| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

الأربعاء 6/10/ 2010



 مخاطر العودة الى نظام " القائد الضرورة "

د. مهند البراك

منذ اعلان نتائج انتخابات آذار و حتى الآن . . تستمر البلاد التي تعيش مآسيها رغم التصريحات المتضاربة للمسؤولين الكبار و للمتحكمين الدوليين والإقليميين بالقضية العراقية، التي تتحدث و تسوّف بالآمال و الآفاق . . لكسب الوقت الضروري لها لتحقيق اهدافها الآنية و المرحلية . وفيما اعتقدت الغالبية الواعية و الحريصة على سلامة البلاد ان الحكومة الجديدة ستتشكّل على اساس تآلف القوائم الأربعة الكبيرة التي تم الإعلان عن فوزها اثر الإنتخابات . التآلف الذي يمكن ان يصون وحدة البلاد و يعزز مؤسسات الدولة الناشئة . .
تستمر الخلافات و السجالات مستعرة بين القوائم المتنفذة، و تتواصل بشكل فاق المعقول على اساس تسمية اشخاص محددين و ليس على اساس خلافات على برامج . . و تسود فيها مناورات و تصريحات علنية في صياغتها، خفيّة و غامضة في معانيها و مراميها و بالتالي ارتباطاتها . . من جهة، اضافة الى تزايد ابتعادها عن واقع الحياة اليومية الصعبة التي ابتلى بها العراقيون نساءً و رجالاً، من جهة اخرى . .
فبعد مرور اكثر من سبع سنوات مريرة، توضحت فيها حقائق مذهلة عن واقع و تطورات الواقع العراقي من جهة وعن ماهية المتحكمين في تكوينه و السير به، و ماهية المصالح الأنانية و الضيقة داخلياً واقليمياً و دولياً، اضافة الى تزايد الفساد و تواصل لغة العنف و القسر عملياً او تلويحاً.
يزداد اتّباع اسلوب " سياسة حافة الهاوية "(1) بروزاً في التعامل بين القوائم المتحكمة . . من تعنّت و تشبث بالمقعد و تهديدات علنية و مبطّنة، الى الإحراج، الإغراء و التهديد بكشف مستور، و تواصل محاولات اسلوب " تفليش " بيت الآخر ببناء بيت جديد تحت خيمته و لو اسمياً . . في مسيرة تتطلب و بالحاح تكاتف قوى و ابناء البلاد بكل اطيافها رجالاً و نساءً، للوقوف معاً في مواجهة التحديات، و لمحاولة النجاح في اعادة بناء البلاد الثرية . . اسوة بدول المنطقة على الأقل .
ولايذكّر اتباع اسلوب "سياسة حافة الهاوية " مع الأطراف العراقية الاّ باسلوب تكوّن و صعود
الدكتاتور، الذي في سبيل تحقيق زعامته هو، اوقع الأحزاب العراقية بأنواع الحيل و المؤامرات مستعيناً باحدها للإيقاع بالآخر و التي شملت حتى ممن كان قد ساعد على وصوله هو للسلطة ابتداءً . . فيما كان في عين الوقت يرتب عرشه داخل حزبه، باتباع ذات الأسلوب الذي جعل من حزبه " الحزب القائد " و صار به " القائد الضرورة " لبلاد مسالمة اوقعها بغروره و مغامراته في حروب و حروب، هشّمت البلاد وشعبها و فتحت ابوابها لكل الطامعين كي يبقى هو " الضرورة " .
ان مسيرة الآلام التي دامت ماقارب النصف قرن علّمت البلاد، رغم جراحها و رغم عمليات متواصلة لغسل الدماغ التي مرّت بها طيلة عقود ضارية، بسبب الحروب والإرهاب و الوحشية، التي كللها الدكتاتور لا غيره بـ " الحملة الإيمانية " و اسس لها جامعة و مجمعات دينية ـ مخابراتية . . تقرّبا من الشارع ومن وعيه المنهك الضائع و لمحاولته (اعادة بناء ذلك الوعي) و تجييره على سكّته هو لأدامة حكمه (الضرورة). . . والتي لاتزال تتواصل للأسف ـ شئنا ام ابينا ـ بعناوين جديدة تناسب المرحلة، ومن اطراف متنفذة و حاكمة متنوعة .
