| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

محسن ظافر غريب

algharib@kabelfoon.nl

 

 

 

 

الأربعاء 25 / 10 / 2006

 

 

الأراذل؛ صدّام السجين يليق بكم

 

محسن ظـافـرغريب

كان الضابط النكرة المتقاعد لرعاية البقر أحمد حسن بكرالتكريتي، مولعا بالطرب الغجري البدوي والإستماع الى الشعر الريفي الأصيل على الربابة للملا ضيف الجبوري  .
وكانت قرية الشويش على تخوم بلدة الحويجة التابعة إداريا لمحافظة التآخي كركوك هي منشأ تبع النكر البكر المسخ صدام التكريتي، وفد منها على بلدة تكريت صبيا لم يكن إنسيا سويا، حيث عُرف في قرية" العوجة" سارقا للدجاج ولبقرة بتناص مع نص ّ، يذكرنا برائعة أدبية عن قصة جندي روسي جعلها المخرج الروسي الشهير سترافنسكي مسرحية سنة 1918م بعد الحرب الكونية الثانية، إذ طلب من الكاتب السويسري " تشارلس فرديناند راموس"، ليكتب نصّها كي يعد بدوره الإخراج المسرحي والمؤثرات البصرية والموسيقية المعبّرة عن خلاص أوربا العجوز من الطاعون والحروب ومن مآل كحال العراق الطاعن بحضارات ماقبل 5 آلاف سنة قبل التاريخ، بعد النقاهة من آثار إجتياح طاعون البعث العبثي العدمي . هذا التناصّ كتبته البريطانية " ربيكا لينكيوفتش " نثرا بالإنجليزية ليجعله الشاعر العراقي البصري "عبد الكريم كاصد" شعرا لسان حال الجندي الخارج من نفق حروب البعث الظلامية الظالمة ليغويه إبليس بأن يبادله كمانه بكتاب تعلم حيل الثراء في أيام 5 بدون معلم!. على أن يتلبس إبليس روح الجندي فيخسر إنسانيته وأعز ناسه أمه وحبيبته، بما يتناصّ وروح رواية " اخرج منها يا ملعون "!( رواية لكاتبها ) . لقد زار المخرج البريطاني الشاب " أندرو ستبغال" بغداد ليتعرف على الحركة الفنية العراقية الخارجة من بين دخان ورماد ودمارالحروب التي أشعلها البعث وفرّ وراء فارسه صدام المصدوم بالرعب منها، الى حفرته في الدورعند مسقط رأسه في شهر نيسان2003م أقسى الشهور بتعبير الشاعر( البريطاني - الأميركي) " ت . س . أليوت "، بمناسبة ذكرى مولد البعث ومولد فارسه الوغد " صدام "، فاختار الفنانين العراقيين " ضياء الدين وفلاح الفليح وعلاء رشيد"، ليكون الديالوج باللغتين العربية والإنجليزية بين الراوي والجندي وإبليس في آن معا. افتتحت هذه الإستذكارات التاريخية بكتاب أصدرته مديرية استخبارات حكومة عبدالسلام عارف " المنحرفون " وبعدها توالت مذكرات بعثيين تائبين أمثال هاني الفكيكي وطالب شبيب وحازم جواد، وشهود من الشيوعيين العراقيين مثل زكي خيري وصالح مهدي دكلة ورحيم عجينة وبهاء نوري، ومؤرخين أجانب محاييدين مثل حنا بطاطو ومؤرخيين محليين مثل علي كريم سعيد، وشعراء عاصروا المحنة مثل فاضل العزاوي في كتابه " الروح الحية "؛

