| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

موسى فرج

 

 

 

                                                                                     الخميس 17/5/ 2012

     

ومن المثقفين من فاق الحكام فساداً...!. 

موسى فرج

الفوضى السياسية التي تضرب أطنابها حالياً في العراق تقابلها بلبلة وفوضى فكرية  تعم معظم الأوساط الشعبية والشارع العراقي والتي بلغت ذروتها في الأسابيع الأخيرة .. أسئلة كثيرة تفرض نفسها وتبحث عن إجابة دون جدوى..

هل ينهار الكيان السياسي للعراق ويتشظى إلى دويلات ..؟ هل يدفعون بالأمور إلى الحرب الأهلية ..؟ إلى متى تستمر الحرب البينية بين الساسة العراقيين ..؟ ما هي وجهتها ..؟ إلى م تفضي ..؟ ما هي أسبابها وبواعثها ..؟ هل توجد خطوط حمراء يتوقفون عندها ..؟ هل أن ما يقامرون به مناصبهم ومكاسبهم ومقدراتهم الشخصية أم أن الرهانات الموضوعة على طاولات اللعب تتعدى ذلك كثيراً لتشمل كيان البلاد وأرواح الناس ومستقبل البلاد ..؟  القمار فعل مذموم لا شك في ذلك .. ولكن مع ذلك توجد أعراف وقيم عند المقامرين يشكل الخروج عليها أو تجاوزها منقصة وسلوك شائن .. ومن بينها أن يقامر المقامر  على أشياء لا يملكها ..؟ فلماذا لا يقامرون على أشياءهم ومناصبهم ولماذا يقامرون على وحدة البلاد والسلم الأهلي للشعب ..؟  ما هي نظرتهم للشعب ..؟ هل ينظرون إليه بوصفه غاية..؟ أم أنه مجرد استمارات تنهمر في صناديق الانتخابات وسلما للوصول إلى السلطة يركل بعد إعلان النتائج مباشرة ..؟ ما الذي يشغلهم ..؟ كم هي المساحة التي تحتلها قضايا ومصالح الشعب من اهتمامهم ..؟ ما هي القضايا التي تحتل المراتب الثلاث الأولى في أحاديثهم وتصريحاتهم وأوجاعهم ..؟هل هي حاضر العراق .. مستقبل العراق ..؟ معيشة الناس ..؟ هموم الناس ..؟ أم المناصب ولا شيء غير المناصب ...؟

عندما يدّعي سياسي أو حاكم بأنه أكثرهم حرصا على الشعب وانه أكثرهم تمسكا بالعدل وانه أكثرهم تفانيا على سيادة وكرامة الوطن.. فهل أن ذلك وحده كافيا ..؟ أم أن الناس تقارن بين قوله وبين فعله .. بين ادعاءاته وبين ممارسته في الميدان ..؟ هل أن مهمة هؤلاء الحكام هي معالجة المعضلات التي تواجه  الناس  ..؟ أم أنهم باتوا مختصون في  افتعال الأزمات التي لا طائل من وراءها والتي تلد بعضها بعضا ولا تنجب غير الشلل لمفاصل الدولة وإغراق البلاد في الفوضى والفساد لتوفير الأجواء الملائمة لتصاعد وتيرة القتل اليومي وبث الكراهية بين العراقيين .. واتخاذهم ذلك  ذريعة لتمزيق الكيان العراقي ..؟ بعض ممن يحسبون أنفسهم على الثقافة ينكرون على الآخرين أن يقولوا ما يرونه وما يعتقدونه.. ولمثل اولائك أقول :   من منهم يدين بالمواطنة كأساس في بناء نظام الحكم ..؟  من منهم الحريص على سيادة البلد ..؟ من منهم الذي لا يرى في العراق مجرد كرسي للحكم ..؟ من منهم لا يختزل الشعب العراقي في عشيرته وعائلته وبطانته ..؟..من منهم ..؟..من منهم قدم مصلحة البلاد على مصلحته الحزبية والشخصية ..؟.. من منهم ..؟..

في أروقة القضاء يصفون المحامي بالقاضي الواقف بسبب أهمية وخطورة دوره في تحقيق العدالة .. وفي السياسة يمكن أن يُسمى المثقف بالسياسي الظل والحاكم الظل لأهمية وخطورة دوره أيضا .. ومثلما قد يخون المحامي أمانته فيبيع موكله ويتواطأ  مع الخصم فان المثقف قد يبيع قضيته ويتحول إلى مجرد صدى للآخرين ومروّج لهم..  في عرف المثقفين توجد ثوابت ومسلمات لعل في مقدمتها : 

1ـ السعي لبناء دولة العدل والمساواة وتكافؤ الفرص : هل تتحقق تلك المعاني من خلال العرقية والطائفية والعشائرية والبعثية ..؟ أم أنها تتحقق باعتماد المواطنة والمواطنة وحدها  ..؟ من من ساستكم المتنفذين يؤمن بالمواطنة وحدها..؟ دلوني إليه كي انتظم معكم في طابور الموالين له ..!.      

