نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن ظافر غريب

algharib@kabelfoon.nl

 

 

 

 

الأحد 5 / 2 / 2006

 

 
 


بمناسبة حلول الذكرى 44 

لشهادة أبُ الوطنيين العراقيين الأحرار الزعيم الخالد " عبدالكريم قاسم "

 

 

محسن ظـافـر غـريـب - لاهاي

( النص من شهر رمضان 9 شباط الأسود 1963م ) لشهادة أبُ الوطنيين العراقيين الأحرار الزعيم الخالد " عبدالكريم قاسم " في العاشر من محرم الحرام 1427 هـ2006م
حلقت بقربي في أمستردام حمامة مع صوت الفنانة العراقية المغتربة "ساهرة سعيد " وهي تشدو بحزن عراقي: "على شواطى دجلة مر يا منيتي وكت العصر"، وهذه هي الأغنية التي لطالما رددتها الفنانة العراقية فخرية عبدالكريم( زينب ) في رحلتها من العشار عبرمسرحية " النخلة والجيران" وفيلم "سعيد أفندي" حتى رحيل هولندا، مع صوت الفنانة العراقية أنعام واليInaam Wali ( زوجة الكاتب العراقي نجم والي ) المنبعث من كتاب CD، الصادر في سنة أولى ألفية ثالثة 2001م، وكنت أسمع هديل هذه الحمامة من بين الممحي من أسطر رواية نجم والي" تل اللحم – قصة مرايا مسلط " الصادرة عامذاك، وتقع في 407 صفحات قطع كبير، بعد صدور روايته " الحرب في حي الطرب " الصادرة بالألمانية سنة 1989م وبالعربية سنةم . كان الهديل يتراءى لي وكأنه صوت ماركيز في أساطير قصص"هيرمان هسه" ( 1877- 1962م)، لكنه في الواقع نوح الروح العراقي، من الداخل، سحابة مثل سرب حزين من مدن جنوب وسط العراق الضحية والخيرالمعطاء المسحوق مثل أعجاز نخل خاوية أو قناطر مُدّت على أنهركفنها ضوء القمرمثل مقابر سرية جماعية، ومن مدن بادية غربي العراق الفارهة. إذ كان المبدع العراقي الرافض للإختلال ولإحتلال العميل أوالوكيل السري، رهين المحبسين؛ البعث والبيت محاصرا لايغادرهما إلآعند أذاني طرفا النهار بدء بالطلوعين؛ الفجر والشمس، لحاجة أو لجلب بلغة من طعام لايغني من تجشؤ من جوع مقيم مثل جبل عسيب، حتى إستحالت الهجرة داخل الوطن الى هجرة خارجه، قبل أن يعم الحصار بكلكل ليله كل العراق، ليهوّم المبدع مثل فراشات حول حتفها، والنماذج الأضاحي تجأر بصمت الأغلبية وهم كثرمن أمثال؛ عزيزالسيد جاسم، حسن مطلق، وضرغام هاشم، وكان مهدالحضارة عراق الأعراق العريق، يتجرع سم طاعون البعث الجلف الجافي العابث المسخ، والوافد بمثالبه على قيم وأعراف ومناقب مجتمعه، التي بلغت شأوا بكرا مبكرا من التطور والنضج والبر ببنيه، فيرتد مجتمع مهد الحضارات والمقدسات بإنعكاس شرطي الى أيام أرسطو وسقراط الأقدم والى حقب بعيدة قديمة، كتلك التي توشح بليلها أمثال توما الأكويني الذي وفق بين الدين والنهج الإغريقي، في ظل ظلام القرون الوسطى الأوربية، أو المصلح البروتستانتي الألماني المتمرد على صكوك غفران الكنيسة مارتن لوثرأوغاليلو، أو الى أول خيط شروق إنعتق من عصرالتنويرالحديث، الذي يبدأ بجدل هيجل المثالي الذي فسرالتاريخ وأوقفه ماركس على أسسه المادية التي أعادها الليبراليون والديمقراطيون الى حرية فردية في زمن العولمة.

