكم قبضته على زناده ... كل ذلك بسبب الفقر فالفقر يدفع إلى الكفر .. والكفر يطال المعبود فكيف إذا كان الأمر منصبا على الكهنة ..؟. .

ثالثا : صلابة الانتفاضة يصنعها الباعث فعندما يكون الباعث ترفا فان المرء يتخلى عن بعضه أو كله متى ما وجد الثمن مكلفا ولكن عندما يكون الباعث حياة المواطن وحياة عائلته وأطفاله وكرامته وحاضره فذاك هو أعلى الأثمان ولن يتوقف المرء عن بذل كل ما هو دونه والبقاء على قيد الحياة قد يكون دون ذلك ..ولذلك قلناها تكرارا إن معيشة الإنسان وعائلته وكرامته هي المفتاح للتغيير وهي ما تستحق أن يشد إليها الرحال ..وليس الولاءات الحزبية أو الطائفية أو الأيدلوجية ..وها قد حصل .. .

رابعا : انتفاضة الشعب العراقي التي لازالت تمور تجاوزت الأطروحات المنحرفة التي استماتت في توظيف مثلها سابقا لعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل عام 2003 لأن الذكريات لا زالت طازجة والجرائم لا زالت ماثله ثم إن الدعاة لهذا هم شركاء مؤسسون في النظام السياسي الحالي ولهم اليد الطولي في صنع معاناة الشعب الماثلة ولا يمكن تنصلهم عن ذلك وان برعوا في التحايل والخداع فالسيد المطلك عندما يدعو الناس لأن تكون ثورتهم ضد الحكومات التي سبقت هذه الحكومة التي يشغل فيها منصب نائب رئيس الحكومة مصورا للناس أنها فوق الشبهات وإنها فوق الميول والاتجاهات فان الشعب يعرف بوضوح انه كان ركنا أصيلا من النظام السياسي الحكومي الذي سبق هذه الحكومة .. ثم انه الآن نائبا لرئيس الحكومة الحالية فليرينا انه قد اختصر عدد وزراء الحكومة من 44 وزير إلى 14 وزير مثل بقية دول العالم التي لا تعاني من الفقر .. وليصدر من مكتبه امرأ ينص على إلغاء عشرات الملايين التي يقبضها عضو مجلس النواب والوزير عن مخصصات الحماية ويستبدل ذلك بعدد مناسب من أفراد الشرطة ..وهو أمر يدخل ضمن صلاحياته ..وان منعه رئيس الحكومة يترك منصبه .. والسيد علاوي عندما يقول : صحيح نحن شركاء في الحكم ولكن تلك الشراكة لم تتحول إلى واقع ملموس ..أو كما عبرت أنا عن تصريحه بأنها لم تبلغ درجة الميانة بعد فليحرك نواب كتلته ..وهم الأكبر في البرلمان لمعالجة الفقر في العراق بإلغاء الزيادات على أسعار الكهرباء والماء والمحروقات .. وليحركهم لإلغاء الوزارات الزائدة وليحركهم لإلغاء المحاصصة. .

خامسا : وتجاوزت الانتفاضة العراقية أيضا ألاعيب التوظيف البيني للناس من قبل الأحزاب القابضة على الحكم والمتصارعة على النفوذ ..صحيح أن بعضهم يثير الناس ضد بعض وفي هذا فائدة أكثر من الضرر لأن ذلك يمد الناس جمعا.. دعما وتبنيا سرعان ما يتحول ضد المتبني والداعم في نهاية المطاف حاله حال المتبنى ضده والمدعوم ضده لسبب بسيط وهو إنهم كلهم قبضوا على الحكم في المحافظات خصوصا وخيرهم كان ولا زال .. نص ردن .. .

سادسا : وتجاوزت الانتفاضة العراقية الحالة الكردستانية التي كانت تصور للعراقيين بأنها جنة عدن وإنها الدولة الفاضلة وإنها المدرسة العراقية لتعليم الديمقراطية والحكم الصالح وإنها وإنها ..وباتت السليمانية وهاولير وغيرها منتجعا ومسرحا للمظاهرات والصدامات منذ البارحة ... ولم يعد بإمكان الأحزاب الكردية الرئيسية أن تميز نفسها عن موبقات الفساد والعشائرية والمحسوبية السائدة في وسط وجنوب العراق .. .

