| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

د. مهند البراك

 

 

 

 

الأحد 20/ 8 / 2006

 

 

عراقنا الى اين ؟

 

د. مهند البراك

تزداد وتيرة الوضع الدموي المخيف في بلادنا زيادة لافتة بالقياس الى مجرياتها المأساوية التي لم تكف عن التواصل منذ الأعلان عن الأحتلال الأميركي للبلاد بالرغم من اسقاط دكتاتورية صدام المجرمة، وسط تصريحات جديدة تثير قلقاً جديداً، يصرّح بها ابرز المسؤولين الدوليين من سياسيين وعسكريين واصحاب اقوى القرارات التي تقرر مصير البلاد وشعبها ومصير عموم المنطقة.
كتصريح الرئيس الأميركي جورج دبليو بوش، الذي افاد بان (القوات الأميركية لن تترك العراق والاّ تحوّل الى دولة جهنمية مخيفة لكونه من اغنى دول النفط في العالم)، الذي يسلّط اضواءاً ساطعة على آفاق البلاد. تصريح وزير الدفاع الأميركي جورج رامسفيلد الذي افاد بأن (العراق لم يعد دولة مواجهة ضد الأرهاب)، الذي يثير تساؤلات حول هل يعني ذلك تقبّل الأدارة الأميركية للوضع العراقي المؤلم القائم واستمراره كأمر واقع وكأمر سيستمر، ام يعني تقبّل الأدارة الأميركية انحدار العراق وصيرورة اجزاء منه تحت قبضة الأرهابيين والصداميين والأمر المطروح امامها هو كيفية التأقلم والتعايش معهم(1) (كمناطق لهم ومناطق لها) . . بالصيغة التي تضمن تدفق النفط رخيصاً الى الماكنة الصناعية العسكرية واحتكاراتها .
اضافة الى افادة الجنرال جون ابوزيد امام اللجنة المتخصصة للكونغرس الأميركي التي اشار فيها الى ( ان العراق مقبل على حرب اهلية ) ؟! . . ترى مع من ستكون القوات الأميركية، مع من ستكون ايران بل مع من ستكون دول الخليج النفطية ؟ في وقت تتزايد فيه النقمة والتذمر والألم من الأميركيين ومن الأيرانيين ومن الجوار ومن الميليشيات المسلّحة . . علما ان كل الأطراف تصرّح بانها مع عراق ديمقراطي فدرالي وكلها يبكي حال العراق والعراقيين !!
ومع تزايد الشكوك لدى الشعب الامريكي بشأن الحرب في العراق في سنة تجرى فيها انتخابات الكونجرس، وبعد التحدي الذي واجهته ستراتيجيته في الشرق الاوسط بسبب الحرب بين اسرائيل وحزب الله التي استمرت 34 يوما، وبعد اجراء الرئيس الأميركي مشاورات على مدار الاسبوع الماضي مع كبار معاونيه المدنيين والعسكريين ووفق احدث التقارير وآخر المستجدات . . تتناقل وكالات الأنباء العالمية تصريحات مسؤولين اميركيين وصفوا بكونهم ذوي مستوى عال افادت بانهم ( يرون او يتوقعون قرب سقوط حكومة السيد المالكي).
ويقول مسؤولون امريكيون ان العنف الطائفي قد يقود الى حرب اهلية في العراق ؟! وان كبار مسؤولي الحكومة الامريكية اعترفوا بانهم ( يدرسون بدائل غير الديمقراطية) في العراق، الأمر الذي نفاه البيت الابيض (2). اضافة الى ماقاله الرئيس بوش في كلمته الاذاعية الاسبوعية حول الأوضاع في العراق ولبنان بان ( هذه الديمقراطيات حديثة العهد ولاتزال هشة، وقوى الارهاب تسعى الى وقف تقدم الحرية وتوجيه الامم الحرة حديثا الى طريق التطرف . . وان الطريق سيكون صعبا وسيتطلب مزيداً من التضحية . . لأن أمن امريكا يعتمد على تقدم الحرية في هذه المنطقة المضطربة ).
يدور صراع شديد على قضية فدرالية الجنوب التي يعتبرها المجلس الأسلامي الأعلى ( مفتاح حل مشاكل البلاد)، بمفاهيم قد تهدد حتى مفهوم الفدرالية القائمة (المتحققة) في العراق ـ اي فدرالية كوردستان العراق ـ في ظروف تتعرّض فيها كوردستان لأعنف هجوم ايراني تركي منذ سقوط دكتاتورية صدام الدموية الشوفينية ، وفي وقت تعاني فيه المنطقة من ارتفاع و تصاعد المطالبة الشعبية بتحسين الأوضاع المعيشية، التي ادّت الى تظاهرات غاضبة، تطور عدد منها الى نشوب اعمال عنف متبادل بدأت برشق الحجارة. اضافة الى تزايد تدهور الوضع الأمني وتزايد نزيف الدم والفتن المتنوعة وفي مقدمتها الطائفية في بغداد وكركوك، وقيام اطراف اسلامية شيعية بمهاجمة مقرات كوردستانية في بغداد وكركوك. في وقت تتكشف فيه صفحات تثير الألم والغضب والسخط عن حجم الفساد الأداري المريع، وفق اعلان المؤسسات العراقية.
تتساءل اوسع الأوساط ، هل بدأت سياسة العنف المبالغ به، والسياسات السرية المخطط لها تؤدي ثمارها . . بعد مرورها بخطوط شديدة التعرّج والتقاطع وحتى التصادم، لتصل الى اهدافها في " فرّق تسد " وفي ان يكون العنف ونزيف الدماء وشلل البلاد . . غطاءاً لعقود نفطية واستثمارية لايعرف بها الاّ الشيطان، رغم الهياكل والمؤسسات التي صارت المهاترات العادية تجري تحت قببها وامام عدسات الكاميرات، والاّ ما معنى لانفط ولابنزين ولاطاقة في بلاد النفط والطاقة بعد اكثر من ثلاثة سنوات ونصف على سقوط الدكتاتورية على يد اعتى قوة عسكرية تنادي بـ (الدمقراطية الجديدة) ، ورغم جهود المخلصين من كل الأطياف ؟
وفيما يرى عدد من المراقبين بان الغرب لن يسمح بتفتت العراق . . يتساءل كثيرون هل وصلت الأمور الى تقسيم البلاد الذي قد يكون على مراحل . . في البداية لضرورات امنية ومن اجل مواجهة العصابات و(مخاطر الحرب الأهلية) التي انحصر منظّرون بالتنظير لكينونتها وفق مقاسات الحرب الأهلية الأميركية في القرن التاسع عشر، وهم الذين ينظّرون لتطوّر العالم وينسون او يتناسون اشكال تطوّر صراعاته الوحشية مع التطورات العولمية، فينسون الكونغو و رواندا والبلقان . . وغيرها . تتواصل الآلام وتتصاعد الصرخات : اية تنظيرات والبلاد يزداد انينها من الموت والظلم والفرقة والوحشية والدموية، وتزايد الهجرة والتهجير على اساس (الطائفة المنصورة) بعد ان نسيت حتى تعاليم دين الأسلام والرسل !


1. الأرهابيين والصداميين .
2. رويترز عن صحيفة نيويورك تايمز هذا الاسبوع، تصريحات خبير في الشؤون العسكرية لم تذكر اسمه.