| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

الخميس 22/7/ 2010



 مخاطر اللاإستقرار و قضيتنا الوطنية !
(2-2)

د. مهند البراك

و فيما يهمل نظام المحاصصة الطائفية الصحافة و يطارد الصحفيين، ويسدّ الآذان عن النقد النزيه . . ترفع اطرافه المتخاصمة ذات الشعارات و تتصارع بأسمها و تحت ظلها ( ضد الطائفية، ضد الفساد، من اجل الديمقراطية . . ) مدركة او غير مدركة بان رفعها لها صار لايُصدّق، و ان الحلول لاتتم بالشعارات فقط او بالأمنيات الطيبة لوحدها . . بقدر ما تتخذه الأطراف المهيمنة من مواقف فعلية تلمس الأوساط الشعبية تاثيرها و فعلها . . لأن دفة الحكم بيدها هي .
و يستعد الأميركيون للمغادرة (مع ابقاء قوات من خمسين الف)، و تستعد دوائر ايرانية و منظمات عائدة لها سواء لمحاولة ضرب الأميركيين خلال عمليات الإنسحاب . . او لملئ الفراغ الذي سيتركوه، و الذي تواجهها فيه عقبات تكاليف ذلك الهائلة، خاصة وان ايران تواجه حصاراً دولياً متصاعداً في غمرة صراعها الذي لايتوقف على المفاعل النووي، من جهة، و تعمل من جهة اخرى على الضغط على الأطراف التي تعلن عن كونها تتحدّث باسم المذهب الشيعي او السني ، وعلى الأطراف الكوردية ـ بدلالة القصف الذي لايتوقف على منطقة كوردستان ـ للقبول بحكم طائفي " عراقي التكاليف "، موالي لها يدّعي تمثيله لوحده للمذهب الشيعي في العراق .
و يرى مجربون ان سياسة اطفاء الحرائق المتّبعة، و ادّعاء اطراف متنفذة بأن قوة النفوذ الإيراني في العراق سياسيا و اقتصادياً وفق مصالح السياسة و بيوت المال الإيرانية. . هي التي تحمي العراق من المخاطر العسكرية الإيرانية، وادّعاء اطراف متنفذة اخرى باهمية نفوذ جهات اقليمية و دولية مقابلة لكونها تستقوي بها . . دون الأعتماد على الإمكانات و الروح الوطنية العراقية و اعادة بنائها على اساس برلماني فدرالي، و دون السعي لتقوية الكيان الوطني العراقي للوقوف بوجه التحديات . .
فإنه سيؤدي الى جعل الدولة كياناً هشّاً عائشاً على اساس ترضية الأطراف الدولية و الإقليمية المتصارعة على ثرواته . . كيان اللاقانون بعد ان جُعل قانونها الأساسي ـ دستورها المفتوح للتعديل ـ موضوعاً على الرف لكثرة خروقاته، و صار يفتقد بالتالي الى الجوهر الأساسي من تشريعه، و الى جدوى اجراء الإنتخابات على اساسه .
الأمر الذي يسدّ الطريق امام قيام حكومة وحدة وطنية حقيقية مسؤولة امام الشعب و البرلمان الذي من حقه تعديل سياستها و اقالتها ان دعت الضرورة ، بعيدة عن منطق المحاصصة الطائفية والقومية، و تحت رقابة شعبية فاعلة . . حكومة قادرة على تحقيق مشاركة فعلية في صنع القرار، وفق معايير الوطنية والكفاءة والنزاهة، و بالتالي قادرة على السير بقضيتنا الوطنية على طريق الخروج من دائرة التردي والتخلف والخراب في سائر الميادين، مستندة على تحقيق تضافر جهود القوى السياسية وتكامل قدراتها لمواجهة التحديات و المهمات السياسية الصعبة والمعقدة ـ الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها ـ .
حيث يصطدم بتقدير خبراء سياسيين، بمواقف وسلوك القوائم الفائزة والقوى المتنفذة، التي وضعت البلاد بسلوكها أمام احتمالات تطورات محفوفة بمخاطر من نوع جديد، تنشأ من جعلها العراق كياناً محكوماً باتفاق اصمّ بين مصالح دول المنطقة و القوى العظمى . و من جعل السلطة فيه كياناً تشاركيا (*) بين اقطاب حاكمة مدعوم كلّ منها من قوى و دول من خارج البلاد، وليس كيانا مسؤولا امام الشعب و ممثليه في برلمان منتخب . . كما يجري العمل في الواقع الفعلي حتى الآن وفق مفهوم " حكومة الشراكة الوطنية " التي تسعى لها قوى و دول و شركات نفطية اقليمية و دولية . . سعياً منها لتقليل نفقات مصالحها كلاعب اقليمي و دولي، مستفيدة من دروس الدور الأميركي و خزانة ادارته و درجة عجزها و الأزمة البنكية، و نفقات ذلك الدور الهائلة طيلة سبع سنوات، و كيفية تغطية نفقات من العراق طيلة تلك السنوات : نفطاً خاماً، منتجات نفطية، ارصدة بترودولارية، حسابات لا رقابة عليها، اموال فلكية ضائعة ؟؟ ـ راجع تفاصيل فضيحة تهريب النفط العراقي الأخيرة في اكثر من منطقة " تشاركية" التي يجري التحقيق فيها ـ . . حتى وصف متخصصون (حكومة الشراكة الوطنية) وفق مايجري، بكونها خروج او التفاف على " مفهوم الديمقراطية " الموصوفة في روحية الدستور، على الأقل . .
حيث تنظر الدول والقوى الدولية و الإقليمية العربية و غير العربية الى العراق، من زاوية جدواه لمنافعها الإقتصادية و ارباحها و تحدياتها و غيرها . . مستثمرة ضعف كيانه الوطني و فرقة اطرافه المتنفذة و صراعاتها التي لاتمتثل لحدود سقف القضية الوطنية العراقية . . متّبعة في ذلك سياسة تعدد الأجندة و الملفات التي تتعامل بها في ذلك المشروع الهائل الجدوى لها، سواء بينها و بين اطرافه الحاكمة او فيما بينها حيالها، على اساس القوانين الدولية المعمول بها، الكثيرة التفاسير و الإلتباس، الخاضعة في الحسم الأخير لمبدأ العنف و الضغط الإقتصادي حد التدمير، عملاً او تهديداً . . مهما رُفع و يُرفع من شعارات سياسية و مهما يجري اعلانه من اهداف نبيلة . في وقت صارت فيه الدبلوماسية ( كابحة، مهددة، احتوائية . . ) تلعب ادواراً حاسمة حتى الآن، في محاولة للإبتعاد عن انفجار شامل عنيف، يتضرر منه الجميع .
و يرى متخصصون ان الإدارة الأميركية بسحب قواتها العسكرية الضخمة من البلاد، لتكاليفها الهائلة، تعمل بلا كلل على تحقيق المتطلبات العسكرية في البلاد لحماية مصالحها فيها، بوسائل اقل كلفة لها لتحقيق متطلبات بيوتاتها المالية، النفطية و الصناعية العسكرية، المتزاوجة مع الإدارة الأميركية بشكل فعّال، والداخلة و المسيطرة على انواع الإحتكارات النفطية و غيرها مهما حملت من اسماء اوربية، عربية، آسيوية وعشرات غيرها ـ لايتسع المقال للتفصيل في ذلك ـ ، فيما يغلّف ستار كثيف عقود النفط و و حساب ارباحها و ريعها . .
في وقت لايزال فيه العراق ناقص السيادة دولياً لكونه محكوماً بالبند السابع الذي يبيح لمجلس الأمن الدولي التدخل في حالات منصوص عليها كـ : حرب اهلية، عدم تشكّل الحكومة، ازمة دستورية . . الخ . و تثار فيه عديد من التساؤلات المفتوحة، في مقدمتها هل سيكون الحل القادم عسكريا و كيف ؟ هل ستعوّل الإدارة الأميركية على حلف الناتو و عضوه في المنطقة تركيا، في محاولتها الجادة لإبعاد السياسة التركية عن محور دولة ايران، خاصة و ان السياسة التركية تمتثل للناتو و تلتقي مع السياسة الأميركية في التشديد على وحدة الأراضي العراقية، اضافة الى دعوة وزير الدفاع الأميركي " غيتس " الغرب الى مزيد من العناية بالدور التركي في الشرق الأوسط " كي لا تتكتل تركيا مع السياسة الإيرانية " . . اثر الأزمة التركية ـ الإسرائيلية، ثم الإتفاق النووي التركي ـ الإيراني ـ البرازيلي . في وقت تحذّر فيه اوساط من صراع تركي ـ ايراني على الملف العراقي ، الذي قد يتخذ طابع صراع : علماني ـ طائفي او سنيّ ـ شيعي . . و فق تطورات المصالح الإقتصادية و تطورات الموقف الدولي . .
وفيما يتابع مراقبون بقلق تصريحات مسؤولين اميركيين يبدون فيها عدم اهتمام الإدارة الأمبركية الكافي بما سيؤول اليه الحال في العراق، و يصفون ما يجري بكونه صراع عراقي ـ عراقي ؟! . . و يرى آخرون ان الأحزاب الطائفية لا تزال هي القابضة على دست الحكم، رغم انها قد جُرّبت فيه طيلة سبع سنوات و اثبتت عجزها بنظام المحاصصة على ايجاد حلول للقضايا العراقية المصيرية . . تحذر اوساط و وفق ماتقدّم اعلاه، من انتظار جهات عسكرية اميركية اندلاع صراع علني ايراني ـ عراقي يؤدي الى تدخل قوات بأسم الأمم المتحدة و دول الغرب و عموم القوى الدولية و بشرعية المعاهدة العراقية ـ الأميركية ، لترتيب اصطفافٍ جديدٍ للعراق و لدول المنطقة في مواجهة التوسع العسكري و الآيديولوجي الطائفي الإيراني . .

(انتهى)


21 / 7 / 2010

 

(*) اي كيان مشارك في " حكومة الشراكة الوطنية ".


 

free web counter