| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الجمعة 30/3/ 2012



31 آذار، "طريق الشعب" و العولمة !

د. مهند البراك          

تمر في 31 آذار الجاري الذكرى الثامنة و السبعون لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي المناضل، و تتوالى الصور و الذكريات والآمال بحزب عُرف بمواقفه الوطنية المخلصة و تضحياته الجسيمة لإنحيازه لقضية  الكادحين و من اجل التحرر و التقدم على درب العدالة الإجتماعية، و من اجل حياة اسعد للعراقيين رجالاً و نساء و شباباً . . و بشهادة القوى السياسية العراقية، و كل القوى و المشاريع العاملة على قضية العراق.

لأنه لايشكّل مشروعاً لنخبة او حزباً تجريبياً ارادوياً . . بقدر ما شكّل و يشكّل وجوداً يتردد في الفكر و في محاولات التجديد الإجتماعي، لنضال ضارٍ لايعرف الكلل من اجل خير و عزّ العراق بكل الوان اطيافه القومية و الدينية و المذهبية و الفكرية، و لم تستطع اعتى المخططات على تركيعه و اخراجه من الساحة كما صوّر لها منطقها المحدود السقيم، فعاد و يعود متجدداً بعد تلك المحن . . بعد ان تركت تضحيات عضواته و اعضائه و مؤيديه اثاراً لا تمحى في اعماق روح البلاد الحية.

و لأنه شكّل تعبيراً و موقفاً ليس سياسياً فقط، بل انسانياً عراقياً اصيلاً طامحاً للحداثة لا يمكن اقتلاعه او الغائه بقرار، مادام هناك عنصرية و شوفينية و ظلم و استغلال من انسان لأخيه الإنسان في بلاد النهرين . . و شكّل امتداداً حيّاً واعداً، للنضالات الإنسانية الأولى التي دارت في وديانه و جباله . . منذ ثورة الزنج ضد العبودية، ومروراً بالثورات الوطنية و القومية التحررية و بكل الإنتفاضات الفلاحية و الإضرابات العمالية و الطلابية و الوثبات الشعبية في مواجهة الإستعمار، و الرجعية و الدكتاتوريات و ما اورثت .

الديمقراطية و اليسارية العراقية، لسعة انصاره و مؤيديه و بعد ان صار يُنظر اليه و يُعاين موقفه كبوصلة لماهية الحراكات الإجتماعية الإقتصادية و الفكرية و آفاقها، من قبل اوساط عراقية واسعة كثيرة التنوّع، في كل منعطف صعب مرّت و تمرّ به البلاد.

و يأتي ذلك لأسباب متنوعة افرزتها حياة البلاد من جهة، و مسيرته الطويلة المتواصلة طيلة ثمانية و سبعين عاماً .. فيما يرى متابعون، انه يأتي لكونه شكّل حافزاً قريباً للذهن و الروح العراقية الطامحة لعمل مثمر قابل للتحقيق، وفق منهج علمي يحمل رسالة انسانية، خالية من المنافع الضيّقة و الكسب غير المشروع، جسّد و يجسّد خبرة عقود حتى لمن لاحلم لديه، و لمن يعاني و يكتوي بنيران المظالم المتوالية ليصل الى انها لاتتجزّأ عن قضية الشعب، التي يناضل الحزب و جريدته المركزية "طريق الشعب " من اجلها .