في عام 1955م أتم ( صدام التكريتي) دراسته الإبتدائية عندما يفترض أنه بلغ سن الرشد عامذاك، ودخل المدرسة الثانوية بدء بمرحلتها المتوسطة فحصل على هويتها ليتهرب من أداء الخدمة العسكرية ثم يهرب الى سورية. وفي عام 1959م رفض الدكتور " أحمد السمّان " رئيس جامعة دمشق، تنفيذ قرارلحزب البعث الحاكم ، عن رئاسة الإقليم الشمالي للجمهورية العربية المتحدة ( سورية ومصر برئاسة عبدالناصر الطامع بضم عراق عبد الكريم قاسم بعد التآمر على سيادة جمهورية العراق وعلى سلامة مؤسسها " قاسم" ) بقبول صدام التكريتي ضمن طلبة آخرين، لعدم إمتلاكهم ثبوتات، رغم تدخل المخابرات المعادية لجمهورية العراق الوليدة آنذاك، عن طريق وزير الداخلية ورجل المخابرات في دولة الوحدة القوي عبد الحميد السراج. أصرّ "السمّان" على تمسكه بالأصول القاضية بأن مثل ذلك يخالف الشروط الأكاديمية وقانون جامعة دمشق، قبول تلميذ فاشل في المرحلة الدراسية المتوسطة ( من الثانوية) مثل صدام التكريتي الدعي على أنه ناجح من المرحلة الثانوية. وبعد أن وفد حزب البعث من مسقط رأسه دمشق وتسلط في بغداد حتى ماد ما بُني على باطل لابدّ آيل للسقوط وسقط فعلآ كما ينبغي له أن يكون. درس صدام السجين في كلية الحقوق ببغداد ألف ليلة وليلة ليكون حرامي بغداد، فكان يأتي مع نحو مائة من حرسه فقط لإثبات حضور شكلي في وقت الإمتحان تاركا الأوراق بيضاء ناصعة كيد موسى عليه السلام عندما يخرجها من جيبه خالية الوفاض!.

