| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الجمعة 3/ 11 / 2006

 

 

الأحتكارات وحياد العراق في الصراع الأيراني ـ الأميركي !

 

د. مهند البراك

لايخفى ان " المجمع الصناعي ـ العسكري ـ النفطي " (1)، دفع للحرب واشعلها لتحقيق اهداف متعددة، نفطية، عسكرية، اعلامية . . وغيرها، وعلى اساس خطط لتحقيق اهداف على اساس جدولة واعادة جدولة لستراتيج وتكتيك يحقق الخط الأول من الأهداف، الذي ان لاقى صعوبات وفشل فيها، فأنه يراوح ويعدّل لتحقيق خط ثاني وهكذا نحو الثالث . . وفق تفاعل وتناغم مكونات واحتكارات المجمع آنف الذكر، الذي تصب ارباح كلّ مكوّن فيه، في صندوقه الموحد بآليات متنوعة.
لقد دفع المجمّع للحرب . . في وقت تصاعدت فيه مخاطر اخذت تهدد امنه بشكل مباشر، سواء كانت عسكرية ارهابية، مدنية، اقتصادية ـ نفطية، موقعه المالي في اسواق التجارة والمال والصناعة . . وفي وقت (عانت وتعاني) فيه ادارة الرئيس بوش الأبن من مواقف دول وشعوب المنطقة غير الودي تجاهها بشكل عام، ومن ( عدم رؤيتها للدور الحضاري الذي تقوم به ادارة الرئيس بوش)، لأسباب كثيرة التنوع التي لايتسع لها المقال .
ومن الواضح للرؤية، ان ادارة الرئيس بوش قد خسرت في المنطقة والعالم سمعة وصورة زاهية رُسمت اوكانت في أحلام قسم، او كانت (وتكون) حلاً لامفر منه لدى قسم آخر. . بعد تزايد نزيف الدم والأرهاب والعنف والدمار في العراق (2) من جهة، وخسارتها بالمعدات وبأرواح الجنود الأميركيين المساقين بقوة القوانين العسكرية، وبالتالي تزايد اضرار عوائلهم . . اضافة الى تصاعد في حركات معارضة ورفض الحرب في المجتمع الأميركي لأسباب متنوعة، في مقدمتها تزايد الضغوط على دافعي الضريبة، وبين الشباب والطلبة هناك، بسبب الخوف من السوق الى الخدمة العسكرية والحرب، بعد ان بدأت فعاليات اخذت تشمل مراكز صنع القرارفي الولايات المتحدة الأميركية، لجعل الخدمة العسكرية الزامية وغيرها وغيرها، التي اخذت تهدد ادارة الرئيس بوش الأبن بازمة خانقة وتهدد مراكز القرار باعادة جدية لخططها وسلوكها الذي اخذ يطغي عليه بوضوح طابع اشعال الحروب، وفق وكالات الأنباء الدولية والأميركية اضافة الى عدد متزايد من شخصيات الأدارة ومن المراكز الأعلامية الرسمية الأميركية ذاتها .
وفيما يرى متخصصون ان المجمّع الصناعي ـ العسكري المتعدد(المتعدي) الجنسية حقق ارباحاً فلكية من بيع وتصريف منتجات معامل السلاح البائرة التي كانت تعاني ركوداً قاتلاً قبل الحرب العراقية، بعد ان بيعت وتباع ملايين قطع السلاح ـ خفيف، متوسط وساند ـ وبعد ان استُأجرت وبيعت اعداد هائلة من المرتزقة والمنظومات والمعدات من دبابات وناقلات وطائرات وسمتيات بمبالغ خيالية . . التي دفعت اثمانها من اموال العراق المجمدة ومن نفطه الخام، والأخرى التي سددت من ارصدة دول المنطقة النفطية (لأنها تدافع عنها) من جهة، اضافة الى الأموال التي دفعتها وتدفعها دول المنطقة لفروع المجمع للدفاع عن نفسها تقليدياً، من جهة اخرى .
وترى الأوساط العسكرية في المجمّع، انها قد دخلت بشكل قد يكون ثابتاً ودائماً في المنطقة . . لأن اكثر من دولة في المنطقة (صارت تحتاج) الى وجود قوات عسكرية ـ سواء كانت وطنية : جيوشاً او ميليشيات مسلحة، او دولية او تحت جناح دولية بل وحتى اقليمية ـ وبالتالي الى سيول من معدات وقطع غيار كثيرة التنوع، استعداداً وخوضاً وخوفا من دمار الفتن الطائفية التي يستمر دفعها الى التوالد حتى الآن ـ فيما تدفع وتحاول الدخول بصراعها هي مع ايران الى مرحلة جديدة اكثر خطورة في تثبيت العراق مسرحاً لصراعها العسكري معها، لأدارة الخليج بشكل مباشرة وبقوة السوط . . بعد ان أُجبرت الجيوش الأميركية على اخلاء قواعدها التي انشأتها منذ حرب الخليج الثانية (حرب تحرير الكويت) . . عشية اعلان الحرب .
