|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأحد 10/6/ 2012                                 موسى فرج                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

رأي في الأزمة السياسية الحالية...
(3)

موسى فرج

تصدع نظرية حكم المكونات ...

المرتكز الأساس وحجر الزاوية الذي أُعتمد في التأسيس للنظام السياسي الجديد في العراق بعد سقوط نظام صدام هي نظرية حكم المكونات .. والتي جاءت كحل وسط بين حالين :

ـ حالة العراق الدكتاتوري القائم قبل عام 2003 .. .

ـ وحالة تجزئة العراق إلى 3 دول : دولة شيعيه ، دوله كورديه ، ودوله سنيه ..

هذه الحقيقة يقفز عليها الجميع عند بحثهم في سبب سلسلة الأزمات المتصلة والمستدامة في العراق بعد عام 2003 والتي بلغت أوّجها في الأزمة السياسية الحالية .. وينظرون للأمر وكأنه ناجم عن عجاله في إعداد الدستور..! ومن جراء تلك العجالة امتلأ الدستور بالمطبات والقنابل الموقوته والطسات مثل شارع مطار بغداد ذو الكلفة الأعلى في العالم ومثل أرصفة شوارع الناصرية ذات الكلفة الأبهض في المحيط الإقليمي ..!.. (يعذرونا ألجماعه في الشركاط وبامرني ما شايفين شوارعهم وأرصفتهم من زمان ... لدواعي إقليميه ...!) في حين أن الأمر غير ذلك .. لا من جراء العُجالة في إعداد الدستور ولا من جراء (الغشاميه) في تصميمه .. وإنما بسبب ما ابتلى به العراق.. لأن هذا العراق وباستثناء سنوات حكم عبد الكريم قاسم الذي ارتكز خلالها منهج الحكم والنظام السياسي على المواطنة والمواطنة وحدها فان حقبة حكم البعثيين الممتدة من عام 1963 إلى عام 2003 كان نظام الحكم خلالها قائما على الفكر والثقافة القومية وبدلاً من أن يراعي القوميون العرب الآمال المشروعة للقوميين الآخرين من قوميات أخرى لا تقل عنهم حيوية وعراقة فإنهم واجهوا مواطنيهم بمنهج : لو هلهلتي يالحبابه واحدنا يعادل دبابه ..! ولو هلهلتي يالبعثيه واحدنا يعادل 600 ..! .. ما أدري يجوز الله خالقهم من صلصال والوادم من شكر لمه ..؟ ويا ريت بالإقناع همين بيها مجال ..لا .. بالجماجم والدم ُ..! .. كُوّل ولّوا البعثيين أجو جماعة المكونات ... والتي تعني في حقيقتها استبدال الهوية القومية بالهوية الطائفية والدينية .. وفي كلا الحقبتين فان المبدأ ذات المبدأ.. الأسماك الكبيرة تلتهم الأسماك الصغيرة مع جل احترامي للإنسان العراقي فالإنسان ليس سمكه وقوانين الإنسان ليست قوانين الأسماك بس جيبلك مخ مو متخلف ومو متعصب ومو فاسد..

أولا: ما هي فحوى وغايات نظرية حكم المكونات ..؟.. .

1 ـ التعريف المعلن لنظرية حكم المكونات هو: أنها تعني تقاسم الحكم بين المكونات التي يتشكل منها المجتمع العراقي .. .

2 ـ الغاية المعلنة من اعتماد نظرية حكم المكونات هي : منع تكرار سياسات التهميش والإقصاء والاضطهاد من قبل مكون بعينه ضد بقية مكونات المجتمع العراقي من جراء ترّكز السلطة في قبضة ذلك المكون واحتكاره لها .. .

3 ـ التمهيد لنظرية حكم المكونات هو : أن المجتمع العراقي يتكون أصلاً من تنوّع قومي وديني ومذهبي ..

ثانيا ً: هل لاقت نظرية حكم المكونات قبولا من المجتمع العراقي ...؟..

طبعاً .. وللأسباب التالية :

1 . تدني الوعي المعرفي في العراق في أعقاب أكثر الحقب حلكة في تاريخه .. .

2 . تدني الوعي السياسي إن لم يكن انعدامه في العراق .. ولذات السبب .. .

3 . وجود المادة الخام أعني وجود مجموعات سكانية كبيرة مشكلة على هذا الأساس فهناك الشيعة وهناك السنة وهناك الكورد إلى جانب مجموعات سكانية أخرى أقل منها عددا : التركمان ، الكلدان ، الاشوريين ، السريان ، الأرمن ، الكورد الفيلية ، الصابئة المندائيين ، الشبك ، الأزيديين... .