قبل عقد من الزمن(سنة1996م)، شهد إثنان من أعيان الشخصيات العراقية المعروفة؛ " د. منذر الشاوي"، وأستاذ القانون(أبُ علي)" د. سعدون القشطيني" في جامعة آل البيت بالأردن؛ كانت نسخة رواية" الأيام الطويلة" الأصل، التي تدور أحداثها في غضون النصف الثاني للقرن الماضي قد زورت على نهج التزوير الطويل الذي هتكه مطلع القرن الحالي على أساس قاعدة؛ بإمكانك أن تخدع كل الناس بعض الوقت، وبإمكانك أن تخدع بعض الناس كل الوقت، ولكن ليس بإمكانك أن تخدع كل الناس كل الوقت"، إذ لم يكن صبي قرية عوجة تكريت في عالمه السفلي الوافد الى الشوارع الخلفية لبغداد منتصف القرن الماضي، قد إستهل حياته بعد جنحة مخلة بالمروءة والشرف هناك وإجتراح جريمة دفعه إليها خاله البذىء "طلفاح المسلط" عليه ماعليه، هنا، لم يكن الصبيّ الجانح" صدام حسين مجيّد" سوى( تكملة عدد) فرضها تخلف أحد نكرات زمرة التآمر الأجنبي على حياة ابن الشعب البار الزعيم الوطني والرمز العراقي" عبد الكريم قاسم" قدّس الله نفسه الشريفة، ليختار البعث العميل على عجل - كحكم إضطرار- هذا الصبي المسخ الذي وُلد ليتعذب ويُعذب ويقتدي به من على شاكلته من الأراذل كان يليق به وهو يتغنى به رعبا ورهبة ورغبة وطمعا إنتهازيا طفيليا، بحظوة:" صدام حسين يلوك إلنا !" (يليق بنا)، ليكون ما كانوا به يعمهون، حسرة عليهم اليوم، فكان ذاك صبي الحضيض البائس اليائس الكئيب سحقا وبُعدا لأيتامه الذين لاعزاء لهم في زماننا هذا وترحا، كان( شيش عوازة) طارىء على البعث ذاته ناهيك عن كلّ مكونات الشعب العراقي الشريف، فأستعمل في حادث التآمر الدنىء ذاك، في الحقيقة( والواقع) فقط لتغطية إنسحاب فئران الزمرة الضالة المغرر بها الى " أوكار الهزيمة "( عنوان كتاب شاهد من أهلها، البعثي القيادي التائب، المرحوم" فكيكي")، كما هو دائما شأنها، مرتبكة مذعورة رغم عنصر المباغتة لأب الوطنيين العراقيين الشهداء والأحرار، شهيد الوطن" قاسم "، وهذا فقط ما كان لاغير وما بان واقعه بعد لأيّ ولتيا، عندما نبذ "حزب البعث العربي الإشتراكي" المنحل واقعا ثم دستوريا، جلآده في بيان صادر من " قيادة قطر العراق المؤقتة " في عراق عبد الكريم قاسم وفي مسقط رأس البعث الهارىء، "دمشق" الأمويين الوافد منها ويُعاني بها بالذات واقعا منذ أمد من الواقع، ليواجه الهدّام صدّام الخيانة والإجرام، مصيره المحتوم وفاقا قصاصا، منفردا في الذكرى السنوية الرابعة لقبضه في حفرته الحقيرة من قبل من إستعمله وخلعه بعد نفاد صلاحيته، منسجما وذاته في 13 كانون الأول 2003م، كما كان منفردا معتمدا على البعث وقوّة منصب العُجالة والعار المستحدث على جثة مؤسس" جمهورية العراق" الطاهرة ( منصب رئاسة جمهورية الخوف في نكبة 8 شباط الأسود 1963م المنتجب غير الشرعي وغير المنتخب )، وقد جاء في نصّ بيان البعث :" حان الوقت لإعادة إعتبار الحزب، بأن لا نسمح لأحد مهما كان موقعه وعنوانه أن يضع نفسه فوق الحزب ويتصرّف على هواه، وعلينا أن نعترف بأنّ فرصة حزبنا في البقاء والتجدد تكمن في تبني الديمقراطية كخيار وممارستها في الحياة الداخلية للحزب، والعمل على رفده بدماء جديدة وقيادات شابة قادرة على النهوض بأعباء المرحلة.. وضرورة الإستفادة من دروس المرحلة السابقة لبثّ الروح من جديد في جسد الحزب لتجديد حيويته وشبابه، بعد أن أصيب بالوهن والشيخوخة ونقول بقوّة للمتشبثين بمواقعهم السابقة، إنّ المؤتمر القطري السابق مضى عليه خمس سنوات تقريبا وقد تعرّض الحزب خلالها الى زلزال وصدمة عنيفة أدّت الى سقوط التجربة وإحتلال البلد. كنا ننتظر من قيادة الحزب السابقة أن تتحلى بالشجاعة وتتحمل مسؤولية ما حصل وتعترف بفشلها بقيادة الحزب والدولة لتحظى بجزء من إحترام الحزب والشعب، لا أن تتشبث بموقعها وتقاوم عقد المؤتمر، وكأنّ الحزب ملك لها آل إليها بالوراثة. برنامج مؤتمر الحزب: العمل على إخراج قوّات الإحتلال بكافة الوسائل وتبني خيار الديمقراطية والتعددية وعدم العودة الى أسلوب الحزب الواحد ونبذ العنف وتحريم إراقة الدم العراقي والعمل على إقامة جبهة مع مختلف الأحزاب والقوى الوطنية والقومية، التي تؤمن بوحدة العراق وإنتمائه العربي. الدعوة الى الكادر المتقدّم في الحزب وجميع البعثيين في التنظيمات العاملة داخل وخارج العراق الى إعادة تنظيم صفوف الحزب والحفاظ على وحدته وتجاوز كافة الخلافات ". لقد أتلفت نسخة فيلم"عبد الأمير معلآ " التجارية، مع إتلاف الرفيق الصندوق الأسود "خالد على صالح" المصري الجنسية، وسُجل إغتياله في أمّ الدنيا مصر ضد مجهول.و كان يوما ما صندوق أسراره وقبل ذلك مسؤوله الحزبي المباشر، لأنه يعلم أكثر مما ينبغي بالمفهوم المافيوزي ثم من بعد ذلك أفشى الكثير وعرّى جذور عُرى وعار صدام، للأستاذة الجامعية والإعلامية العراقية(م.ع.ي) التي عملت معه بحكم الصدفة في جامعة الفاتح في طرابلس الغرب قبيل أن يعاد عنوة إلى مصر، لتدفن معه صفحات الخيانة والعمالة السوداء لصغار الصغير صدام والبعث لوكالة المخابرات الأميريكية CIA مبكرا.

