نسخة سهلة للطباعة
 

| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الأثنين 24 / 4 / 2006

 

 

 

المجد لقوات بيشمه ركة كوردستان !

( 1 - 2 )

 

د. مهند البراك

تدور نقاشات حامية حول ماهية قوات " بيشمه ركة كوردستان " ، في زمان يختلط فيه الحابل بالنابل وتتداخل فيه المفاهيم والصور، ويحاول كثيرون التصيّد بالماء العكر، وينشغل آخرون بفعل الأرهاب وتصاعد الطائفية، بينما يتيه آخرون بامور بيع وشراء وغيرها . . امام محاولات تسعى لطمس حقائق لايمكن الاّ ان تذكر، لمن نسى او لمن يحاول ان يصوّر قوات بيشمه ركة كوردستان، وكأنما هي ميليشيا، عصابات او قطّاع طرق وقوة من قوى الأرهاب.
لم تكن قوات البيشمه ركة وليدة حدث طارئ، او نتيجة لأرادة قوى عظمى او اقليمية لتحقيق مصالح تعود اليها، وانما ولدت ونشأت ولادة طبيعية من اعماق الضمير والأرادة لأوسع الفئات الشعبية والكادحة الكوردستانية، لمقاومة سياسة الظلم والقهر القومي، بالأساليب النضالية التي سادت مناطق كوردستان ومن اجل الدفاع عن الحقوق والأرض والكرامة، وكانت وريثة شرعية لها . . وجسّدت منذ البدء تلاحماً لاينسى ـ شكّل اساساً لاحقاً لها ـ في دعمها رجال ثورة العشرين البواسل من اجل الحقوق الوطنية، مطلع القرن الفائت.
وانْ وضع الشيخ محمود الحفيد حجر الأساس في تنظيمها وماهية اهدافها، فأن القائد الكوردي الخالد الملا مصطفى البارزاني، قد لعب الدور الرائد في التحقيق الفعلي لجعلها ركيزة هامة من ركائز الحركة الوطنية العراقية ومن اجل الحرية والديمقراطية في العراق، وعمل بشكل دؤوب على تآخيها مع الأنتفاضات العادلة في الشرق الأوسط التي اندلعت في السبعينات، ثم في ثمانينات القرن الفائت حتى شكّلت الثورة الكوردية بفصائلها المتنوعة وقوات بيشمه ركتها في كوردستان العراق، وشقيقتها المقاومة الفلسطينية حجري الزاوية الأساسيين في حركة التحرر الوطني العربية والشرق اوسطية.
ورغم ما مرّت به الحركتان من ضربات قاسية وانتكاسات، ومشاق غاية في الصعوبة . . ثم اعادة ترتيب فرضتها جملة من العوامل الدولية والأقليمية، الاّ انهما بقيتا في الجوهر كحصنين منيعين لقوى السلم والتحرر والديمقراطية في المنطقة . . رغم تنوع المسارات وتشابك الطرق والمحاولات المحمومة للأيقاع بينهما والسعي لتحطيمهما . .
فلم تكن مصادفة ان ترى عشرات المقاتلين الأكراد (البيشمه ركة) في صفوف الحركة الفلسطينية ايام ايلول الأسود عام 1970 الذي عشنا جحيمه، ولم تكن مصادفة ان يقوم الأعلام الفلسطيني بالتعريف بالثورة الكوردية وبملاحم بيشمه ركتها الأبطال ومعاركهم ضد الدكتاتورية . . (1).
بل ومنذ طفولتنا في الأعظمية والكاظمية، كانت اعناقنا تشرئب الى كوردستان وكنا نتطلّع الى البارزاني الخالد الذي كان بملابس البيشمه ركة وبابتسامته الواثقة . . لدى عودته من المنفى اثر انتصار ثورة 14 تموز عام 1958 وسط تصفيق وحماس الجموع من رجال ونساء و زغاريدها والخطب الحماسية العربية والكوردية، واغاني واناشيد " هه ر بجي كورد وعرب رمز النضال "، " الله اكبر فوق كيد المعتدي" وغيرها التي كانت تنطلق عفواً لتستجيب لها الجموع التي كانت تحيي صفوف البيشمه ركة العائدين للوطن . . (2)
