| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

                                                      الجمعة 23 / 5 / 2014

 


هل عادت انتخابات الفوز بـ 99,9 %

د. مهند البراك  
   

اعتادت الانظمة الدكتاتورية ان تجري عملية انتخابات لأختيار رئيس الدولة او الحاكم الدكتاتور ، لتبرير جلوسه على كرسي الحكم اعلامياً و وفق شكل الشرائع المعمول بها في الدول المتحضّرة، اضافة الى عمليات جرى اعدادها لإنتخاب عدد من المؤسسات الحاكمة، وسط اجراءات (امنية مشددة ً) تستهدف تكميم افواه من يعترض و اثارة جو من الارهاب الداخلي في الظلام و بلا ضجيج، و باعتقال المعارضين للدكتاتور من قوى و شخصيات : سياسية، نقابية، اجتماعية و غيرها . . لـ (خطورتهم على الديمقراطية و المجتمع) .

وسط سَوْق موجات بشرية من انواع الاميين و الضائعين و الفقراء المدفوعي الثمن . . موجات تهتف بالبيعة لـ (ابن الشعب البار) ، (حامي البلاد) . . (نصير الفقراء) الذي وصل الى اقامة وليمة كبيرة لتناول الطعام معهم (1) . . حتى وصل ذلك الى القاب (المختار)، (حامي الطائفة) و غيرها، وسط انواع من (المراقبين الدوليين) المدفوعي الثمن من اوساط متنوعة من مرتشين و لقّامين، ممن يشوشون فعلاً على اعمال و نتائج من مشهود لهم بالنزاهة و بالحفاظ على الديمقراطية و حقوق الانسان، حتى صار يوم (الانتخابات) يسمّى بيوم البيعة الذي اعلن ليس كيوم عطلة فقط و انما كـ " اسبوع البيعة " تعلّق الدوائر فيه اعمالها، (لأهميّته المصيرية للبلاد) . .

الى ان سقط الزَيَفْ بسقوط الدكتاتورية و نادى الحكم الجديد باقامة دولة جديدة قائمة على مؤسسات منتخبة من الشعب و بوشر بذلك فعلاً و تحققت نجاحات على ذلك الطريق و خاصة بانبثاق هيئات قانونية جديدة اطلق عليها " الهيئات المستقلة" البعيدة عن تسلّط السلطة التنفيذية (الحكومة) كمفوضيّة الإنتخابات، البنك المركزي العراقي، ديوان الرقابة المالية، مجلس القضاء الأعلى و غيرها . . الخاضعة للبرلمان.

و ترى اوساط متزايدة ان تدخّل السيد المالكي رئيس مجلس الوزراء الدوري الذي صار يحمل لقب (القائد العام) و الذي حكم من مقعده اكثر من دورتين كاملتين مضافاً اليها السنوات و الشهور المستقطعة التي اضيفت عليها لتشكيل الحكومات الجديدة بعد كل انتخابات . . ترى تدخّله الفظّ في عمل و مهام و قوام الهيئات المستقلة الضابطة الدستورية للديمقراطية و حكم القانون.

و تدخله المباشر و تزعمه لكل اصناف القوات المسلحة بوزاراتها رغم عدم امتلاكه اي تأهيل عسكري، و تزايد تقريبه الغير منطقي دستورياً لإبنه احمد من كرسيه الرسمي و مهامه، و اعتماده عليه و على نسيبيه، اللذين حصلا على اعلى الاصوات في محافظة كربلاء المقدسة بشكل لم يستطع تفسيره حتى اهاليها . . و تجاوزا بذلك القيادي المعروف في حزب الدعوة السيد علي الاديب الذي يرى كثيرون بأنه بنظر المالكي المنافس الاشد خطورة على كرسيه من داخل حزبه و بيته . . في دورة يبدو انها تكرر نفسها لكيفية صعود و تكوّن دكتاتورية صدام المنهارة.