يروي الإعلامي إبراهيم الزبيدي في إعترافات سُجلت له على أقراص مدمجه ووزعت بأنّ صدام الذي يعرفه مُذ سرق حصانا، وباعه فسجن، في مقتبل حياته الجانحة حتى بلغ السبعين خريفا من عمره غير الشريف في محبسه اليوم، وقد كشف صدام بنفسه أن زوج أمه كان يجبره على سرقة الدجاج، ويبوخه إذا لم يبع مسروقاته بثمن مجز. وهي حقيقة وكدها المغدور المذكور على رأي المثل المصري"تبان السرقة عندما يختلف الحرامية مع بعضهم"، منوّها بأن الكلّ يعرف الصبي صدام بأنّ إختصاصه سرقة الدجاج، ويبيعه عادة في سوق تكريت أو سامراء أو حيث إنتهى به مطاف نهايته في حفرته بمنطقة" الدور" القريبة من مسقط رأسه قرية "العوجة" التي تطهّرت من إعوجاجة والمقترح تعديل إسمها الى " العوسجة"، ليعتاش من السحت كما هو شأن مريديه( المكاريد). لكنه صادف يوم سعده بلقية بقرة مثله سائبة،(فإلتمّ المتعوس على مقطوعة الرجا) هذي على رأي المثل المصري!، وساقها بعيدا عن الأنظار، مستأجرا عربة حمل صغيرة كما كان وهو صغيرا مطيّة، وكما كان ذات مرّة "غدّارة" للغدر والإيجار، لينقل البقرة الى سامراء ويبعيها بجوار ضريح الإمامين العسكريين(ع) المهدّم اليوم، بثمانين دينارا في ذلك الزمان . لكن الصدفه وحدها جعلت أحد أهالي تكريت يلمحه متلبسا بقياد البقرة في سوق سامراء. ولدى سماعه بالبحث عن بقرة ضالة، أخبر أصحابها بأنه رأي صداما يبيعها. مثل هذا "يحصل في أحسن العائلات" على رأي المثل المصري، في مجتمعات صغيرة كأهل الكريّة كلّ يعرف أخيّه على رأي المثل العراقي الشائع آنذاك، و" ما غريب إلآ الشيطان" على رأي المثل المصري.

سجلت الشكوى لدى شرطة تكريت، وبدأ أصحاب الشأن يبحثون عن الملعون الخارج منها ( من قرية العوجة)، فوصل الأمر لمسامعه، فهرب لائذا ببيت خاله شرّ من خلق الله، وما خلقه باطلآ حاشا "طلفاح المسلط"، في عكد التكارتة بجانب الكرخ من بغداد، فمكث هناك مختبئا يتعلم بأنّ الله خلق ثلاثا آية للناس وعظة وعبرة؛" الذباب وعفلق وطلفاح". وبعد إصرار أصحاب البقرة على قصاصهم ، اعترفت النابغة" أم حارس المدرسة دهام"( صبحة طلفاح)، المرحومة أمه، بأنه هرب الى بيت خاله، فشاغل السلطات بنقل ملف الدعوى الى مركز شرطة الكرخ، ليتمّ إلقاء القبض عليه هناك، فأودع السجن سنة1959م، بتهمة سرقة البقرة.

صادف صدام في حبسه ثلاثة عناصر من المنتمين الى تنظيمات قوميه عروبية، تحت التحقيق، وكانوا يأسفون لضابط مغمور مثل عبدالكريم قاسم يقبض على السلطة وتكون طوع يمينه مثل عبد الناصر مصر ويكون ندّا بالعداء له .. صاح أحدهم منفعلا على الطريقة العروبية، والله لو أحدكم أقدم وقتل عبدالكريم، ليستحق الثناء وأي شئ يطلبه سوف يوفر له. فإسترق السارق صدام (طرطاش) من الحوار، فإستهوت نفسه الأمارة بالسوء بطبعها الفكرة، وأخبر الصائح بأنه هو الذي يستطيع فعل ذلك، على أن يعينوه ماليا على إجتياز محن العيش، والأهم أنه متهم بسرقة بقرة، ويجب عليه تسديد ثمنها البالغ 80 دينار. فإستغرب القوم هذا العرض السخي، وأوصوا أن يجمع له المبلغ على عجل ليدفع لأصحاب البقرة، كي يتنازلوا عن الدعوى، وتمّ إطلاق سراحه وأغلق ملف الدعوى. لكنه أوصي من قبل زملائه في السجن بأن يذهب الى عنوان معيّن في حي بغداد الجديدة، ويتصل بشخص أسمه على إسم العميل الأميركي الجنسية السارق سحتا حراما من المال العام المحكوم بسنتي سجن" أيهم السامرائي"(عبدالخالق السامرائي)، لكي يجهزه بما يقتضي تنفيذ وعده لهم.

