| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الخميس 28 / 6 / 2007

 

 


في رحيل المناضل المعروف سعود الناصري !


د. مهند البراك

كان الخبر مفاجئاً وانا اقلب جرائد الصباح . . رحل ابو عمّار الى الخلود بهدوء وعلى بعد من بلاده التي عشقها والتي تعيش ضجيجاً دموياً يومياً، وعلى بعد من حياته الصاخبة المليئة بالعمل والنشاط والتعريف بقضية شعبنا العراقي بعربه وكورده وكل اطيافه .
كان ابوعمار احد الوجوه الطلابية الوطنية المعروفة اواخر الخمسينات . . وانتخب في المؤتمر الثالث لأتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية عام 1960 عضواً في سكرتارية الأتحاد مسؤولاً عن الأعلام والنشر، وبرز كمفاوضاً للزعيم عبد الكريم قاسم لأطلاق سراح طلبة الأتحاد المعتقلين وعموم الطلبة الذين تم توقيفهم بسبب المظاهرات العارمة التي دعى اليها الأتحاد والحزب آنذاك من اجل " السلم في كوردستان العراق " . . وصار من المثقفين العراقيين المعروفين ومن الأعلاميين البارزين ومن الساعين لأستخدام ثقافتهم ومعارفهم للبحث عن الجديد .
وكان شخصية مرموقة من شخصيات الصحافة العراقية التي عاش محنها ومطالبها ونجاحاتها، عرفته مطابع الحرية والبلاد . . وصولاً الى دوره المعروف في هيئة تحرير " رسالة العراق " وآخرها صحيفته وزوجته ود. سلوى زكو، الألكترونية " الأبيض " . . كما وعرفته اوساط الرياضيين حيث كان احد المشجعين البارزين لكرة القدم التي تبرهن على " ان الأنسان يستطيع ان يقوم باعمال مجزية منتجة بقدميه ايضاً وليس فقط بيديه " والتي جمعته مع روادها ومعلقيها " ايام مزبّن وايام لف " كما كان يعبّر . وفي مقدمتهم المعلق والمحرر الرياضي المعروف المرحوم ابراهيم اسماعيل والدكتور مؤيد البدري والعديد من الشخصيات الرياضية . .
كان ابن محلة السفينة في الأعظمية، نموذجا للشخصية البغدادية المعروفة بالكرم والنكته والسخرية، وبالبحث عن الجديد . . حيث كان احد الأصحاب المعروفين لأفكار التجديد والحداثة والأبداع بعيداً عن الذات . . . والتي عانى الكثير من جرّائها، سواءاً من قلق المجددين في ولادة وكيفية صياغة الأفكار الجديدة والتطلعات الجديدة بحيث تستقيم مع عدالة القضية التي وهبها حياته، او من عنت وسخرية السائرين مع التيار مازاله سائراً . .
وكان الى جانب امميته وحبه واحترامه لكل القوميات والأثنيات العراقية، كان يحمل وضوح رؤيا ،في قضية النضال العربي التحرري العادل من اجل الحرية والديمقراطية والعدالة الأجتماعية. وكأي انسان ومناضل . . حالفته نجاحات وابتسم له الحظ وواجهته محن، وان رأى البعض فيه اخطائه فقط، فقد نسى او تناسى ان لاانسان بدون خطأ من جهة، ومن جهة اخرى بانها لم تكن الاّ في اطار غليان السعي للأقناع بآرائه المتجددة ولتثبيت ماوجده صحيحاً من اجل ازدهار الحركة من اجل عدم الأنغلاق، والتي لم تكن بسبب انانية او حب ظهور او تطلّع لزعامة او لموقع .
لقد خسر المثقفون وخسرت الحركة الديمقراطية واليسارية برحيل ابو عمّار، طاقة نشاط وحيوية لاتكّل، وداعية بارزاً وثابتاً لقيم الحق والعدالة والأشتراكية، الذي لم يكن الاّ عاملاً دائباً للم الشّمل وساعياً دؤوبا من اجل وحدة قوى اليسار والديمقراطية . . بتشجيعه ومبادرته ودعمه للقابليات الجديدة وبدفاعه عن آرائها وبجهده في محاولاته دلالتها ايّاها على الطريق . . وبنزاهته وطيبة سريرته واستعداده الدائم للمساعدة.
لقد احبّ الحياة وخضرتها وحيويتها، ولم يعرف عنه شخصياً الاّ بانه كان اباً حنيناً وزوجاً وصديقاً مخلصاً لرفيقة دربه السيدة ليلى البياتي، ولولديه عمّار وزيد . . . واخيراً وفي الوقت الذي لايسع المرء فيه الاّ مشاركة عائلته ورفاقه واصدقائه بالألم والحزن، لابد من القول ان المناضل الأنسان سعود الناصري ترك برحيله بصمات لاتمحى في المجالات التي ناضل وعمل بها . . وفي ضمير ووجدان الأجيال اللاحقه من رفيقات ورفاق دربه واصدقائه ومحبيه .

27 / 6 / 2007