| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الجمعة 9 / 2 / 2007

 

 

حول المخاطر الشاملة والنووية في الصراعات الأقليمية !
(1-2)

 

د. مهند البراك

فيما يؤكد علماء الأجتماع والسياسة والثقافة والعلماء العسكريون، على الأهمية الكبيرة لتزايد دور الثقافة والوعي العام في عالمنا المعاصر، الذي يفترض ان تقوم به الحكومات والأجهزة المسؤولة في المقام الأول، في رعاية مواطنيها وتسليحهم بالمعارف من اجل رفاه المجتمعات وسلامتها وامنها، في زمن تتزايد وتسهل فيه سبل اكتساب ونشر المعارف، يتزايد الوعي العام والثقافة تدهوراً في بقاع العالم، وتتزايد مخاطر العنف ومخاطر اشتعال الحروب (1)، اضافة الى مخاطر المخدرات والأيدز والفقر.
ويكاد يجمع الأخصائيون المعنيون على، ان مفهوم القوة صار من التعقيد في عالم اليوم، بحيث لم يعد محصوراً بالقوة العسكرية الصرفة لوحدها، وانما تعدّاه الى تفاعل القدرة العسكرية وتداخلها بقضايا صار لايمكن الاّ حسابها للتوصل الى ماهيّة مفهوم تفوّق القوة . . وفي مقدمتها ؛ الطاقة والنفط، القدرات المالية، العلوم والتكنولوجيا، العقائد الفكرية والسياسية والمعتقدات، القوة البشرية، الجغرافية السياسية، عوامل البيئة . . وغيرها .
من ناحية اخرى، وبعد ان حققت الأتفاقات الدولية منع وتحريم وتقييد صناعة واستخدام اسلحة التدمير الشامل، منذ تحريم استخدام الأسلحة الكيمياوية في الحروب . . اثر استخدامها في الحرب العالمية الأولى، وتسببت في تساقط مئات آلاف القتلى من الأطراف المتحاربة والمدنيين جراّء استخدامها، واثر اضرارها البيئية الهائلة وخاصة على الأرض والزرع والحيوان . .
الاّ ان الأسلحة الكيمياوية استخدمت من جديد في الحرب العالمية الثانية ولو بنطاق محدود، ليعاد استخدامها بعدئذ، سواءاً في الحرب الفيتنامية او في الحرب العراقية الأيرانية، ثم استخدامها من قبل نظام صدام الدكتاتوري ضد اطراف معارضته الداخلية سواءاً في كوردستان العراق او في مناطق الأهوار . . اضافة الى استخدامها من قبل النظام البورمي ضد اطراف المعارضة المسلحة التي تناضل ضده، واستخدامها في حروب القارة الأفريقية، من جهة.
ومن جهة اخرى، جرى ويجري استخدام اسلحة المواد المشعة والأسلحة النووية المحدودة التاثير (المطوّرة) من قبل دول كبرى في حروبها الجارية منذ عقود وحتى اليوم، وفق تقارير المنظمات الدولية سواءا العائدة للأمم المتحدة او للصليب الأحمر الدولي ومنظمة العفو الدولية ومنظمات مراقبة حقوق الأنسان وغيرها.
وفيما يسعى متخصصون ويتساءل عديدون عن كيفية ومدى فاعلية آليات التحديد والتحريم وصلاحيّتها لعالم اليوم، الذي ترى اوساط واسعة فيه . . تخلّف آليات منظمة الأمم المتحدة وقصورها في تحقيق السلامة البشرية في بقاع متنوعة في العالم، فيما يتساءل آخرون عن مدى قدرة وبالتالي الضرورة البالغة لتوصّل الأقطاب والأتحادات الدولية والأقليمية الكبرى الى توافقات وتفاهم للحيلولة دون مخاطر الأنتشار المضطرد للأسلحة النووية ولأسلحة الدمار الشامل، والاّ فأن الشعوب ستدفع اثماناً بشرية باهضة، جراّء سباق القوة والتسلّح وسياسات الهيمنة والأستبداد . . ومنها شعوب منطقتنا .
ويرى عدد من اصحاب القرار ومن المسؤولين، ان تلك المخاطر غير جدية او مبالغ بها او انها تخريف، دون متابعة او قصور في متابعة حقائق جرت وتجري على الأرض، سواء ما يجري تناولها في المحافل العلمية العالمية او من ما يجري حصرها في دوائر تعتقد انها صاحبة الحق لوحدها في تقرير حقيقتها ؟! في زمان تزداد فيه مخاطر استخدام الأسلحة النووية والشاملة في العالم وفي بقاعه الأكثر التهاباً تحديداً، بعد ان اخذت السيطرة (سيطرة الدول ذات العلاقة) تضعف او تتخلخل او تُعلّق . . سواءاً على تقييد انتاجها اواستخدامها وحصر نطاقها، وبعد انفلات قسم من تلك الأسلحة من سيطرة حتى تلك الدول لتنفلت عليها ذاتها، الى يد مجاميع كثيرة التنوع في اهدافها.
وتتراوح اهداف تلك الجماعات بين اهداف الزعامة والهيمنة، السيطرة من خلال الأستحواذ على الأسواق السوداء (او انشاء اسواق جديدة لها) لتحقيق اعلى الأرباح . . تلك الأسواق التي تتفاعل وتتداخل فيما بينها لتشكّل العالم السفلي (الغير المرئي، الغير قانوني وشبه القانوني) القائم على انواع المتاجرات الممنوعة ؛ من السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل الى مكونات اسلحة الدمار الشامل ـ مواد مشعة، اجزاء قنبلة نووية وغيرها ـ ، الى المخدرات، الرقيق الأبيض، الخامات وعلى رأسها النفط واليورانيوم والماس، الى الفساد الأداري ومجاميع جيوش المرتزقة ( او المتحولة الى مرتزقة) . . الجاهزة لتلبية وتحقيق اهداف من يدفع اكثر !!