وفي عصر ذات النهار دقّ باب دار عبدالخالق السامرائي، وقابل ذلك المجهول غريب الأطوار، الذي يريد الإرتزاق من عملية جلل تجلله بالعار تتعلق بمصير سلطة. فأمتعض ولم يُسرّ "السامرائي" وشك بالأمر وأراد المناورة، فأخبر صدام بأنه، أي نعم يختلف مع عبدالكريم قاسم، لكن الأمر لايحتاج أن يقدم على إغتياله. وأطرى على حماسه وشكره، وأوصاه أن يتصل بمسؤول الحزب الفرعي المدعو خالد علي صالح، و تمّ اللقاء بينهم لاحقا ليلتمّ المتعوس على مقطوع الرجا.

كان لعناصر البعث القليلين صلات مريبه مع CIA، ومع عناصر من المخابرات الفرنسية في بغداد وعمان وبيروت، التي إرتأت أن عملية إغتيال الزعيم سوف تقوّض السلطة وتوفر عليهم جهدا ووقتا. وقد ذكر "مجيد خدوري" في كتابه "العراق الجمهوري" جردا ضمن قائمة الإتهامات، عناصر تعمل في السفارة والبنك الفرنسي في بغداد. وبهذا الصدد فان ثمة عناصر جزائرية مبعوثة للدراسة في بغداد كانت تلعب دور الوسيط لصالح إعادة العلاقات مع عراق عبد الكريم قاسم الداعم لثورة شقيقته الجزائر مع فرنسا الإستعمارية، ومازال على قيد الحياة من يشهد على ذلك.

وهكذا تم تجنيد عناصر من ضمنهم صدام لإغتيال الزعيم المنقذ الفذ "عبد الكريم قاسم"، وبدأ عليهم الذعر والإرتباك ومارسوا فعلهم مذعورين، حتى إغتال أحدهم الآخر، وقتل المجرم الغر"عبدالوهاب الغريري" علي يد رفاقه بشهادة الكثيرين. ومن أكاذيب سلطة البعث ودعواهم في فيلم (الأيام الطويله) قولهم بأن شارع الرشيد فرغ من المارة ذعرا، أمرا يجانب الحقيقة. إذ تجمع العراقيون وطالبوا بالإقتصاص مباشرة، وهتفوا بإسم زعيمهم، وهذا ما يشهد به أهل بغداد الذين شهدوا الحدث.

ومن الجير بالذكر أنّ البعثيين المشاركين بالفعل الجبان الغادر لم يحملوا أي أوراق ثبوتيه، كي تكون شخوصهم مجهولة، إذا ما أمسك بهم أو نفقوا. وهو ما حدث مع الغرّ الغريري نفسه، حيث لم يجدوا غير قطعة قماش مخيطه على سترته(ماركه)، مكتوب عليها أسم الخياط الذي خاطها، فذهبوا للخياط الواقع في شارع الرشيد، ووجدوا صاحبها المدعو"سليم سلامه"، الذي لم يتعرف على السترة أول وهلة، لكنه كان يحمل في أرشيفه أسماء كل من خاط ملابسهم، وعادة ماكان يلصق مقابل الإسم قطعة قماش صغيرة للقماش الذي خاط منه. وهكذا تمّ التعرف على النافق غريري وعنوانه، وأنه من سكنة المحموديه. ويُذكر بأن الدلائل تشير الى أن "الغريري" هذا كان شاذا جنسيا(صدام أيضا كان عدوا للرجولة العراقية فأفرغ العراق منها حتى زادت نسبة المرأة على نصف المجتمع)، بحيث وجدت آثار خنوثة، قبل أن يتأكد الفحص العدلي، وتلك المعلومه وردت في ملف القضية، وذكرها الضابط "زكي البادي"، الذي أشرف على إجراءات حمل الجثة.

