| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الجمعة 2 / 2 / 2007

 

 

وحدة القرار العراقي
لمواجهة الأحتكارات النفطية !!


د. مهند البراك

تزداد صراعات الأحتكارات النفطية الكبرى وعلى رأسها الغربية منها ضراوة . . الصراعات التي لاتعرف رحمة ولاتعرف حدوداً لاجغرافية ولا اخلاقية او وعوداً. الأمر الذي تزايد خطورة بعد ان التفت الأحتكارات على دوائر الحكم في دولها الصناعية الكبرى وصارت تمارس ضغوطات واضحة على صنع القرار السياسي فيها، للسير في سُبُل تحقيق اقصى الأرباح الأنانية لها من جهة، او الذي تزايد بعد ان صارت هي بذاتها جزءاً هاماً من دوائر الحكم وصنع القرار كما في المجمع الصناعي العسكري النفطي المالي في الولايات المتحدة الأميركية، من جهة اخرى .
وفي بلادنا التي لعب النفط فيها ويلعب الدور المقرر الأساسي، منذ تحديد حدودها ونوع دولتها و تحديد سياسة الدولة ومكوناتها وعلاقاتها ودورها في المنطقة (1)، ثم في مسارها اللاحق بنجاحاته و اخفاقاته، سواءاً بانتصار ثورة 14 تموز عام 1958 ، اوفي انقلاب الردة في 14 رمضان 1963 الذي جاء رداً على صدور قانون رقم 80 الذي ثبّت لأول مرة حقوق البلاد النفطية في الأتفاقيات، حين عملت الأحتكارات على الغائه مستغلة فرقة وتناحر القوى العراقية . . الى صراعات الأحتكارات النفطية المخفية والعلنية في زمان حكم الأخوين عارف، التي كانت تسعى الى مواجهة تنامي وتقارب نشاط القوى الوطنية السياسية المعارضة لها بالوان طيفها السياسي، القومي، الديني، الطوائفي وخاصة بعد تزايد تقاربها، وحصولها على مكاسب فرضتها ارادتها آنذاك(2) . . التي كانت تتبلور في المطالبة بحقوق نفطية عادلة وفي ترشيد صرف عوائد النفط في البلاد .
الأمر الذي اثار الأحتكارات النفطية وخاصة الأنكلواميركية، وغملت على ايجاد نظام حكم سياسي جديد يضمن مصالحها ويستطيع الوقوف امام تلك (التحديات)، في زمان وموازنات سياسية عالمية ومنطقية لم تكن لصالحها من جهة، وبسبب تزايد دور منظمة اوبك لصالح دولها وتحقيق نموها ورفاهها . . فكان المجئ الثاني لحزب البعث الصدامي بـ (ثورة بيضاء) عام 1968 بعد اضعاف واسكات وسكوت والضغط على قسم من القوى العراقية، وقبول البعض الأناني عروضها . . المجئ الشؤم الذي انتهى بالكوارث الهائلة التي كبّد بها البلاد والمنطقة .
وفيما يكشف ما معروف، الحجم الكبير لمساحة مناورة الأحتكارات النفطية التي صار ملعبها كل المنطقة والعالم اجمع بطرق غاية بالتنوع علنية وسريّة ـ مباشرة وغير مباشرة ـ من جهة، وصار تحقيق اعلى الأرباح لها لايتحدد فقط بعمليات الأستخراج في بلداننا النفطية، وانما بها وبـ : حجم ومساحة الأستثمارات، نقل وتوصيل النفط الخام الى المراكز الصناعية، بورصات النفط، احتكارات تكرير وتصفية النفط وتصنيع مشتقاته، احتكارات اسواق بيع النفط وتسعيره وغيرها من جهة أخرى . .
وقد ازدادت مساحة مناورتها بسيادة منطق السوق الفوضوي والعنف وتفاقم محاولات المجمع الصناعي العسكري النفطي المالي الأميركي في الأحتكار والسيادة، وبدخوله على رؤوس اموال عديد من الشركات المتعدية الجنسية التي تحمل اسماء جنسيات أخرى كعدد كبير من شركات النفط الدانيماركية والفرنسية على سبيل المثال لاالحصر، اضافة الى غالبية الشركات التي تحمل اسماء استثمارات اهلية او خاصة او مشتركة .
الأمر الذي يطرح الأهمية البالغة لضرورات ابتعاد الموقف الوطني عن سياسة اللاءات المطلقة دون توفير البدائل والحلول الممكنة، على اساس علمي وذي جدوى اقتصادية واقعية، رفض التطرف والنظر والتعامل بمنطق اسود او ابيض، ورفض منطق كل شئ او لاشئ . . في صراعات تتطلب الركون الى التمسك بالمبادئ على اسس : المرونة، العلم والتخصص، الأمكانيات الواقعية لتحقيق نجاحات تحتاجها البلاد في ظروف توازن وتنوّع وتعدد اقطاب السوق. اضافة الى التمسك بالحقوق الوطنية بمفهومها القانوني وتطوّره، وامكانات وكيفية تفاعلها مع العالم الصناعي، ومع نتائج احقاق الحقوق ـ او السير عليه ـ في ايجاد حلول لمشاكل البلاد صاحبة الثروات الخام، وكونها خامات (3) .