ترى اوساط صناعية ـ نفطية في المجمّع، ان ذلك قد يكفي للمباشرة في تحقيق استثمارات نفطية وصناعية مربحة، تتطلب من الأدارة الأميركية اللجوء الى ممارسة اساليب سياسية ودبلوماسية وحتى بتنازلات متقابلة في صراعها مع ايران، بعد تزايد وضوح ان ذلك الصراع لايمكن ان يحلّ بالطرق العسكرية، وفي وقت عبّر فيه حتى وزير الدفاع الأميركي رامسفيلد بـ (أن حلول الواقع العراقي سياسية، امنية، اقتصادية وليست عسكرية)(3) . . فيما تتساءل اوساط عراقية متزايدة، الا يكفي كل ذلك لأعلان الأدارة الأميركية ـ قولاً وعملاً ـ عن حياد العراق في صراعها هي مع ايران .
ويرى كثيرون ان الظروف المأساوية للعراق احد ابرز البلدان الأسلامية، تضع شعارات ومبادئ " جمهورية ايران الأسلامية " المعلنة، على المحك . . في موقف يتطلب منها الأستجابة لموقف القادة العراقيين، والأعلان عن حياد العراق قولاً وفعلاً، في صراعها هي مع الأدارة الأميركية الحالية، والوقوف بحزم امام تسرّب المسلحين والسلاح منها الى البلاد .
حياد العراق . . الذي يفرض من جانب آخر على دول المنطقة العربية اجراءات عملية في مكافحة الأرهاب الأصولي وضبط الحدود، ومنع تسرّب المسلّحين والسلاح للفئات المقابلة . . اضافة الى القيام باجراءات عملية من جانب ايران والدول العربية الغنية، التي تتمتع بامكانات للعب دور اكبرعلى ذلك الطريق، تؤهلها له ودائعها وارصدتها الهائلة في رؤوس اموال المجمع الصناعي العسكري ذاته، الموجودة والفاعلة باشكال وصور كثيرة التعقيد سواء كانت مباشرة وغير مباشرة، كالبترودولار مثلاً لا حصراً .
والاّ، فان المنطقة باستمرار عدم استقرار العراق واستمرار صراعه الطائفي ونزيفه المتزايد، ستزداد اشتعالاً كاشتعال النار في الهشيم، وسيدفع دولها الى التوزّع على اقطاب عسكرية دولية اخرى كمشتري او كحليف او داعم وضامن، ويجرّ الى صدامات اقليمية لايستطيع الاّ الشيطان تقدير مخاطرها . . . بدل تكاتفها وتلاحمها وتوافقها لتحقيق مكاسب افضل لشعوبها على طريق السلم والرفاه.
وترتفع التساؤلات مفتوحة، هل ياترى ستتخلى احتكارات السلاح والحرب في المجمّع الصناعي العسكري عن تزايد نزعاتها العدوانية وعن وجهتها في تحقيقها الأناني لأعلى الأرباح لرجالها ونساءها غير مبالية بدماء الأبرياء وبتحطيم حضارات ودول المنطقة؟ وهل ستلعب نتائج الأنتخابات النصفية للكونغرس الأميركي حقاً دوراً في الحد من سياسات العسكرة والحروب، في زمان تشكّل مصالح الليبرالية الجديدة الأميركية فيه، مصالح اقطاب فاعلة من الحزبين الحاكمين في الولايات المتحدة الأميركية ؟ والى اي حد ؟

3 / 11 / 2006


1. يتكوّن المجمّع الصناعي العسكري النفطي المالي الأميركي، من الأحتكارات المتعدية الجنسية الكبرى للسلاح، النفط والطاقة، البنوك والمؤسسات العملاقة لأسواق المال والتصريف والبورصة . . التي تزاوجت زواجاً كاثوليكياً لاانفصام فيه في صندوق (مالي واحد) ان صحّ التعبير، في تعبير عن عمليات تزايد تمركز رأس المال وحركته .
2. اضافة الى نتائج الحرب الأسرائيلية مع حزب الله في جنوب لبنان .
3. راجع وقائع المؤتمر الصحفي لوزير الدفاع الأميركي رامسفيلد في البنتاغون يوم امس .