نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن ظافر غريب

algharib@kabelfoon.nl

 

 

 

 

الثلاثاء 31 / 1 / 2006

 

 


في ذكرى موزارت



WOLFGANG AMADEUS MOZART -1756 - 1791



محسن ظـافـر غـريـب - لاهاي

في ذكرى مولد الموسيقار العبقري" موزارت " الـ 250 ( نهاية شهريناير كانون الثاني2006م)، نبدأ من حيث بدأ التاريخ في مهد الحضارات والفن أبُ الدين والقيثارة، مستحضرين قول الكاتب الكوني " هيرمان هسه " ( الحائزعلى جائزة نوبل للآداب قبل 60 سنة- 1946م) الذي إستوعب التاريخ الإنساني وفهم أن أصل الثقافة الأوربية التي هي الإبنة الشرعية لعراق الأعراق العريق، وإسحاق وعثمان الموصلي،هوالحضارة الإغريقية الأعمق في الموسيقى. نبدأ من آثار موقع تلوح جنوبي بابل وأور آزر أبُ إبراهيم الخليل أبُ الأنبياء(ع)، حيث إستخدم الساميون الذين هم أرومتنا وأننا لسنا " ضد السامية Anti - Semetic "، القيثارة السومرية العراقية، كما كانوا هم من أوجد عملة" الشيكل" المتداولة اليوم في الدولة العبرية إسرائيل، وكان ذلك في الألف الخامس قبل ميلاد السيد المسيح (ع)، فكانت القيثارة السومرية قبل 7 آلاف سنة أول آلة موسيقية، وكانت آلات النفخ ( مثل المصفار) أصل آلة الفلوات، والأنابيب الفضية والكنارة، مذ بدأ التاريخ الموسيقي الذي رشح أمثال موزارت، من الوركاء العراقية سنة 500 ق.م وبرهان ذلك في آثارالنحت على الأختام التي تبيّن آلات الإيقاع: العصي، المصفقات، الشخاليل الصوتية والأجراس والصنوج والصلاصل والجلاجل.

وبينما يتبوأ التيار الإسلامي عبرالإنتخابات موقعه في أهم الأقطار العربية العراق ومصر وفلسطين، كانت وصفة موسيقى موزارت مع رائحة شواء الشوارما، توعز لمخ رئيس حكومة إسرائيل" آرييل شارون " المولود في فلسطين سنة1928م، بأن يحرك أطرافه على سرير الموت!، لأن الموسيقى تحفز أواصر الأعصاب، في مركز التفكير المجرد في المخ، فالرنين المغناطيسي قد كشف أن نصفي المخ المكون 70% منه من الأعصاب، نصفه الأيمن والأيسر يتأثر50% منه إيجابيا بالنمو والذكاء بتأثير الموسيقى لدى من يرى الموسيقى غذاء الروح. و أن موزارت نفسه كان قد تأثر بالطقوس المصرية الفرعونية في إستلهامه الأشكال الهندسية الهرمية " الماسونية " لدى إبداعه رائعته سمفونية وأوبرا " النايات الساحرة "، لأن الموسيقى هندسة وحدة الزمن.

بطلب من إمبراطورالنمسا " يوسف الثاني"، التقى شاعرأباطرة فيينا " لورنسو دا بونتيه " بموزارت الذي كان عمره 27 ربيعا، لإنجاز ثلاثة أعمال هي : أوبريت " زواج فيغارو NOZZEDIFIGARO " الكوميدية التي عُرضت في العاصمة النمساوية " فيينا " سنة 1787م، و" دون جوان" سنة 1787م ، و"هذا ديدن النسوة" سنة 1790م. الأولى مقتبسة عن مسرحية بذات الإسم كتبها سنة 1775م مؤلف " حلآق أشبيليه " ( بومار شيه)، التي خلدها الموسيقارالإيطالي روسيني في الأوبرا الشهيرة التي عُرضت أول مرة سنة 1816م، بعد تخليد الموسيقار" موزارت "، وكانت، ناقدة للمجتمع لذكوري المتطرف، وتعبرعن المشاعرالإنسانية (غيرة الحب والزهد الروحي والشره الجنسي والأسى والغضب مع حنين الى إمتيازات طبقة النبلاء التي تعرضت لثلاث سنوات عصيبة )، وقد بلغ فيغارو، الذي ينوي الزواج من الخادمة سوزان، أن الكونت رب المنزل الذي يعملان به " مافيفا " ينوي ممارسة حق النبلاء القديم الذي يبيح له قضاء ليلة الدخلة مع خادمته لأنها أمة من ذات اليمين!، فيتصافق فيغارو مع " الكونتيسة " زوجة ذلك الكونت لتغليب الإحراج الأدبي. وكان وصي الكونتيسة دون بارتولد يحاول تهديد فيغارو بالزواج من الخادمة الأخرى، لأنه لم يدفع لها الديون التي بذمته !. بيد أن أسلوب تخفي الكونتيسة بزي الخادمة سوزان، ينجح عملية الإحراج تلك. أما الخادم المغرم تشيرو بنيو، فله دور هزلي مع الكونتيسة ضمن سياق مرح ذلك العصر مع مقاطع غنائية بدون موسيقى، لكنها محبوكة بفلسفة واعدة بالسعادة، نجدها في موسوعة ديدرو الشهيرة.