والى اهداف جماعات تحاول فرض معتقداتها وبناء انظمتها ذاتها بالقوة، وفي مقدمتها المنظمات التكفيرية والأصولية، اضافة الى المنظمات العرقية والشوفينية والنازية الجديدة، التي تغذيّها بيوتات مالية كبرى لأهداف ومشاريع ـ منها غير مرئي منهجياً ـ لتجني منها ارباحاً هائلة وفلكية، كفتح اسواق دول واقاليم عاصية امامها، على سبيل المثال لا الحصر . . غير مبالية بارواح الملايين، ولا بجهود البشر الهائلة والمضنية على طريق حياة وانسان افضل، في عودة خطيرة متوحشة الى منطق مجتمع الغاب.
وتشير الوقائع والمستمسكات الى ان هناك سعي حثيث للجماعات الأرهابية للحصول على، او في محاولة بناء وتصنيع اسلحة نووية او في سعيها لصنع الأسلحة الكيمياوية، كما اشارت وتشير المستمسكات التي ضبطت في مقراتها سواء كانت في الشيشان، او في افغانستان، وفي مقرات انصار الأسلام في كوردستان العراق، الأمر الذي يشير الى ان التهديدات ليس خيالية.
وفي الوقت الذي اكّد فيه رئيس الـ سي آي أي السابق جورج تينيت، بناءاً على ادلة ملموسة قدّمها، وافادت ان " القاعدة " حاولت (وتحاول) مراراً الحصول على مواد نووية، في وقت سابق. فانه شرح في مطلع عام 2004 في افادته امام اللجنة الأمنية للكونغرس الأميركي اثر استدعائها له، كيف ان الهجوم على الولايات المتحدة الأميركية بالسلاح النووي يشكّل " واجباً دينياً " بالنسبة لأسامة بن لادن، وفق عديد من الأُثباتات التي اقتنعت بها اللجنة (2).
وقد ازدادت قناعات الجهات ذات العلاقة بان هناك تهديد جدي، بعد ان تأكّد بحث " القاعدة " وسعيها المتواصل للحصول على الأسلحة النووية من خلال المستمسكات التي تم الحصول عليها ونشرتها الواشنطن بوست، التي وثّقت احداها تفاصيل لقاء " القاعدة " مع الخبيرين النوويين الباكستانيين، الذي استمر ثلاثة ايام في آب 2001 بحضور اسامة بن لادن والظواهري من جهة واثنين من كبار الخبراء اللذين عملا في مواقع قيادية في البرنامج النووي الباكستاني في السابق، حين وثّقت سؤال بن لادن ومساعده وبتفاصيل، سؤالهما السيدين " سلطان بشيرالدين " و " عبد المجيد " عن كيفية الحصول على الأسلحة النووية، الكيمياوية والبيولوجية (3).
وقد اشار الخبيران النوويان السابقان اثر التحقيق معهما، الى ان قياديي القاعدة عبّرا عن ان القاعدة تستطيع الحصول على مواد نووية من الحركة الأسلامية في اوزبكستان، وان الخبيرين اجابا بعد نقاشات مستفيضة مع مسؤولي القاعدة، بان تلك المواد تصلح لصنع قنبلة مشعة (قنبلة قذرة). واضاف الخبيران ان الظواهري طلب منهما (من الخبيرين) تجنيد خبراء بعدد ومهارات كافية تستطيع القاعدة ان توفر لهما المواد الضرورية لصنع قنبلة نووية (4)، (5)، (6) . ومما تقدّم، اضافة الى قرائن وادلة متنوعة، توصل الخبراء العسكريون والمعنيون ان القاعدة قطعت شوطاً في ذلك السبيل.
ويرى خبراء الناتو اضافة الى خبراء متنوعين، ان هناك ثلاثة مصادر اساسية تستطيع منها القاعدة وغيرها ومنظمات الأرهاب المتنوعة، ان تحصل على الأسلحة النووية منها، وهي :
اولاً : مخزونات جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق التي شكّلت وتشكّل اهم المصادر المحتملة للأجسام النووية وللمواد الأولية القابلة للأنشطار، بعد ان سجّل فقدان مواد نووية ومشعة من جمهوريات الأتحاد السوفيتي السابق لسبع مراّت منذ نهاية الحرب الباردة وانحلال الأتحاد السوفيتي . . بسبب ضعف الحراسات، غارات لأجل السرقة، اضافة الى التهريب والفساد الأداري (7).
ثانيا : السوق النووية السوداء، التي عبّر " ابو القنبلة النووية الأسلامية " ، العالم النووي " عبد القادر خان " بكونه احد المسؤولين عن انشائها (السوق) للحصول على المواد والأجهزة الضرورية لتخصيب اليورانيوم لبناء مشروعه النووي وتغطية نفقاته وللحصول على ثروات فلكية من الدول والجهات الراغبة فيها على حد اقواله، ذاكراً في ذلك دول ؛ كوريا الشمالية، ايران وليبيا، ولأجل كسر احتكاربيوتات بعينها لتلك المواد (8).
ثالثا : دول تدعم منظمات ارهابية . . حيث نبّهت قوات المنظمة الدولية لمنع الأرهاب النووي منذ عام 1987 الى ضرورة حساب تزايد احتمالات الضربات الأرهابية النووية من خلال سلوك وعلاقات عدد من الدول التي تدعم منظمات موضوعة او محسوبة في قائمة الأرهاب الدولي العائدة لها، التي ورد ذكرها آنفاً، وغيرها (9).