واليوم . . وفيما تصف اوساط دولية واقليمية حسنة الأطلاع مشاريع اتفاقات النفط (المشاركة في الأنتاج) والتي اعدتها الأحتكارات النفطية الأميركية والغربية (4) وتطرحها على الحكومة العراقية للموافقة عليها بـ " سرقات القرن الجارية في العراق " !! وحيث تقدّر " غلوبال بولس فورم " فيها ان العراق سيخسر 74 ـ 197 مليار دولار سنوياً ولمدة تصل الى (40 ) عاماً (5) . وفيما تحذّر من ان موافقة الحكومة العراقية بنتيجة الضغط عليها، ستكون سابقة تستند عليها الأحتكارات الأميركية والغربية وتضغط بها على موازين وعقود النفط في منطقة الخليج النفطية كلّها، تحت طائلة امكانات قوة ضغوطها الدولية المتنوعة كما مرّ .
فأن الأحتكارات النفطية تستغل الواقع العراقي المأساوي الصعب، وتستغل انصراف اوسع الأوساط العراقية الى تدبير امورها وحياتها بسبب العنف المنفلت، وانجرارهم وانشغالهم بالنزاعات الطائفية وبمحاولات تفسير الماضي السحيق لتثبيت احقية من ومظلومية من، وانصراف اوساط الحكم لحل مشاكلهم بينهم، وانشغال اقسام مخلصة منها ببذل الجهود لمكافحة العنف والأرهاب، ولأستقرار البلاد على اساس عراق برلماني فدرالي موحد وعلى اساس تساوي الأنتماء للهوية الوطنية .
وتحذّر اوساط واسعة بضرورة الأتعاظ بتجارب 1958 ، 1963 ، 1968 آنفة الذكر وكيف وظّفت الأحتكارات تصدّع الصف الوطني لأمرار وتنفيذ مخططاتها . . التي تحاول بضراوة تنفيذها الآن من خلال الأختلاف في قضية الفدرالية من جهة، الموقف في تفسير الفدرالية وغيرها، وفي قضية توزيع العائدات النفطية الوطنية داخلياً وترابط قضية الفدرالية فيها. . وباللعب على طرف ضد آخر، وفق متطلبات مصالحها.
اضافة الى محاولاتها المحمومة للأستفراد بالعراق الضعيف حالياً ومحاولاتها فرض تلك العقود بـ (تمريرها الآن)، وبشروطها المجحفة التي ترهن ثروات البلاد وتعرّضَها الى كوارث قادمة كعادتها فيها(6) من جهة اخرى، (متناسية) ان الصراعات الطائفية المسلحة والوضع الصعب القائم في البلاد، لم يتكوّن دون نشاط دوائرها وليس دونه يستمر في التعقّد . . من خلال الضغوطات الدولية والأقليمية التي تعمل على تباعد اطيافها بعضها عن بعض، وعلى محاور ليست غير مدروسة. وبعد ان أُشغلت واختفت كفاءات عراقية هامة من مسرح الأحداث، وحيث تنشغل اوساط متنفذة بسرقات وفساد اداري وبتهريب النفط (7)، لتحقيق صفقات عمر قد تحققها الأحتكارات لها بعمولات كانت قد انتظرتها اوساط، ولاتزال اخرى تنتظرها !!
في وقت (نسيت) اوساط مسؤولة، تحميل ادارة الرئيس بوش نفقات الحفاظ على الأمن والأستقرار التي بلغت عشرات المليارات، باعتبارها ادارة الدولة المحتلة التي تتحمّل نفقات اعادة بناء وتعويض الأضرار التي تكبدتها البلاد ومواطنوها بسبب الأحتلال ومن جراّئه، وفق قرارات معاهدة جنيف المعمول بها من قبل منظمة الأمم المتحدة، اضافة الى حق الدولة العراقية بالمطالبة بالزام الدول المشاركة في استمرار الأعمال العسكرية وفي استمرار وتعمّق الأوضاع اللاأنسانية القائمة في البلاد، على تغطية نفقات البناء المقبل، وحقها في البحث عن دول ومحاور اقليمية ودولية تساعدها على استعادة حقوقها آنفة الذكر.
وفيما تضع اوساط، القادة ومؤسسات الحكم من حكومة ومجلس نواب والقوى المشاركة في العملية السياسية، على المحك من اجل وحدة القرار الوطني العراقي . . تدعو اوسع الأوساط وبالحاح جميع الكتل النيابية والقوى والشخصيات الوطنية والعلمية والمتخصصة والقادرة، المراجع الشيعية والسنية والمراجع المتنوعة الأخرى داخل وخارج مجلس النواب الى الدفاع عن القضية الوطنية الكبرى في مواجهة الأحتكارات النفطية الغربية بـ :
التحذير من إقرارها بصيغتها الحالية كصيغة للتعاقد مع الشركات النفط الأجنبية، في ظروف البلاد القائمة، اعطاء فترة زمنية ضرورية لأعلان وتوضيح ومناقشة بنود مشاريع التعاقد النفطية تلك من جوانبها المتنوعة، اشراك الدول المصدرة للنفط وخاصة، الشقيقة العربية والأسلامية ودول اوبك لتكوين موقف منها لأنها في النتيجة ستمس مصائر ومصالح الجميع، من اجل ان تكون الحقوق الوطنية منصوص عليها بوضوح لايقبل اللبس، وعلى ان تكون العقود على اساس المنافع المتبادلة وليس اللصوصية، في زمان العقد الأول من الألفية الثالثة من عمر البشر.

