| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

الأثنين 8/11/ 2010



 نحو انقلاب، أم كيف . . ؟ ! 
(3)

د. مهند البراك

و على ما تقدّم يرى متخصصون . . ان الحلول للوضع الإستثنائي المستعصي القائم، قد ترتكز على " تقسيم السلطة الفعلي " و ليس مركزتها بيد مكوّن واحد و بالتالي حزب واحد يؤدي الى سلطة حاكم فرد . . و ترتكز على اساس دولة اتحادية فدرالية كما في فقرات و جوهر الدستور ـ تقوم على فدرالية الوحدات الإدارية العربية وفدرالية كوردستان ـ و على الغاء نظام المحاصصة الطائفي، الذي انتفت الحاجة اليه و صار عائقاً مدمّراً يقسّم البلاد و مكوّناتها و يؤدي الى تصادمها بدلاً من هدف : احقاق حقوقها و تساوي تلك الحقوق على اساس المواطنة . .
الاّ ان " تقسيم السلطة و ليس مركزتها " يصطدم بما تدفع اليه الأنظمة المتحكمة من دول المنطقة الشديدة المركزية، التي جعلت من الحكم الذي بيدها كما لو كان حقّاً مقدّساً للحاكمين و لعوائلهم، بأشكال و طرق و آليات متنوعة بتنوع تلك الأنظمة ـ سواء كانت جمهورية شمولية، مدنية او دينية، فردية معلنة او خبيئة وراء دستور من كرتون . . او ملكية .
الأنظمة التي تؤدي التدخلات العنفية لدوائر تعود لها و التي لاتتوقف منذ اكثر من سبع سنوات، للضغط نحو مركزة السلطة في العراق و نحو عودة نظام (القائد الضرورة) على غرار نظام الدكتاتورية السابق، في سعيها للحفاظ على نظامها الإقليمي . . و اتّقاءً من عدوى التغيير و التحديث الذي تخوض غماره البلاد، او سعيها لإفراغه من محتواه، مخافة احتمالات تسربه الى داخلها هي، وهي تواجه معارضاتها الداخلية التي تطالبها بالتحديث و التمدن . .
مسخّرة و مشجعة لذلك . . العنف و القتل الجماعي على الهوية، بالنفخ بالفتن و إشاعة صراع الأديان و الطوائف و الأعراق في البلاد (1)، متخذة من حالة العراق القائمة اليوم . . " صورة عدو " تعمل على ادامتها ـ إدامة حالته المؤلمة الراهنة ـ ، و تعمل على تحشيد نشاطات معارضاتها الداخلية للمشاركة بها بتوجيهها ضدّ ـ صورة ذلك العدو ـ و تسهيل تجنيدها و التسلل لتخريب ـ ذلك العدو الخارجي (الشبحي) ـ الذي يهدد (الأيمان و الشرف)(2)، لأمتصاص النقمة الداخلية عليها من ناحية، و تحويلاً لنشاطات تلك المعارضات الداخلية من مواجهتها لها في دارها، الى النشاط خارجها لتحقيق شعاراتها بـ (الحرية و العدل) في الخارج و ليس في دارها ؟!(3).
من جهة أخرى . . و بعد تجارب مريرة لأكثر من سبع سنوات . . ترى اوساط واسعة ان تشكيل الحكومة الجديدة بشكل ناجح لابد وان يشرك كل قوى التغيير الساعية لعراق قوي موحد ذي سيادة، من داخل و خارج العملية السياسية، يأخذ بالأعتبار نتائج الإنتخابات ولا يلتزم بها حرفياً ! على الأقل الآن . .
مقابل الإتفاق على برنامج وطني يعمل على تحجيم و ابعاد مخاطر الأطماع و الهيمنة الإقليمية و الدولية اللامحدودة من جهة، و على ابعاد مخاطر الإرهاب و شبح اندلاع حرب جديدة . . و تحقيق انسحاب ناجح للقوات الأميركية، من جهة اخرى .
تشكيل حكومي يقوم على اساس الوطنية و الكفاءة المهنية و النزاهة، من كل الهويات الوطنية و الأجناس، يتبنى و ينفّذ المطالب المعيشية الأساسية للعراقيين بكل مكوناتهم و يعمل على اعادة بناء الإنسان العراقي و البلاد المخرّبة بالحروب و الفساد و النهب، و يرفع قدرتها على مواجهة و انهاء الإرهاب، ويجسّد تساوي الحقوق لأوسع الجماهير الكادحة بالوان طيفها على هوية الإنتماء للوطن، على اساس احترام الأديان و المذاهب و السعي لتعايشها بأمن و سلام . . تشكيل يخرج بالبلاد من اطار المحاصصة الطائفية الخانقة المدمّرة، التي ادّت الى نتائج تعيشها البلاد نكبات . . طيلة اكثر من سبعة اعوام و صارت مطالباً تعكسها نشاطات شعبية متصاعدة . .
و ترى اقسام أخرى ان ذلك يمكن ان يتحقق عبر اتفاق سياسي بين كل القوى السياسية الناشطة، وعبر مؤشرات نتائج الإنتخابات الأخيرة . . اتفاق على تشكيل حكومة جديدة قائمة على ضمان وجود معارضة دستورية تشارك في الحكم و تعمل من موقعها كمراقب مسؤول . . على اساس كتلة حكم (من كل المكونات القومية والدينية و المذهبية.) و كتلة معارضة ( من كل المكونات عينها) تحت قبة البرلمان (4)، على اساس نبذ العنف و الثارات التي لا تنتهي .
و على حقيقة ان الدكتاتورية لم تسقط من قبل طرف عراقي بذاته و لوحده ليستأثر وحده بالحكم، مهما قدّم من تضحيات في زمن معارضة الدكتاتورية الظالمة، وان الدكتاتورية تكونت في حينها من فئات من كل المكونات، فئات ارتضت و ائتمرت بأوامر الدكتاتورية لتحقيق مصالح انانية لها على ابناء جلدتها، و توزّع ظلمها بالتساوي على كل المكونات . . الأمر الذي يتطلب فرز مجرمي الدكتاتورية من كلّ المكونات العراقية و سوقهم للقضاء، عن المغرر بهم و الضحايا .
حيث رغم اختلاف حجم التضحيات، و جريان تعويضها المتفاوت و اعاقة قسم منها منذ سقوط الدكتاتورية و حتى الآن، وفق معاني الدستور و بفقرات واضحة بشأنها . . الاّ ان التعويضات اخرجها متنفذون كبار عن حدودها القانونية بأسم المكوّن المظلوم، و استأثروا بها بأنانية خطيرة صارت تهدد بمخاطر اكبر مما جرى و يجري .
الأمر الذي قد يشهد اعادة تنظيم حقيقي لقوى البناء الموجودة، و اعادة لقاءها و اجتماعها على اسسٍ و علوم و معارف للحكم وليس لتحقيق مكاسب فردية و فئوية . . الذي سيحتّم الكف عن الأستمرار بالنشاط على ذات الأسس التي ناضلت و عبّئت بها لأسقاط الدكتاتورية، من جهة . . و يؤدي الى تفتيت و عزل الفئات و الشخصيات الأنانية و المصلحية التي تتضرر من وجود و تطوّر نظام قانوني و قضاء مستقل .
و ترى اوساط واسعة بان على القوى المتنفذة القائمة على اساس تمثيل طائفة بعينها، عليها ان تستجيب لمطالب كادرها لتجديد بنائها ، على اساس احزاب ذات برامج سياسية تتنافس على اهداف و مشاريع سياسية و ليست طائفية ـ راجع ماتنشره وسائل الإعلام الداخلية و الإقليمية و غيرها ـ . . كي تستطيع تحقيق ما ترفعه من اهداف، و تجنباً للمخاطر التي تنجم من التناقض بين سياستها المعلنة و بين اسس بنائها الطائفية، الأسس التي ان نجحت في التحشيد لتحدي الدكتاتورية فإنها قد لاتنجح في بناء بلد يشهد تكالباً دولياً و اقليمياً هائلاً . . الأسس التي قد تجرّ الى نكبات جديدة للبلاد . .
وعلى ما مرّ فإن تشكيل الحكومة الجديدة لابد وان يأخذ بنظر الإعتبار اهمية التعايش مع دول الجوار و تطوير الروابط و المنافع المتبادلة معها على اساس التوافق، و مع الدول العربية و مظلة الجامعة العربية . . على اساس احترام السيادة الوطنية العراقية، و اعادة تقييم و توثيق المعاهدات معها بإشراف هيئة الأمم المتحدة و جامعة الدول العربية، على طريق تطوير النظام الإقليمي و المساهمة في النظام الدولي وفق المبادئ و المواثيق المعمول بها دولياً، على اساس السلم و ابعاد خطر الحرب و الأسلحة النووية و اسلحة الدمار الشامل، من اجل رفاه و ازدهار للجميع . . و اسهاما في اقامة نظام دولي اكثر عدلاً .