2 ـ السعي لبناء النظام الديمقراطي الحقيقي في العراق : هل يتحقق ذلك من خلال وراثة الحكم من الآباء إلى الأبناء إلى الأحفاد .. والتمسك بالعرقية والطائفية والعشائرية والبعثية..؟ أم أن الأساس في بناء الديمقراطية يكون باعتماد المواطنة والمواطنة وحدها..؟ من من ساستكم المتنفذين يعمل خارج تلك المدارات ..؟ أكسبوا بي ثوابا ودلوني إليه كي انتظم معكم في طابور الموالين له ..!..

3 - السعي لبناء دولة الرفاهية والازدهار في العراق : هل يتحقق ذلك من خلال الفساد وفشل الأداء وسرقة وتهريب النفط وتقويض الصناعة والزراعة والتوهان الاقتصادي والتفريط بالثروة البشرية وإعلاء شأن الجاهل والحنقباز لمجرد ولاءه الحزبي ..؟ من من ساستكم المتنفذين يقيم وزنا للعراقي دون النظر لموالاته أو عدم موالاته له ..؟ سأكون شاكرا لو أدلتموني عليه فلمثله ينبغي أن يشد الرحال ..!.

4  ـ السعي لبناء دولة الحداثة والعلم والتنوير والثقافة في العراق ..هل يتحقق ذلك من خلال التخندقات المذهبية والعرقية والعشائرية والتمترس المذهبي والعرقي والعشائري..؟ اكسبوا بي أجرا ودلوني على من ينأى خارج تلك التخندقات .. كي أكون من أتباعه ..!.                              .                                               

المثقف غير المنحرف يعرف تمام المعرفة أن المواطنة والديمقراطية لا تفترقان فلا ديمقراطية دون مواطنة ولا مواطنة في ظل غياب الديمقراطية ..ولا يعقل أن اصنع من العشائرية والطائفية والعرقية أو المحاصصة ديمقراطية ..

والمثقف غير المنحرف يعرف تمام المعرفة أن نظام الحكم الصالح لا يمكن أن يكون معلقا في الفضاء إنما لابد من أسس ومرتكزات في مقدمتها مؤسسات الحكم والعلاقة بين تلك المؤسسات ،وقيم حاكمه يخضع بموجبها الحاكم للمساءلة وتنتزع السلطة منه حكما ليتم تداولها دوريا ..

والمثقف غير المنحرف يعرف تمام المعرفة أن الشعب مصدر السلطات وليس الشخص أيا كان .. لا علاقة لذلك بالميل إلى الشخص أو الوله به .. إنما يتعلق الأمر بالقيم الأخلاقية الحاكمة عند المثقف ومصلحة الشعب ..

والمثقف غير المنحرف يدرك بالضرورة بان إضفاء الهالة والإلوهية على شخص الحاكم يشكل تعبير واضح عن المشاركة الفاعلة في بناء نظام الاستبداد ..وطريق يفضي إلى قيام الدكتاتورية لا محاله ..

والمثقف غير المنحرف يعرف تمام المعرفة أن وظيفة الحكم تشكل تكليفاً وليس تشريفا وان الحاكم يسأل بمقدار ما يسأل عنه مجموع الآخرين وليس بمقدار ما يسأل عنه  كل واحد منهم إذا كانت السلطات متمركزة بين يديه وكلما ضمرت السلطات التي في قبضته وتقلصت كانت المسؤولية والمساءلة تجاهه أقل ..

والمثقف غير المنحرف يعرف تمام المعرفة أنه لا يمكن قبول إعادة إنتاج وتكرار حقبة صدام بممارساتها وسلوكها تحت أية ذريعة كانت ..

لماذا يخلط بعض المثقفين الأمور على الناس ..؟ لمثل هذا النمط من المثقفين ..

قولوا لهم : من يحارب لكي تكون المواطنة بديلا عما سواها فان معركته معركتنا ونحن جنود ومن يقاتل لتعميق اختزال الشعب بالطائفة واختزال الطائفة بالحزب واختزال الحزب بالبطانة فهي معركته هو وهي ليست معركة مقدسه.. 

قولوا لهم : من ينفلت من الإقليمي ليدخل في مدار الوطني فان معركته معركتنا ومن يبخس العراق قدره فيجعله مطية للإقليمي والأجنبي فهي معركته هو ولسنا مرتزقة عنده ..

قولوا لهم : من يمعن في الفساد والتسبب في إفقار الناس وتعميق معضلاتهم فليغرق في نتائج أفعاله فلسنا عون للفاسد والمستأثر بمقدرات الشعب والغاصب لحقوقه ..

في هذه الحالة تكونون قد ساهمتم بتوجيه دفة السفينة بالاتجاه الصحيح الذي يفضي إلى تحقيق الحلم .. بإقامة صرح الحكم الصالح العادل ووضعتم لبنات في بناء الديمقراطية في العراق .. ودون ذلك فإنكم عون لمن يجعل من تحقيق  الحلم مستحيلا ..   

                                                                    

 

free web counter