بدأ موزارت التأليف الموسيقي في الرابعة من عمره، وجاب على مدى ثلاث سنوات أوربا على نفقة وسمعة والده الموسيقار، وعاد الى مسقط رأسه مدينة" سالتسبيرغ " ولما يبلغ العاشرة من عمره. وتحتفل هذه المدينة بعام موزارت(2006م) الذي عاش 35 ربيعا، والذي ولد عبقريا ومات مكتئبا ، وهي مدينة نمساوية، بوضع إسمه على الواح الشيكولاته. شقته المتواضعة رأت فيها عيناه النور حتى كرهها وغادرها بحثا عن الموسيقى( تقع هذه المدينة على الحدود الألمانية وكانت المانية) . لم يوافقه والده حتى توفي حسرة على فراق ولده موزارت، الذي غادره الى " فيينا "( عاصمة الحلوى والأوبرا والدانوب !) التي مات فيها، مع زملاء العبقرية الطليان صناع الأوبرا. بدأ بكتابة أوبرا لتكريم روح والده، الذي كان محترفا الموسيقى وهو الذي إكتشف موهبة ولده موزارت، صغيرا سنة 1791م، فنجد في مذكرات أخت موزارت؛ أنها في زيارتها مع أبيها وأخيها موزارت العاصمة البريطانية لندن، كانت حالة والدهما الصحية متردية، ففرض الوالدعليهما أن يخلدا الى السكينة وعدم الإقتراب من آلة البيانو، فاستثمرالفتى موزارت الوقت بتأليف سمفونيته الأولى لكل آلات الأوركسترا، وكان دون سن الثامنة من عمره ، عندما عزف أول سيمفومنية ولحن أول أوبرا في سن 12، ودعاه إمبراطور النمسا "يوسف الثاني" ليعزف له في قصره ، ليسحب سنة 1787م البساط من تحت أقدام موسيقيي القصرالطليان، الذين تحولقوا حول كبيرهم" أنطونيو ساليبري "، ولم يقتصرعلى 15 أوبرا فوضع أكثرمن 56 سيمفونية و21 كونشيرتو بيانو وأكثرمن 20 سوناتو بيانو من تأليفه، وعمل لحساب مسارح أوبرات خاصة لسداد ديونه ليدخل التاريخ عبرالموسيقى ويكون صاحب الذكرى محتفى به تتنازعه دول الجوارالتشيكية الألمانية النمساوية، على أنه منها، رغم أنه توفي في فيينا في مقبرة جماعية شأن الفقراء، وأوصى بأن تكون الألمانية لغة موسيقاه العالمية الكلاسيكية ، حيث لالغة ولا وطن لغذاء روح الإنسان الموسيقى.

