| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. ميسون البياتي

 

 

 

السبت 28/11/ 2009



Nazim Hikmet
ناظم حكمت

إعداد : د . ميسون البياتي

بعد ان أمضى عدة سنوات في السجن غادر ناظم حكمت تركيا الى الإتحاد السوفييتي فسحبت الجنسية التركية من الشاعر بسبب عقيدته الماركسية , حيث مات في منفاه في موسكو عام 1963.
نائب رئيس الوزراء التركي جميل جيجيك قال بأنه قد حان الوقت من أجل أن تغير الحكومة رأيها لأن الجريمة التي اجبرت الحكومة وقتها على سحب الجنسية منه .. لم تعد في قوانين اليوم جريمة , وأن من حق أقارب ناظم حكمت التقرير فيما إذا كانوا يريدون نقل رفاته من موسكو لتحقيق رغبة وصيته بأن يدفن تحت شجرة في الأناضول .
ألا يبدو هذا الكلام غريباً من قبل الحكومة التركية بعد 46 سنة على وفاة الرجل ؟ وكيف عاش ناظم حكمت بعد سحب جنسيته منه ؟ هذا ما سنعرفه خلال السطور التالية .

ولد ناظم حكمت ران يوم 15 كانون الثاني 1902 وعاش حتى 2 حزيران 1963 ويعرف كأديب بإسم ناظم حكمت وهو شاعر , وكاتب مسرحيات , وروائي , وكاتب مذكرات , وصفت كتاباته بأنها ( شيوعية رومانسية ) أو ( رومانسية ثورية ) حيث أمضى بسببها معظم عمره أما في السجن أو المنفى .
ينحدر من أصل تركي پولوني شركسي , والده ( حكمت باي ) أحد أولاد محمد ناظم باشا , أما والدته (جليلة هانم) فهي حفيدة محمد علي باشا .
جده لإمه پولوني يدعى ( قسطنطين پولزوكيج ) ويعد واحدا من أوائل المنادين بالقومية التركية , إعتنق الإسلام فتغير إسمه الى مصطفى جلال الدين باشا . أما خاله فهو جنرال في الجيش العثماني يدعى ( أنفير جلال الدين ) .
ولد ناظم حكمت في مدينة سالونيك وكانت وقتها مدينة تركية أما اليوم فتدعى : ( ثياسالونيك ) وقد أصبحت مدينة يونانية . وتدرج في الدراسة حتى حصل عام 1918 على شهادة من الأكاديمية التركية البحرية التي تقع في واحدة من جزر بحر مرمرة .
كانت أيام دراسته حافلة بالغليان السياسي لكون الدولة العثمانية كانت قد دخلت الحرب العالمية الأولى الى جانب الألمان .
بعد تخرجه تم تعيينه كضابط بحري ليخدم على ظهر الطراد ( حميدية ) لكنه مرض مرضاً شديداً عام 1919 مما أدى الى إعفائه من الخدمة البحرية عام 1920 .
عام 1921 قام مع مجموعة من أصدقائه بالإنضمام الى حركة كمال أتاتورك العسكرية التي صاحبت تقسيم الدولة العثمانية بين دول الحلفاء المنتصرة , بعد هزيمة دول المحور في الحرب العالمية الأولى , حيث دعيت حركة أتاتورك ب ( حرب الإستقلال التركية ) ولهذا كان عليه السفر الى أنقرة حيث يوجد مقر الحركة .
حين تعرف أتاتورك على ناظم حكمت وصديقه نور الدين , أراد منهما أن يكتبا القصائد التي تلهب الحماس وتدعو الشباب الى الإنضمام للحركة .

هذه القصائد أعجبت الكثيرين فتقرر تعيينه مدرساً في المدرسة السلطانية العليا في ( بولو ) وعدم إلحاقه بالجيش .
توجهاته الماركسية هو وصديقه نور الدين لم تعجب الجهات الرسمية في بولو , ولهذا قرر الإثنان الذهاب الى مدينة ( باطومي ) في جمهورية جورجيا السيوفييتية ليعاينا عن قرب نتائج الثورة البلشفية 1917 .

