| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                                                    السبت 28/7/ 2012



ماذا سينتظر الحكومة ؟

د. مهند البراك           

تتزايد المشاكل التي يواجهها العراقيون برجالهم و نساءهم و اطفالهم و شيوخهم منذ تشكيل الحكومة القائمة ـ رغم نجاحات في دورتها السابقة ـ، وسط تزايد النهب و السرقات الفلكية و الفساد الاداري الذي شمل حتى مسؤولي و منتسبي " هيئات النزاهة "  . . و قيل الكثير و كُتب و نُشر اكثر حتى صارت اخبار البلاد تغطيّ مساحات كبيرة في بيانات العديد من المنظمات الدولية الانسانية و الحقوقية، الأمر الذي لم يعد يجدي معه اتهام جهة او جماعة بعينها بكونها هي التي تدبّر ذلك لـ (تتصيّد في ماء عكر).

بل يشير مجرّبون و عارفون الى ان خطورة ما تصل اليه الاحوال، قد لا تعد تجدي معها محاولات الكتل المتنفذة لسحب الثقة من الحكومة ثم تخفيف ذلك الى (استضافة السيد رئيس الوزراء الى البرلمان للمناقشة)، في وقت ترتفع فيه الخطوط الحمراء لحدود مماحكات الكتل المتنفذة مهددة وجود الكتل المتنفذة ذاته، الكتل التي تكوّنت على اساس السكّة التي رسمها الحاكم الاميركي السابق بريمر و على اساس مواقف الناخبين حينها رغم انواع التلاعبات في عمليات الانتخابات.

ان الارتفاع الكبير في درجات حرارة صيف تموز اللاهب و تواصل و تزايد انقطاع الكهرباء اساساً، و تواصل تعثّر توفر الماء الصالح للشرب، و ديمومة خراب مشاريع الصرف الصحي و النتائج الوخيمة لذلك في بلاد يعرف اهلها بانها بلاد المليارات البترودولارية و الامن و المعادن النادرة من الذهب و الزئبق الاحمر والى عوائل معادن الكولتان الفوق الارضية و الانواع المتقدمة من اليورانيوم وغيرها، رغم التعتيم الجاري على قيمها الهائلة، و التي ابتدأت العمليات المتنوعة لسرقتها بانواع فرق الكوماندوز مع اشتعال الحرب الخارجية التي اسقطت الدكتاتورية و اسقطت الشعب في فخ المحاصصة . . . المعادن التي تتراكض عليها شتى الاحتكارات الدولية دافعة اموالاً لايحدها حدود الاّ حدود الفساد و الكومّشن الذي اصاب و يصيب اعداداً متزايدة من افراد الطبقة الحاكمة بكتلها المتنفذة . .

و يشير خبراء الى ان الشعور المتزايد للمواطن العراقي بكونه رقم لاقيمة له و رقم يزداد انسحاقاً، في حرب لصوصية من نوع جديد تشارك فيها اقطاب دولية و اقليمية و داخلية بالشعارات الطائفية و العرقية . . وفي منطقة بدأت تلتهب اكثر بتصاعد الصراع الدامي لاسقاط بشار الاسد و اضطرار عراقيي المهجر السوري الى العودة بكل الطرق الى بلادهم بعد ضياعهم الطويل في الغربة و فقدانهم من جديد حتى للحد الادنى الذي اضطروا لقبوله مرغمين و انسداد جدوى الهروب من الواقع، و بروز دور الجماهير اكثر من اجل تحقيق الحد الادنى لمقومات العيش بعد ان جرى تغييب ذلك الدور و تشويهه . . كل ذلك و غيره سيشكل من جديد ان لم ينظّم و يستجاب له، سيشكّل مرتعاً خطيراً لمنظمات ارهابية جديدة و في مقدمتها (القاعدة) التي صارت تعلن عن خططها الاجرامية بصوت عالي، بتحالفاتها الجديدة . .

و يشيرون الى ان تواصل اهمال الحكومة لشعبها و تزايد معاناته . . قد تصل الى حدود قد لايخفف منها تصاريح او هبات مادية او توافقات على برامج و اعادة رجال من الزمن البائد على خطورتها، و لامشاريع مكتوبة و مدبجة على ورق، و لااحتفالات لنجوم ترفيه . . . بعد ان ابتعدت الطبقة الحاكمة عن الشعب الذي يزداد تغرّباً عنها حتى بما يردد في مواكبه المذهبية، الأمر الذي صار يتطلب من الطبقة الحاكمة اجراءات عملية فورية بمستوى سرعة التطورات الجنونية الجارية، التي تعود الى درجة كبيرة الى نتائج اعمالها هي . .  

والاّ فان التظاهرات التي اندلعت في البصرة و في انحاء اخرى في البلاد ان اندلعت ليلاً و صارت تتواصل نهاراً غير عابئة بالرصاص الذي ينتظرها كما اخمدت به في السابق . .  بل صارت تهدد بقطع انابيب النفط الذي تشعر بكونه لم يجلب لها الاّ التعاسة و الخوف، بعد ان بدأت الجماهير لاتسمع حتى اراء الاحزاب الداعية لإتباع الاصول القانونية، لأنها رأت بتجربتها انها لاتجدي . . رغم النصوص الدستورية الواضحة في ذلك.

و يرون ان الطبقة الحاكمة بكتلها النافذة ان لم تحقق شيئاً ملموساً للمواطن يبدأ بالتخفيف الفعلي من مآسيه اليومية، ليتواصل على منحه حقوقه الانسانية الاساسية، قد لاتوقفه اية حجة بعد ان ذاق و يذوق المرارات كلّها و بعد كبر عليها و صارت قدرته على التحديّ و المواجهة اعلى من السابق وفق المبادئ الاولية لعلم النفس الاجتماعي، الامر الذي قد يهدد بانفجار شعبي مدويّ او بانتفاضة لاتبقي و لاتذر بعد ان استمر على محصلة الفقدان و الضياع طيلة تسع سنوات . . و الماكنة العسكرية الايرانية مشغولة في سوريا وباحداثها الداخلية وبالحصار المفروض عليها .     

 

26/ 7 / 2012     


 

 

free web counter