و ترى اوساط واسعة و وكالات انباء متزايدة ان الخطورة تأتي من محاولة المالكي المستميتة للحكم لدورة ثالثة و احتفاظه بمقعده كـ (قائد عام)، و من تهديده باحتلال حتى كرسي رئاسة الجمهورية بالاصوات المعلنة بكونها له ـ راجع الدستور/ رئاسة الجمهورية ـ الامر الذي يشكّل تثبيتاً لإتجاه الانفراد بالحكم لفرد امتطى و يمتطي المؤسسات التي عمل فيها و يعمل على توظيفها له شخصياً . . من مجلس النواب الى مجلس الوزراء و الى حزب الدعوة الاسلامية و قائمة دولة القانون . .

ويرى سياسيون و قانونيون ان اتجاه تثبيت حكم الفرد الذي سار عليه المالكي عملياً وسط اطلاق شعارات الديمقراطية . . الاتجاه الذي صار علنياً الآن، هو الانقلاب على الحكم الدستوري الداعي الى الالتزام بالتبادل السلمي للسلطة عن طريق صناديق الاقتراع . . صحيح ان السيد المالكي لم يُعقْ الإنتخابات و انه ينطلق من (نتائجها المعلنة) و لكن اية انتخابات و ايّة نتائج ؟ الإنتخابات التي لايمكن تبيان زيفها من نزاهتها الاّ بالمشاركة بها، و التي لايمكن الوثوق بنتائجها المعلنة حتى الآن، الاّ بالحلول العاجلة و بالإجابات الواضحة و السريعة على الإعتراضات المقدّمة من الكتل الانتخابية و الشخصيات المشاركة . .

و التي تسببت لحد الآن بالغاء مئات الآلاف من اوراق الاقتراع و عشرات من مراكز الانتخابات ، اضافة الى تزايد تدهور سمعة الانتخابات بسبب تسرّب انباء موثقة عن اتباع اساليب التهديد، اعطاء الاوامر الى القوات المسلحة بالتصويت للمالكي بالاسم، استغلال المال العام، توزيع اراضي . . بافلام فديو و سي دي و صور توثيقية لاتقبل اللبس. في وقت تعبّر فيه اوساط متنوعة متزايدة عن ان الحديث عن التغيير هو ليس اكثر من هواء في شبك، حيث انهم يلمسون و يعيشون ان المتنفذين القدامى في الدورات السابقة لايزالون هم هم في تسلّطهم على الآخرين.

الأمر الذي يتّفق مع الدعوات العديدة التي طالبت بوقت مبكّر بضرورة اسراع المفوضيّة بإعلان نتائج الإنتخابات خوفاً من تزوير النتائج، و التي كانت اقواها دعوة المرجعية الدينية الشيعية العليا في النجف الأشرف و على رأسها اية الله العظمى السيد علي السيستاني بصريح العبارة لذلك ، حين دعت الى اجراء تغيير حقيقي بعد اكثر من عشر سنوات صعبة عاشها الشعب العراقي بمرارة بقومياته و طوائفه و كل الوان طيفه . .

و زاد بالامر تحذير مسؤول الملف العراقي في الاتحاد الاوربي ستراون ستيفنسن بتقريره المعبّر عن ان " عمليات تزوير واسعة شابت الانتخابات وسط احتجاجات اوساط سياسية و اجتماعية و برلمانية عليها ودعوات لتشكيل حكومة شراكة رغم إصرار المالكي على تشكيل حكومة أغلبية ". و تصريحه بأن تأخير اعلان النتائج قد يستهدف الى التلاعب بالنتائج لترتيب حصول المالكي على دورة ثالثة، و اشارته إلى أن طهران (2) تمارس ضغوطا على الفصائل السياسية لدعم المالكي، وطالب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بإعلان موقفها والإقرار بأن الانتخابات لم تكن نزيهة، مشيرا إلى أن العراقيين عانوا بما فيه الكفاية، وأنهم بحاجة إلى حكومة قادرة على تحقيق الديمقراطية والعدالة والحرية وحماية حقوق الانسان والمرأة.