الأمر الذي جعله في قمة هواجس الحكام المستبدين و النفعيين الأنانيين في عقود سابقة و الى عقود الدكتاتور صدام الذي بدأ قمة هجومه الوحشي المنظّم عليه لمحاولة انهاء وجوده اثر تزايد هواجسه المريضة من احتمال قيام الحزب بانقلاب عسكري ضده . . ثم الى حكومة المالكي التي لاتكف عن اعتبار حركة الاحتجاج السلمي التي انطلق بها شباب البلاد في شباط 2011 بكونها من تدبيره ـ رغم مشاركته الطبيعية و وفق الاصول الدستورية فيها ـ

الحركة المطالبة بمحاربة الفساد وشجب الإرهاب وإصلاح العملية السياسية التي يرى كثيرون بانها لا تشكّل بوضعها هذا، البديل الديمقراطي المنشود للدكتاتورية، حيث تزداد المطالبة باعادة بنائها على مبادئ الكفاءة و المواطنة المتساوية للجميع رجالاً و نساءً . . لا على المحاصصة التي حمت الفاسدين، و التي يعاد تأهيل ارهابيين معروفين للمشاركة فيها على اساسها.

و منذ ذاك و اجهزة تابعة لحكومة المالكي لاتكف عن الضغط على الحزب الشيوعي و جريدته المركزية، كان آخرها مداهمة قوة كبيرة من الشرطة لمقر جريدته " طريق الشعب " قبل ايام، و سوق افراد حمايتها الليليين الى جهة مجهولة و مصادرة قطع اسلحة مجازة اصولياً، في محاولة لإرهاب اعضائه و عضواته و مؤازريه في خضم استعدادهم للاحتفال بيوم تأسيسه . . متّبعة ذات الأساليب المدانة التي ابتدعتها مؤسسة القمع البعثية، في ملاحقة المعترضين عليها، بإعتمادها اساليب التعهدات سيئة الصيت، في زمان لم يبق فيه مسؤولون كبار في الحكومة باجراءاتهم هذه و غيرها، من معنى للتعهدات و حلفان اليمين الديني و الدستوري، حين كانوا سباقين في حنثها . . 

ان من يحاول تصوير او يتصور ما نشر قبل اسبوعين عن تعميمات جهاز المخابرات وقيادة قوات بغداد، التي تقضي بـ ـ متابعة تحركات أعضاء الحزب الشيوعي العراقي وحفظ أسمائهم، (لأنهم ينوون تنظيم تظاهرة تطالب بفرص عمل للعاطلين و انهاء الخلافات السياسية) !! ، و التي لاقت و تلاقي استياءً واضحاً من اوساط متزايدة . . ان من يحاول تصوير ذلك بكونه أمر مفبرك او من عنديات اشخاص، فان ما يحدث لهو ابلغ دليل على صحة ما نُشر . .

و يرى كثيرون، ان من يتصور ان شرعية وجود الحزب الشيوعي علناً في المرحلة القائمة، و كأنه هبة من شخص او اشخاص . . فآن لهم ان يدركوا إن تلك الشرعية اتت اضافة الى تأريخه و مكانته الشعبية الحيّة و دوره آنف الذكر، فانها تأتي لنضالاته الصعبة ضد الدكتاتورية الشوفينية و عظم تضحياته بالغالي و النفيس من اجل قضية الشعب و بسبب نظافة ايادي منتسبيه في خضم فساد لاينقطع و لمواقفه من المطالب الشعبية القائمة . .

و ان من يقارن (الابواب المفتوحة الآن) للنضال العلني كصدقة من احد . . فإنه لا يدرك حقيقة و معانى العولمة و ما تلعبه الانترنت و اليوتيوب و الفيسبوك في هذا الزمن، التي صارت تفرض شروطاً اكثر شفافية و اعلى من السابق لمن يفكّر باعتلاء مسؤولية "حكم تعددي ديمقراطي" في بلاد كالعراق، الذي يشكّل احد ابرز عقد عالم اليوم في صراعاته في ميادين الأمن و الطاقة و القومية و المعتقد و الفكر و غيرها من ستراتيجيات عالم اليوم، التي تفرض سقفاً مقبولاً لابد منه لقيام واستمرار الحكم فيها . . امام الشعب من جهة و امام كل مؤسسات القوى الكبرى التي لا يغيب العراق و استقراره عن نظرها .     

تحية للحزب الشيوعي العراقي في يوم ميلاده الثامن و السبعين !

 

30 / 3 / 2012
 






 


 

 

free web counter