سابعا : وتجاوزت الانتفاضة العراقية مرحلة الثورة على الفقر والفساد وشح الخدمات لتنتقل إلى المطالبة بالإصلاح السياسي .. فلا المحاصصة ولا الطائفية بمقدورهما التخلص من الفساد وتحقيق الرخاء أو بناء الديمقراطية ..وهذه الحقيقة معروفة عرفا ونهاية منطقية للثورة ضد الفقر والفساد ولكن يجب إتاحة المجال لهذه المرحلة كاملا لأن الأمر مثل الصواريخ بعيدة المدى التي يتكون جسمها من قطع متتالية من خزانات الوقود يستنفذ الخزان تلقائيا بعد إن يدفع الصاروخ إلى مدى ثم يبدأ العمل تلقائيا بالخزان الثاني ثم الثالث لكن لو بدأ استخدام الخزان القريب من الكبسولة أولا فان الخزانين ينفصلان والصاروخ لم يمرق من الغلاف الجوي بعد .. ثم انتم لماذا تستعجلون وتقفزون على مرحلة الفقر والفساد لتدخلوا في مدار لاحق وانتم تعرفون انه مستنقع الرمال المتحركة وانه الربع الخالي الذي لن تتجاوزه هذه الكروش المثقلة بالفساد والطائفية ..؟..وانه سيرمي بكل تميمة لا تنفع ..

في الأول الابتدائي كما أتذكر قرأت عبارة ( إلى متى يبقى البعير على التل ..؟) فلنفرض وطبقا للحالة العراقية أن النظام السياسي هو البعير وان الأمريكان هم التل ..فهل أن من المنطق أن يقول بعض المتثيقفون العراقيون دعونا ننبش التل كي ينزل البعير إلى مستوى سطح البحر فنعقره ؟..أم أن المنطق يقول دعونا نركض إلى البعير فننزله من التل ونعقره ..كي نأكل لحما ..؟ ثم فرضا فرضا إن خالتك واقفة على التنور في سفح التل وأمامها كدس من أرغفة الخبز الطازجة والحارة وكدس من أبو زريده المشوي ورؤوس بصل كل واحد يملأ منها كف اليد فماذا تقترح علي وأنا الذي يضنيني الجوع ..هل أعزف عن ذلك وأتجنبه على أمل الوصول إلى البعير الذي على التل سعيا للتكة من فخذه ..وقد تخور قواي في ثلث طريق صعود التل أم انزل من عليائي إلى خالتي وألف قبضة من أبو زريده ورأس من البصل الذي يملأ الكف في رغيف من خبز خالتي الحار وأتناوله على عجل فيمدني بالطاقة الكافية لصعود التل مرتين ..وعقر البعير ..وشواء التكة ..؟؟ .. . صلب النصيحة المجانيه :

1 . انصح الحكومة بتجنب العنف ضد المظاهرات لثلاثة أسباب : .

الأول : إن الانتفاضة باتت قدرا لابد من المرور في نفقه ..طالما إن بواعثها وأسبابها قائمة وهي الفقر والفساد والاعوجاج في النظام السياسي .. .

الثاني : إن الانتفاضة ممتدة حسب معطيات اليوم من أم قصر في حافة الجنوب إلى السليمانية وهاولير في حافة الشمال ..وقد قرأت أمس لأحد أصدقائي من الكتاب العراقيين يقول إن التوانسه والمصريين ثاروا لأنه ليس لديهم ما يخسرونه بسبب وضع الاستبداد الصريح عندهم في حين أننا في العراق قد نجازف بالذي عندنا وان كان نصف ديمقراطية أو ديمقراطية عرجاء ..وهذا المنطق صحيح ..ولكن بالنسبة لمن ؟؟..للمثقفين أمثال صديقي وأمثالي ..ولكن ليس للشاب الأمي البطال والعاطل عن العمل من العراقيين ..وليس للذي لا يجد قوت يومه وقوت عائلته .. وعليه فان الانتفاضة بالنسبة لسواد الشعب من الفقراء ومن المكويين بالبطالة والفساد باتت فرض عين وواجب بات نصف طليعته من المثقفين الذين لم يجدوا في الديمقراطية العرجاء ما تستحق التمسك بها ويصرون لا إلى التخلي عنها بل بتقويم اعوجاجها ..

الثالث : في ظروف تراجع التردد والخوف في دواخل الإنسان وهو أمر طبع ثورات تونس ومصر والعراق والبحرين وليبيا والجزائر وغيرها فان تقوم الحكومة بالتسبب في جرح واحد فانه ادعى إلى أن يتمسك بالإصرار ألفا من النكوص عن ما عزم عليه ..فلم يعد القمع سبيلا لإطفاء الانتفاضات بل بنزين يسكب عليها ..فاجتنبوا العنف يا حكومة ..وسرحوا حمايات المسئولين يا حكومة بعد إن قيل في الكوت إن الشرطة لم تطلق النار على المتظاهرين ولا الجيش بل أنهم حمايات المسوؤلين ممن يريدون للمظاهرات العنف والاتساع ..