وتوالت السنين لتشهد بغداد المظاهرات الجرارة المطالبة بالسلم في كوردستان . . ثم لتشهد انقلاب شباط الأسود عام 1963 ومسلسل الموت والأعدامات وفرق الحرس القومي السئ الصيت . . ومن فتح السجون لتستوعب اكثر من طاقتها وتحويل الملاعب الرياضية الى سجون واقبية تعذيب، والبحث عن المفقودين الى مراسلات السجون، ومراسلات كوردستان وتناقل وكتابة اخبار بيشمه ركتها الأبطال . . الى ايصال رسائل الآباء والأبناء العرب وغيرهم ممن التحقوا مقاتلين بفصائل البيشمه ركة في الجبال، الى عوائلهم وبالعكس وحتى المعركة الفاصلة لقوات البيشمه ركة في هندرين عام 1966 والتي اجبرت الحكم (العارفي)، على طرح صيغة الحكم اللامركزي والتي اضطرت الى اعطاء فسحة من الحريات الديمقراطية في عموم البلاد.
والى اليوم واضافة الى المخاطر المتنوعة التي تحيط بكوردستان العراق والمرارت الطويلة التي عاشتها وجعلتها لايمكنها الأستغناء عن بيشمه ركتها التي شكّلت وتشكّل جزءاً اساسياً من امانها وتراثها وشخصيتها طوال القرن المنصرم، تتذكر اوسع الأوساط وابرز المتخصصين والمعنيين، ان القائد الملا مصطفى البارزاني قد لعب الدور الرائد في تثبيت ربط القضية الكوردية واداتها الضاربة قوات البيشمه ركة بقضية عموم الشعب العراقي، وشكلت نجاحاتها دائما وعلى مر التاريخ المعاصر، نجاحات لقضية الشعب العراقي، وعلى اساس التآخي العربي الكوردي الذي تحمل الى اليوم اسمه صحيفة " التآخي " الناطقة بلسان " الحزب الديمقراطي الكوردستاني " وتحمله وبنفس المعنى صحيفة " الأتحاد " الناطقة بلسان " الأتحاد الوطني الكوردستاني " .
وان لعب بيشمه ركة كوردستان دورهم المشهود في انتفاضة كوردستان في الأربعينات التي شكّلت سنداً لنضال عموم الشعب العراقي باطيافه من اجل التحرر والديمقراطية. فأن بيشمه ركة كوردستان وطيلة مايقارب نصف قرن مضى، لعبوا وباشكال متعددة دورهم المشهود تحت رايات "على صخرة الأتحاد العربي الكوردي تتحطم المؤامرات " ، ثم من اجل " الديمقراطية للعراق و الحكم الذاتي الحقيقي لكوردستان " التي تواصلت الى صيغة " الحكم البرلماني الفدرالي لعراق ديمقراطي موحد " انسجاما مع الظروف الجديدة الغنية عن التعريف . . التي تجسد تواصل نضال بيشمه ركة كوردستان على اساس ان التلاحم العربي الكوردي وتلاحم كل اطياف العراق، هو السبيل المفضي لتثبيت حقوق الجميع في بلاد الجميع، التي ضمنها الدستور الذي تم التصويت له.

(يتبع)


(1) راجع : ارشيف مجلة " الهدف " المجلة المركزية للجبهة الشعبية آنذاك، ارشيف مجلة " فلسطين الثورة " الناطقة باسم حركة " فتح " . . طيلة عقد الثمانينات .
(2) انسحبت وحدات البيشمه ركة التي استطاعت على الأنسحاب، بـ (انسحاب وقتال) بمواجهة قوات الدول الأقليمية الثلاث بعد ان قررت حكوماتها وباشرت بخنق ثورتهم التي اندلعت من اجل الحقوق العادلة التي انسجمت مع تصاعد مطالبة الشعب العراقي وشعوب المنطقة بالديمقراطية اثر وضع الحرب العالمية الثانية اوزارها . . بعد ان اقلقها انتشار لهيبها في المنطقة، فبطشت مجتمعة بهم .