(يتبع)


1. راجع دوريات المكاتب المتخصصة للأمم المتحدة لسنوات العقد الماضي، سلسلة الكتاب السنوي لمنظمة الأمم المتحدة للسنوات 1996 ـ 2005 . باللغات العربية والأنكليزية.
2. دانا بريست " تحذيرات تينيت من تهديدات القاعدة " ، الواشنطن بوست، 25 /2 / 2004 .
3. كامران خان ومولي موري / " الباكستانيون يقولون ؛ بن لادن يدعو خبيرين نوويين " ، الواشنطن بوست، 12 ديسمبر 2001 .
4. اسار احمد / حول مواجهة الأرهاب (الأسلامي) .
5. كامران خان، " الباكستان تطلق خبراء نوويين بمناسبة نهاية رمضان" / الواشنطن بوست، 26 ديسمبر 2001 .
6. ريتشارد كلارك، كتاب " ضد حرب الجهاد " ، هوفمان و كامبه 2005 .
7. كراهام اليسون ؛ الأرهاب النووي : " تصورات لكارثة يمكن تجنبها " ، نيويورك 2004 .
8. " ’خان، ابو القنبلة النووية الأسلامية " ، بين : اسلام آباد/ امستردام / جنوب افريقيا / الصحراء الأفريقية/ كوريا الشمالية، ليبيا وايران . . سلسلة وثائق عن / اي آر تي يي باللغتين الفرنسية والألمانية / ايلول 2005 .
9. راجع كراهام اليسون في نقطة 7 السابقة .

(*) راجع مقال الكاتب " هل يتهددنا الخطر النووي والشامل . . ؟ " في صحيفة " رؤية " العراقية .