كان حرامي(أربعين محامي) البعث يقارع إبداع يراع وباع المبدع ليموت أمثال عقيل علي وعبد اللطيف الراشد، ويكاد هادي السيد يموت على قارعة الرصيف في بغداد حاضرة الشعراء والصور وألف ليلة وليلة، التي كانت قلعة الأسود فارتدت أربعين حولا وحجة لتكون حضيرة عبث بعث الرفاق والشقاق النافق. قد عرفت بغداد التي أسسها المنصور عهدها الزاهر بتولي خليفته الرشيد كما عرفت معرة النعمان أبي العلاء رهين الوليد والمحبسين العمى والدار، وكما عرف شاعرعرب القرن الماضي الجواهري الكبير، الأب القائد المؤسس لجمهورية العراق الخالدة الزعيم الخالد عبد الكريم قاسم، ذواقة للأدب حافظا للشعرالعربي قبل تأسيسه للجمهورية، وفيا لتراث شعبه العراقي الأصيل ملهما المبدعين حلما وحبا لبغداد حرة الدنيا. وكما كان في وادي النيل من قبل قد طارح ابن الفارض قاهرة المعز لدين الله الفاطمي الهوى، أيضا في عهد الزعيم قاسم، طارح النجفي عبدالأميرالحصيري بروح عباسي، بغداد الهوى، معوّضا حرمانه منها ببدائل إستلهمها من عبق التاريخ؛ المتنبىء وأبي نؤاس والضريربشاربن برد، فكانت معلقته سنة 1962م قبل عام من تدنيس علوج ومغول البعث بنكبة العراق في8 شباط 1963م، لبغداد عبدالكريم قاسم، والمعلقة بإسم "بغداد":" بغداد قلبي في يديك فعذبي/ إن شئت أو إن شئت شلّ العاطب / بالرغم من أن الغريّ بأضلعي. لهب ولي حتى رباه حبائب / أطري حفيف غصون عزك أخضرا / حتى يمزقني إرتعاش قاصب / أتقيّأ البسمات حيث مدامعي / في غاب لحيتي البهيم سواكب / فغسلتُ في منديل صبحك أدمعي / نسجته من همس الحرير كواعب / لاتعتبي. إما زفرت تألما / من نار أحلامي، فما أنا عاتب / أو أن زرعتُ رؤاي في لجج السنى / عين مخضبة ووجه قاطب / غفرانك الأشذى فما أنا ناكب / إن لم يجد إطراء مجدك واثب / ومن البداهة أن تخارس شاعر / جرّاء مجدك، أو تبلد كاتب / أو مقلتا ميدوز سحرك ماسخ / ألق العقول المبدعات وناهب ". أين الأميرالأسير أبُ فراس الحمداني عصي الدمع من حمامة أنعام والي كريمة تاجرالأقمشة في الكويت المولعة بموسيقى الباروك وموسيقى الغجر وضفتي حضارتي حوض البحرالأبيض المتوسط . وهذي الحمامة تنطلق من قصيدة الشاعر الإسباني " RAFAEL ALBERTI" بعنوان " الحمامة La Paloma "، وهو صاحب ديوان بهذا العنوان وديوان آخر بعنوان " الملائكة "، وهو رفيق لمواطنه الشاعرالأشهر" فدريكو غارثيا لوركا "، في النضال مع الجمهوريين ضد دكتاتورية " الجنرال فرانكو" وأيضا في تأسيس "إتحاد المثقفين المناهضين للفاشية" في سنة 1936م، وأمضى جل سني عمره في المنفى، وكان من جماعة ( جيل27 ) من القرن الماضي. في ديسمبر كانون الأول 1922م أنشد قصيدته" البحر":" يا والدي لماذا أتيت بي الى هنا..المدينة"، وكتب شعرا ضدالفاشية، نسب الى صديقه لوركا وأذيع من إذاعة الجمهوريين ونشر في المجلة اليسارية" بزة العمل الزرقاء El Mono A zul "، وراح لوركا ضحية شعره على يد قوات الحرس المدني الموالي للجنرال فرانكو. وقد كان لوركا بين 1921 – 1924م يكتب ديوانه " أغان " ويقع في 50 صفحة طبعة سنة 1927م وكتب سنة 1929م عندما كان يواصل تحصيله في نيويورك، مخطوط لـ 32 قصيدة نصفها بالآلة الكاتبة ونصفها بقلم الرصاص، تحت عنوان " شاعر في نيويورك "، وأعدم في 19 أغسطس آب سنة 1936م في مدينته غرناطة. وفي 28 أكتوبر تشرين الأول 1999م توفي ALBERTI ، وهو ينشد قصيدته التي جاء فيها: " الناس يرحلون،