2 . أن تعمد الحكومة وعلى وجه السرعة بمعالجة الأسباب وليس لمواجهة ردود الفعل من خلال الآتي :

أولا : إلغاء كافة الزيادات الحاصلة على أسعار الماء والكهرباء والمحروقات والغاز ..وبما يخفف الضنك ألمعاشي على الناس ..

ثانيا : أن تباشر الحكومة وعلى الفور بتهيئة مفردات البطاقة التموينية كاملة وغير منقوصة للناس .. .

ثالثا : أن تعزل وعلى الفور مجالسها المحلية ومجالس المحافظات وان تقيل مدراء النواحي والقائمقامين والمحافظين وهم في معظمهم نواتج غير صالحة للمحاصصة الحزبية في المحافظات وتقوم بتعيين مسئولين تكنوقراط لا صفة حزبية لهم يدافعون عن مصلحة الشعب ولا يدافعون عن جيوبهم أو مصالح أحزابهم وفي مثال محافظ الكوت المقال خير دليل فهو أقرب المحافظين على الإطلاق لرئيس الحكومة ولكن ذلك لم يجعله في منأى من غضبة الشعب التي تغذيها تناقضات الأحزاب الحاكمة في المحافظات بدواعي الانفراد في النفوذ وليس بدواعي مصلحة الشعب .. .

رابعا : أن تبادر الحكومة بإطلاق يد الجهات المختصة في مكافحة الفساد في المحافظات خصوصا دون قيد أو شرط ودون قيود أو فرض سطوة أية جهة حكومية أو حزبية عليها .. .

خامسا : إن يصدر قرار من رئيس الحكومة بإلغاء كافة المخصصات والامتيازات والحمايات للوزراء والمسئولين وتخفيض الرواتب بنسبة 50 ./. وتحديد سقف لها يتحدد وفقا لمثيلاتها في الدول المجاورة ويشمل ذلك النواب ومجالس المحافظات والرئاسات أيضا ...

سادسا : أن تصدر الحكومة قرار رسميا بتخفيض عدد الوزارات من 44 إلى 14 وزارة فقط مثلما هو قائم في معظم دول العالم كي يتأكد الشعب بان الحكومة موظفة لخدمته وليس هو مستخدما لخدمتها وتامين رضا أطرافها.

سابعا : أن يبادر مجلس النواب أولا بالتخلي عن مخصصات الحماية واستبدالها بإفراد من الشرطة .. ويتم إلغاء كافة الامتيازات التي صرفت للنواب من قروض وقطع أراضي ومصفحات وإعادتها للشعب .. .

ثامنا : أن يبادر مجلس النواب وعلى نحو عاجل بمناصفة الموازنة العامة للدولة بين نفقات الحكومة وبين المشاريع لتوفير فرص عمل للناس .. .

تاسعا : أن يصدر مجلس النواب قانونا بتخليه عن المحاصصة والطائفية في العراق كسبيل للحكم .. وان يبادر بإلغاء قانون الانتخابات ويدعو لانتخابات مبكرة بقانون انتخابات جديد .. .

عاشرا : بلغ أسماع الشعب أن عضو مجلس النواب السيد جعفر محمد باقر الصدر وهو نجل السيد محمد باقر الصدر الذي مرقت كافة أحزاب الإسلام السياسي ( الشيعي ) من تحت اسمه للوصول إلى سدة الحكم ..قد استقال من عضوية مجلس النواب احتجاجا على الفقر والفساد السياسي الأب الشرعي للفسادات كلها .. وسيشكل النائب الصدر مقياسا في مدى نزاهة ووطنية النواب المنضويين تحت أسماء أحزاب الإسلام السياسي الشيعي على وجه الخصوص وعلى كل من اعتلت رأسه عمامة.. .

هذه النصيحة المجانية لكل الأطراف الحكومية والبرلمانية والحزبية في العراق لعل فيها ما يعصم من تصاعد سقف مطالب الشعب والانتقال من موضوعة إصلاح النظام إلى موضوعة إسقاط النظام .. وأذكّر الجميع بالمثل العراقي الشعبي القائل : ألراده كله ..فاته كله ..

free web counter