| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن ظافر غريب

algharib@kabelfoon.nl

 

 

 

الجمعة 28/ 12 / 2007



أصل الإبداع

محسن ظافرغريب

1
هذه محاولة رصد اليسير مما يتيسر وسقط سهوا خلال مواضيع العام الفارط ، لرد شؤون وشجون إبداع اليسار الى أصل عقد واحد نظمه أمير الشعراء"أحمد شوقي" وشدت به سيدة الغناء العربي"أم كلثوم" بتوصيف خاتم الأنبياء محمد(ص) إماما للإشتراكيين:"بنيت على التوحيد وهو حقيقة / نادى بها سقراط والقدماء / ومشى على وجه الزمان بنورها / كهان وادى النيل والعرفاء / الله فوق الخلق فيها وحده / والناس تحت لوائها أكفاء / والدين يسر والخلافة بيعة / والأمر شورى والحقوق قضاء / الإشتراكيون أنت إمامهم / لولا دعاوى القوم والغلواء". وفي"الشوقيات" ج1 ص 274 و290 على التوالي تأويل لأبي الأنبياء إبراهيم(ع):" شببتم بينكم في القطر نارا / على محتله كانت سلاما"!، وقسم بالخديوي عباس:"أقسمت بالعباس أني صادق/ فمر بهم بجلاله أن يقسموا"!.

وإذا رجعنا لشعارات صحيفة"الشرارة" الشيوعية العراقية، على سبيل المثال لا الحصر ، نجد: سورة الرعد 17:13 أيلول 1941م، سورة الشعراء 227:26 ؛ تحريضا، كما نجد في قول الشاعر العربي:"إن نصف الناس أعداء لمن/ ولى الأحكام ، هذا إن عدل"، كما استعار القرآن من الشاعر الجاهلي"عنترة العبسي":"..وإذا ما الأرض صارت وردة مثل الدهان"(
فإذا انشقت السماء، فكانت وردة كالدهان ـ سورة الرحمن 37)، و من(ديوان معروف الرصافي)مج 2ص 481 :" فتكون الأرض منها/ وردة مثل الدهان"، وفي ص 373 تأويل الرصافي آية الحديد 13 لحكومة الإنتداب البريطانية في العراق:" قال جليسي يوم مرت بنا/ من هذه الغادة ذات الحجاب؟!/ قلت له تلك لأوطاننا/ حكومة جاد بها الإنتداب!/ ظاهرها فيه لنا رحمة/ والويل في باطنها والعذاب"!، ومن ديوان الشاعر الإسلامي الجزائري"محمد العيد آل خليفة"، تأويل سورة النمل 52 :"فتلك بيوتهم خاوية بما ظلموا"، ص 353 قصيدة"وقفة على تيمقاد"، تصور آثار مدينة رومانية عظيمة شادها الرومان على سفوح جبال الأوراس الشمالية ليردوا بها غارات البربر:" فرددت في سري فتلك بيوتهم/ وحسبي به قولا لأصدق قائل"!، وفي ص434 من(ديوان آل خليفة):" فيا أيها الشعب الخلبلي محنة/ تبارك من أنجاك من لهب الجمر"!. ومن دعاء"الإمام زين العابدين السجاد"(ع):" اللهم لك الحمد على ما لم أزل أتصرف فيه من سلامة بدني، ولك الحمد على ما أحدثت بي من علة في جسدي"، ينشد" بدر شاكر السباب"(في سفر أيوب):" لك الحمد مهما إستطال البلاء، ومهما إستبد الألم، لك الحمد إن الرزايا عطاء، وإن المصيبات بعض الكرم"!.