هذه القرى/ أتصبح مهجورة ذات يوم؟/ ليس ثمت سيد ولاخدم/ فقط بعض المزارعين العجزة/ يحرثون سفوح الجبال وهم يرون/ الأبناء ذاهبون الى البعيد!". وكان صديق ومواطن الشاعرين لوركا وALBERTI المستشرق الأشهر في العصرالحديث "غارثيا غوميث" (1905 – 1995م) أستاذ جامعي للغة العربية، وأستاذ إيزابيل أخت لوركا في اللغة العربية بجامعة غرناطة، وضع بعد إعدام لوركا كتابه الشهير " تماريت " عنه، راسل من منفاه ALBERTI ، وكان يوافيه بمجلته" الأندلس" التي يصدرها في مدريد. من آثار" غوميث " في الأدب والتاريخ باللغة العربية مترجمة سيما ما يخص الأندلس، ومخطوطاته العربية منشورة من قبيل العناوين الموسومة: المتنبىء، طوق الحمامة لإبن حزم الأندلسي، رايات المبرزين لإبن سعيد، وابني قزمان وزمرك، وليراعه باع في الزجل والموشح الأندلسي وسواهما، وتبوأ عدة مواقع ثقافية وعلمية، وعيّن سفيرا لإسبانيا في بغداد سنة مولد جمهورية العراق 1958م، وفي منتصف نهار 25 سبتمبر أيلول 1958م وصف مؤسس جمهورية العراق(الجنرال والسني)"عبدالكريم قاسم" الذي بزت مدن وسط وجنوب العراق العربية الشيعية في عشقه مدن غربي العراق وشماله السنية والكردية، بأنه؛ باسم وديع عذب الصوت متواضع مكتبه ، وكتب:" إستقبلني رئيس حكومة جمهورية العراق بمكتبه في وزارة الدفاع، وفي هكذا مقابلات كان المترجم يتوسط المقابلات حسب الأصول، رغم أن رئيس الحكومة قاسم عارف باللغة الإنجليزية لحد ما، لكننا تحدثنا بالعربية في مقابلة كانت على إنفراد في مكتب غاية في البساطة، إذ يجلس قاسم على مقعد يعلو مقعد محاوره أمام مائدة ملاصقة، خجول باسم ودي وديع، كلامه عذب وجد خفيض، هكذا كنت أراه حتى في خطاباته، قد تناولنا على بساط البحث مواضيع الساعة: ضرورة قيام الثورة، وكان التخطيط لها قد سبقها بزمن بعيد، وتم تنفيذها بدقة وسرية بالغتين، وقد أنجز الشعب عبرها هويته، وأن حكومة العراق محايدة محبة للسلام تمد ذراعيها لإحتضان الشرق والغرب بذات المساحة، و رئيس الحكومة قاسم عازم على رفع مستوى المعيشة على أساس خيرات البلاد الهائلة، وأنه يعمل على رفع مستوى الفقير معاشيا دون خفض مستوى الموسر، وأنه عقد العزم على إرساء الأسس الديمقراطية الحقيقية..الخ، ولم يتناول حساسية موضوع الجمهورية العربية المتحدة وكان متحمسا للغاية أزاء إسبانيا، عبرعن ذلك إنطلاقا من ماضي إسبانيا العربي دون إسراف، معربا عن إهتمامه بآثارها وعمارتها، قائلا ؛ أن العراق وإسبانيا طرفا الوطن العربي وبإمكانهما أن يكونا صداقة حميمة ويكون دور كل منهما مكملآ للآخر، كما وعدني بإشاعة الثقافة واللغة الإسبانيتين، وحضني على تطوير العلائق الإقتصادية، ثم ختم مستفسرا عن موقفنا من جبل طارق.