| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الثلاثاء 7/2/ 2012



قضية شعب و ليس مُكوّن !

د. مهند البراك          
 

يرى كثيرون، ان هناك ملامح لضوابط سكة عمل سياسية تطورية جرى شقّها، رغم ثغراتها . . كتبادل الحكم سلميا عن طريق الانتخابات، وجود دستور و مؤسسات دستورية يمكن اصلاحها، رغم ظروف الإحتلال و العنف و الارهاب الذي شاع و ادى الى شلّ الناس و جرى توظيفه من فئات حاكمة لمصالح انانية وفق بيانات حكومية . و تسبب بتزايد البطالة و الفقر، الجوع و المرض و التسوّل، ضياع المثل، الارتزاق للميليشيات، المخدرات. ثم تزايد طلب مجالس محافظات على تشكيل فدراليات وفق الدستور بسبب معاناتها من الإهمال ـ رغم استغلال و توظيف بعض الجهات له لمآربها ـ .

و فيما يرى محللون ان كثرة من الاعمال غير القانونية بالعرف الدولي و الانساني ابتدأها بريمر لنحت واقع عراقي تعددي على اساس المكونات الديموغرافية المذهبية و العرقية لغرض (التوازن) . . يرى فيها كثيرون بكونها وسيلة لتحريك الاوضاع وفق متطلبات الإحتكارات الأكثر نفوذاً و بيوتاتها الإقليمية و غيرها، و توازنها ! و خاصة احتكارات الطاقة، السلاح، المصارف . .

حيث اخذ ذلك (الواقع التعددي) المصنّع في ظل الظروف الدولية و الاقليمية المشجعة له، يؤدي اضافة الى الخسائر الهائلة و التي قد لاتعوّض في ارواح و مصائر و ممتلكات العراقيين باطيافهم . . الى صراعات تحتمي بمظلة الدولة التحاصصية، وفق تصريحات ابرز المسؤولين . .

ادّت بالتالي الى اجراءات و قرارات لمسؤولين من اغلب الجهات المتنفذة، حملت خروقات . . ان كان يمكن تبرير قسم منها حينها بكونها بسبب الإحتلال و ارهاب القاعدة و فلول الدكتاتورية، فإن قسماً آخر منها حدث مستغلا الواقع القائم و تراكم قسم ثالث و كأنه منسياً . . ليؤدي كل ذلك الى سد طريق تطوير العملية السياسية التعددية التوافقية، بل و حرف مسيرتها الى صراع طائفي موظفاً المحاصصة سيئة الصيت التي صارت اغلب الاطراف تدينها كعلة العلل التي تركها بريمر . .

و ليطرح بصورة قد لا
تقبل الجدل . . اهمية اقرار برامج يلتزم بها الجميع وفق قوانين ملموسة لها حصانة الرقابة و قوة التنفيذ بضوء احكام الدستور، على ان يُحاسب خارقو تنفيذ خطط العمل تلك و المشاريع العاملة من اجل انماء البلاد من المتنفذين، قضائياً . . بعيداً عن الإنحياز الضيّق لمكوّن ديموغرافي طائفي او عرقي تحت ستار الدفاع و صيانة تلك التعددية، و بالتالي عن تسييس كل الخروقات الفادحة . .

فإضافة الى قضية نائب رئيس الجمهورية الهاشمي ذاتها ـ التي يحاول قسم جعلها و كأنها قضية مذهب ـ ، فإنها اثارت مطالبات تتسع لفتح الملفات المركونة المقيّدة ضد "مجهول" ، التي تثير سخط الناس تجاه الكتل الطائفية المتنفذة بلا استثناء . .

بعد ان اثبتت مسيرة تسع سنوات، ان المحاصصة الطائفية الجامدة تلك ليست الاّ اداة مُحافِظة لتكريس تمزق البلاد على اساس المكوّنات الديموغرافية، و ليست حتى لإدارة ذلك التمزق على طريق ايجاد حلول سلمية قانونية لقضية الشعب بكل مكوّناته . . و بعد ان اخذ العنف يولد عنفا اكبر و اوسع وصل الى ان الميليشيات الطائفية خلقت ميليشيات لكل رئاسة من الرئاسات الثلاث، وفق البيانات الحكومية الاخيرة . .

و اثبتت إن حلول الكتل المتنفذة المعتمدة على آليات : نزاعات، مقاطعة، مصالحة و تبويس لحى ، لم تؤدي الى تحسين و تطوير الواقع لصالح الجماهير الواسعة بكل اطيافها القومية و الدينية و المذهبية، رجالاً و نساء . . و انما الى اعادة تقسيم المنافع بين المتنفذين، و كانها قضايا شخصية . . بدلالة تواصل الارهاب و عدم الاستقرار و التدخلات الدولية و الاقليمية، و تواصل اجراءات تقييد النشاط الجماهيري المطلبي منذ قمع انطلاقته في 25 شباط 2011 في ساحات التحرير في البلاد من اقصاها الى اقصاها . الأمر الذي قد يهدد بالانفجار بسبب استمرار المعاناة و الكبت . .

و على ماتقدّم، ينتظر مراقبون من المؤتمر الوطني الذي دعى له السيد رئيس الجمهورية جلال طالباني ، وضع اسس جديدة للعملية السياسية على اساس الكفاءة و النزاهة، الإنتماء للهوية الوطنية الجامعة للمكوّنات بدلاً من المحاصصة الطائفية، على اسس دستورية و قضاء مستقل و حرية صحافة و قوانين عادلة للمرأة ، في دولة فدرالية اتحادية برلمانية . . بعد ان اثبتت السنوات الماضية بكل عواصفها ان الدولة العراقية بحدودها و مكوناتها باقية . .

 

6 /2 / 2012
 






 


 

 

free web counter