| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الثلاثاء 26 / 6 / 2007

 

 


العراق والدرع الصاروخي الأوربي و القواعد العسكرية !


د . مهند البراك

فيما اثار هجوم الرئيس الروسي بوتين على سياسة الأدارة الأميركية في قضية الدرع الصاروخي ومحطات المراقبة والأنذار المبكر التي تزعم اقامتها في جيكيا او بولندا . . اثار اهتمام الرأي العام الأوربي وممثلي الشعوب والفعاليات المناضلة ضد الحروب ومن اجل السلام، اقتراحه بنصب الدرع الصاروخي آنف الذكر في العراق !
وفيما تلاحظ اوساط باستغراب كبير مثل تلك المقترحات لحماية اوروبا (كذا) . . تلاحظ اوساط عراقية واسعة بسخط والم وقلق مثل تلك المقترحات التي تصفها بكونها لاتخرج عن اطار التحكّم بمصائر الشعوب من بعد . . ولاتخرج عن استهتار اقطاب الصراعات الدولية بارادات ومشاعر وآراء شعوبنا ودول منطقتنا الشرق اوسطية، من جهة.
ويعكس من جهة اخرى، المخاطر الحقيقية المضاعفة التي يجرّ اليها الوضع الأمني والحالة المأساوية الدموية المستمرة بتغذية اطراف متنوعة لها في العراق، فاضافة الى شبح المخاطر النووية الذي يخيّم على المنطقة بسبب سياسة الرئيس الأيراني نجاد وبسبب تعنّت حكومة اولمرت الأسرائيلية وسياسات الأدارة الأميركية الحالية . . تدفع اطراف الصراعات العسكرية النفطية ـ الغازية، الأقتصادية العراق، ليكون ساحة لصراعاتها المنفلتة المخيفة ان استعصى عليها الحل . . والذي بدلاً من ان تساعد على اخماد حرائقه وايقاف سيول الدم فيه، تدفع الى استثمار وتوظيف مآسيه، لحل مشاكلها الأنانية هي وحدها .
وفي الوقت الذي قد لاتنتبه فيه اطراف عراقية، الى ما يؤديه تواصل الصراعات والخلافات من تصاعد مخاطر ادخال القضية العراقية في الصراعات الدولية بشكل مباشر اكثر، بمحاولة جعلها مسرحاً للصراع الدولي الأقليمي الدائم من مستوى اعلى، التي قد لاتساعد حتى على تحقيق اهداف محدودة للطرف العراقي المعني . يأتي تصريح يمكن ان ينسب لأحد اهم اطراف الصراع العراقي ـ العراقي، يعبّر عن استعداده لأقامة قواعد عسكرية اميركية الآن في منطقته الأكثر اماناً، كضمان لمطالبه.
وفيما يرى فيه قسم بكونه مناورة سياسية في ظروف لم تعد تشفع فيها مطالب الغالبية الشعبية العراقية باطيافها العربية الكوردية، ويرى قسم آخر فيه محاولة لتأكيد الحق العراقي ومكوناته امام مايتسرّب من ( عدم اعتراض) حكومة السيد نجاد الأيرانية على اقامة قواعد اميركية في العراق بمقابل ! . . يرى القسم الأكبر بان ذلك الأمر الحسّاس ان لم يأخذ تراضي كلّ المكونات العراقية وتآلفها بنظر اعتبار، فأنه سيكون بداية لطريق خطير لم يتأسس اليوم ؟ وانما تأسس من سعي الحكام لتحويل ازماتهم الى ازمات اقليمية او دولية، كي يضمنوا البقاء .
وفيما يتساءل البعض الا يشكّل التواجد الأميركي والمتعدد الأشكال الذي صار يبلغ بحدود الـ 200 الف منتسب، ضماناً آنياً لما يريده اصحاب ذلك الرأي، يرى كثيرون ان الجانب الأميركي لم يطرح ذلك وحسب وانما باشر ببناء قواعد صارت عاملة فعلاً، وان شروط ذلك لاتزال غير محددة علناً ودون صدور بيانات عن ماهية سيره . .
ويرى متخصصون ان مفهوم القواعد العسكرية اليوم لم يعد يشبه مفهومه الأسبق في حصن يقام في مناطق الهنود الحمر، ولا في مفهومه السابق بوجود قوات ارضية وجوية تعزز بقوات مجوقلة، بعد ان صارت حاملات الطائرات الأكثر تطوراً هي التي تشكّل القواعد الأساسية من جهة وصار الحديث يدور عن تكوين مطارات حديثة لأستقبال قوات معززة او للتزود بالوقود عند الحاجة او بناء اجهزة انذار مبكر برية، جوية، فضائية . . او اقامة قواعد صاروخية وغيرها وغيرها.
وان اقامة القواعد العسكرية مرتهن بعديد من العوامل ليس الداخلية وردود الأفعال فحسب وانما الأقليمية والدولية اضافة الى الآفاق . . ان الغرب لاينسى خساراته المتنوعة والنفقات الهائلة التي تكبّدها لأضطراره لأغلاق قواعده العسكرية في ليلة ظلماء ـ حسب اخصائييه ـ في العراق اثر ثورة تموز 1958 ، ولاينسى جهوده الهائلة التي لم تنجح لأنقاذ المحطة الرادارية الأميركية الضخمة في شمال ايران اثر انتصار الثورة الأيرانية عام 1979 ولا اضطراره مجبراً على اغلاق القواعد العسكرية الأميركية في السعودية بسبب الضغوط الداخلية، في ظروف كثيرة الحرج له في نهاية التسعينات .
واخيراً تؤكد اوسع الأوساط على ان رغبة اي طرف في تحقيق نجاحات وطنية لمطالبه الداخلية، لايمكن ان تتحقق الاّ عبر التراضي بين الأطراف العراقية، الذي لايزال بل واكثر من السابق يشكّل حجر الزاوية الصلب لتحقيق النجاح في سبيل البرنامج الوطني الفدرالي العراقي . . وتؤكد ان السير خلافه لاينتج الاّ مايجري في الواقع العراقي القائم اليوم نتيجة الغزو العسكري ثم قرار القوى الخارجية باعلان الأحتلال والذي رغم اسقاطه الدكتاتورية الا انه فتح الأبواب على انواع المشاكل التي صارت حتى القوى الخارجية ذاتها تسعى جاهدة للخلاص منها .

26 / 6 / 2007