| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الأثنين 6/6/ 2011



 محاصصة طائفية ام إستبداد ؟ !

د. مهند البراك 

يكاد يجمع الكثيرون على ان اعتماد المحاصصة على اساس المكوّنات العراقية كان ابن ظروفه الإقليمية و الدولية التي تكوّنت قبل اكثر من عقدين، في وقت يجمع فيه قادة الرأي و الفكر و السياسة على ان الدكتاتورية المقبورة كانت قد وزّعت ظلمها على المكوّنات العراقية بالتساوي، و على انها هي التي ابتدأت بالفتنة الطائفية، و ان كلّ المكونات العراقية شاركت في مقاومة الدكتاتورية بالأساليب التي أُجبرت عليها او قدرت عليها .
و على ذلك كان يمكن تبرير مسألة قيام بديل الدكتاتورية اثر سقوطها، على اساس المحاصصة كحل مرحلي مؤقت يساعد على تأمين وحدة البلاد التي كانت تئنّ من سياسة القمع و الحروب و الحصار و من انواع الأطماع الإقليمية . . للبدء بقيام دولة على اسس جديدة فدرالية برلمانية، تعتمد مبدأ التداول السلمي للسلطة.
و اليوم و بعد مسيرة ثماني سنوات تحقق فيها ماتحقق و تدمّر فيها ماتدمّر . . تراوح البلاد مراوحة مؤسفة مهددة، لا ادلّ عليها من سير الدولة معتمدة على تشكيل حكومي، يحاول رئيسه رأب صدوعه بوعود متناقضة من جهة، و بالتنازلات التي تسير على طرق صارت تخرج حتى عن برنامج كتلته المعلن و عن الدستور، و بالإيغال في اعتماد المحاصصة الطائفية . . الأمر الذي لايمكن تفسيره الاّ بسعيه لتأمين و تفرّد سلطته لوحده . . . التي صارت تعزز الفردية بالمقابل في كتل متنفذة منافسة، وفق اوسع الآراء .
حتى صار تأمين السلطة يعتمد على الأساليب الأمنية الكريهة، و اساليب العقوبات القاسية و التعذيب و الإختطاف والخداع و التهديد و الوعيد، بدل حرية الرأي و الكلمة التي كفلها دستور البلاد الذي صوّتت له الجماهير العراقية . . و صار التنديد بها يأخذ بُعداً عالمياً اثر التصدي لمتظاهرين سلميين بالرصاص و سقوط اعداد كبيرة من الشهداء والجرحى و اختطاف آخرين و لصق تهم بهم، و اثر تكميم الصحافة و البدء بـ (الإجراءات الإحترازية) ببث الفتن والتآمر و خلق اجواء لا يستفيد منها الاّ انواع الطامعين، و يوظفها الإرهاب الذي يتصاعد مجدداً .
و فيما تتوسل الحكومة و المتنفذون فيها، انواع الوسائل اللادستورية التي صارت تدينها حتى المرجعية الشيعية العليا لآية الله السيد السيستاني التي وظّفت كتل اسمها لصالح ضمان صعودها في الإنتخابات للحكم و صارت حاكمة . . حيث انها لاتهتم بسماع و معرفة مطالب اوسع الجماهير و خاصة الكادحة منها و تسعى لحلّها، و في المقدمة منها الأمن و البطالة و الكهرباء .
ترى اوساط واسعة ان المحاصصة جمّدت ديناميكية استقرار الحكم، رغم ان الإنتخابات ـ على ثغراتها ـ قد تخطّتها . . حتى صارت المحاصصة الطائفية في الواقع هي نظام الحكم، و ليس الدستور الذي يثبّت ان الدولة تقوم على اساس ديمقراطي يعتمد النزاهة و الإخلاص للشعب و للوطن و المواطن . . و على ضوئه جرى القسم علناً بالله و بالقرآن .
بل ادىّ الجمود على المحاصصة الى تخوّف الحكومة ذاتها من اعلان قراراتها بأسمها، و صارت قرارات هامة تصدر بأسم مصادر مقرّبة من الحكومة بدلاً من صدورها رسمياً عنها، و كأنه سعي متواصل خطير لمحاولة احتكار تمثيل الطائفة، الذي يهدد من جانبه بتفتت البلاد شئنا ام ابينا، بدل السعي لتعزيز وحدتها . . و بدلاً من اعتماد الكفاءة و النزاهة على اساس الهوية الوطنية، والبلاد و جالياتها بكل اطيافها الدينية و المذهبية و القومية و الفكرية في بقاع الأرض، تعجّ بالكفاءات و الطموح و الإخلاص للبلاد . .
 


5 / 6 / 2011


 


 

free web counter