(انتهى)

7/ 11 / 2010


1. سائرة ومشجعة ـ شاءت ام ابت ـ مخططات و سياسات الدوائر العسكرية الأكثر عدوانية الغربية و الصهيونية . . و خططها الستراتيجية في تحويل الصراعات الإجتماعية و الطبقية الى صراع الحضارات و الأديان و المذاهب و الطوائف و تطبيقاتها في المنطقة، مستغلة عواطف و موظفة نتائج سياسات تجهيل اوساط فقيرة واسعة من الأكثر تعصباً و حاجة .
2. لأن العدو الحقيقي لأبناء تلك الدول هو في داخلها و يكمن في اجهزة انظمتها و قوانينها المتنوعة التعصب، اللابسة رداء الدين و الدين منها براء . . ولأن عدوها الحقيقي هو الإستغلال و الجشع و قمع حرية الفكر و التجهيل، وقمع التنوير و الإطباق على الدين الداعي الى التسامح و التعارف و الإجتهاد و العلم و المعرفة .
3. كما حصل و يحصل من آليات حاولت و تحاول بها توظيف القضية الفلسطينية لتلك الأهداف، و آليات توظيفها للقضية الأفغانية و تجنيد " المجاهدين الأفغان "، وآلياتها في قضايا البلقان و الشيشان، والإسلام السياسي في المنطقة و الغرب . . كطرف في لعبة دولية كبرى .
4. و هي ليست تجربة جديدة او فريدة في البلاد . . فقد عاشت البلاد في الزمان الملكي برلماناً تشكّل ـ على نواقصه ـ من كتل تحكم و كتل تعارض.





 

free web counter