بعد الحرب الكونية الثانية أجبر الألمان السوديت على النزوح من المنطقة الحدودية التشيكوسسلوفاكية عقابا لهم على تعاونهم مع الغازي النازي إبّان هذه الحرب . وكانت التلفزة النمساوية تبث دعاية إستفزازية للألمان السوديت، جسدها ملصق جداري ضخم علق في الشارع تضمن صورة لموزارت مع مساءلة: أقام موزارت نصف عقد من الزمن في تشيكا، أما أنتم؟. وقد مثل النمساويين المبعدين عن الأراضي التشيكية(بإعتبارهم من الألمان)عضو حزب الأحرار في الإئتلاف الحاكم "يوهان هيرزوغ" القائل: أنه لتزوير للتاريخ وإهانة لضحايا الألمان السوديت. أن التشيك يريدون إيجاد إنطباعا بأن تشيكا كانت دائما بأسطورة الحدود مجافية للواقع. أن"موزارت" لم يزر تشيكا مطلقا، وإن إفترضنا زيارته لها، فقد زار التشيك، وأن براغ كانت مدينة المانية آنذاك، وعليه فإن من غيرالمقبول البتة بعد نصف قرن من التصفيات التشيكية للجماعات الألمانية وقوع كهذه السخرية، وعليه ينبغي إيقاف هذه الحملات الدعائية.

رئيس تجمع الألمان السوديت في النمسا"غيرهارد زهيسيل" بدوره يدلي بدلوه قائلا: إذا كتب على الملصقات وأستخدم في الدعاية التلفزية بدلا من كلمة تشيكيا كلمة بوهيميا فلا إعتراض من قبل تجمعنا. أما زعيمة مركز وكالة تشيكيا السياحية في فيينا "نورا دولانسكا" فإنها ترد: ليس بمكنتي تصورقيام وكالة سياحية مركزية بدعوة النمسا وبين زيارة دولة بوهيميا غيرالموجودة بدلا من تشيكيا، وأن إعتراض هيرزوغ لأمرغريب؛ فالعديد من النمساويين أعربوا خلافا له عن تهانيهم لتلك الحملة الدعائية لأنها توكيد لوجود حسن جواربين البلدين مذ زمن طويل، وفي ذات الوقت رغبة الناس بزيارة تشيكيا فضلا عن طرح إسم وصورة موزارت في الملصق بشكل ينسجم وقيام التحضيرات الضخمة في النمسا للإحتفال العام2006م بالذكرى السنوية 250 لمولد الموسيقارالعملاق موزارت. وأن مختلف المطبوعات قد ذكرت أن موزارت قد جذبته براغ ، وأن العديد من مقاطعه الموسيقية كان لعموم الفتيان والأناس يترنمون بها في الطرقات وجلهم كان ناطقا باللغة التشيكية.

المؤرخ التشيكي"توماس ستيرنيسك" من معهد التاريخ في أكاديمية العلوم التشيكية أعرب عن إستغرابه من التفسيرالذي يطرحه بعض الألمان السوديت مقرا بأن مفردة "تشيخين"( تشيكيا) لم يكن يُتداول بها خلال القرن 18م، بيد أن أراضي التاج التشيكي كانت فعلا تضم بوهيميا ومورافيا وسيلزكو أي أقاليم الدولة التشيكية الحالية. فضمن النظام الملكي تكون المواطنة التشيكية لكل مواطن، بصرف النظرعن تكلمه باللغة التشيكية أو الألمانية، وعليه فلا مبرر للتفرقة بين كون موزارت قد أشاد في براغ بالتشيك أم بالألمان. الألمان السوديت إحتجوا سنة 2004م على إعتزاز التشيك بميل"موزارت" الى براغ لأنه قال:" أن البراغيين الذين يعنونني يتفهمونني " ( الألمان السوديت يفسرون ذلك بأنه لايعني التشيك في عبارته هذه بل هو يعني سكان براغ من الألمان).

زعيم التجمع زهيسيل منذ سنوات عدة حاول إقناع الصحافة النمساوية الرياضية بإستخدام الأسماء الألمانية السابقة للمدن التشيكية مثل مدينة"ليبريتس" التشيكية، ينبغي أن تسمى"ريخنبيرغ"، ومدينة" شبيندلسيروف ميلين" الجبلية هي" سبيندلير موهلي". أما مدير مركز وكالة السياحة في فيينا فيرى: أن سوف تتواصل الحملة الدعائية؛ لأننا جميعا نتفهم ماوراءها، ألا وهو القول بأن من دواعي إزدهارالسياحة في هذا القطر أو ذاك؛ كون"موزارت" أقام في هذه المنطقة الأوربية، وينبغي التعرف على معالمها وآثارها وطبيعتها.