و ترى اوساط سياسية و خبيرة و استناداً الى الوضع اللادستوري القائم الذي اوصل السيد المالكي فيه البلاد : لتسلمه لسلطات لامحدودة و اجراءاته التي لم يتمكن و لايتمكن مجلس وزراء ولا برلمان من الزامه فيها بالعمل بالشروط الدستورية، و لعدم التزامه باتفاق اربيل عام 2012 و لإحتجاج ابرز الكتل المتنفذة في البرلمان على سلوكه اللادستوري المتواصل، بما فيها الكتل الشيعية الكبرى ـ الاحرار و المواطن ـ المنضوية مع كتلة المالكي في التحالف الوطني، و تصعيده اللامعقول لمشكلة الأنبار باعتماده القوة المفرطة فقط، و للشكوك الكبيرة بالنتائج المعلنة للانتخابات و ما سيتمخض عن اعلانها، في الظروف الاستثنائية التي تمر بها عموم البلاد و المنطقة و مخاطر تزايد اشتعالها طائفياً و اندلاع حروب اهلية فيها، التي لا تتطلب الاّ توحيد القوى العراقية، لا تمزيقها.

و فيما اعلنت كل الكتل العربية ـ عدا كتلة المالكي ـ تحفظاتها و اعتراضاتها على نتائج الإنتخابات، اعلنت الكتلة الكوردستانية التي اوصلت المالكي في نهاية جهود الى كرسيه في الدورة السابقة، اعلنت عن المها و اسفها للنتائج و هددت بعدم مشاركتها في الحكومة القادمة ان استمر المالكي على كرسي رئاسة مجلس الوزراء للمرة الثالثة، للاسباب المارة و لعدم ثقتها بوعوده مستندة الى ما حصل في المرة السابقة، حين وعد بالسير على طريق اقتسام السلطة و تسوية المناطق المتنازع عليها ، الوعد الذي انهار ما ان استلم السلطة بمساعدتها في 2010.

و اعلنت رئاسة الإقليم بأنها تبحث عن ضمانات اعلى من الورقية، التي قد تصل الى اجراء تصويت شعبي عام في الاقليم على استقلالية اقليم كوردستان العراق، فيما تراهن اوساط قريبة من المالكي على شق الوحدة الكوردستانية بكسب اطراف منها اليه، و اعتراض اخرى على ذلك بسبب التهديد الكبير الذي يواجه المالكي من (الإقليم السنيّ) في غرب البلاد.

و تحذّر اوسع الاوساط الداخلية و الدولية من عواقب الإنقسام و من اصرار المالكي على استمراره على كرسيه لدورة ثالثة، التي لن تؤديّ الاّ الى انفضاض اوساط كبيرة جديدة عن الدولة القائمة و الى تضاعف الارهاب، و تزايد اقتراب شبح الحرب الاهلية، و العودة الى الحكم الدكتاتوري الفردي على اساس الطائفية و على نتائج انتخابات كهذه، الى الحكم المؤمن باشعال الحرب لتحقيق الكسب السياسي كما يحدث في الانبار. . و تنادي بأهمية توفير مستلزمات وحدة الصف العراقي و الاّ فقد تنتهي دولة العراق !!

22 / 5 / 2014
 

1. كالوليمة التي اقامها الدكتاتور صدام لعشرات من فقراء بغداد الذين البسوهم ملابس افضل مما يلبسوه ، وتناول معهم الطعام تحت حراسات مشددة عشية انتخابات الرئاسة في اوائل التسعينات، نقلت على القنوات التلفزيونية المسموح بها، لمحاولة اظهار اخلاصه لهم !! و لتبرير لماذا اختارته الجماهير العريضة للرئاسة ؟؟؟ بنسبة 87 % . . و ليس بنسبة 99,9 % التي صارت قديمة و مفضوحة .
2. و يضيف اليها مراقبون آخرون " واشنطن "، ادارة الرئيس اوباما .



 

 

free web counter