ساعة ونصف الساعة من فيلم"تراب الغرباء" لا توفي شيخ عصر التنوير(الكواكبي الكبير)، حقه في"حلب"، كما يوفيه القاضي"سعد زغلول الكواكبي في مؤلفه"عبد الرحمن الكواكبي ـ السيرة الذاتية" الناشر قبل عقد من الزمن: بيسان للنشر والتوزيع ـ بيروت 1998م ، الكواكبي" الذي رحل سنة 1902م، ويرى في مؤلفه"
طبائع الإستبداد ومصارع الإستعباد" ص 75 :" أن الإسلام ينطوي على الإشتراكية(التكافل الإجتماعي في موضوعنا"تفاصيل وسائل الشيعة/ الخمس")، وأن معظم الأراضي كانت ملكا لعامة الأمة خلال القرنين الأولين للإسلام، مقابل العشر والخراج(الأول ضريبة إنتاج الأرض والثاني على ملكيتها). ومن وحي"الكواكبي" في(أم القرى) ص 35 يستوحي الشاعر العراقي الشعبي معروف الرصافي يوم 7 حزيران قبل 7 عقود(1937م) في"مجلس النواب" العراقي، ما نشرته صحيفة"الأهالي" السنة 6، العدد 606، 8 حزيران 1937م:"إني شيوعي...ولكن شيوعيتي إسلامية، لأنها وردت في القرآن الكريم، في قوله تعالى:"وفي أموالهم حق للسائل والمحروم ( سورة الذاريات ـ 19 )، كما قال الرسول:"تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم("صحيح البخاري"، حديث 1425 )، أليست هذه هي الشيوعية؟!، ومن يستطيع أن يقاوم هذا المبدأ، إلا من جهل؟!". حقا وصدقا، لم يخرج"الرصافي" ذلك من محض فيه، و لا من جيب جبته، كما لم يخرج رجال معممين كالمحمدين الجواهري وبحر العلوم، وكلب الإقطاعي في باب الكوخ بعوي:"أين حقي!"، من(معطف"غوغول" الموسكوفي). ولن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون. إن كنت محترما حقي فأنت أخي/ آمنت بالله أم آمنت بالحجر!، لأن الله كريم غفور رحيم في باب"العبادات" من شق الشريعة الإسلامية، وشديد العقاب في بابها/ شقها الثاني"العلاقات" الإنسانية. بهكذا قال شيخ عصر الأنوار"محمد عبده" في عاصمة النور"باريس"، قولته الشهرة؛"وجدت هنا إسلاما ولم أجد مسلمين، وفي بلاد المسلمين، وجدت مسلمين ولم أجد إسلاما"!، إنها لمفارقة الإنسانية أن:" لاينهاكم الله عن الذين لم يخرجوكم من دياكم أن تبروهم. ولو أنا كتبنا عليهم أن أقتلوا أنفسكم، أو أخرجوا من دياركم، ما فعلوه إلا قليل منهم(سورة النساء ـ 41 آية).
2
فنتذكر أن أول صحيفة عربية في العهد العثماني أصدرها في بيروت الصحافي الروائي الناطق بالعربية، التركية، والفرنسية"خليل الخوري"بإسم"حديقة الأخبار" سنة 1858م، و في السنة التالية 1859م تصدر له أول رواية عربية بعنوان"وي..إذن لست بإفرنجي!".
هذا ما جاء عرضا في موضوعنا"خطة خطف/ ملحق"، والحال أن الفعل الإنساني لأصل الإبداع يغلب على الرواية أكثر من أي جنس أدبي آخر، ودع عنك القصة والقص القرآني ومواعظ وعبر لاغنى عنها. دع كاهني و شيخك في خلافاتهما/ وتعال تحدث إلي عن أمور جوهرية!. أما أول رواية عربية تتوفر فيها شروط الحبكة التقنية والتلفيق الفني بمبناه ومعناه على أصوله المعروفة، فالمشهور في رواية"زينب" الصادرة سنة 1914م، للأديب السياسي المصري"د. محمد حسين هيكل"، المولود في قرية كفر غنام في مركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية المصرية، لأب ثري في دلتا مصر، وتوفي في 9 من مثل هذا الشهر الجاري كانون الأول من سنة 1956م، وكان عضوا في حزب الأحرار الدستوريين المنشقين عن"الوفد" المصري في بداية تأليفه، وكان عضوا بارزا فيه، ودخل الوزارة أول مرة، أيضا في مثل هذه الأ يام من ك1 قبل 7 عقود سنة 1937م.
في 4 آذار 1903م، ولد في بغداد رائد القصة في العراق"محمود أحمد السيد آل المدرس"، ونشأ في أسرة متدينة، والده مدرسا في جامع الحيدرخانة وإماما لجامع الشيخ عبد القادر الكيلاني(وكان جده وعمه من علماء الدين والإفتاء). تخرج قبل 9 عقود(سنة 1918م) في دورة إفتتحها الإحتلال البريطاني(الذي عاد شوقا ولو بقيادة أميركية اليوم!) للهندسة، وعين رائد القصة العراقية، موظفا بدائرة الري بقضاء"الهندية" في ظل حراب الجنود الهنود في جيش الإحتلال البريطاني الأول. بدأ الكتابة بصحيفة"الشروق"(وتقابلها اليوم صحيفة"الصباح" البغدادية!)، ثم صحف"العراق" و"العالم العربي" و"الإستقلال"، وفي مجلة"اليقين" و"المصباح" و"الصحيفة"و"المعرض"
و"الحديث"و"الحاصد". ثم عين كاتبا في وزارة الداخلية العراقية، أيضا في مثل هذه الأيام من ك1سنة ثورة 1920م العراقية. نقل الى مدينة الديوانية، ثم عاد مديرا للتحرير في أمانة العاصمة في أيلول 1926م، بعد أن أصبح سكرتيرا للبلديات في وزارة الداخلية سنة 1931م، فسكرتيرا لمجلس النواب العراقي في آذار 1933م، حتى وفاته في أحد مستشفيات القاهرة بمصر في 1 0 من ك1 (قبل 7 عقود) سنة 1937م .
درس (السيد) التركية مثل أبناء جيله وترجم عنها من الآداب الإنكليزية والروسية والأرمنية وآمن بحرية المرأة ومساواتها واختيار شريك حياتها وبمحاربة الجهل، الذي جعل البلادَ وأهلها في اتعس الحالات وبنشر العلم والاكثار من فتح المدارس وبدعوة لمقاومة المحتلين الانكليز بعد أن احتلوا البصرةَ(القرنةَ فالعمارةَ عنوة) وبموقف من الغرب وأميركا تحديداً. بموقف من الميز العنصري(مع الشرقي ضد الغربي). يميز بينَ فلاسفةِ الإفرنج الذين يحتقرون الشرقَ والجنسَ الشرقي وبين غيرهم.
منحاز لمبادئَ التضامن العام واحترام الحريةِ الشخصيةِ وربط الفرد بالجماعةِ. (تناول السيد موضوعات من الريف العراقي). قرأ لشارل وانير و(سر تطور الامم) لجوستاف نوبون الذي ينعته بأحد غلاة الوطنيةِ الإفرنجيةِ ومن كبارِ أقطابها وقرأ أميل زولا وتولستوي تشيكوف وفولتير وغوستاف ونظريات دارون وجان جاك روسو وغيرهم كثيرين. كان يميل إلى العلم والإجتماع قبل الشعر والخيال ويقول:“يجب أن يقرأ الشعبُ كتبَ الحقائقِ العلميةِ والعبرِ الإجتماعيةِ قبلَ السفسطاتِ والخيالاتِ”.
وجدت إشارات في قصصه ورواياته ففي قصة"جماح هوى" يشير إلى مدرس يعتنق المذهب المادي ويذكر أن د. شبلي شميل من أول الدعاة اليه في الشرق العربي. يشير إلى النشاط المعارض المنظم المعلن وغير المعلن مثلاً “الجمعية الاستقلالية التي تعمل في خفاء شديد” ويشير الى ثورة 1920م التي انهت عهد الاحتلال البريطاني العسكري المباشر للعراق. الى الحرب في (أبو جاسم)، (الدفتر الأزرق) وغيرها من قصصِ مجموعتهِ القصصية (في ساع من الزمن).
وكانت أولى أعماله رواية قصيرة بعنوان"في سبيل الزواج" أصدرها في آذار 1921م بمقدمة لصديقه حسين الرحال وقد أعتبر (في سبيل الزواج) رواية تمهيدية لأدب أفضل ودعا الى تشجيع (محمود آل المدرس) برغم صغر سنه (وحداثة عهده وابتدائه بفن الكتابة). روايته"جلال خالد" الذي نحتفل بالذكرى 80 على صدورها في بغداد 1928م، وتجد في ص 61.12.9.2 أن بطل الرواية"جلال خالد"، هو السياسي اليساري العراقي الأول"حسين علي صائب الرحال" (*)، الذي سافر الى الهند عام 1921م، عبر ثغر العراق البصرة، ليلتقي الصحافي الهندي(ف. سوامي)، ويتعلم لغة المحتل(الإنجليزية) خلال سنة كاملة. كان أستاذ(الرحال)في التاريخ، في المدرسة السلطانية ببغداد عام 1914م، ه و الماركسي غير البلشفي"آرسين كيدور"، عضو منظمة تركية ثورية بإسم الـ"هنشاق"(أي:"الجرس"). كان الأتراك يحتلون العراق بإسم الإسلام!، والبلاشفة يحتلون خانقين وبعقوبة!، وعندما غادروا العراق، غادر معهم (كيدور) بصفته مترجم الروسية، الى أرمينيا التي أعلنت قبل 9 عقود (سنة 1918م) جمهورية مستقلة، بعد أن إنتقم من شعبها(المسيحي) الأتراك (ليدان أحفادهم هذه الأيام!)، وتبنى الرحال أفكار الجمهورية واليسار وتحرير المرأة. وفي عام 1920م عاد(كيدور) الى بغداد بصفته الدبلوماسية، قنصلا لجمهورية أرمينيا، وكان يدير في ذات الوقت محلا لبيع الخمور في حي رأس القرية المسيحي ببغداد!. كانت(صومعة)"مسجد الحيدرخانة" في بغداد عشرينات القرن العشرين، ملتقى الثوريين في العراق، كان للسيد والرحال أصدقاء آخرون كان قد تعرف عليهم الرحال فيما بعد منهم: عبد الله جدوع ومحمد سليم فتاح وإبراهيم القزاز ومصطفى علي وعوني بكر صدقي وكمال صالح وفاضل محمد البياتي وغيرهم.
وكان(الرحال) قد أصبح طالبا في مدرسة الحقوق ببغداد، ليشكل أول حلقة دراسية ماركسية في العراق عام 1924م.
في البصرة سنة 1929م، تشكلت"جمعية الأحرار"(الحزب الحر الل اديني) التي كانت أول منظمة لجبهة شيوعية في العراق وكان ورق صحيفة الحزب الشوعي العراقي(القاعدة) يدبر سريا من مطبعة(التايمز) في مدينة البصرة في عقد أربعينيات القرن الماضي، بواسطة(اللجنة السوفيتية لإرسال معدات الإجارة والتأجير) لدعم مجهود الحلفاء الحربي الإمبريالي ضد دول المحور . صحيفة الصحافة التي ظهرت عامي 1924-1925م بدء من عام 1927م ، كانت منبرا ماركسيا، تعمل في ظله تلك الحلقة، ومن أعضائها؛ محمود أحمد السيد، ومصطفى علي، وهو معلم أصبح في عهد مؤسس جمهورية العراق الشهيد الوطني الخالد عبد الكربم قاسم ، وزيرا للعدل.
سنة 1924م كان الشاعر العراقي"جميل صدقي الزهاوي"(وتحمل إسمه مدرستي الإبتدائية التي تأسست مع مولد جمهورية العراق، في دار سكنى مؤجرة، في مدخل حي العباسية على نهر العشار ، طريق بصرة ـ عشار ، مع بدء تأسيس حي الجزائر في الجوار ، حيث كنا نسكن يقول؛ سئمت كل قديم عرفته في حياتي/ إن كان عندك شىء من الجديد، فهات. وقبل 80 حولا، حث العراقيين(سنة 1928م) قائلا؛ ثوروا على العادات ثورة حانق/ وتمردوا حتى على الأقدار(الديوان الخامس: الأوشال ـ صدقي بغداد). نشر بيت شعر الزهاوي ـ ا لأول أعلاه ـ مع تأييد له في صحيفة(الرحال)"الصحافة" السنة الأولى، العدد 3 تاريخ 26 شباط 1925م.

يقول محمود السيد في قصته الموسومة"النكبات" التي نشرت في كتاب طبع في القاهرة سنة 1922م:" أن قوة الثقافة القديمة الكامنة في وجدانه الباطن ، ظهرت حالة تكافح طلائع الفكر الجديد ، فكانت المعركة خفية غامضة بينهما ، تغلب هذه تلك تارة ، ثم تغلب تلك هذه تارة أخرى وهي شاعرة بالضعف ، تتوقع الهزيمة بين حين وحين".
لم يؤمن متمرد عصره على رجال الكنيسة وأصحاب رؤوس الأموال،"أمين الريحاني"(1876-1940م)، بشكل قاطع بالمساواة كما تفيدنا
"الريحانيات" ج1 ص 113-114، ج2 ص 117-118، وآمن الزعيم الأمين"عبد الكريم قاسم" بشكل قاطع، برفع الفقراء مع عدم خفض الأغنياء في مثل العراق مهد الحضارات والخيرات والمقدسات.
وأفتى المفتي الأكبر الشيخ محمد بخيت ضد البلشفية عندما إستولت على كل السلطات في موسكو، ورد عليه الفابي القبطي المصري"سلامة موسى" عبر صحيفة الأهالي و"وادي النيل" القومية. أما صحيفة"الأهرام" فنشرت مقابلة مع لينين قائد ثورة البلاشفة السوفييت، أجراها صحافي ألماني، عرف فيها الشيوعية، بينما تراسل لينين والشيخ الخالصي الكبير في بغداد !. وقال الشيخ المصلح"رشيد رضا":"لم يكن أحد يعرف البلشفية في مصر - قبل نشر هذه الفتوى-! . وعند قيام الدولة السوفتية بدأ التبشير بالشيوعية والسلام بين الشعوب في مواسم الحج بمكة بين كادحي المسلمين على أساس آية تعارف الخلق قبال وشعوب كما جعلت وجبلت. وقد جاء في الكتاب المقدس،"العهد الجديد"("الإنجيل"،و"القرآن" أحدث منه ومحفوظ بفضل تطور الطباعة)، الرسالة الى أهل رومية 9 : 20-21 : "بل من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله ؟!(أي قال الله وأقول أنا!) ألعل لجبلة تقول لجابلها لماذا صنعتني هكذا ؟! أم ليس للخزاف سلطان على الطين أن يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة وآخر للهوان؟!".
 