وهكذا تهيأت للمغدور المذكور إبتداء أعلاه(خالد على صالح) إجراءات تهريب بمعية صدام الى سورية، ومن هناك بطائرة الى مصر عبد الناصر الذي دعمه الأميركان ليلة إنقلابه على" ملك مصر والسودان" لتحرير مصر من السودان ونصروه في حرب السويس سنة1956م وهو الطامع بوحدة ثروة العراق لا العراق، ومن الملفت للنظر أن الرجل مكث مسهبا بالعرفان لعبدالناصر الذي وهبه ورفيقه الحظوة ،وكرمهم وأحسن وفادتهم، ووهبهم إقامة دائمة في مصر، أفاد منها المغدور المذكور آنفا، ليتجنس بالجنسية المصرية لاحقا.

ويروي هذا المغدور عن نقل ملف كلاب البعث الضالة من مكتب عبدالناصر الى CIA، بقدرة قادر ، وكيف تمّ إعداد المرتزق صدام مخابراتيا لحرب الخليج الأولى المدعومة أميركيا مرورا بنكبة العراق المطالب بقضاء الكويت السليب، في شباط الأسود1963م، وإعتراف إنقلاب شباط الأنجلوأميركي بالكويت ثم إخراج (عسكر "محمد العاكول" الكمّ البعثي النفعي الخاوي من النوع المحترف) من الكويت التي أصبحت بفضل البعث دولة عضو بجامعة الدول العربية وبمنظمة الأمم المتحدة ثم ترسيم حدودها بقضم أراض من ثدي(آبار نفط) أمها البصرة الأصل.

وهكذا لبث المغدور المذكور مسؤولا حزبيا لصدام ، وعادا معا بعد إنقلاب 8 شباط 1963م، وفرّ المغدور وحده في مثل هذه الأيام، بعد إنفراج إنقلاب 18 تشرين الثاني خريف ذات السنة 1963م، وإسراع البعثيين كعادتهم للفرار الى أوكار الفئران، وعاد الى موطنه مصر حيث كان قد شرع بدراسة القانون بإيعاز من سيّده عبدالناصر، ولبث حتى عودة البعثيين الأولى والأخيرة على ظهر خونة القصر عسكر عارف( النايف والداود) في تموز1968م، وعمل بعد عودته مديرا للشرطة، ثم عين رئيسا لمؤسسة التمور العراقية، وبدأ يشعر بأن صدام الذي تحوّل من تبع للنكر أحمد حسن بكر التكريتي الى نائب لبكر، بدأ يتابع حركاته، إستشعر بحاسة شمّ الكلب البوليسي تبع تربية المخابرات، بأنّ ثمة مؤشرات غدر شملت لاحقا بكر وقادة ورفاق البعث بغير رفق والى قرب أجله عل يد صدام وجهازه الإغتيالي الضارب ( بولية مخانيث). ثم أكمل دراسة الدكتوراه وفي القانون أيضا، الخارج عليه صدام بدعوى دراسته!، وأوفد للعمل بدولة المعمر بالسلطة القذافي"الجماهيرية العربية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى" بصفته المزيفة المزدوجة أستاذا ومصريا.

ثم حدث ما لاتحمد عقباه، عندما وضع( الدكتور) المغدور المذكور أسمه زورا كما هو ديدنه وديدن رفيقه غير الرفيق ( الدكتاثور صدام أب الدكتور الطائش الهالك عدي) بموضع مؤلف كتاب بالقانون من مصر، الذي أقام عليه دعوى قضائية بعد إفتضاح أمره، مما أستدعى حبسه في ليبيا، ثم طرده الى مصر ، بعد تدخل السفير المصري والحكومة نفسها سنة1999م.فعاد المغدور يجرّ أذيال ذات خيبه صدام وبصفته أحد ضحايا عقليته "المصيبة" دائما على كلّ من يكون له معه تماس ما ويتبعه، وكما ضلّ من قبل، ظلّ متخفيا في وكر أفضل من حفرة رفيقه غير الرفيق صدام، في مصر التي عاش فيها أحلى سني عمره. بيد أن وكر الجريمة الصدامي سفارة مخابرات صدام وعيونه التي كانت مبثوثة بكل أقطار القطر المصري، مع مخابرات حليفة شقيقة وصديقة، التي شكل المغدور دالة خطر على سوء سمعتها، فوصلوا الصعايدة!، تعقب أثره شخصان بلباس جدعان صعيد مصر قطعا أثره وعقبه في وضح النهار.