2 / 2 / 2007


(1) منذ ان شكّل بناء وشق سكة حديد قطار الشرق السريع نحو بغداد، احد ابرز اسباب نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914 ، والذي جرى العمل فيه بعد ان تأكدت المديات الهائلة لخزين البلاد النفطي.
(2) سواءاً بتحقيق قانون الحكم اللامركزي عام 1966 لحل القضية القومية الكوردية، الذي شكّل بداية هامة للسير نحو تحقيق حكم برلماني مؤسساتي . او بتحقيق انفراجة هامة في العمل النقابي العمالي والطلابي والجماهيري المطلبي من اجل تلبية المطالب الشعبية المعيشية ومواجهة غلاء الأسعار وغيرها آنذاك .
(3) باعتبار ان المواد الخام لاتحقق بذاتها فوائد للمجتمع، لأنها لاتؤكل ولاتشرب، ولايستعملها المواطن في رفاهيته دون عمليات تحويلها، تصفيتها، تصنيعها وغيرها، التي تتوفر في الكيانات والمجمعات والبلدان الصناعية . . التي لايمكن للجانب الوطني الأنقطاع عن التعامل معها .
(4) التي اعدتها الأحتكارات النفطية الغربية، بتكليف شركة العقود الأمريكية " بيرينغ بوينت " .
(5) راجع غورينغ موتيت / فوروم تشرين الثاني 2005 . راجع صحيفة البيان الأماراتية، عدد 2 / حزيران / 2006
(6) كربط دفع عوائد البلاد النفطية بعقود توريد السلاح التي تحددها هي منها .
(7) راجع تقرير " المفتش العام لشؤون النفط العراقي " ، في 20 / 5 / 2006 .