4 . وجود الباعث والدافع والسبب وهو : الظلم والتمييز والتهميش الذي واجهه أكثر من 80 % من الشعب العراقي وهم الشيعة والكورد والمكونات الأخرى وبلغ أقصاه في حقبة حكم صدام .. هذا لا يعني أن ما قبل حقبة عبد الكريم قاسم كانت خالية من الاضطهاد .. أبداً والاضطهاد لم يمارس من قبل الحكومات حصراً وإنما من قبل التخلف أيضاً يعني من قبل السكان المتعصبين والمتخلفين أيضاً.. ففي الحقبة الملكية ارتكبت الحكومة جرائم ضد مجموعات سكانية وعلى سبيل المثال لا الحصر ما جرى في سمّيل للمسيحيين هذا من قبل الحكومة أما من قبل التخلف والتعصب فان المسيحي في الموصل (كما ذكر لي أصدقاء مسيحيون في بغداد) كان يُمنع من المشي على الرصيف في الموصل ويُجبر على السير في بطن الشارع كي يكون منخفضاً عن العربي المسلم ..!..أي تخلف هذا ..؟... أما في حقبة البعثيين فتفضلوا .. هذه المقابر الجماعية لم ينقطع سيل اكتشافها لحد الآن للشيعة والكورد .. ومسيرة الآلام لنصف مليون عراقي كوردي فيلي شاخصة لغاية تاريخه وتدمي الوجدان العراقي السوي غير المتعصب وغير المتخلف وغير الفاسد ... في الوقت الذي لم تستأثر فيه مجموعة من السكان بالامتيازات على حساب بقية السكان فقط بل ما تطبعت عليه من ثقافة منحرفة قائمة على العجرفة ووصم الآخرين بالعمالة والتخلف ...

ثالثاً ـ الترويج والتحفيز لنظرية حكم المكونات : .

1 . الظلم الفاحش الذي طال أكبر كتلتين بشريتين في العراق وهم الشيعة والكورد ومعظم المجوعات السكانية واضح .. وهو ما شكل الحافز رقم 1 .. .

2 . إلى جانب الحلم المشروع والعزيز في رفع الظلم الذي تحققه ( مظهرياً ) نظرية حكم المكونات وهو أمل يختلج في صدور المحسوبين على المذهب الشيعي من جهة والمحسوبين على القومية الكردية والكورد الفيليه والمسيحيين وغيرهم من جهة أخرى .. فان البسطاء من الناس يستهويهم الجانب الاعتباري في الهيمنة على الآخرين ويجتذبهم الثأر العكسي من خلال تبادل المواقع بين الظالم والمظلوم ..

رابعا : ولكن.. هل أن نظرية حكم المكونات كانت الحل الأمثل والوحيد ..؟..

الجواب : طبعاً لا.. فهي ليست الحل الأمثل إذ أن تحقيق العدالة بين الناس هو أن تحمي حقوق الإنسان الفرد والمساواة أن يتساوى الجميع في الحقوق والواجبات.. أليس هذا ما تقوله الشرائع السماوية والدولية وأيضا الدستور الذي تعتمده أنت ..؟ وفي هذه الحالة فان حقي الطبيعي يقول أني وان كنت من الصابئة المندائيين الذين لا يتجاوز عديدهم البضعة آلاف يمكن أن أكون رئيس العراق طبقاً للجدارة . هل تحقق لي ذلك نظرية حكم المكونات ..؟ لا ..

ألا يتقاطع ذلك مع حقوقي الدستورية وحقوقي في الشرائع السماوية والشرائع الدولية ..؟ يتقاطع ..

ألا يتقاطع ذلك مع ما تنادون به أنتم بالذات .. أنت تشجب عدم مساواة الشيعي مع السني في السعودية وأنت تشجب عدم مساواة السني مع الشيعي في إيران وأنت تشجب عدم مساواة الكردي بالعربي في سوريا ... أرأيتم..؟ أنتم الثلاثة أقطاب نظرية حكم المكونات في العراق... تقولون أمراً وتفعلون آخر ... ماذا لو جعلتم من العراق ثلاث دول هل تقومون بعملية تطهير عرقي مثل الهوتو والتوتسي وتفرغون كل دولة من دولكم إلا ممن ينتمي إلى ذات المكون أم أنكم تدعون بتطبيق الدولة الديمقراطية على السكان ضمن الحدود الجغرافية لكل دولة من دولكم المنشودة ..؟

في هذه الحالة فاني الذي أنتمي إلى مكون قليل العدد في أية دولة من دولكم المنتظرة هل تتحق لي ذات الحقوق التي يتمتع بها من ينتمي إلى المكون الغالب في تلك الدولة ..؟ أيضاً لا ..

هل تعرف ما هو جوابك ..؟ تخلى عن انتماءك واتخذ من انتمائي هوية لك ..!.. إذن لماذا تحكمني أنت باسم انتماءك وتنكر عليّ انتمائي ..؟ في حين أنا الصابئي في البصرة لم افد عليك بل أنت من وفد .. وأنا المسيحي تلك كنائسي تحت نجفك .. وأنا الأزيدي تلك أضرحتي تحت كرديتك ...! ..

فإذن نظرية حكم المكونات ليست البديل الأمثل ... وليست البديل الوحيد فهناك صيغة المواطنة .. هي تحقق لي كمواطن حقوق متساوية مع أقراني من المواطنين .. لماذا لا تذهب إليها ..؟

هل تتعارض مع الشرائع السماوية ..؟ لا ..

هل تتعارض مع الشرائع الدولية ..؟ لا ..

هل تتعارض مع دستورك ..؟ لا ..

لكنها تتعارض مع نزعتك التسلطية وجشعك وتخلفك وعصبيتك واستنادك على القوة وليس العدل .. .

هل نجحت في تطبيق نظرية المكونات ..؟ بالمشمش ..

الحلقة القادمة ستكون مخصصة للوقوف على التحديات التي واجهت وتواجه تطبيق نظرية حكم المكونات في العراق ... .

ملاحظه : انتم يا من تشكون من وطأة حكم المكونات.. أنتم جزء من المشكلة ولستم جزءاً من الحل ....

 


رأي في الأزمة السياسية الحالية... (2)
رأي في الأزمة السياسية الحالية... (1)

 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter