| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

الخميس 22/4/ 2010



هل تحقق الإنتخابات ما عجز عنه العنف ؟
(1-2)

د. مهند البراك

لابد من التذكير بداية بان سقوط الدكتاتورية الذي تمّ بفعل الحرب و اعلان الإحتلال ، و ليس بانتفاضة قامت بها قوى معارضة الدكتاتورية و ايدتها الجماهير الشعبية، رغم نضالها الطويل و الشاق و تضحياتها الهائلة . . ثم اعلان قيام الحكومة الجديدة على اساس المحاصصة الطائفية و العرقية ، ثم نشاطات قوى الأرهاب الدولية و الإقليمية و ردود الأفعال و المواقف العربية و الإقليمية، وغيرها . . قد تسببت كلّها بحالة فوضى لم تشهدها البلاد من قبل. تؤكد ذلك تصريحات لم تنقطع لأطراف و رجال نافذين في الحكم الجديد . . رغم ما يتحقق .
و قد ظهر مصطلح " الديمقراطية التوافقية " او " التوافق" . . الداعي الى التعايش معاً، و طغى على الساحة السياسية العراقية و حقق نجاحات، بعد الغاء الدولة السابقة و انهيار جيشها و معسكراتها وسقوط انواع الأسلحة و المعدات العسكرية بيد الساعين لها.
و فيما بذلت جهود كبيرة لتعريف ماهية " التوافق " و تطبيقه في الواقع العنيف الذي تشكّل، واوجد ـ اي التوافق ـ حلولاً سياسية للتفاهم . . الاّ انه سار على سكة المحاصصة الطائفية و العرقية التي بولغ بها بشكل خاطئ، حيث زادت تطبيقات المحاصصة من تثبيت النعرات العرقية و الطائفية و الجهوية الموجودة و التي حُكِم بها اصلاً في الواقع السابق . .
و انتجت المحاصصة بالتالي مشاكل مستعصية من نوع جديد . . فبينما استطاع الكورد بسياسة التسامح و فتح صفحات جديدة بينهم، ان يطوّروا تجربتهم في الحكم و في الإنتخابات ويحققوا نجاحات يشهد لها واقع اقليم كوردستان اليوم، رغم ثغرات و صعوبات لأسباب متنوعة عديدة . .
اعتمدت اغلب الكتل الشيعية الحاكمة بأسم الطائفة، اسلوب التوبة و التوّابين في قبول و استيعاب كلّ شيعي او متشيّع ، و بالتالي قبل قسم منها كلّ من والاها مهما كان ماضيه ؟! اضافة الى اعتماد الإنتقام الذي ان نشأ كرد فعل على جرائم الدكتاتورية بحق الطائفة الشيعية (1) بداية، الاّ انه لم يُهذّب بالأصول القانونية المناسبة . . بل ازداد لهيباً بدعم و تشجيع و ضغوط اوساط ايرانية حاكمة . .
الأمر الذي ادىّ من جهة اخرى، الى تكتّل انواع التشكيلات المتنفذة بأسم الطائفة السنيّة ـ او الناشطة بأسمها و الأخرى التي تتنفذ فيها مجاميع من بقايا النظام السابق ـ في مقابلها، بدعم اوساط اقليمية عربية و اسلامية انطلاقاً من مصالحها كثيرة التنوع . . للمواجهة و لتقوية موقف تلك التشكيلات وفق اطار المحاصصة الطائفية التي صارت و كأنما هي المقياس الوحيد الأصم للموقف من العملية السياسية الهادفة الى انهاء الإحتلال و اقامة دولة عصرية.
و فيما اوجد التوافق حلولاً للأطراف الحاكمة ـ رغم ثغرات متنوعة ـ ، الاّ انه لم يستطع او انه ترك الواقع المحلي المناطقي يسير وفق واقعه المحلي الذي تحكمت فيه القوة الموجودة فيه او المدعومة من خارجه، مستظلة براية المحاصصة . . و نشأت بذلك محلاّت، مواقع و مناطق و مدن متنازع عليها . . تسببت التهديدات و النزاعات العنيفة فيها و عليها، بهجرة مئات الآلاف خوفا من العنف .
و تسبب ذلك في مسيرة السنوات السبع، بحالة من التصادم بالقوة التي يملكها و يستطيع تحشيدها او يهدد بها كل طرف، بما حمل و يحمل من آلام و مخاوف (2) تسببت بها الدكتاتورية او الحرب الخارجية و الإرهاب من جهة . . او بسبب الواقع المعيشي الصعب في العاصمة او في الوسط و الجنوب من جهة اخرى. و التي زادتها حدة ، المحاصصة التي تحمل معها آمالاً بامكانية تحقيق تلك (الحقوق) المصادرة في السابق او التي تمت مصادرتها في الواقع الجديد، بدون التدقيق لا بأحقية تلك الحقوق ولا بالوسيلة المناسبة لتلك الأمكانية، عدا العنف . . على ارضية مؤسفة من تفكير و تقدير لم يختلفا كثيراً عن منظومة فكر الدكتاتورية السابقة من جهة، ولا عن منظور الإحتلال من جهة اخرى .
و اليوم و اثر اعلان نتائج انتخابات 7 آذار الماضي، و فوز "القائمة العراقية" بأعلى الأصوات ـ بتفوقها الضئيل على قائمة دولة القانون ـ . . ترى اعداد متزايدة من المراقبين و الخبراء، ان فوز القائمة تلك رغم تحفظات اطراف متعددة على شخصيات فيها ، لم يأتِ حبّاً لشخص او اشخاص محددين فيها، مع التقدير للجميع . . وانما يأتي تأييداً لطروحاتها الداعية الى قيام دولة مدنية و ليس دولة دينية طائفية عرقية ، بعد مسيرة آلام و مخاضات طائفية و دينية و عرقية مسلّحة خطيرة، دخلت و تدخل عليها انواع الأقطاب الدولية و الإقليمية المتصارعة .

(يتبع)


22 / 4 / 2010
 

1. علما بأن الدكتاتورية وزّعت اضطهادها على كل الطوائف و الملل و التكوينات القومية و الإجتماعية و الدينية، في محاولاتها لقمع كل نأمة معارضة لسياستها الظالمة، مهما كانت .
2. التي تطورت ايضاً الى اطماع و بالتالي الى نهم و استحواذ و محاولات تركيع و اذلال و استبداد.

 


 



 

free web counter