ان ماجرى علّم البلاد . . ان مايجري اليوم من اساليب و نزعات من تلك الأطراف، يحمل معه ذات المخاطر التي كوّنت نظام " القائد الضرورة " وفتحت به نيران جهنم على العراق الجميل الثري . و ترى اوساط واسعة الى ان مقولة " منو ينطيها حتى يأخذوها ؟ " المستمدة من آيديولوجية الحزب الحاكم الآن و التي يعمل بها ، قد لاتختلف ابداً ان لم تتساوى وفي واقع طائفي اكثر مرارة من السابق، مع مقولة الدكتاتور " جئنا لنبقى " المستمدة من ايديولوجية حزبه هو . . و التي شكّلت و تشكّل اساس قيام دكتاتورية الأحزاب الشمولية .
و يزداد الأمر خطورة لكون ذلك التوجه تدعمه حكومة احمدي نزاد الإيرانية سواء في اطار تثبيت نفسها في مواجهة معارضتها الداخلية المتسعة، او في اطار سياسة و واقع الهيمنة التي تتبعها في العراق و المنطقة. كما تدعم ذلك التوجه او تسكت عنه لتوظيفه لها ان تكوّن، اوساط نافذة في الإدارة الأميركية، لأمور تتعلق باتفاقات جرت في زمن ادارة الرئيس الأميركي السابق بوش الأبن، لتحقيق المصالح و الأرباح التي من اجلها شنت الحرب و اعلنت الإحتلال، من جهة. و تدعمه اوساط متنوعة اخرى تسعى للتعامل مع جهة عراقية واحدة وبالتالي قائد واحد مستعد لتسهيل تقديم ماتعمل له مقابل دعمها لكرسي حكمه . . غير عابئة بما يجري على صعيد حل القضايا الداخلية المستعصية القائمة، الاّ بالقدر الذي يساعدها على انجاح تنفيذ مشاريعها في البلاد . . بعيداً عن دعمها للسعي لتحقيق حقوق و مطالب ملحّة قائمة لتحسين واقع و حياة اوسع الطبقات و الفئات الوسطى و الشعبية الكادحة .
و فيما ادىّ عدم الإستقرار و عدم التئام البرلمان الجديد و بقاء جلسته مفتوحة لا دستورياً و تواصل عمل حكومة السيد المالكي المنتهية دورتها، الى ظهور مطالبات داخلية متزايدة تدعو الى ضرورة اعادة الإنتخابات. فإن عودة العنف و عودة ظهور عديد من الميليشيات بعد ان اعلنت الإدارة الأميركية ان الأمن هو مسؤولية الحكومة العراقية . . ادىّ الى هبوط سمعة قدرة الحكومة العراقية على تحقيق الإستقرار في بلادها دولياً ـ رغم تحقيقها نجاحات لايمكن التقليل منها في سنتي 2008 ـ 2009 ـ ، وادىّ الى تلكؤ و تراجع مجمعات استثمار كبرى عن خططها في الأستثمار في العراق، و الى شروع عدد من المجمعات و الإحتكارات النفطية بوضع و تنفيذ خطط لحماية استثماراتها في البلاد، الأمر الذي يؤدي الى وضع و كأنه عودة الى المربع الأول في مسيرة العملية السياسية، وفق وكالات الأنباء الدولية و الوكالات المحايدة (2).
و يجمع خبراء و سياسيون و مراقبون على ان طريق الحل و رغم ما قد تعترضه من مشاق لابد ان يكون من خلال : الإسراع باقامة حكومة وحدة وطنية حقيقية، بعيدا عن المحاصصات الطائفية والاثنية، توسيع دائرة اتخاذ القرارات الكبرى وتفعيل دور المؤسسات والوزارات ومجلس الوزراء بما يحول دون تركز السلطات و دون تكريس الفردية في ادارة شؤون البلاد، اعتماد الكفاءة و النزاهة والاخلاص والوطنية . . لأجل تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات قادرة على اخراج البلاد مما هي فيه، نحو آفاق السعي الى اقامة الدولة المدنية البرلمانية الإتحادية، القائمة على اساس التداول السلمي للسلطة، وعلى اساس المواطنة و ضمان الحريات العامة لجميع مواطنيها. .


5/ 10 / 2010

1. و بالعامية العراقية " العب او اخرّب الملعب "
2. راجع تقارير رويترز، بي بي سي، وكالة الأنباء الفرنسية وغيرها طيلة الأسبوع المنصرم . .


 

free web counter