| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    الأثنين 28/2/ 2011



تلاحم شبابنا الكفاحي رغم الطائفية و الفتن !

د. مهند البراك
 

رغم انواع التطويق و اجراءات التخويف و منع سير الحافلات، و منع التجوّل في اماكن و سد الطرقات في اماكن اخرى، واجراءات متنوعة اخرى كدوريات مكبرات الصوت التي تحظر المشاركة و تهدد، و وصلت الى سحب هويات المارّة و غيرها . . لمنع و اعاقة المرور باتجاه ساحة التحرير في بغداد، لأفشال التجمع المعلن عنه فيها، و الذي تسبب بأعاقة اعداد هائلة من الوصول، و تسبب بتشظي التجمع حتى صار مظاهرات و تجمعات متفرقة في احياء عديدة من بغداد ـ دع عنك اعاقة و منع مساهمة شباب المحافظات من الوصول الى العاصمة بغداد ـ . .

و رغم انواع القوات الخاصة بأصنافها، بخوذها الفولاذية و دروعها الآلية و الفردية التي احتشدت في سوح التجمع . . و رغم تهديدات رئيس الوزراء في كلمته التي القاها عشية انطلاق " يوم الغضب العراقي " و رغم فتاوي و تحذيرات اطلقها رجال دين . . بهدف الغاء او تأجيل الفعالية الجماهيرية التي تم الإعلان عنها و عن مكانها بوقت مبكر . .

انطلق الشباب العراقي كطليعة و معه ابناء شعبنا بفئاته و اطيافه رجالاً و نساءً . . شيعة و سنّة، عرباً و كورداً و اقليات، مسلمين و مسيحيين و صابئة و من كل من يكتوي بنيران البطالة و الجوع و مآسي الخدمات و الفساد الإداري، و من يكتوي بنتائج سياسة المحاصصة الجامدة . . في بلادنا الفائقة الثراء التي تتنازع على الإستثمار فيها كبريات الإحتكارات الدولية .

و فيما كشف ذلك عن الفهم القاصر لمسؤولين كبار، لمفهوم الديمقراطية الذي يقوم اساساً على حق الشعب و الأفراد بالتعبير عن الرأي بكل حرية و هو حق مكفول دستورياً . . وفهمهم لها ـ في احسن الأوصاف ـ بكونها تبدأ و تنتهي بانتخاب الزعماء ـ و بعدها الله كريم و ما ننطيها ـ .

خرجت الجماهير العزلاء رغم الحصار و التخويف، مطالبة بالخبز و حرية الرأي و بشلّ الفساد و تقديم كبار الفاسدين و اللصوص الى القضاء، عاكسة انضباطاً سياسياً واعياً و يقظة عالية، عاملة على شلّ و اخراج المجاميع التي حاولت الإندساس اليها لحرفها عن مطالبها، و المجاميع التي حاولت التستر بها لتخريب ابنية و مرافق الدولة (*) . في اثبات جديد على ان الجماهير المطالبة بالإصلاح . . قادرة على تشخيص الجهات التي تسعى لوأد مطاليبها المشروعة بدعوى كونها " سياسة " ؟! من جهة، و قادرة على تشخيص الجهات الساعية لتجيير احتجاجاتها لها في نشاطها ـ نشاط تلك الجهات ـ الذي يهدف الى استحواذها بمفردها على السلطة السياسية، من جهة اخرى . .

و يرى سياسيون ان احتجاجات " يوم الغضب العراقي " السلمية جاءت امتدادا لتظاهرات سابقة في سنوات ماضية، حظت فيها بحماية اجهزة الدولة و كانت مقبولة منها . . فما الذي يجرى الآن ؟ هل لأنها كانت بأعداد قليلة في السابق ؟ هل لأنها كانت قد ضمّت شيوخا و كهولاً و قليلا من الشباب ؟ ام لأنّ الأمور الآن ازدادت سوءاً وانفضح الكثير الكثير الذي لم يعد يمكن اخفاؤه، و صار يمسّ قطّاعات اوسع و اوسع ممن صمتت طويلاً ولم يعد صمتها ممكناً، و قطاعات صارت تشعر بالذنب لأنها انتخبت و صوّتت، لحكومة هذا هو اداؤها، وفق محاصصة جامدة مقيتة .