في تموز 1922 غادر الصديقان باطومي الى موسكو , حيث درس ناظم حكمت الإقتصاد والإشتراكية في (الجامعة الشيوعية لكادحي الشرق) وفي موسكو أعجبته تجربة الشاعر والصحفي الروسي (فلاديمير مايكوفسكي) ورؤية ( ڤسڤولد مايرهولد ) الإخراجية المسرحية , مثلما أثارت إعجابه أفكار لينين الآيديولوجية .

على الرغم من أن قصائد ناظم حكمت الأولى كانت قد كتبت بأساليب تقليدية , إلا أنه خلال مسيرته الشعرية طور لنفسه مفاهيم خاصة تغيرت بموجبها أشكاله الشعرية . فقد كان مأخوذاً بمايكوفسكي وروآه المستقبلية , ولهذا فعند عودته الى تركيا كتب الكثير من القصائد المبتكرة والمسرحيات ونصوص الأفلام , وكسر الأسلوب التقليدي في كتابة الشعر وبدأ بكتابة الشعر الحر .

أصبح ناظم حكمت يقارن بكتّاب مثل ( فردريكو گارسيا لوركا ) و ( لويس أراگون ) و ( پابلو نيرودا ) رغم أنه يتحمل مسؤولية التشابه بينه وبين هؤلاء الشعراء , ومدين لهم ( ديون شعرية ) في الشكل والوسيلة والأسلوب , لكن شخصيته الأدبية هي الفريدة من نوعها من حيث أنه إستغل كل هذه العناصر لصناعة شيء يتفرد به هو وحده .

 العديد من قصائد ناظم حكمت تحولت الى أغاني للمطرب التركي ( زولفو ليڤاني ) كما تمت ترجمة قصائده الى أكثر من 50 لغة .
تعرض ناظم حكمت للسجن بسبب عقيدته الماركسية , ولهذا فقد نظمت عام 1949 حملة لإطلاق سراحه نظمها كل من : ( پابلو پيكاسو ) و ( پاول روبنسون ) و ( جان پول سارتر ) قام ناظم حكمت أثناءها بالإضراب عن الطعام لمدة 18 يوم , فتعرض الى نوبة قلبية , لكن ذلك

لم يؤدي الى إطلاق سراحه , بل خرج من السجن في عفو عام صدر عام 1950 فهرب من تركيا الى رومانيا عن طريق البحر الأسود ومن رومانيا دخل الى الإتحاد السوفييتي .
عام 1951 حصل ناظم حكمت على الجائزة الدولية للسلام من مجلس السلم العالمي لموقفه المناهض للنزاع الذي وقع بين القبارصة الأتراك والقبارصة اليونانيين .

رغم الموقف الحكومي التركي الرسمي من ناظم حكمت , إلا أنه شخص محبوب من عموم الترك , يعطرون ذكراه التي لم يخربها بعده عن البلد , رغم منع كتاباته من التداول في تركيا .

أثناء فترة إسقاط جنسيته التركية عنه .. كان يستعمل جنسيته البولونية التي حصل عليها عن طريق والدته البولونية . أما جنسيته التركية فقد أعيدت إليه بعد نصف قرن من إسـقاطها عنه ( 1959 _ 2009 ) وبعد أن لم يعد بحاجة إليها .

يوم 3 حزيران 1963 وعند الساعة السادسة والنصف صباحاً سار ناظم حكمت الى باب داره في موسكو لحمل جريدة الصباح وكانت تلك آخر خطواته .. فقد سقط على وجهه ومات بعيداً عن الوطن نتيجة لنوبة قلبية .

 

رسالة ناظم حكمت


لا تحيا على الأرض
كمستأجر بيت
أو زائر ريف وسط الخضرة
ولتحيا على الأرض
كما لو كان العالم بيت أبيك
ثق في الحب وفي الأرض وفي البحر
ولتمنح ثقتك قبل الأشياء الأخرى للإنسان
امنح حبك للسحب وللآلة والكتب
ولتمنح حبك قبل الأشياء الأخرى للإنسان
ولتستشعر اكتئابة الغصن الجاف
والكوكب الخامد
والحيوان المقعد
ولتستشعر أولاً اكتئابة الإنسان
لتحمل لك الفرحة
كل طيبات الأرض
ليحمل لك الفرحة
الظل والضوء
لتحمل لك الفرحة
الفصول الأربعة
ولكن فليحمل لك الإنسان
أول فرحة .

 



 

free web counter