(*)
الرحال من عائلة متوسطة الحال كان أبوه ضابطاً للأملاك السنية العائدة للسلطان عبد الحميد، عايش أحداث الثورة التي اندلعت في ألمانيا في كانون الثاني من عام 1919 ، بقيادة عصبة سبارتكوس الشيوعية ، التي انتهت باغتيال روزا لكسمبورغ وكارل ليبكنخت، إذ رأى لأول مرة ، وبصورة مباشرة ، ثورة يقودها العمال . وقيل أن الرحال ق د سأل عن الذي يحدث ، فكان الرد " أن العمال يريدون تأسيس حكومة لهم ." وقد ترك هذا القول أثر في نفسه ، ويبدو أن الرحال شارك في الكثير من النقاشات التي كانت تجري بين طلبة المدرسة التي كان يدرس فيها حول هذه الثورة . ومن جراء هذا فإن اهتمام الرحال بمثل هذا الحدث دفعه إلى تقصي الحقائق عن هذه الحركة وتاريخها والظروف التي أحاطتها عن طريق مطالعة الصحف والمجلات اليسارية وخاصة صحيفة الحرية ( Die Freiheit ).
(حسين الرحال) منذ بداية وصوله العراق. فعندما عاد(توفيق الخالدي) وطرحت مسألة نظام الحكم المرتقب في العراق، وقف(حسين الرحال) الى جانب (الخالدي) في تأييد وترشيح (عبد الرحمن النقيب) على أعتباره أن انتخابه يمثل مرحلة أولى للعبور نحو النظام الجمهوري. أطلع (الرحال) على أفكار (ميكيافيلي) وتوضح لديه أن دعاة فكرة ميكيافيلي صاحب كتاب ( الامير) هم من اصحاب فكرة التوسع والاستيلاء وانصرف (حسين الرحال ) الى عقد الندوات الثقافية في مقاهي بغداد مع النشاط الصحفي فأصدر مع جماعة من المثقفين التقدميين صحيفة (الصحيفة) في 28 كانون أول 1924م وكتب فيها مقالات ناضجة وفق نهج اشتراكي علمي( ينظر مثلا العدد ال اول في 28 كانون الثاني 1924م مقالة (المحيط الطبيعي والمحيط الاجتماعي، والعدد الرابع في 2 شباط 1925م مقالة (أخلاق الاقطاعيات - الافتتاحية) والعدد الخامس في 1 مارس 1925 مقالة( نظرية التاريخ) والعدد السادس من مارس 1925 مقالة (هل هناك عروق ممتازة ؟). ثم اشترك (حسين الرحال) مع الصحفي (ميخائيل تيسي) صاحب مجلة (الناس الشوارع) في أصدار جريدة ( سينما الحياة) في 17 كانون الأول 1926، وهي أول جريدة عراقية وصفت نفسها بأنها جريدة اشتراكية بمعنى كونها جريدة شعبية من الشعب الى الشعب وعليه فستكون وقفا لخدمة العموم وأحوالهم الاشتراكية. ثم اشترك(حسين الرحال) في التظاهر ضد زيارة الزعيم الصهيوني(الفريدموند) الى بغداد عام 1928م وتم اعتقاله مع مجموعة كبيرة من المثقفين التقدميين أول حلقة من الماركسين العراقيين حاولت تأسيس اول منظمة شيوعية ضمّت كلا من حسين الرحال، عوني بكر صدقي، مصطفى علي، محمد سليم فتاح، محمود السيد، عبد الله جدوع وفاضل محمد. وعمل الرحال في دوائر حكومية صرفة كالمواصلات منهيا نشاطه السياسي الماراثوني في الترحال والحضر، ويقال أن لقبه متأت من رواحلة الأنبار. شقيقته"سعدية"و أول بغدادية ترفض علنا الحجاب شقيقته أمينة"أول إمرأة عضو للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي بين 1941-1943م ، وزوجة عوني بكر صدقي.
 


 

Counters