اداؤها الذي يؤدي بها الى مواجهة المحتجين بالعنف و القسر الحكوميين، و محاصرة المتظاهرين وأعتقال الصحفيين ومنع تغطية المظاهرات أعلاميا وأطلاق النار على المتظاهرين و التسبب بقتل وجرح المئات منهم . و القيام بحملة اعتقالات في بغداد وبعض المحافظات شملت عشرات الأشخاص ممن شاركوا بالمظاهرات بعد ان قامت وحدات استخبارية برصدهم .

من جانب آخر، و فيما دعى مسؤولون وسائل الإعلام إلى توعية الناس بخطورة التظاهر، مبدين استعداد الأجهزة الأمنية لحماية المتظاهرين. الاّ ان شيئاً من ذلك لم يحصل، حيث خرجت المظاهرات ولم يحدث شيئاً مما نبّهوا منه، و لكن الذي حصل هو ان العشرات من المتظاهرين سقطوا بين قتيل وجريح برصاص الحكومة ذاتها، بسبب تظاهرات الجمعة التي واجهتها الحكومة . . حيث اطلق الرصاص وخراطيم المياه وقنابل الغاز ثم اخليت الساحات باستخدام القوة مساء الجمعة . . من قبل افراد حكوميين .

إن الجماهير المغيّبة ان صارت تدرك بتجربتها المريرة و بمعاناتها المستمرة و رغم التركة الثقيلة للدكتاتورية الكريهة، و ما عمله ارهاب القاعدة و الميليشيات الطائفية، ان صارت تدرك من يحرّك الفتن الدينية و الطائفية و كيف يتم توقيتها . .

فانها تدرك من هو المسؤول بالنتيجة النهائية عمّا يجري، بحكومة لم يستكمل تشكيلها لحد الآن، رغم مرور مايقارب عام كامل على اعلان نتائج انتخابات آذار من العام الماضي، يجمع رئيسها جميع السلطات العسكرية و الآمنية في البلاد، فاضافة لرئاسته للوزراء، فهو القائد العام للقوات المسلحة و وزير الدفاع و الداخلية و الأمن الوطني، رئيس الإستخبارات العسكرية وكالة، رئيس اجهزة امنية أخرى و يرأس حزب الدعوة الحاكم عملياً اليوم، اضافة لأرتباط الهيئات المستقلة برهن قيادته ـ النزاهة، الإنتخابات، الإتصالات و الإعلام و غيرها ـ .

واذا ما استهدفت الإحتجاجات السلمية اليوم المحافظين ـ الذين استقال عدد منهم اثرها ـ و استهدفت مجالس المحافظات و المجالس المحلية لألتصاقها بقضية الخدمات، و حرّكت البرلمان ـ المشغول بمخصصاته ـ لأعادة النظر بتلك المجالس و قانون انتخاباتها، و بآليات اعمالها التي يصرّ كثيرون بكونها نتيجة للفساد و للسرقات الكبيرة، افشلت واجبات ملفات الخدمات . .

فإنها وفي الأجواء المنعشة للإرادة الشعبية في التغيير التي تعم المنطقة . . و تسببت لحد الآن برحيل بن علي و مبارك و القذافي عن السلطة، و تستمر في ايران و البحرين و اليمن و الأردن، وفي حالة استمرار الأوضاع بسيرها المؤلم هذا في البلاد . . فانها قد تستهدف الحكومة سلمياً لاحقاً و تدعو لأستقالتها حفاظاً على البلاد من مخاطر تركّز السلطة و عودة حكم الدكتاتور الفرد بلبوس جديدة ! في وقت تنتزع فيه الإرادة الشعبية في منطقتنا اعتراف العالم !

فقد بدأ جدار الصمت يتحطّم !

27 / 2 / 2011

(*) عدا ما قامت به مجموعة ارهابية في قضاء الحويجة .
 


 

free web counter